الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / سلسلة فقه العلاقات البشرية: (2) “هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟) الفصل الثانى: (اللوحات: من 1 – 7) اللوحة الأولى: من ْ‏شطّى ‏لـْـشَـطِّى (2)

سلسلة فقه العلاقات البشرية: (2) “هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟) الفصل الثانى: (اللوحات: من 1 – 7) اللوحة الأولى: من ْ‏شطّى ‏لـْـشَـطِّى (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 15-4-2023

السنة السادسة عشر

العدد: 5605

مقتطفات من: “فقه العلاقات البشرية”(2) [1] 

عبر ديوان “أغوار النفس”

الكتاب الثانى:  هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟ (سبع لوحات) (6)

الفصل الثانى: (اللوحات: من 1 – 7)

اللوحة الأولى: [2]   

من ْ‏شطّى ‏لـْـشَـطِّى (2)

…………………

…………………

يستمر المتن يكمل نفس التأكيد على أن مجرد الكلام قد يكون وسيلة لتنمية بصيرة معقلنة، ليست أكثر من استبصار ذاتى مع وقف التغيير[3]، مما قد يكون هو السبب فى إعاقة النضج.

 (3)‏

أنــا‏ ‏ماشى ‏”‏سريع‏”‏ حوالين‏ ‏نفسى،‏

وباصبّح‏ ‏زىْ ‏ما‏ ‏بامَسِّى،‏

وان‏ ‏كان‏ ‏لازم‏ ‏إنى ‏أَعدّى: ‏

رَاحَ‏ ‏اعدّى ‏مِنْ‏ ‏شَطّىْ ‏لـشَطِّىْ،

هوَّا‏ ‏دَا‏ ‏شَرْطى‏.‏

من أشهر الإشاعات ‏التى ‏روج‏ ‏لها‏ ‏بعض‏ ‏ما شاع عن‏ ‏التحليل‏ ‏النفسى، وعموما، هى مقولة ‏ ‏أنه:‏ “‏إذا‏ ‏عـُرف‏ ‏السبب‏ ‏بطل‏ ‏العجب‏”، ‏وبالقياس يمكن تصور لسان حال البعض ‏ “‏إذا‏ ‏فـُـسـِّـرَ‏ ‏العرض‏ ‏بطـُلَ‏ ‏المرض‏”، وهذا وذاك هو ما نحاول ضحده، ‏حتى ‏إذا‏ ‏انتقلت‏ “‏المعرفة‏” ‏إلى “‏رؤية‏” ‏ومواجهة‏ ‏و”انتقلت‏” ‏الرؤية‏ ‏إلى “‏كشف” وتعرية أعماق الأعماق‏، ‏فإنها‏ ‏وحدها‏ ‏لاتكفى ‏للنمو‏ ‏النفسى ‏(التطورالذاتى)‏ إذا غلبت عليها المعرفة المعقلنة أكثر من التبصر الوجدانى.

ولكن بما أن الحياة هى الحركة، التى لا يمكن إيقافها طالما نحن نتمتع بما يسمى حياة، فإن التوقف عادة لا يكون توقفا بمعنى الوقوف فى الموقع أو اللاحراك، وإنما بمعنى الحركة فى المحل، “محلك سر“، بل أحيانا ما تكون ثمة حركة نتاجها سلبى، كما سبق أن ذكرنا فى “المقدمة” (سـِرْ بضهرك).

ثمة حركة قد تتم بحماس شديد، لكنها تحمل مقومات إلغاء ناتجها بنفس الحماس، ذلك لأنه قد يثبت أنه حماس مشروط بوقف التنفيذ، المريض هنا، وأحيانا المحلل أو الطبيب قد يعلن القبول – بل وضرورة القبول – بفكرة التغيير، وهو لا يألو جهدا ظاهرا فى السير فى هذا الاتجاه، لكن يبدو أن المريض عادة ما يفعل ذلك بناء على ضمان سرى أنه فى النهاية يملك آلية محو كل ما تغير أولا بأول، ليبدأ من جديد نفس المحاولة وإن تغيرت تفاصيلها، وهو ينتهى إلى نفس النقطة دائما، وهكذا، وقد يُسمى هذا أحيانا “تكرار النص” Repetition of Script.

إن نظرية الاستعادة Recapitulation Theory [4] وهى عندى أساس التطور برغم النقد الشديد الذى لقيته وتلقاه مؤخراً، تقول بتكرار النص (الأنتوجينا تعيد نص الفيلوجينيا..إلخ)، لكن التكرار فى نظرية الاستعادة لا ينتهى إلى نفس النهاية بعد كل دورة، وإلا توقف التطور من بدايته، إن الاستعادة، غير الإعادة، لأنها تنتهى إلى إضافةٍ مَا إلى ما كان عند البدء، أى أنها تنتهى فى كل دورة فى نقطة غير نقطة البدء–  إضافة حقيقية مهما كانت ضئيلة – ، أو هى تنتهى بتغير نوعى – مهما كان ضئيلا – لكنه تغير، أما إذا انتهت إلى حيث بدأت (موقعا وكماًّ)، وبنفس المواصفات التى بدأت بها (كـَيـْفاً)، فإنها تكون معطلة للنمو (العلاج)، بل وتكون خدعة مغتربة.

هذا هو الشرط الذى يعلنه المتن هنا، وهو ينطلق من داخل داخل المريض وليس من ظاهر حماسه.

“وانْ‏ ‏كان‏ ‏لازم‏ ‏إنـّى ‏أَعدّى: ‏

رَاحَ‏ ‏اعدّى ‏مِنْ‏ ‏شَطىِّ ‏لـْـشَطِّىْ،

‏هوَّا‏ ‏دَا‏ ‏شَرْطى”

طبعا مثل هذا الشرط لا يُعـْلن صراحة، وبالذات لا يعلنه المريض لنفسه، فهو لا يصل إلى وعيه، ولكن على الطبيب أو المحلل أن ينتبه إلى احتمال أن يكون اطمئنان المريض إلى أنه “مهما تحرك، لن يتغير”، هو الذى يدفعه لتجاوب كاذب مع المعالج، لأنه ضامن – فى النهاية – أنه فى موقعه لا يتزحزح، مهما نشط.

كل هذا يكاد يشير إلى عكس ما يبدو أن المريض قد جاء من أجله، وكأن هدف المريض الأعمق والحال كذلك: هو ألا يشفى، فكيف ذلك وهو الذى سعى للعلاج؟ وطلب العون؟ ودفع الثمن (“مادة” أو “وشما” أو غير ذلك)؟

هذا كله محتمل أن يكون جانبا من الموقف أو الحقيقة، لكنه ليس كل الحقيقة، هو فقط ينبه إلى أنه ينبغى علينا ألا نـُـستدرج إلى التسليم لتغير ظاهرىّ مؤقت نرضى به فى حين أنه ليس تغيرا أصلا، وأيضا هو ينبه من جانب آخر أن نفهم كيف أن الشفاء هو مطلب رائع ظاهر، ولكن وراءه فى العمق قراراً أسبق هو ما نسميه “اختيار الحل المرضى” وهو اختيار على مستوى آخر من مستويات الوعى، وبالتالى فهو (المريض) فى هذا المستوى الأول غير مستعد أن يتنازل عن اختياره الحل المرضى بسهولة، فهو يقاوم كل الضمانات التى تغريه بالتغيير باعتبارها غير مضمونة، ومن ثم التمسك باللاتغيير هكذا.

مهمة المعالج هى استيعاب كل ذلك (مع المريض)، واختراقه، فتجاوزه.

“‏التغيير‏ ‏الكاذب‏” ‏وارد أيضا، وكثير، ونعنى به ‏أن‏ ‏نوع‏ ‏الوجود‏ ‏لايختلف، وحركية النمو لا تنطلق،‏ ‏ولكن‏ ‏يتغير‏ ‏الشكل من الظاهر ‏فحسب‏، ومثال ذلك:

* أن يحل‏ ‏عـَرَضٌ ‏(أخفى) محل‏ ‏عرض‏ (أكثر إزعاجا)، مثل: ‏أن تحل اللامبالاة‏ ‏الخفيـَّة محل‏ ‏الانفعال‏ ‏الطفلى ‏الفج‏.

* أو‏ ‏تحل‏ ‏بصيرة‏ مزيفة ‏مرضية‏ (ياه، لقد اكتشفت أننى فعلا متحوصل حول ذاتى) ‏‏محل‏ ‏إنكار ما هو كذلك (بالعكس: أنا أحب كل الناس)، ثم لا حراك فى الحالين.‏

 ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏مجرد‏ ‏إحلال‏ ‏وإبدال‏ ‏وليس‏ ‏تغييرا‏

 ‏كثير من ‏المرضى ‏حين‏ ‏يمرون‏ ‏بهذا المأزق‏ ‏يصطنعون‏ (‏لأنفسهم‏ ‏وللمعالج‏ ‏وللآخرين‏) ‏موقفا‏ ‏كأنه‏ ‏التغيير‏ ‏ذاته‏، ‏ولكنه‏ ‏فى ‏الحقيقة‏ ‏خدعة‏ ‏تكشفها‏ ‏ضعف‏ ‏المعاناة‏، ‏وانتفاء الألم الصحى المصاحب للنقلات الحادة أو الخوف الذى يصاحب البصيرة الفاعلة الموضوعية، وقد يعلن ذلك بألفاظ رنانة، وفرحة تسكينية، وكأنّ ثـَمَّ تغيير قد تم بفضل العلاج وحسن النية، لكن اختبار نوعية التحول تثبت أنه تغيير اللون الظاهرى كما ذكرنا، أو هو إعادة نفس النص للوصول إلى نقطة نهاية، هى هى نقطة البداية، فهى الدائرة المغلقة برغم كل صخب الحركة الخادعة.

مرة أخرى:

“رَاحَ‏ ‏اعدّى ‏مِنْ‏ ‏شَطىِّ ‏لـْـشَطِّىْ، ‏هوَّا‏ ‏دَا‏ ‏شَرْطى‏”

يا ترى لماذا كل هذه المقاومة؟

كل‏ ‏هذه‏ الشروط، والمهارب‏ ‏والمناورات‏ ‏إنما‏ ‏تنبع‏ ‏من‏ ‏الخوف‏ ‏الهائل من النقلة النوعية التى هى علامة التطور الحقيقية، النقلة فى العلاج النفسى – وأثناء النمو– ليست بالضرورة قفزة فى الخلاء دون تدريب أو إعداد، لكن طالما أنها نقلة نوعية بالضرورة، فثم خوف يحيط بها، وثمة جسارة تحتاجها، مهما بلغ الإعداد والاستعداد.

والخوف له مصادر متعددة برغم تفسير مصادره وتجلياته عبر مسيرة النمو منذ البداية إلى النهاية، وفيما يلى بعض ملامح ومراحل ذلك:

* ثمَّ خوف بدئىّ يقال إنه موجود من صدمة الميلاد، منذ الخروج من الرحم إلى الناس.

* ثمَّ خوف من العودة إلى الرحم : فلا ناس، ولا حياة. (الطور الشيزيدى).

* ثمَّ خوف‏ من العلاقة بالآخر‏ ‏(الموضوع) باعتباره مصدر الخطر لأنه مصدر الاختلاف ومن ثَمَّ “الكر والفر” (الطور البارنوى).

* ثم خوف من التعلق جنبا إلى جنب مع: الخوف من الترك.

* وحين نكبر أكبر، تتربص بنا مخاوف من مقدسات نعلن أننا نسعى إليها حثيثا ونحن نخاف منها جدا دون وعى ظاهر غالبا.

* ثمَّ خوف من النمو والبصيرة الأعمق التى تضطرنا أن ندرك مدى مسئوليتنا عن كل ما يصيبنا (ولعله هو ما يقابل حمل الأمانة التى حملها الإنسان دون السماوات والأرض والجبال)

* ثمَّ خوف‏ ‏من‏ ‏الإيمان‏ (أن نذوب فى الكون دون رجعة).

العلاج النفسى النمائى يضع ذلك كله فى الاعتبار، لا ينكره، ولا يخضع لشروطه أو مبالغاته، وهذا يحتاج من المعالج أن يمارس هو نفسه مواجهة مخاوفه الحقيقية ربما مواكبا لمخاوف مريضه  ليتجاوزاها معا إن كان صادقا فى محاولة مواصلة نموه.

العلاج‏ ‏النفسى ‏التسكينى ‏أحيانا‏ يكون دوره هو أن يبرر هذا الخوف، ويعترف به ويفسره‏، ‏فيصبح‏ ‏ملطـفا‏ ‏لحدته‏‏، ومسكنا لإرعابه.

‏(4)‏

ولحدّ ‏ما‏ ‏يـِهـْدَى ‏الموج‏،‏

واشترى ‏عوّامة‏ ‏واربطها‏ ‏على ‏سارى ‏الخوف‏،‏

ياللا‏ ‏نقول‏ “‏ليهْ”‏؟‏

 ‏و‏”‏ازاىْ؟‏”‏

‏”‏كان‏ ‏إمتَى‏”‏؟‏

 “‏يا‏ ‏سَلاْمْ‏”!

“‏يِـبـْـقَى ‏انَا‏ ‏مَظْلومْ‏”.‏

‏ ‏شكر‏ ‏الله‏ ‏سعيك‏!!‏

‏قد يكون من باب احترام الواقع الموضوعى، وضبط الجرعة أن نرضى مرحليا بالعلاج التسكينى، فنسمح للعلاج النفسى – ولو مؤقتا–  أن يقوم بدور المرفأ الذى يلجأ إليه الخائف حتى يهدأ موج التهديد بالغرق فى محيط المجهول، بل قد نرضى أن نوظفه بوعى ليحقق ذلك،

واشترى ‏عوّامة‏ ‏واربطها‏ ‏على ‏سارى ‏الخوف‏

إذن فهو التأجيل!

ليكن.

ولكن…: إلى متى؟

هذا هو فن التطبيب والعلاج.

الحاصل فى أغلب الأحوال (والحالات) أن يتوقف العلاج عند هذه المرحلة، ليصبح التأجيل المتكرر هو نهاية المطاف، يتم ذلك حين يستدرجنا الكلام إلى الفرحة بالتفسير والتبرير، والرضا بالشفقة (دون التعاطف والمواجدة) وبالدعم الظاهرى، حتى يختفى الخوف، أو يقل، لكن فى نفس الوقت يتم تزييف الحركة أو تنغلق الدائرة.

وسط‏ ‏هذا‏ ‏الإعصار‏ ‏من‏ ‏التهديد‏ ‏بالتغيير‏، ‏بما يشمل من تضخيم خفى أو ظاهر فى مخاطر المغامرة به،‏ ‏تمر جلسات العلاج ‏ ‏تلو‏ ‏الجلسات‏ ‏فى ‏البحث‏ ‏عن‏ ‏الأسباب‏ ‏وكيفية‏ ‏حدوث‏ ‏ما‏ ‏حدث‏، ‏ خاصة فى فترة الطفولة!!!! مع ما تيسر من علامات التعجب ومظاهر المشاركة.

‏وقد يتوقف العلاج عند هذه المرحلة، فيستمر ‏ ‏تأجيل‏ ‏التغيير‏ ‏إلى ‏أجل‏ ‏غير‏ ‏مسمى. ليصبح هذا الأجل غاية الممكن الآن، مرة أخرى: حركة نشطة، لكن “فى المحل”.

لا بد أن نعترف، أن هذه المرحلة (التى لم تعد مرحلة فى هذه الحالة، بل نهاية للمطاف كما ذكرنا)، هى الغالبة فى كثير مما يسمى العلاج النفسى، بل والتحليل النفسى، لكن علينا أن نعترف أنه علاج نفسى حقيقى ومفيد أحيانا، لكنه ليس ما نريد تقديمه هنا، ولا هو ما نأمل فيه لكل الحالات فى كل الظروف، إذ قد يترتب على التوقف عند هذه المرحلة كنهاية للمطاف ألا يخرج المريض إلا بمبرر لمرضه، حتى لو سمى تفسيرا أو تأويلا “يبقى انا مظلوم، شكر الله سعيك“.

هذا موقف‏ ‏تبريرى ‏قح، قد ‏يقوم‏ ‏به‏ ‏العلاج‏ ‏النفسى ‏تحت‏ ‏أوهام‏ ‏الشائع‏ ‏عن‏ ‏التحليل النفسى‏، يدعم هذا الموقف التبريرى كهدف خفى للسعى للعلاج النفسى غلبة التركيز على “الأسباب“، بما يرتبط جزئيا بما يسمى الحتمية السببية [5]: أى معرفة سبب حدوث المرض، دون الحتمية الغائية[6] أى معرفة هدف ظهور المرضى ومعناه ولغته، وهذا عكس الغالب فى العلاج النفسى الجمعى مثلا حيث التركيز يكاد يكون مطلقا فى “هنا والآن”، وهو لا يقبل “لماذا؟” إلا عبورا لينتقل إلى “إذن ماذا؟” بدءًا من الآن.

هذه النقطة بالذات لها أهمية خاصة فى ثقافتنا الخاصة، حيث يغلب عندنا لوم الآخرين بديلا عن النقد الذاتى، وكذلك نحن نميل إلى تبرير الذى جرى بديلا عن الانطلاق منه.

إن الانطلاق من أن المرض – حتى الجنون – هو اختيار كأنه الحل على مستوى ما من الوعى، هو الذى يسمح لنا بالحوار على هذا المستوى الأعمق لإثبات أنه “ليس حلا” أصلا، ومن ثم فإنّ تقديم بديل آخر وهو مسار “اختيار الصحة” والنمو من خلال العلاج هو وظيفة العلاج الأساسية.

صحيح أن على الطبيب أن يتلمس لمريضه العذر، لكن ليس لكى يتوقف عنده، وإنما لكى ينطلق منه فى ظروف أفضل: هى إتاحة فرصة العلاج الحقيقى، ‏بمعنى ‏أنه‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏المرض‏ ‏قد‏ ‏حدث‏ ‏(حين اختارته أعماق المريض حلا) فى ‏ظروف‏ ‏قاهرة‏ ‏وضاغطة‏ ‏فإن‏ ‏وظيفة‏ ‏العلاج هى‏ ‏أن‏ ‏يعرض‏ ‏اختيارا‏ ‏بديلا‏ ‏بعد‏ ‏استنهاض‏ ‏إيجابيات‏ ‏المريض‏، ‏ولا مانع من التماس ‏العذر‏ ‏للمريض‏ ‏بعض‏ ‏الوقت‏، لكن أن يكون هذا هو نهاية المطاف فهى الوقفة حتى الركود الساكن، وعلينا ألا نسمح بها إلا مضطرين.

وأخيراً: نحن نعرف هذا التعبير الذى نقوله للمعزين شكرا لهم على مواساتهم لنا فى المآتم، وكأن من يتوقف تماما، حتى لو يتوهم السير هو يسير فى المحل، قد يكون الموت مهما تمتع بمظاهر الحياة، فهو يستأهل ختام المتن هكذا فى سرادق لا يتردد فيه إلا تبادل العزاء كما تنتهى القصيدة: “‏‏شكر‏ ‏الله‏ ‏سعيك‏”.‏

…………………

…………………

ونواصل الأسبوع القادم بعرض اللوحة الثانية: “الركن‏ ‏بتاعى ‏مِتْـحضّر”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى: (2018) كتاب “فقه العلاقات البشرية” (2) (عبر ديوان: “أغوار النفس”) “هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟ (سبع لوحات)”، الناشر: جمعية الطب النفسى التطورى – القاهرة.

[2] – كما أشرت سابقا فى الكتاب الأول وفى هامش “3”، كان اسم هذه اللوحات “جنازات“، ، وكان المقصود بها أن أقدم كيف يمكن أن يساء فهم العلاج النفسى على أنه تفسير وتبرير وتسكين، وكيف أن هذا بمثابة وقف النمو بما يمكن أن يقابل “الموت النفسى“، إلا أننى وجدت  نفورا من الاسم، ومبالغة فى التصوير، ففضلت مصطلح “لوحات” تصف كل هذه الأحوال (لا الحالات) التى أوحت لى بعطاء هذا العمل.

[3] – العلاج مع وقف التغيير قياساً على الحكم مع وقف التنفيذ.

[4] – “نظرية الاستعادة” Recapitulation Theory  لـ إرنست هيكل Ernst Heckel  وتسمى أيضا “القانون الحيوى”Biogenic Law‏ الذى ‏يقول‏ ‏ان‏ ‏الانتوجينيا‏ ‏اتكرر‏ ‏الفيلوجينيا‏، ‏إلى أننى انطلاقا من مفاهيم الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى قمت بمدها إلى أن ‏ ‏ ‏أن‏ ‏الماكروجينيا‏ ‏تكرر‏ ‏الانتوجينيا‏، ‏وأخيرا‏ ‏فإن‏ ‏الميكرجينيا  تكرر الماكروجينيا ، الأمر الذى أشار إليه كل من فرنر Werner وسيلفانو أريتى  Silvano Arieti أيضا.

[5] – Deterministic Causality

[6] – Teleological Causality

ثلاثة دواوين (1981 – 2008) الديوان الثانى: “شظايا المرايا” قصيدة “إسطنبول”

تعليق واحد

  1. كيف حالك يا مولانا :
    المقتطف : ….إن الانطلاق من أن المرض – حتى الجنون – هو اختيار كأنه الحل على مستوى ما من الوعى، هو الذى يسمح لنا بالحوار على هذا المستوى الأعمق لإثبات أنه “ليس حلا” أصلا، ومن ثم فإنّ تقديم بديل آخر وهو مسار “اختيار الصحة” والنمو من خلال العلاج هو وظيفة العلاج الأساسية.
    التعليق : توقفت أمام ” الحوار على هذا المستوى الأعمق ” وحاولت معايشة التجربة ،أن أسمح لجنونى أن يحاور جنونهم ،ما الذى يمكن أن تسفر عنه محاورات الجنون هذه ؟! لست أدرى ،لكنها تستحق المغامرة أكيد !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *