حوار/بريد الجمعة
نشرة “الإنسان والتطور”
الجمعة: 30-12-2022
السنة السادسة عشر
العدد: 5599
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
الحمد لله من قبل ومن بعد
كتبنا عنه (أى بدلاً منه) لأننا كنا ننتظر عودته. أما وقد استعاده ربه وربنا، فلا أحد من حقه أن يكتب بدلاً منه اليوم. لكنه طلب منّا الاستمرار فيما بدأه، لقد دعانا أن يستمر الحوار بيننا حتى لو لم يحاورنا بنفسه، كما تمنى أن تستمر نشرته أيضاً ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً. اللهم وفقنا فى تحقيق ما كان يأمل، أو بعضه.
*****
د. محمد الدعوشى
المقتطف: المعلم: قلت لك أنا لا أفتح ولا أقفل، أنا أفسر واحترم ما يجري، فالى ان تزول امثال هذه المعتقدات رويدا رويدا بفضل نتائج الطب العلمية الأكثر فائدة لابد من فهم مايجرى والاستفادة من ايجابياته بالقدر الممكن، وخاصة اذا تذكرت أن احتياجات الناس للخدمات العلاجية أكبر بكثير جدا من قدرة البلاد النامية على الوفاء بها، وفى حالة اخفاق العلاج البلدى يلجأ المريض عادة الى الاستشارة الطبية.
التعليق: رحمة الله عليك يا ايها العالم الجليل
د. محمد الرخاوى:
ألف رحمة ونور.
*****
د. ماجدة عمارة
المقتطف: واحنا فى مجتمعنا والحمد لله بتنفع أغلبنا حكاية الدعاء والتسليم، الدعاء موجز فى “اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه”، والتسليم “قدَّرَ الله وماشاء فعل” وخد عندك ما لا تتصوره من رحمة ربنا الواسعة التى تحل بالمعالج والمتعالج فى كل مرحلة ومهما بلغت قسوة الظروف والآلام والمعاناة.
التعليق: صدقت ووفيت
د. محمد الرخاوى:
قدَّر الله وما شاء فعل.
د. محمد أحمد الرخاوى
عندما كان ابي في غيبوبة تامة بعد اصابته بسكتة دماغية نتيجة لجلطة شديدة في الشريان الاساسي للمخ وكان عمي يحبه حبا خاصا شديدا، وانا ايضا احببته كثيرا عندما وصلني المه وشفافيته (ابي). وكنت في مصر بالصدفة في ذلك الوقت حيث كنت اول من شاهد اثر هذه الجلطة عند فجر يوم عيد الفطر سنة ٢٠٠٨ .
دخل ابي الي المستشفي حيث مكث تقريبا حوالي ٣ اسابيع في غيبوبة تامة. كنت اذهب اليه يوميا والتقي مع عمي يحيي حين يزوره دون ان نتكلم مع ان كان هناك كثير من الحوار بيننا غير المنطوق. كنا نتألم ونفكر في ابي الراقد فاقد الوعي مع حضوره الشديد برغم غيبوبته الظاهرة.
دار بيننا حوار شديد العمق دون كلام عن ماذا في هذا الجانب الآخر من الوجود عند هذا الرجل المليء بالالم والحب (ابي). وبكينا دون ان نبكي. لم نبكي علي ما حل بابي ولكن عن روع هذا الوعي الكوني الحاضر امامنا.
التقيته (عمي) مرة في باحة مدخل المستشفي فاذا به يأخذ بيدي ليقبلها وآخذ بيده لاقبلها وبكينا ثانية كثيرا دون ان نبكي. علي مر سنين كثيرة طويلة كان يدور بيني وبينه حوارات كثيرة دون حوار.
وكنت علي يقين انني القاه في وساد من آفاق مطلق شديد الحضور معجز مزلزل . لا يتحمل روعه الا من دفع ثمن حتم الدخول فيه طلبا لمدد من مبدع الوجود.
بكيته (عمي) منفردا ليس لفراقه ولكن ليقيني انه سبقني الي هناك ثم افقت انه دفع ثمن هذا الكدح ورجوت من الله– عالم الغيب والشهادة– ان الحقه في هذا الوعي المطلق عيانا كي تتحول هذه الطاقة الهائلة من الالم- الشكر- الحمد– الي واقع اعلم انه يعيشه الآن .
فالحمد لله رب العالمين.
د. محمد الرخاوى:
صباح الخير يا محمد يا بن عمى. الحمد لله رب العالمين، دعنا إذن نستغل ساحة الحوار هذه، التي أنشأها ليتحاور ونتحاور…
أظننى أدرك ما تعنيه وتشير إليه من “الحوار دون حوار”، ولكننى أيضاً لمحت فيه ما تفرضه علينا اللغة التي في المتنازل من تشويه أو تحريف لنقاء الخبرة وكليتها. فالخبرة التي تحكيها يا بن عمى قد لا تحتاج لفظ “الحوار” لتقول عنها إنها “حوار دون حوار”، أو دون كلام. يوحى (لى) لفظ “الحوار” بأن ما فيه قابل للترجمة إلى ألفاظ أو كلمات، أو حروف (بلغة النفرى)، وأنا لا أظنها كانت خبرة قابلة لأى ترجمة “حروف” بدون “تحريف”. أظنها أقرب إلى “معيـّة مليئة بالمعنى/المعانى”، معية ماليئة بانتماء مشترك وحضور مشترك وإدراك مشترك، وربما في اتجاه مشترك،… دون ضروره لأن نسميها “حوار”.
*****
أ. سهر الشيخ
الله يرحمك ويغفرلك قلبي حزين لفراقك سيادة الاستاذ الدكتور يحيى يا رب الفردوس الاعلى من الجنة
د. محمد الرخاوى:
الحزن خطوة من خطوات، أو هكذا أظنه ينبغي أن يكون يا سهر، لو حق لى القول لقلت: لا تتركى الحزن في الخطوة التالية، خذيه معك إليها.
*****
د. ماجدة عمارة
المقتطف: ولكن الجميل هنا هو أن ما نُسى كانت المحن والتعاسة الزوجية ورقة الحال والكآبة….
التعليق: هو نسيها؟ والا تمزقت عنه بفعل كبرانه عليها ؟!
د. محمد الرخاوى:
يا د.ماجدة، يا د.ماجدة.. ولماذا نتعالى على ما تسببه لنا أحداث الجسد؟؟ بنعمها ومآسيها؟؟ فنجد أنفسنا نبحث لآثارها عن معانٍ وأغراض تناسبنا!!؟ مثل هذا الموقف قد يجعلنا نفسر أحداث الحياة كلها وكأنها – جميعاً – نتيجة كبراننا الهادف أو نتيجة نكوصنا عنه. ظنى أن هذا ظلم، لأنفسنا وللصدفة وللإرادات الخارجة عن إرادتنا، ظلم قد يمعنا من الرقص مع الآخرين، وربما به أيضاً من غرور العقل وتغوّله ما يجعلنا نتذكر كيف كافح يحيى الرخاوى ضد هذا التغوُّل ربما أكثر من أي مفكر آخر.
*****
د. ماجدة عمارة
أول جمعة بعد “نقلة وعيك فى أزمة نمو جديدة”، فى بلدنا بيقولوا “اللى خلف ماماتش”…ومولانا خلف كتيييييير قوى، ييلا بينا نكمل على بركة الله يا د. محمد، ويا كل خلف مولانا الرخاوى ….
د. محمد الرخاوى:
يا للا بينا.
د. ماجدة عمارة
المقتطف: من نشرة نقلة مع مولانا النفرى كتاب المخاطبات المخاطبة رقم (1)، يا عبد لولا صمودى ما صمدت، ولولا دوامى ما دمت.
د. أحمد عبدالله الشوربجى: لطالما تساءلت من أين جاء مولانا الرخاوى بفكرة الخلود والأبدية أو كلامه عن أن الموت هو مجرد نقلة فى رحلة التطور والوعي، وقد أكد لى هذا المعنى حين اتصل متفضلا يعزينى فى والدى رحمه الله ..، أقول .. ها هو مولانا النفرى يحدثنا عن دوام لا ينقطع .. يستمده العبد من دوام مولاه جل وعلا …، وأقول لمولانا الرخاوي: اصمد من أجلنا لندوم معا عبر رحلة الوعى فى ترحالات لا تتوقف ..ألف سلامة.
د. محمد الرخاوى: وها هو فى خطوة ترحال جديد الآن، وأنا وإن كنت لا أعرف أى نوع من الصمود يصدمه الآن، إلا أننى آمل وأتمنى أن ننجح فيما قلت: “أن ندوم معاً عبر رحلة الوعى”، أو بعضه
التعليق (على المقتطف السابق): أهلا يا د.أحمد …لا أظن أن مولانا كان يتحدث عن فكرة الخلود أو الأبدية، لكن ” على ما يبدو لى” أن رؤيته للموت كانت من خلال رؤيته للحياه، فحين كتبت إليه هنا فى البريد أحدثه عن ظنى فيما بينه وبين الحياة من عشق متبادل، أجابنى, هنا أيضا: “واحترام ومسئولية وأشياء أخرى”، إذن فالموت عنده كأنه إحدى نقلات الحياة، وهذه واحدة من تفاريد نظرية ” الإيقاع الحيوى التطورى” …إيقاع الأضداد : وعى الحلم وغير الحلم، وعى اليقظة والنوم، وعى الليل ووعى النهار، وعى الحياة ووعى الموت، هذا علمى ،ومولانا أعلم بما أبدع …
د. محمد الرخاوى:
الله رب الحى والميت، رب الوجود الحى وغير الحى، فإذا استطاع الحى أن يقترب منه في حياته، وألا يقتصر وجوده على أنانيته وعلى ذاته، فقد أوجد لنفسه مكاناً فيما هو أوسع وأرحب من حدود ذاته، أي من حدود حياته. هذا ظنى، والله أعلم بما خلق.
أ. دينا شوقى
نعزى حضراتكم ونعزي أنفسنا الناس العاديه التى كانت تجد حضرته انسانا بمعنى الكلمة وخير سند
د. محمد الرخاوى:
إذن؛ فليكن كلـُّـنا لكلـِّـنا سنداً يا دينا.
*****
د. ماجدة عمارة
المقتطف: براءةٌ سارقةٌ: من فطرتى عبيرها وبعثها
التعليق: أراك تستكمل إبداعك، أصبت اللغة فى مقتل حين قابلت بين البراءة والفطرة، نعم سنراجع ما فعلته كلٌ منهما بالأخرى.
د. محمد الرخاوى:
وهل أصاب اللغة في مقتل، أم أحياها؟؟
*****
د. محمود عبد الغنى
دعونا لا نتكلم عن الحرية،
ولكن عن قدرتك أن تنسلخ منكَ، إليكَ، بـهـمْ، “إليه”!
هل تستطيع؟
وقفت كتير قصاد الصعوبة وعلامة الاستفهام ولما اتشجعت وزقيتهم حبة حضرني كتابة قديمة ليا وقلت أشاركها يمكن أفهم ليه ويمكن تتحرك حاجة
يا خالقي من وعد
من نية
من لضمة محبة وخوف وقسوة وحنية
عضمي المكسر خاوي رصيف النوم
قلبي اليتيم آوى عيال بالكوم
صمتي الجبان سهاني وبكينا
حزني القعيد دوزنلي ورقصنا
سامحت سامحتك
وخجلت من كبري
وخجلت من غرضي
ليلاتي بندهلك
وندهي أليف
ليلاتي مش بنده
ندهي أونطة وزيف
يشبه..مايشبهشي
لاقيني السكة مش ضلمة
لاقيني العمر مش غلطة
رجلي سفر لوصول
رجلي بيوت عمرت
منيش مفتون
منيش مقموص
سلمتلك ومعايا مفتاحي
طلعني في سلمك أشبك وأتشابك
افتحلي أجيلك بيا وأبقى سايبني
افتحلي أجيلك بهم وأبقى سايبهم
سميني وامسح اسمي
دوبني
سامحت سامحني
وخجلت من كبري
وخجلت من غرضي
د. محمد الرخاوى:
شكراً د.محمود على المشاركة، التي وجدتـُها ليست أسهل من مقتطف الرخاوى نفسه، ومع ذلك فقد آنـَـسـَـتـْـنـِـى، وذكـّرتنى بما قاله لى ابنى “عمر” عن ابن عربى أنه قال: “هو لا هو”. شكراً.
د. ماجدة عمارة
المقتطف: الحركية الجدلية عبر النبض الحيوى هى مفتاح الحرية،
التعليق: لست أدرى لماذا يقلقنى لفظ مفتاح، لعلى أريدك أن تعيد النظر فيه يا مولانا،؟! أو لعلى أريد أن أضعه الآن بين قوسين، حتى أشاهد الحركة بنفسى وأختبر علاقتها بحريتى ؟؛ الإجابة صعبة
د. محمد الرخاوى:
أظنك لو علمت يا د.ماجدة حجم الصعوبة التي يواجهها يحيى الرخاوى بسبب عدم تفهم الكثيرين لمسألة “الحركية الجدلية عبر النبض الحيوى”؛ لكنت تسامحت كثيراً مع مجاز المفتاح الذى قد تتخاصم دلالاته الضمنية (كالامتلاك والتشييىء) مع الجدل الذى لا يمكن تثبيته لامتلاكه.
*****
د. محمد الدعوشى
أما بالنسبة لتفضيلى كتابة هذا العلم بلغتى الأصلية، فإنى قد أعلنت أسبابه منذ حين، حيث أنى أدركت يقينا أن أى عمل إبداعى أصيل، وخاصة فيما يتعلق بماهية الإنسان، لا يمكن أن يخرج منسابا متناسقا إلا بلغة الأم، حيث تمثل اللغة فى ارتباطها بجذور تكوين العقل البشرى أساسا جوهريا يحدد طبيعة التفكير وخاصة فى مجالنا هذا
رحمة الله عليك يا استاذ الجيل د. يحيي الرخاوي
د. محمد الرخاوى:
ألف رحمة ونور… وأيضاً: لغتنا جميلة.
*****
د. ماجدة عمارة
المقتطف: هل أنت يامولانا من هؤلاء الأولياء؟
وهل ما أفعله في حوارى معك هو نوع من الوقوف بينك وبينه؟
التعليق: اسمح لى أن أسألك نفس السؤال، وأن اجيب بنعم
د. محمد الرخاوى:
ذكرتنى بشادية وعبد الحليم حافظ: “مادام جاوبتى بتسألى ليه؟”
أ. مها شبل
سيظل ارشادك لي أمام عيني ما حييت وسأظل أدعو لك حتى يقبض الله روحي
معلمي نور وبركات لروحك الطيب
د. محمد الرخاوى:
آمين يارب العالمين.
أ. مها شبل
مازلنا عالقين في ثوب علمك الثري معلمي، رحمة الله عليك
د. محمد الرخاوى:
ولماذا تعلقين يا مها؟! العلم واسع، وعلم يحيى الرخاوى الثرى حوار، وأخذ وعطا، وجدل، مع العلم الواسع.
*****
2022-12-30
رحم الله د يحيى ومتعه بالجنة وقد كانت ومازالت رحلة كلها عطاء وإخلاص وصدق واحترام للآخر وستظل كل هذه باقية مادامت الحياة مستمرة ولكن نفتقد الونس وافضل مانقدمه له هو الدعاء وان نستمر معا