الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى العلاج الجمعى (7) علاقة هذا العلاج بالعلاجات الأخرى

الأساس فى العلاج الجمعى (7) علاقة هذا العلاج بالعلاجات الأخرى

نشرة “الإنسان والتطور”

الاثنين: 11-3-20134-2-2013_1

السنة السادسة

العدد: 2019

كتاب:

الأساس فى العلاج الجمعى (7)

من منظور ثقافة مصرية عربية

علاقة هذا العلاج بالعلاجات الأخرى

أولاًُ: العلاجات (الفارماكولوجية) بالعقاقير

يتميز ما يجرى فى خبرتنا هذه بأن تصنيفات المشاركين فى هذا العلاج غير متجانسة، وبالتالى هى تشمل أغلب أنواع الاضطرابات، بل إنه يكاد يغلب فيها عدد الذهانيين واضطرابات الشخصية إلى غير ذلك من تشخيصات، ويبدو أن البحث الحالى كان يمثل تحديدا هذا الترجيح، فقد كانت أغلب الحالات من نوع الاضطرابات الجسيمة، وكان حوالى نصف المرضى يتعاطون عقاقير فى نفس الوقت، ولكن هذا البحث لم يقدم لنا إشارات واضحة عن دور هذه العقاقير والعلاجات “مع” العلاج الجارى أو “بديلا عنه” أو “معوقاً” له، ولا أستبعد نقداً من بعض العتاة يقول: “من أدرانا أن هذا التغير الذى تزعمون ليس نتيجة للعقاقير التى يتناولها هؤلاء المرضى، وأنه ليس نتيجة للعلاج الجمعى بالذات؟” إلا أن الباحث كان حذراً منذ البداية، فأعلن أنه يبحث فى طبيعة وأبعاد العملية العلاجية، وليس فى نتائجها تحديدا، ولا هو وضع فرضا عن علاقة  النتائج بمتغير علاجىّ بذاته، وربما ترك بحث هذا الأمر لمرحلة تالية.

وأبدأ بأن أوضح بعض الخطوط العريضة بهذا الشأن:

1- مجموعة هذا البحث تعانى من اضطرابات شديدة بصفة عامة: 6 فصاميين، 7 اضطراب شخصية شديد مما يعتبر مكافئا غائيا للفصام من منظور تطورى خاص.

2- كثيرون من مجموعة البحث لم يستجيبوا “لكل” العلاجات السابقة وحدها بما فيها العقاقير الكيميائية والجلسات الكهربائية، ليس بمعنى أن حالتهم متدهورة أو مستعصية، ولكن بمعنى أنهم مروا بعلاجات كيميائية مختلفة لم تحقق لهم الشفاء، ثم التحقوا بهذا العلاج

3- أثنان من المجموعة دخلا المستشفى فترة من الوقت أثناء العلاج، الأول: لبضعة أسابيع، والثانى: مازال بها (وقت إجراء البحث، وكان يحضر خصيصا من المستشفى).

الأساس التطورى البيولوجى لاستعمال العقاقير عموما، وفى العلاج الجمعى.

كانت فكرة التغيير الفعلى لتركيب الدماغ واصلة إلىّ من الممارسة منذ البداية، وذلك من خلال العلاج عامة بما فى ذلك العلاج النفسى، والعلاج الجمعى خاصة، على أن ذلك كان – ومازال– مرتبطا بانتمائى للفكر البيولوجى التطورى بالمعنى الاوسع، هذا المدخل الذى يؤكد إعادة تشكيل بناء المخ من خلال العلاقة العلاجية، وهو الذى تطور مؤخرا مع نمو العلم المعرفى العصبى (1)، وتبنى مفهوم المطاوعة النيورونية (2) ، فتحققت بعض فروضى الباكرة تدريجيا: لكن الذى كان يميز الطريقة المتبعة فى هذا العلاج طول الوقت هو التزاوج المرن بين التداوى بالعقاقير وخاصة النيورلبتات الجسيمة Major Neuroleptics والتى قمت بترتيبها حسب الفاعلية المتصاعدة هيراركيا تبعا لتأثيرها على مستويات المخ من منظور تطورى أساسا، بما يسمح بالتحرك مع جرعات الأدوية ونوعها، حسب تطور الحالة، وبمشاركة المرضى غالبا. (انظر بعد).

إن النظرية التى تنتمى إليها هذه التجربة هى تطورية فى المقام الأول، لكنها تتكامل مع مراحل النمو إذ هى موازية لنظرية “العلاقة بالموضوع” Object Relation Theories، وقد ظل هذا المفهوم التطورى بالإضافة إلى ما قمت بتطويره لنظرية الاستعادة (Recapitulation Theory)  هو الذى يسمح لنا بالتعامل مع العقاقير انتقائيا حسب تطور العلاقة العلاجية من خلال ملاحظات حركية استعادة، وإعادة، النمو ومواصفات المواقع النمائية (التطورية) (3)  وليس مجرد ظهور أو اختفاء الأعراض،

وفيما يلى الخطوط العريضة لكيفية استعمال العقاقير حسب هذه الفروض التطورية:

(1)  عدد قليل قديم من العقاقير المهدئات العظيمة (النيورولينات) ومضادات الاكتئاب التقليدية (ثلاثية الدوائر) هى التى نستعملها انتقائيا من خلال الخبرة الطويلة معها (أنظر بعد).

(2)  لا يرتبط  ذلك تحديدا بالتشخيص التقليدى للمرض بقدر ما يتوقف على التخطيط الإمراضى (سيكوباثولوجيا) لكل مريض، حيث يوضع من خلاله فرض يصف ما يجرى من نشاط كل مخ بشكل ناشز، مما نتج عنه هذا الاضطراب بالذات فى هذا المريض بالذات فى هذا الوقت بالذات.

(3)  تُرسم الخطة العلاجية على أساس الحدّ من النشاط العشوائى للمستويات الأقدم التى تنشطت على حساب المستوى الأحدث الذى كان قائد فريق الأمخاخ (نقطة انبعاث النبض المخىPace Maker ) فى حالة اليقظة، والمخ الأحدث هو المخ الذى يحتفظ بعلاقاته بالواقع فعلا يوميا، ويحافظ على علاقته بالآخرين (الموضوع) مسايرة مقبولة، وتبادلا ناضجا.

(4)  تُعطى العقاقير على هذا الأساس باعتبار أن المخ الأقدم الذى يحضر عادة فى شكل عدوان، أو بدائية، أو نكوص اعتمادى وانسحاب من الواقع يحتاج لنوع من العقاقير الأقوى فاعلية جدا لتثبيط ويبدو أن اروع ما يميز هذه العقاقير منذ اكتشف عقار الكلوربرمازين هو هذه “الانتقائية”، وأن أقوى هذه العقاقير بالتالى هو أقدرها على التحكم فى فرط نشاط المخ الأقدم وهو حتى الآن: عقار الهالوبيريرول.

(5)  تم ترتيب العقاقير هذا الترتيب الهيراركى على مر سنيين عددا، حتى أصبحت لا أستطيع أن استعمل أى عقار جديد بشكل متواتر إلا بعد أن أجد له مكانه على سلم هذه الهيراركية بتجربته عددا من السنين.

(6)  يُفضل استعمال الأسلوب المتقطع فى إعطاء هذه العقاقير Zigzag اعتمادا على أن المقصود ليس هو التثبيط القاهر حتى التهميد النهائى، وإنما هو الضبط والربط حتى إمكان استيعاب نشاط وطاقة الأقدم فى فاعلية الأحدث.

(7)  يتواصل تغيير جرعة العقار مع التمادى فى مسيرة التأهيل (بما فى ذلك العلاج النفسى) بمعنى أنه ينقص العقار تدريجيا مع ظهور علامات استعادة المخ الأحدث نشاطه، وبالتالى احتمال استعادة قيادته لبقية الأمخاخ أثناء الصحو.

(8)  قد يلزم الأمر مع تغيير الجرعة تغيير العقار من الأقوى جدا، إلى الأقوى فقط إذا ظهرت علامات ضبط كافية لنشاط المخ العشوائى الأكثر قِدَما لصالح الأحدث فالأحدث، وهكذا.

(9)  يُعتير ظهور الاكتئاب “الأصيل” أثناء هذه العملية دليلا على الانتقال من غلبة المخ البدائى إلى المخ الإنسانى حيث يعتبر هذا الاكتئاب الإنسانى دليلا على صعوبة محاولة عمل علاقة مع آخر، وفى نفس الوقت فإن هذا المخ يمارس درجة من ثنائية الوجدان من جهة، وألم التواصل من جهة أخرى، وبعض نقلات المزاج من جهة ثالثة، ويعتبر كل ذلك دليلا على التقدم نحو استعادة مسيرة النمو، وفى هذه الحالة قد يستعان ببعض مضادات الاكتئاب التقليدية بجرعة متوسطة للحفاظ على اضطراد مسيرة النمو، حيث أن الألم (الذى هو عمق هذا الاكتئاب) يعتبر علامة إيجابية لمحاولة عمل علاقة حقيقية مع الأخرين، بما فى ذلك مرضى المجموعة.

(10)      مع ضمان إطلاق الطاقة التى كان يستولى عليها المخ الأقدم لتكون تحت تصرف المخ الأحدث لإرساء علاقة بالواقع (العمل أساسا) وبالموضوع ( تنشيط العلاقاتية) نقوم بإنقاص جرعات العقاقير بتناسب عكسى مضطرد، أى: كلما أمكن تشغيل الطاقة الحيوية (النفسية) فى التواصل، وشحن الواقع، أمكن إنقاص جرعات العقاقير.

(11)      يعتبر العلاج الجمعى بالذات بمثابة خبرة أزمة نمو (4)علاجية، يعود فيها المريض إلى رحم الجماعة حيث يمارس خبرة استعادة الثقة الأساسية، (5) ثم ينتقل إلى مواقف النمو المتتالية بشكل معلن أو خفى، مرورا بمرحلة “الكر والفر” (المخ البارنوى) ثم مرحلة المخ الاكتئابى العلاقاتى المتميز بظهور ألم العلاقة وذلك جنبا إلى جنب مع استعادة تنظيم الطاقة الحيوية وشحن الواقع والموضوع بها تدريجيا،

وهكذا يمكن اعتبار العلاج الجمعى من منطلق التطور والنمو بمثابة تصنيع أزمة نمو علاجية منضبطة لاستعادة بسط نبضة نمو سليمة لتصحيح مسار التطور الفردى.

وبعد

خطوات تطبيق:

بناء على هذه الفروض جميعا يتدرج التعامل مع العقاقير فى هذا العلاج على الوجه التالى:

1- يسمح لكل مريض من أول جلسة دون استثناء أن يتناول العقاقير التى كان يتناولها قبل بداية هذا العلاج دون زيادة أو نقصان أو تغيير، على أن يعاد النظر فى الجرعة بعد ذلك أولا بأول حسب المتغيرات التى ألمحنا إلى بعضهما وسوف نفصلها فيما بعد.

2- عادة لا يهمنا فى البداية إن كانت النتائج الإيجابية قد حدثت نتيجة لهذه العقاقير أو للعلاج الجمعى، فالذى يحدد ذلك هو “نوع النتائج” و”استمرار فاعلية النتيجة”، وليس مجرد النظرة المسطحة للنتائج، واختفاء الأعراض ومجالات المقارنة الإكلينيكية العامة مفتوحة: فعندنا – وعند غيرنا – من يأخذ هذه العقاقير دون هذا العلاج، ونحن نتتبع يومياً طبيعة نتائجهم” ومداها، ونوعها، بخبرتنا الإكلينيكية، دون خدعة ومزاعم الضبط الأعمى والمقارنات السطحية.

3- نتفاهم مع المريض عادة ومنذ البداية عن فكرتنا عن طريقة عمل هذه العقاقير بما فى ذلك التفسير التركيبى التطورى البيولوجى دون استعمال مصطلحات علمية، لكن بالإشارة إلى عملها الانتقائى على مستويات المخ المتصاعده، ويفهم أغلب المرضى ما نعنى توصيله عادة وتدريجيا، كما يستطيع بعض المرضى أن يقوموا بربط التغيرات الذاتية الخاصة والسلوكية الجارية فى المجموعة وخارجها بجرعة العقاقير المناسبة، ويناقش ذلك مع المعالج فى كثير من الأحيان.

4- بعد أن تصل هذه الرسائل بوضوح كاف، لا نعود للحديث النظرى عن طريقة عمل العقاقير من جانبنا وإنما نستجيب للتساؤلات حولها، علما بأن كل جلسة تنتهى (فجأة) بإعلان أنه: “آخر خمس دقائق للأسئلة والأدوية”، فإذا سأل أحدهم عن جرعته أو بعض الأعراض الجانبية تمت الإجابة وعمل اللازم.

5- يتعلم المريض حاجته للعقاقير وتناسبها مع طبيعة تفاعله بعد بضعة أسابيع من البداية، وعادة ما يصله أننا قد نستغنى عنها نهائيا إن آجلا أو عاجلا.

6- لاحظنا أن أغلب المرضى – حتى الفصاميين المزمنين – يمكنهم أن يستغنوا عن العقاقير تلقائياً مع تقدم العلاج وتطور مراحله.. دون أن يخل هذا بوظائفهم الفسيولوجية (النوم مثلا) أو النفسية، وقد يرجع البعض إليها تلقائياً لأيام أو أسابيع وبجرعة أقل، ثم يوقفها ثانية، وقد يخطرنا بذلك أو لا يخطرنا، ولكننا نتتبع آثار كل هذا طول الوقت.

7- تعلمنا من هذه الطريقة التلقائية أنه إذا سمح للنشاط القديم والأعمق للمخ بالتعبير، وقوبل بالتقبل من حيث المبدأ، وبدأت محاولات استيعابه فإن المريض لا يحتاج للعقار الذى يخمده، والعكس صحيح، وهذا التناوب مباشر ويومى ولا يحتاج لما يسمى فترة الكمون كما تزعم معظم الأبحاث.

8- لا نلجأ أبداً إلى (بل وننهى عن) تعاطى المنومات والمهدئات الخفيفة التى تعمل تسكينا على المستويات الأعلى من المخ.

9- فى بعض الأحيان يقل تعاطى المخدرات والكحول تلقائياً لمن كانوا يتعاطونها دون التركيز على منعها إلا فى الحالات المفرطة، إذ يبدو أن الحاجة إليها هى الأخرى تقل حتى ينقطع المريض عنها تماماً مع ازدياد التفاعلات واكتشاف الداخل والاعتراف به وتقبله، وللعلم، فلم يكن فى هذه المجموعة ولا مريض واحد يمكن أن يطلق عليه صفة “مدمن”.

10- مع استمرار المناقشات حول العقاقير (تحديدا فى الخمس دقائق الأخيرة المخصصة للأسئلة والأدوية)، يتم التواصل ونحن نحتكم إلى أبسط المحكات التى نحكم بها على الحاجة إلى العقاقير (وهى نفس المقاييس التى توصل إليها المرضى تلقائياً) وهى:

(أ) النوم (7 – 9 ساعات يومياً)، مع متابعة نوع النوم وجدواه عن بعد دون الدخول فى تفاصل الأحلام عادة.

(ب) الانتظام فى العمل اليومى العادى.

(جـ) التواصل المتكافىء مع المحيطين بأية درجة من تبادل التحمل والقدرة على الاستمرار.

فاذا استمر “التمام” على هذه المحكات من جانبنا وجانب المرضى، ترك الأمر لمقياس التناسب العكسى. بين نوع خاص من التفاعل فى المجموعة والجرعة، كما يلى:

11- لاحظنا أن مفعول العقاقير يتغير مع جلسات العلاج ومثال ذلك أن المريض الذى كان لا ينام إلا بجرعة 300 ملجرام لارجا كتيل أو ميليريل قد يكفيه بعد تفاعل ناجح مائة ملجرام أو أقل، ثم إنه مع التقدم فى العلاج قد لا يحتاج إلى هذه العقاقير أصلا.

12- لاحظنا أيضاً أن نوع التفاعل يساهم فى تحديد جرعة العقار، فالتفاعل الكامل المستوعب يتيح تناسقا داخلياً بين مستويات المخ، فلا يدع مجالا لعمل هذه المستويات مستقلا متنافراً فلا يحتاج المريض إلى عقار لتهدئته، وعلى النقيض من ذلك فإن التفاعل المبتور أو الناقص أو السطحى المزيف قد يحتاج لزيادة الجرعة لأن مثل هذه التفاعلات تضغط أكثر على النشاط الداخلى مما يثيره حتى يحتاج معه إلى تهدئة مناسبة.

13- أثناء إجراء هذا البحث بعد عدة أشهر، كان جميع المرضى قد توقفوا تماماً عن تعاطى العقاقير، تلقائياً وبالموافقة الضمنية من المعالج.

14- لم نلجأ فى هذه المجموعة عامة – وأثناء إجراء هذا البحث خاصة، إلى الجلسات الكهربائية، رغم ثقتنا فى هذا العلاج وإيماننا بسلامته وفاعليته وضرورته فى حينه ولغرض محدود ولفترة محدودة، إذا استُعمل من منطلق الإيقاع الحيوى، واستعادة التشكيل المنتظم(6)  ولكن فى هذه المجموعة، وبعد أن استتبت العلاقة العلاجية فضلنا معايشة الأعراض التى تظهر أولا بأول حتى ولو كانت ضلالات أو هلاوس فقد كنا نفضل أن نستوعبها فى المجموعة، باعتبار أنها نابعة من الجزء المتمم لوجود المريض، وأن هذا العلاج هو مواجهة هذا الجزء واستيعابه وليس تهميده وإخفائه.

ملاحظات ختامية وأخرى

بعد هذه الملاحظات الإكلينيكية العامة وانطلاقا من التنظير الموجز السابق حضرتنى هذه الملاحظات التالية وفضلت اثباتها:

1- إن مفعول العقاقير خاصة – والعلاجات العضوية عامة – هو عامل مساعد غالبا وضرورى أحياناً.. مع العلاج الجمعى.

2- إن الحاجة إلى العقاقير تمثل مرحلة محدودة فى بداية العلاج ثم تتضاءل الحاجة إليها مع تقدم العلاج.

3- إن العقاقير لا تستعمل كمسكن بديل، ولكنها تستعمل كمنظم لنشاط جزء معين ومستوى معين من مستويات المخ فى وقت يحتاج فيه هذا النشاط إلى التنظيم، حتى يأتى الوقت الذى يمكن استيعاب هذا النشاط الذى استقل فى الكل المفيد (كما ذكرنا).

4- إن هذه العقاقير وخاصة المهدئات العظيمة لا تحتاج لفترة كمون طويلة Latent Period كما أنها ليست ضرورية دائما لمدى طويل كما يوهمنا أصحاب شركات الأدوية، وكما جاء فى كثير من الأبحاث التقليدية.

5- إن مفعول جرعة العقار يتناسب مع درجة النشاط للمخ (المستوى) الذى يعمل عليه العقار انتقائيا، وبالتالى فالجرعة ترتبط مباشرة بتناسب، وتبادل، وتكافل عمل ونشاط، مستويات نشاط المخ أو على العكس بتنافر وتنافس وتصارع هذه المستويات كل ذلك مُقاسٌ بالمتابعة الإكلينيكية خاصة فى المجالات “العلاقاتية”.

6- إن الميزان الذى يصل إليه المريض بعد فترة من المحاولة والخطأ، وبعد توضيح الأمر له ابتداء، هو ميزان دقيق يمكن الاعتماد عليه فى هذا النوع من العلاج، وبالتالى فإن رأى المريض – بعد استتباب العلاقة مع المعالج أو المجموعة – يؤخذ فى الاعتبار بجدية كاملة.

7- إن مهمة الطبيب تشمل شرح وجهة نظره فى توقيت وجرعة العقار حتى ولو لم تمثل الحقيقة النهائية، والمريض – فى هذا العلاج – يساهم فى الحوار حول ضبط الجرعة من خلال ذلك، وهذا يؤكد اختياره الذى يشمل بذلك التدخل الكيميائى.

8- إن المستوى التطورى الذى يثبطه كل عقار (تلو الآخر) وكذلك المستوى التطورى الذى قد يطلق نشاطه كل عقار تلو الآخر، هو من أهم وأخطر المعلومات التى ينبغى أن يلم بها المعالج فى كل لحظة …، ولو على مستوى الفروض العاملة.

وبعد

 مع أن كل هذه المسائل والممارسات ما زالت فى منطقة الفروض وبالذات من حيث “طريقة الفاعلية Mode of Action”، فإن الفروض التى ننتمى إليها، والتى ترتبط بمفهوم النمو الذى تدور حوله حركية العلاج الجمعى فى إعادة تشكيل المخ، قد أثبتت صحتها جزئيا من واقع النتائج مما قد يأتى تفصيله مع عرض بعض الحالات لاحقا.

خاتمة:

ثم اختتم نشرة اليوم بشكلين آملا أن تتاح الفرصة من خلالهما، لمزيد من فهم غير المألوف الذى عرض فى هذه النشرة، وذلك بعد إعادتهما وشرحهما فى نشرات لاحقة مع عرض حالات ممثِّلة ما أمكن ذلك.

 11-3-2013_2

شكل (1) يبين هيراركية منظومات الوعى المتصاعدة والممثلة لأطوار النمو والكامنة وجاهزة للتنشيط التشكيلى أثناء الحلم والإبداع وأزمات النمو، والمعرَّضة فى نفس الوقت للنشاز، والتصادم والإمراض فى الأحوال المرضية غير الملائمة.

 11-3-2013_3

شكل (2) يحاول شرح فكرة تناسب مستوى عمل أى عقار انتقائيا على المخ المناسب حسب النتائج النوعية إكلينيكا، كما يظهر الشكل فى الجانب الأيسر ترتيب مراحل (مواقع) النمو حسب نظرية “العلاقة بالموضوع”، وهو الترتيب الذى تم تبنيه تطوريا ليتجاوز وصف تطور نوع العلاقة بالأم (الموضوع) إلى أصوله البيولوجية التطورية، وأيضا نفس الترتيب أمكن تطويره من خلال “النظرية التطورية الإيقاعية” Evolutonary Rhytmic Theopy ليصبح النموذج المتكرر فى أزمات النمو والإبداع والمرض مع اختلاف الناتج فى كل حال.

وكل هذا سوف نعود إليه تفصيلا.

ملحوظة للاعتذار:

آسف لأن بيانات الشكل بالإنجليزية فقط مرحليا

اعتذار آخر: لأن العقاقير المذكورة قديمة فعلا، إلا أنها هى التى كنت استعملها آنذاك، ومازلت استعمل المتاح منها حتى الآن، وأحتاج سنوات لأتعرف على العقاقير الجديدة الرخيصة ما أمكن ذلك.

 

 [1] – Louis Cozolino, Ph.D. The Neuroscience of psychotherapy 2002 w.w.Norton& company N.Y.

[2]- Norman Doidge, M.D.   The Brain that Changes It self 2007 Penguin Books.

[3] – كلمة موقع Position  تستعملها نظرية العلاقة بالموضوع بمعنى مرحلة من مراحل النمو، وبالرغم من أنها تستعمل كلمات مستقاة من المرض والإمراضية وهى الموقع الشيزيدى، والموقع البارانوى والموقع الاكتئابى Schicoid Position, Paranoid P., Depressive P. إلا أن ذلك لا يعنى أنها تصف مراحل مرضية وإنما هى مراحل نمو  تبدأ من الولادة، وما أضفته إليها من خلال “النظرية التطورية الإيقاعية”Evolutionary Rhythmic Theory هو أن هذا التلاحق يتكرر بنفس الترتيب فى كل أزمة نمو، وأيضا فى أزمات الإبداع، وبشكل مرضى (فاشل) فى أزمات المرض.

[4] – Growth Crisis

[5] – Basic Trust

[6] – معنى ذلك أننا قد نلجأ إلى الصدمات (واحدة أو أثنتين فى العادة) إذا لم تكن علاقة المريض قد استتبت بالمجموعة، أو كان بعيداً عن علاج الوسط الحامى، وكان التفاعل الذى انبعث نشطاً أعنف من قدرته فى بداية المواجهة، ويمكن الرجوع إلى استعمال هذا العلاج باعتباره “إعادة تشغيل” للمخ فى ظروف ملائمة حتى يصحح نفسه، تماما مثل الصدمة الكهربية للقلب أثناء جراحة القلب المفتوح أو مثل إعادة تشغيل حاسوب جيد ليعيد تصحيح نفسه مما أصابه من خلل مؤقت (انظر link).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *