الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (147) مبادىء ومنطلقات وخطوات التطبيق (1)

الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (147) مبادىء ومنطلقات وخطوات التطبيق (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 15-1-2017                                             

السنة العاشرة

العدد: 3425    

 الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (147)

مبادىء ومنطلقات وخطوات التطبيق (1)

مقدمة:

مرة أخرى ليست أخيرة أقر واعترف أن تعليمات خطوات التطبيق لا تصل بأن تـُقرأ، وهى طبعا لا تـُحفظ، ولكن يمكن أن تُطَمْنِنَ من تدرّب واستعد لممارسة هذا الفن العلمى، الإنسانى، الإيمانى، لمساعدة البشر فى مأزق المرض. بنفس المنطق فإن كل التنظير السابق، والحالات المستشهد بها والفروض المطروحة على الأقل فى هذه النشرة خلال عشر سنوات، وقد بلغت مئات الصفحات، وهى معلومات نابعة من الممارسة والمتابعة مدعومة بعلوم أحدث فأحدث، كلها ليست إلا أدوات مساعدة، وهى ليست كافية وحدها لإتقان الممارسة

وفيما يلى على سبيل المثال إشارة إلى بعض النشرات مع التركيز على الأشكال التوضيحية للتذكرة والتنشيط ثم تعقيب مختصر تحتها، فإشارة إلى جدوى الإلمام بها فى التطبيق.

1- مستويات الصحة النفسية على طريق التطور الفردى (مع تحديثها من منطلق الإيقاعحيوى)

نشرات: (2-11-2010 ،    6-2-2016 ،   7-2-2016)   

15-1-2017

    التعليق:

كانت البداية (1969 – 1972) هى رفض التصنيف الساكن لما هو صحة نفسية مع وضع احتمال الانتقال المستمر بين مستويات للصحة مرتبطة بأزمات النمو، ذلك قبل أن أصل إلى فرض “حالات الوجود المتبادلة” التى جعلت الأزمة المفترقية حقيقة بيولوجية مستمرة وليست مأزقا محددا جدا وممتدا لأسابيع أو شهور عدة مرات فحسب على مدى العمر.

وقد طورت هذا الفرض فيما بعد ليتوافق مع ويدعم منظور الإيقاعحيوى الجارى دوما، وأن المخ يعيد بناء بنفسه باستمرار.

التطبيق

* والطبيب حين يمارس مهنته فيتعامل مع الأزمات المفترفية (التطورية/الإبداعية) على أنها أزمة نمو، وأنها تعكس احتمال النقلة إلى مستوى أرقى من الصحة النفسية، أقول حين يقف هذا الموقف بدءًا بقراءة أزمة مريضه الأعمق “المواجهة” (وليس الاكتفاء بتشخيصها) ثم من خلال “المشاركة” (الوعى البينشخصى) فهو يمارس “المسئولية” ويصبح مشاركا إيجابيا فى تحديد مآلها، ليس فقط للمريض وإنما على مسار نموه هو أيضا.

وهذا ما يعرضه الطبنفسى الإيقاعحيوى، قبل أن يسمى كذلك، لكن كان هذا العلاج المسمى ضمن إرهاصاته علاج م.م.م. (المواجهة – المواكبة – المسئولية) من أهم خطوات اختباره عمليا.

2- الطاقة (الحيوية) أساس الحياة، وتوجيهها إلى وجهتها من أهم مهامنا، والبداية تبدأ من التنبيه إلى وراثة زخم أكثر أو أقل من الطاقة كما هو الحال فى بعض حالات الصرْع.    نشرات : (7-5-2016 ،   8-5-2016،    9-5-2016 )  

15-1-2017_2

  التعليق:

وقد ركزت فى تناولى لموضوع تنوع إطلاق الطاقة بشكل زائد ونوبى فى حالة الصرْع نشرة 09-05-2016، وكان ذلك دعما لفروضى الخاصة بذلك وهى التى انتهت إلى الخطوط العريضة التالية:

 (أ) الاعتراف بالطاقة الحيوية كأساس للوجود البشرى وغير البشرى

 (ب) العمل – فى العلاج – على تنظيم مخارجها وما، ومن، تشحنه طول الوقت

 (جـ) تجنب كتمها فى توتر دائم أو

 (ء) انفجارها للخارج (الهياج والصرع) أو إلى الداخل (الذهان إلى الفصام) فتمزيقه وتناثره.

التطبيق

* والطبيب فى هذا النوع من التطبيب حين يعطى اهتمامه لهذا المنطلق سوف يكتشف أنه لا يملك إزاء مواجهة حقيقة أن الحياة هى ليست إلا: كيفية تصريف هذه الطاقة وتفعليها دافعا وقودا لشحن الأهداف المتاحة (بعد ومع وقبل نفسه) من أول شحن موضوعات روتينية يومية ولو بدت مغتربة حتى توجيهها إلى دعم التواصل مع آخر بدءًا بالمعالج وزملاء العلاج (فى العلاجات التى تسمح بذلك) هذا الطبيب (من منطلق الطبنفسى الإيقاعحيوى) يصبح همه الأول الاعتراف بهذه الطاقة، والبحث عن مساراتها، وإطلاق سراحها إن كانت قد كُتِمَتْ لسبب أو لآخر، وهو يعمل على الحفاظ على استمرار تدفقها فى العمل/والعلاقات/والتغير (الإبداع الذاتى)/والنفع، وبالتالى فإنه بذلك يقوم بسحبها من توظيفها فى تكوين الأعراض ويحولها إلى مسارها الطبيعى.

 

3- حالات الوجود المتبادلة:  نشرات : (3-7-2016،    26-6-2016،     14-3-2016 )

15-1-2017_3

التعليق:

جاء هذا الفرض مع بداياتى الباكرة فى بحث الدكتواره (1959 – 1962) الذى هدانى إلى التركيز على بدايات الذهان ومدى تشابهها مع ما كنت استثيره فى البحث بحقن بعض مذيبات الوعى للكشف عن ما أسميناه الجنون الكامن Latent psychoses ثم تتابع اهتمامى بهذه المنطقة بعد ذلك فى ممارستى طوال هذه السنين وأنا منتبه خاصة إلى ما يسمى الفصام المبتدئ Incipient Schizophrenia الذى اكتشفت أنها حالة مبتدئة فعلا ومنذرة بالفصام، لكنها ليست كذلك بالضرورة لأننا إذا انتبهنا أنها ليست إلا بداية حركية تفكيكية بالضرورة فقد نستطيع توجيه مسارها إلى مآل آخر حسب نوع العلاج فى الظروف المحيطة، ومن بين المآلات المحتملة والمبشرة كان مآل تفجير طاقة الإبداع، أما المآلات السلبية الأخرى، فكانت نتيجة إجهاض هذا التنشيط المبدئى ومن ثم قد ينتهى الأمر إلى انحراف سلوكى فاضطراب الشخصية.

بدءًا من هذه البداية الباكرة بدأت أعامل هذه الحالات على أنها عملية مبتدئة  Incipient Process ثم على أنها “أزمة مفترقية Cross-roads Crisis” وتدعمت تلك الفروض بأطروحة “أعمار الإنسان الثمانية” لإريك إريكسون وأخيرا أستطعت أن أضع فرض أنها أزمة إيقاعحيوية مستمرة فى وحدات زمن مختلفة الطول بدأ من وحدات بالغة التناهى فى الصغر، إلى وحدات تصل إلى أسابيع وأشهر وهى تتكرر طول العمر وهى السبيل إلى أن يعيد المخ بناء نفسه باستمرار.

التطبيق

* هذا هو أصعب الفروض بالنسبة للممارسة اليومية ذلك لأنه برغم ظاهر تحديده للنقلات بهذا الوضوح (كما سيأتى مثال الإدراك) (رقم 4) إلا أن الفرض يفترض حدوث هذه الحالات بشكل إيقاعى طول الوقت فى الصحو والنوم، فى اليقظة والحلم، فى وحدات زمنية مختلفة بدءًا من الوحدات متناهية الصغر – كما ذكرنا – وصولا إلى أزمات النمو مثل التى ذكرت فى البند (1)، وبرغم هذه الصعوبة فإن مجرد احترام إمكانية صدق الفرض سوف يعطى الطبيب دفعة من التفاؤل، وأنه يوجد دائما خط رجعة عن المرض فى هذه الخبرة أو الدورة القادمة، بقدر ما يحمله جرعة أكبر من المسئولية ما دامت الإمكانية متاحة طول الوقت للانتقال من “حالة” إلى “حالة” مع دورة الإيقاع القادمة، ليس فقط مع أزمة النمو القادمة.

4- كل ملف الإدراك تقريبا:   نشرات (من 10-1-2012  إلى 10-3-2013)

مثال: تنوع الإدراك مع تناول حالات الوجود والصحة والمرض

 15-1-2017_4

      التعليق:

النقلة إلى محاولة الإحاطة بمحيط الإدراك جاءت متأخرة نسبيا مع تحديثى كتابى “ثنائى اللغة” فى الطب النفسى باسم “الأساس فى الطب النفسى” بالعربية. وذلك فى العشر سنين الأخيرة، وقد جاءت النقلة ضمن البداية بدراسة الوظائف الإنسانية الأساسية قبل رصد أعراضها، وكانت خبرتى قد اتسعت وأثراها العلاج الجمعى طوال أربعين عاما، كما توثقت علاقتى بحركية الوعى أساس النقلة المعرفية التى أوصلتنا للطبنفسى الإيقاعحيوى، واتسع ملف الإدراك حتى شغل “865 صفحة A4″، ولأنه كان من بين ما دعم فرضى “حالات الوجود المتبادلة”. فسوف أكتفى فى هذا التقديم بعرض هذا الجدول كمثال وهو يرصد تجليات الإدراك المختلفة فى كل حالة من حالات الوجود المتبادلة، منتهزا الفرصة للتمهيد لمزيد من شرح هذا الفرض وهو فرض أساسى مع أنه يكان يستحيل إثباته فى وحداته الأصغر، ولكنه يكاد يكون تطبيقا مباشرا لما آل إليه ما اكتشفته منذ بحث الدكتواره عن ما أسميته لاحقا “الأزمة المفترقية Cross-Roads Crisis “

التطبيق

* إن نقلة الطبيب من التركيز المطلق على أهمية التفكير والمعلومات المرموزة بإحكام فى مراجعه المنشورة :إلى رحابة المعرفة التى تتيحها له كل قنوات الإدراك من الاحساس، وما بعد الاحساس وما قبل الاحساس، هذه النقلة التى يتيحها التدريب والإشراف لشحذ مهاراته  من منطلقات الطبنفسى الإيقاعحيوى جديرة بأن تنشط وعيه المشارك بالضرورة فى نقد النص البشرى له ولمريضه ولمرضاه معا، وبالتالى تصبح الممارسة فرصة لتنشيط هذه الوظيفة الأساسية التى يشترك فيها مع سائر الأحياء كما تصبح بديلا عن سجنه وراء قضبان الرموز طول الوقت، ومن ثم تسهل عليه الممارسة على مستوى الوعى البيشخصى فالوعى الجمعى كما كررنا مرارا، وهذا هو أساس الممارسة فى الطب الإيقاعحيوى.

……………..

ونكمل غدًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *