الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الإدراك (116) (16 من ؟) هامش محدود مع إشارة إلى “الإبداع” و”الإيمان”

الإدراك (116) (16 من ؟) هامش محدود مع إشارة إلى “الإبداع” و”الإيمان”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 10-3-2013

السنة السادسة10-3-2013_1

العدد: 2018

الأساس: الكتاب الأول:

 الافتراضات الأساسية (155)

  الإدراك (116)

 (16 من ؟)

هامش محدود

مع إشارة إلى “الإبداع” و”الإيمان”

 المقدمة:

وجدت فى المسودة الأولى (سنة 1992) أننى ألحقت ملحقا أحدث (سنة 2002) يبين خلاصة الفروض أساسا، ثم كيفية الاستفادة منها فى الفحص والعلاج، لكننى تبينت أن أغلب ما جاء فى هذا الملحق قد ورد فى “ملف الإدراك” بالتفصيل مؤخرا، ومع ذلك فقد فضلت أن أختم هذا الجزء بموجز للخطوط العريضة والفروض المغامرة التى حاولت ان أقدمها من خلال ذلك، على الوجه التالى:

1) إن فرض ما يسمى “الإدراك خارج الحواس” هو مفتاح لحقائق معرفية وتطبيقية نفسية لا يمكن إغفالها نظرا لأهميتها التطبيقية العملية فى مجال الممارسة الإكلينيكية والإبداعية الإيمانية عل حد سواء.

2) إن فرض “العين الداخلية ” قد تجاوز مرحلة الفرض باعتبار ما أضافه التنظير المقدم فى ملف الإدراك عن الأحلام خاصة، وعن الإبداع إلى درجة أقل، ثم عن التمييز بين أنواع الهلاوس من خلال التقييم الأعمق الذى يأخذ فى الاعتبار حالة الوعى، ثم حدة البصيرة، ودرجات الانشقاق ، ومدى تدخل الخيال.

3) إن التعرف الدقيق على الفروق بين أنواع الهلاوس، خاصة البصيرية والصور التخيلية، فى مقابل الهلاوس المسقطة فقط من الواقع الداخلى يساعد بشكل مباشر في تحديد مستوى التعامل العلاجى مع كل منها خاصة على مستوى العلاج النفسي المكثف، والعلاج الجمعى،  والسيكودراما.

10-3-2013_2

4) فى معظم هذه  العلاجات يتم ‏الاعتراف  بأحقية المريض فى معايشة ما حضر فى أى مستوى من الوعى، وبغض النظر عن الأسماء والأوصاف التى يطلقها  المريض أو أهله على الخبرة سواء أسماها: أصواتا، أو أشخاصا، أو أشباحا، أو جانّا، فإن كل ذلك يُقبل منه باعتباره نقطة البداية احتراما  لخبرته.

5) ثم يعلن فى وقت باكر ما أمكن ذلك، أن العلاقة العلاجية سوف تسمح بإعادة النظر فى هذه التسميات، وفى طبيعة الخبرة، دون إنكار مثول الخبرة بماهى كما هى من البداية.

6) يمكن التلميح أو التصريح فى وقت باكر من العلاقة العلاجية، خاصة فى الحالات البادئة والنشطة (غير المستتبة أو المزمنة) إلى ‏ترجمة‏ ‏هذه‏ ‏الكيانات‏ ‏إلى ‏تنظيمات‏ ‏ذاتية‏ ‏مقبولة‏ ‏لها‏ ‏حق‏ ‏الحضور‏ ‏فى ‏الوعى ‏ولو‏ ‏بالتبادل‏ (‏فى ‏الحلم‏).

7) من أفضل أساليب العلاج لكشف هذا الحضور المتعدد كل من: “الألعاب العلاجية” خاصة فى العلاج الجمعى، والسيكودراما بطرقها المختلفة،(مما سيأتى ذكره فى فصول العلاج).

8) لا يتوقف العلاج عند كشف (أو شرح) الإمراضية (السيكوباثولوجيا) بل يتطور إلى ممارسة قبول كل مستويات الوعى بشكل أو بآخر، ويكون المحك هو توظيفها فى الصحة بعد ترجمتها إلى لغة الفروض المطروحة، بمشاركة المريض ومن يهمه الأمر!

9) قد يصل الأمر من خلال شحذ البصيرة العملية لدرجة تسمح بالأمل فى تطور الخبرة نحو النمو (الإبداع الذاتى) من خلال قبول كل مكونات الذات (حالات العقل) ومستويات الوعى، فى كلٍّ جديد فاعل متناغم، وأحيانا مع احتمال ممارسة نشاط إبداعى بذاته.  

علاقة الإدراك بالإبداع والإيمان

إن‏ ‏علاقة‏ ‏الإدراك‏ ‏بالإبداع‏ ‏هى ‏علاقة‏ ‏أساسية‏ ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏صعوبة‏ ‏دراستها، نظرا لتناهي قصر الوحدة الزمنية التى تجرى فيها، وفيما يلى بعض ملامح الفروض المتعلقة بذلك:

‏(1) يتوقف الإبداع من زاوية تنشيط الإدراك على ما يلى:

أ- ‏القدرة‏ ‏على ‏الحفاظ‏ ‏على ‏طزاجة‏ ‏الإدراك‏ ‏دون‏ ‏الإسراع‏ ‏باختزاله‏ ‏بسرعة‏ ‏أولا‏ ‏بأول‏ ‏إلى ‏منظومات‏ ‏المعارف‏ ‏السابقة (حيث يصبح التفكير وصيا عليها)‏.‏

ب – ‏القدرة‏ ‏على ‏احترام‏ ‏واستقبال‏ ‏موضوعات‏ ‏الداخل‏ (‏الحاضرة‏ ‏واالمتجددة‏) ‏بنفس‏ ‏درجة‏ ‏الاحترام‏ ‏والموضوعية‏ ‏التى ‏تستقبل‏ ‏بها‏ ‏موضوعات‏ ‏الخارج‏ ‏المتاحة.

جـ) ‏القدرة‏ ‏على ‏تحمل‏، ‏وتنمية‏ ‏الجدل‏ ‏بين‏ ‏موضوعات‏ ‏الداخل‏، ‏وموضوعات‏ ‏الخارج‏ ‏المدركة‏ ‏”معا‏”، ‏أو‏ ‏بالتناوب‏ ‏التكاملى‏، ‏فـ ..”معاً”‏. (‏جنبا‏ ‏إلى ‏جنب‏ ‏مع‏ ‏جدلية‏ نشطة مع ‏المستويات‏ ‏الأخرى).‏

 (2)  ‏إن‏ ‏الخبرات‏ ‏الإبداعية‏ ‏الذاتية‏، ‏وخاصة‏ ‏تلك‏ ‏الخبرات‏ ‏الإيجابية‏ ‏التى ‏تتجلى ‏فى ‏بعض‏ ‏الممارسات‏ ‏الإيمانية‏ ‏والصوفية‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تفهم‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏المدى ‏الذى ‏وصلت‏ ‏إليه‏ ‏قدرة‏ ‏اختراق‏ “عين‏ ‏الإدراك‏” ‏الداخلية‏، جنبا‏ ‏إلى ‏جنب‏ ‏مع‏ ‏قدرة‏ ‏استيعاب‏ ‏ومدى ‏امتداد‏ ‏مساحة‏ ‏الإدراك‏ ‏للكون‏ ‏الخارجى، ‏الأمر‏ ‏الذى ‏يسمح‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏التكامل‏ ‏النامى ‏بأن‏ ‏تمتد‏ ‏مساحة‏ ‏الدراية‏، ‏وعمق‏ ‏التكامل‏، ‏إلى ‏حلقات‏ ‏من‏ ‏الوعى ‏الكونى، ‏بما‏ ‏يوصف‏ ‏بلغات‏ ‏مختلفة‏ ‏حسب‏ ‏ظروف‏ ‏كل‏ ‏خبرة‏ ‏وصاحبها.

10-3-2013_3

‏(3) إن‏ ‏امتداد‏ ‏مجال‏ “رؤية‏” ‏العين‏ ‏الداخلية‏” ‏إلى ‏مستويات‏ ‏من‏ ‏الوعى ‏أعمق‏ ‏فأعمق‏، ‏تناغما‏ ‏مع‏ ‏امتداد‏ ‏ما‏ ‏نسميه‏ ‏مرحليا‏ “العين‏ ‏التجاوزية‏” ‏إلى ‏مستويات‏ ‏من‏ ‏الوعى ‏أشمل‏ ‏فأرحب‏، ‏هو‏ ‏الوسيلة‏ ‏التى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏نستوعب‏ ‏بها‏ ‏دور‏ ‏الأديان‏ ‏فى ‏طزاجة‏ ‏حضورها‏ ‏وهى ‏تسهم‏ ‏فى ‏تحقيق‏ ‏توازن‏ ‏إبداعى ‏بين‏ ‏مستويات‏ ‏الوعى ‏فى ‏مشتمل‏ ‏الاتجاهات، وهو المستوى الذى يسمى “الإيمان” عادة‏.‏

(4) إن‏ ‏تنمية‏ ‏قدرات‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏العين‏ ‏الداخلية‏، ‏والعين‏ ‏التجاوزية‏ ‏يتم‏ ‏بممارسات‏ ‏عباداتية‏ ‏وصوفية‏ ‏وإبداعية‏ ‏تشحذ‏ ‏وظيفة‏ ‏الإدراك‏ ‏وتدعمها‏ ‏بما‏ ‏يعطيها‏ ‏القدرة‏ ‏على ‏التعرف‏ ‏على ‏هذه‏ ‏المستويات‏ ‏قبل‏ ‏وبعد‏ ‏وظيفة‏ ‏التفكير‏..

وبعد

لا بد من التذكرة من جديد، بأن كل هذه الفروض، وعل الرغم من أنها ما زالت فروضا، إلا أنني أوليْتها ما استطعت من دعم نظرا لأنها شديدة الفائدة فى التطبيق العملي لممارسة مهنتى، أما موقعها من متانة النظريات العلمية، أو صلابة الحقائق اليقينية، فهذا أمر متروك لمن يهتم به لتوظيفه فى مجالات أخرى، لأغراض أخرى، وهو مسؤول عنها جملة وتفصيلا، أمام التاريخ، ورب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *