الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / من فقه العلاقات البشرية: (2) “هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟ (سبع لوحات) الفصل الأول: عن نمو الكلام وعلاقته بالمعنى واللغة (2)

من فقه العلاقات البشرية: (2) “هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟ (سبع لوحات) الفصل الأول: عن نمو الكلام وعلاقته بالمعنى واللغة (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 18-3-2023

السنة السادسة عشر

العدد: 5677

مقتطفات من: “فقه العلاقات البشرية”(2)[1] 

عبر ديوان “أغوار النفس”

الكتاب الثانى:

هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟ (سبع لوحات) (2)

الفصل الأول:

عن نمو الكلام وعلاقته بالمعنى واللغة (2)

انطلاقا من المتن:

من الواضح أن هذه البداية تشير إلى أمرين مما سبق شرحهما حالا فى البداية، فمن ناحية تعلن أن الاغتراب فى الكلام المنفصل لم يعد إلا أصواتا، وأن الجسد البشرى الأداة: أصبح نعشا، وأن الوجود الإنسانى المغترب أصبح موتا، فراحت الأصوات تخرج كأنها الكلام، وراح الكلام يخرج ليس إلا أصواتا رطانا (وربما هذه الأصوات شبه الجنائزية هى التى أوحت بتسمية القصائد: الجنازات)[2] .

مرّ ‏الهَوَا‏ ‏صفَّرْ‏، ‏سِمْعِنَا‏ ‏الّصُوتْ‏ ‏كإن‏ ‏النَّعْش‏ ‏بِيْطلّع‏  ‏كَلاَمْ‏:‏

‏”‏لأْ..، ‏لسّهْ‏..، ‏إسْكُتْ‏،.. ‏لَمْ‏ ‏حَصَلْ‏.‏،

‏سيِمَا‏ ..، ‏ياتَاكْسِى، .. ‏لسَّه‏ ‏كامْ‏ ‏؟‏”‏‏ ‏أىّ ‏كلام‏.‏

ألفاظْ ‏زينَهْ‏، ‏مَسْكيَنهْ،‏

بِتـْزَقْزَقْ‏، ‏وتـْصَوْصَوْ‏، ‏

           ‏.. ‏وِخَلاَصْ‏!!‏

ثم يتواصل المتن فى محاولة تفسير لماذا حدث ذلك قائلا:

اللفظ‏ ‏ماتْ‏ ‏مِنْ‏ ‏ركنِتُهْ‏.‏

من‏ ‏لعبة‏ ‏العسكرْ‏ ‏وطول‏ ‏تخبــيــَّته‏،‏

ظرف‏ ‏رصاصْ‏ ‏فاضِى ‏مصدِّى ‏فْ‏ ‏علبتـُـه‏.‏

لما‏ ‏القلم‏ ‏سنه‏ ‏اتقصفْ‏؛ ‏عملــته‏ ‏تلبيسهْ‏ ‏تــمــكـِّـن‏ ماسْكتهْ‏،‏

‏ ‏و‏اهِى ‏شخبطهْ. ‏

انطلاقا من المتن‏:

الكلام عضو حى من أعضاء الوجود الحيوى البشرى كما أشرنا، ومثلما يضمُرُ أى عضو نتيجة “عدم الاستعمال” المناسب، مثلما ضمرت فقرات ذيلنا وعضلاته لما توقّف أجدادنا عن التعلق بها فى الشجر، فإن أى عضو لا يُستعمل يضمر حتى يختفى أو يكاد، كذلك الكلام إن لم يـُـستعمل فى وظيفته الأصلية، غالبا نتيجة للقهر والقمع، يضمر أو يصبح غير ما هو، لأنه يخدم غير ما نشأ من أجله.

 حين يحال بين الإنسان وبين توظيف كلامه فى التعبير عن ذاته، وتوصيل فكره، والإسهام فى دعم إرادته، لاتخاذ قراره، وتشكيل إبداعه، ثم يطول هذا القهر والقمع، فإن كل ما يصدر من أصوات تشبه الكلام لا تكون كلاما نافعا، ويبقى الكلام الأصل كامنا بداخلنا دون تنشيط أو تدعيم، لأنه لم يعد له فائدة فى تحقيق الوجود أو دفع المسيرة على طريق النمو، هكذا يموت اللفظ فى ظلام القهر، يموت بالمنع، ثم يموت بالاستغناء:

“اللفظ‏ ‏ماتْ‏ ‏مِنْ‏ ‏ركنِتُهْ‏ من‏ ‏لعبة‏ ‏العسكرْ‏ ‏وطول‏ ‏تخبــيــَّته‏”

هكذا يصبح الرمز رمزا ليس إلى ما يشير إليه، وإنما إلى نفسه، وتتكاثف الرموز وتتكاثر وتـُزاحم بعضها بعضا، ‏حتى ‏تصبح‏ ‏عبئا‏ ‏على ‏الوجود‏، ‏مما يهييء‏ ‏للمرض‏ ‏النفسى ‏والاغتراب العقلى هربا من الاغتراب النمطى المفرغ من الوجود الحى‏، وبالتالى يصبح‏ ‏الوجود‏ ‏البشرى ‏هيكلا‏ ‏خاويا‏ (‏نعشا‏) ‏تتردد‏ ‏فيه‏ ‏أصوات‏ ‏لا تؤدى ‏وظيفتها‏ ‏سواء‏ ‏فى ‏إثراء‏ ‏الوجود،‏ ‏أو‏ فى ‏التواصل‏ ‏بين‏ ‏البشر، أو فى تشكيل الإبداع تصعيدا أو تجديدا.

 المتأمل‏ ‏فى الألفاظ‏ ‏اليومية‏ ‏المتبادلة‏ ‏بين‏ ‏الناس‏ ‏قد‏ ‏ينزعج‏ ‏من عدم‏ ‏ترابطها‏ ‏الأعمق‏، ‏أو‏ ‏من خلوها‏ ‏من‏ ‏المعنى الأصلى لها، ‏أو‏ ‏من خروجها‏ ‏من‏ ‏معناها‏ ‏الأصلى ‏إلى ‏معنى ‏آخر‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏نقيض‏ ‏الأول، خذ مثلا ‏من‏ ‏يستعمل‏ ‏ألفاظ‏: ‏السلام‏ (‏السلام‏ ‏عليكم‏)، ‏والخير‏ (‏صباح‏ ‏الخير‏) ‏وهو لا‏ ‏يعنى ‏بهما‏ ‏شيئا‏، لا من السلام ولا من الخير. ‏

هكذا تختفى المعانى التى كانت تحتويها الألفاظ، فيصبح اللفظ غطاء لإناء بلا محتوى، وبلا نبض يحافظ على جدته وحيويته.

“ظرف‏ ‏رصاصْ‏ ‏فاضِى ‏مصدِّى ‏فْ‏ ‏علبتـُـه”.

ومع ذلك، فلا يوجد بديل، هو هو نفس اللفظ، إذا امتلأ: هو الوسيلة الوحيدة – تقريبا – التى يمكن أن أكتب بها هذا الكلام، هو هو الأبجدية التى استعملها لأصفه هو نفسه بأنه:

“ظرف‏ ‏رصاصْ‏ ‏فاضِى ‏مصدِّى ‏فْ‏ ‏علبتـُـه”.

ليكن…، لكن مازال اللفظ موجودا مهما أفرغ أو صـَدَأَ  ومازلنا فى أمس الحاجة إليه، وعلينا أن نواصل بما تبقى منه، لعل وعسى..!

أليس هو (اللفظ، بجواره لفظ، ثم لفظ مضاف إليه لفظ …إلخ) الذى يمكننى الآن من مخاطبتك عزيزى القارئ، أليس هو الذى يعرِّى ما جرى له، أى ما جرى لى، أى ما جرى لك؟ أليس هو الذى جعل الشباب يرفضون ما آل إليه حال الكلام فاللغة، فاخترعوا لغتهم (اللغة الشبابية) بنفس الحروف، ولكن بتجديد مغامر، جعل كل السلطات تخاف منهم، وتدمغهم وترفضهم، وهم لم يفعلوا شيئا إلا إعلان أن كلامنا الجارى غالبا قد أصبح: “ظرف رصاص فاضى مصدى ف علبته”.

أقتطف من ديوانى “سر اللعبة” نفس النقد للاغتراب الكلامى الذى بدا لى أنه كان بالفصحى أسهل وصولا، أو على الأقل أخف لسعا من نار العامّية الملتهبة، مع أنه تكلم أيضا عن “الأحياء الموتى” قلت هناك:

والأحياء الموتى فى صخبٍ دائمْ

ويخيل للواحد منهم أن الآخر يسمعُهُ

والأخر لا تشغله إلا نفسهْ

أو موضوعٌ آخرْ

لكن الرد الجاهز، دوما جاهز:

– ما حال الدنيا؟

= الدفع تأخر

– هل نمتَ الليلةْ؟

= الأسهم زادتْ

– كم سعر الذهب اليوم؟

= المأتم بعد العصر؟!

“والكل يدِافعُ عن شىء لا يعرفـُهُ

بحماسٍ لا يهدأ أبدا،

التحليل النفسى (وما إليه!):

ثم ينتقل المتن الحالى إلى نقد العلاج النفسى الكلامى.

وبعد ذلك نرى كيف تدب الحياة فى الكلمات.

– 2 – ‏

واحدْ‏ ‏نايم‏ ‏مـِتْـصَلـْطَحْ‏، ‏وعْنيه‏ تتفرجْ‏:‏

على ‏رسم‏ ‏السقفِ

 ‏وْعَلَى ‏أفكارُو‏ ‏اللى ‏بتلفْ،‏ تْلِفْ‏، تْلِفْ‏،

‏  ‏     ‏وكلامْ ‏فى ‏كلامْ .. ‏هاتَكْ‏ ‏يا‏ ‏كَلاْم‏.. ‏يا‏ ‏حرامْ!!‏!!

والتانىِ ‏قاعِدْلِى ‏وَرَاه‏، ‏على ‏كرسِى ‏مـدَهَّبْ‏.‏

قلبه‏ ‏الأبيض‏ ‏طيّبْ‏. ‏وسَماعُهْ‏ ‏لَمْ‏ ‏يِـِتْـعيــِّبْ‏،‏

عمال‏ ‏بيفسَّرْ‏ ‏أحْلاَمْ

وصاحبْنا‏ ‏يرصّ‏ ‏فْ‏ ‏أوهامْ،‏

وعُقـدْ‏، ‏ومركَّب‏، ‏و‏”‏المكتوب‏”‏

و‏:‏ قدَرْ‏، ‏وحكاوِى، ‏وْصَفّ‏ ‏ذْنوب‏.‏

وأخينـَا‏ ‏شَفَايفُهْ‏ ‏قِفْل‏ ‏رْصاص‏،‏

وِوْدانُهْ‏ ‏يا‏ ‏خويا‏ ‏شريطْ‏ ‏حسَّاسْ‏.‏

يِسَمعْ‏ ‏حكاياتْ‏ .. ‏حكاياتْ،‏

وتمرّ‏ ‏ساعاتْ‏ ‏وساعاتْ،‏

‏ (‏ما‏ ‏أَظنّشْ ‏أَيوبْ ‏ماتْ‏).‏

‏”‏إٍشى ‏عدّى ‏البحر‏ ‏ولا‏ ‏اتْبَلـِّـش‏”؟؟

‏”‏قالـِّـك‏: ‏إٍلعجل‏ ‏فْ‏ ‏بطن‏ ‏امه‏”!!‏…!!

أرْزَاقْ‏ ..!‏!

وخلايق‏ ‏لابْسَه‏ ‏الوِشّ‏ ‏زْوَاقْ‏.‏

هل مات التحليل النفسى: فعلاً؟

أثناء تجوالى باحثا عثرت على حوار هام مع الاستاذ الدكتور جوناثان إنجل [3]  Jonathan Engel، وهو حاصل على دكتوراه فى تاريخ العلوم والطب من جامعة ييل Yale، وكان قد كتب كتابا مؤخرا 2008 عن العلاج النفسى الأمريكى بعنوان: American Psychotherapy: The Rise of Psychotherapy in the U.S.A.

أجرى الحوار جابرييل بيركنر Gabrielle Birkner، ونشر فى 18 فبراير سنة 2009، وقد رأيت أنْ أقتطف من هذا الحوار ما يبين كيف أن نقد التحليل النفسى قائم ومستمر وكثير منه موضوعى حتى عهد قريب جدا.

قبل أن أقتطف بعض فقرات الحوار، أريد أن أعترف أننى حين قرأت تعبير “العلاج الأمريكى”، ونهوض العلاج النفسى فى الولايات المتحدة الأمريكية، كنت أتصور أنه سوف يتكلم أكثر عن الثقافة الأمريكية المعاصرة، وعن تميزها بما أتاح ظهور علاج نفسى باسمها، لكننى لم أجد أيا من ذلك فى كل فهرس المحتويات، ولا فيما استطعت الحصول عليه من موجزات ومقتطفات (لم أحصل على الكتاب الأصلى كله بعد) – نبهنى ذلك أن ما يقوم به هذا العمل الحالى هنا ومثله من محاولات “تحديد علاج نفسى مصرى“، ثم “علاج نفسى عربى”، هو أمر مشروع، بل أمر مطلوب منا ولنا، ربما أكثر بكثير مما هو كذلك عند الأمريكيين.

سأل المحاوِر “برنكنر” الدكتور “جوناثان إنجل” عن كيف حصل على الدكتوراه فى فيينا، وحين كتب كتابا عن العلاج النفسى كتبه فى أمريكا عن أمريكا، وأعتقد أن مثل هذا السؤال وجوابه قد يهدى بعضنا إلى ما ينبغى فعله، فهو ينطبق أكثر فأكثر على كثير منا، المهم، سوف أقتطف من هذا الحوار ما قد يكفى لبيان هذا الرأى [4].

وفيما يلى مقتطفات من الحوار، أرى أنها قد تكفى شرحا لما أريد.

المحاور بيركنر: لقد ركزت فى كتابك السابق على السياسة الصحية عامة مثل الإيدز وغيره، فما الذى دعاك لتناول موضوع العلاج النفسى مؤخرا؟

جوناثان إنجل: لقد كانت أطروحتى أثناء دراستى الطب فى فيينا منذ نحو 25 عاما عن حركة التحليل النفسى، وعلاقتها بالمجتمع اليهودى، فى فيينا.

بيركنر: كيف أن أطروحة عن التحليل النفسى فى فينا تتطور إلى كتاب عن العلاج النفسى فى أمريكا؟

 إنجل: لقد لاحظت أننا نفتقر إلى كتاب يشرح لنا كيف أنه لا أحد الآن – تقريبا – من الأمريكيين يذهب للتحليل النفسى كما كان فى الماضى، بل دعنى أقول إن أحدا من الذين يذهبون لاستشارة الطبيب النفسى لا يفعل ذلك وهو يهدف إلى أن يعالج علاجا نفسيا على وجه التحديد، لا شك أن مفهوم العلاج النفسى مازال شائعا عند العامة، لكنه لم يعد من مهام الطبيب النفسى بالذات، أما ما يمارَس تحت اسم العلاج النفسى فهو ليس نابعا من، ولا محرَّكا بـ، ما هو “تحليل نفسى” بالذات.

بيركنر: هل ثـَمَّ مكان للتحليل النفسى حاليا فى مجال الطب النفسى؟

جوناثان إنجل: دعنى أقول لك شيئا هاما، إنك تسمع مثلا من يقول: “أنا أمارس من منطلق التحليل النفسى …….” “لكننى أفعل ذلك جنبا إلى جنب مع بعض مضادات الاكتئاب”، وهكذا، هذا كل ما هنالك…..

بيركنر: أرى أن أغلب الأطباء النفسيين هذه الأيام قد نـَحـُّوا جانبا فكرة التحليل النفسى، فهل فعلوا نفس الشىء مع ما يسمى العلاج النفسى؟

جوناثان إنجل: معظم الأطباء النفسيين يميلون إلى ممارسة نوع من العلاج النفسى، وكثير منهم تدرب على ذلك لفترة ما، لكنهم يكسبون أكثر حين يتعاملون بالعقاقير بلا شك.

بيركنر: ما هى المواصفات التى تجعل من المعالج معالجا كفءا

جوناثان إنجل: الذكاء والمواجدة (Empathy)[5]  فى إطار من الالتزام المهنى المنضبط، أنت تستطيع أن تجد كل ذلك وأنت تشرب قدحا من الجعة مع صديق، لكن أن تتواجد هذه الصفات الثلاثة هكذا بالتزام مسئول، فهذا أمر آخر.

بيركنر: لو أن التحليل النفسى كان بكل هذه اللافاعلية، فما الذى جعله يستمر كل هذه المدة؟ لماذا لم يختف تماما؟

جوناثان إنجل: كانت “التذكرة الفرويدية” هى أول التذاكر الواعدة بعرض جيد، بديلا عن ما كان ساريا فى الثلاثينيات، مثلا لو أنك سألت أحد الممارسين عن ما كان يمكن تقديمه للمرضى النفسيين آنذاك، لأجابك أنه كان قليلا جدا، فظهر التحليل النفسى فى هذه الآونة، فبدا وكأنه الدواء لكل الأمراض، صحيح أنه سار ببطء شديد، لكن بدا شيئا أفضل من لاشى.

بيركنر: لكن بعد ذلك ظهرت علاجات كثيرة، أسرع وأفضل نتائجا، فلماذا استمر التحليل النفسى بعدها، ومعها، بكل هذا التأثير؟

جوناثان إنجل: …. ليس هكذا تماما…. ثم إنه مع تزايد التنظيم، وبالنظر إلى الاعتبارات الاقتصادية، والنتائج المتواضعة التى أنجزها هذا النوع من العلاج، فإن هذ التأثير سوف ينحسر أكثر فأكثر باضطراد.

بيركنر: هل تعتقد أن ثـَمَّ أملا فى أن يستعيد التحليل النفسى منزلته فى وقت ما؟

جوناثان إنجل: لا ..، لقد مات.

مع أن هذا المقتطف لم يضف لى جديدا سواء إلى ما جاء فى المتن، أو فى الشرح القديم، أو حتى فيما أنوى تقديمه، إلا أننى اقتطفت منه هذا المقتطف الطويل نسبيا، لأبين من خلاله ما يلى:

1) إن النقد والمراجعة ليس قاصرا على أمثالنا ممن لم يمارسوا – غالبا – التحليل النفسى بالكثافة التى مورس بها فى بلد مثل أمريكا لعشرات السنين.

2) إذا كان هذا العالم الأستاذ فى تاريخ الطب عامة، يرى أن ثم علاجا يمكن أن يسمى العلاج الأمريكى، فأولى بنا أن نفكر فى ثقافتنا الشديدة الاختلاف عن ما يجرى هناك، وعن ما جرى تاريخا، أن نفكر فى تميزنا سلبا وإيجابا عن غيرنا وبالذات فيما يخص العلاج النفسى.

3) إن استمرار شيوع مفاهيم التحليل النفسى عند العامة على مستوى العالم، بما فى ذلك بلادنا، له أسباب ثقافية (إيجابية وسلبية)، لا تتعلق غالبا بفكرة الطب ولا بفكرة العلاج بوجه خاص.

4) إن المتن الشعرى الحالى الذى كتبته سنة 1974 بالعامية المصرية، قد تناول هذه القضية بإحاطة شاملة، وكان له نفس التوجه تقريبا، ولعل رد دكتور إنجل أن التحليل النفسى “مات” ولا سبيل إلى إحيائه يرتبط بشكل ما بما ننقده من أن ظاهرة التحليل النفسى الكلامى تحمل مخاطر اللاحراك، سواء بفرط الاجتهاد والتفسير اللفظى، أم بسوء استعماله لعقلنة حركية الوجود وتوقيفها فى المحل، وهو ما نعنيه بالموت هنا (ولعل هذا يشفع لى فى استعمال لفظ “جنازات” فى الطبعة المحدودة السابقة).

…………………

…………………

ونواصل الأسبوع القادم   

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى: (2018) كتاب “فقه العلاقات البشرية” (2) (عبر ديوان: “أغوار النفس”) “هل العلاج النفسى “مَكْـلـَمَة”؟ (سبع لوحات)”، الناشر: جمعية الطب النفسى التطورى – القاهرة.

[2] – وقد عدلت عن هذه التسمية فى هذا العمل وأبدلت بها لفظ “لوحات” شفقه بالقارئ وتخفيفا للجرعة.

[3] –  Jonathan Engel, Ph.D. Jonathan Engel has authored the 2008 book, American Psychotherapy: The Rise of Psychotherapy in the United States.

[4] – ملحوظة: للأمانة، فقد نشر هذا الحوار تحت عنوان “الجذور اليهودية للتحليل النفسى”، وأنا لست متحمسا كثيرا لهذا العنوان، ولم أتوقف طويلا عند الذى دار حول هذه المسألة فى الحوار، كما أننى  منذ أصدر الدكتور صبرى جرجس كتابه “التراث اليهودى الصيهونى والفكر والفرويدى اضواء على الأصول الصهيونية لفكر سيجموند فرويد”وأنا حذر من هذا التوجه حتى لو صح بعضه.

صَـبرى جرجس (التراث اليهودى الصيهونى والفكر والفرويدى: أضواء على الأصول الصهيونيه لفكر سيجموند فرويد) الناشر مكتبة عالم الكتب 1969- القاهرة.

[5] – هذه الترجمة نحتها الابن والزميل د. إيهاب الخراط، ترجمة لكلمة Empathy التى تعنى المشاركة الوجدانية وتتطلب درجة من التقمص والمواكبة معا، وبذلك هى تتميز عن كلمة Sympathy التى تعنى الشفقة أو الإشفاق.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *