الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف اضطرابات الإرادة (8) عودة إلى اضطرابات الإرادة (الاعتمال (؟) والاعتزام) (6)

ملف اضطرابات الإرادة (8) عودة إلى اضطرابات الإرادة (الاعتمال (؟) والاعتزام) (6)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 9-3-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2747

الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسيةالفصل الخامس:

ملف اضطرابات الإرادة (8)

عودة إلى اضطرابات الإرادة

(الاعتمال (؟) والاعتزام) (6)

مدخل عن صعوبة اتخاذ القرار بدءًا من الأسوياء (1)

استدراك:

بما أن الوصول إلى مرحلة الإرادة الكاملة قد بدا من خلال ما تقدم شديد الصعوبة، أو على الأقل هو نسبى مع فرض احتمال التقدم نحوه مع اضطراد النمو، (1) فقد وجدت من المناسب أن أعرض بعض مظاهر إعاقة الإرادة فى الحياة العامة العادية قبل أن ننتقل إلى مظاهر اضطرابات الإرادة المرضية، وفيما يلى بعض ذلك:

1- لاإرادة بالخُلف الدائم  (2) (اختيار الضد باستمررا):

هنا يتقلص وجود الشخص إلى ممارسة النفى طول الوقت، وهو يتصور أنه يختار، فى حين أنه لا يختار إلا عكس ما يرفض باستمرار دون اتخاذ أى قرارا مبدع جديد.  وهذا يمثل سلوك بعض المتحمسين العقائدين الذين يفتقر فكرهم إلى المرونة والنقد، ويتصف بهذا الموقف ذلك الشخص الذى يختار مذهبه  السياسى، أو موقفه الاجتماعى، أو حتى نوع تدينه من خلال ما يرفض، وليس من خلال ما يقبل، فهو يختار عكس ما يرفض داخله تماما بغض النظر عن محتوى هذا العكس، وهنا يصبح شعار “يحيا الثبات على المبدأ” هو بمثابة “يحيا الجمود ضد المبدأ المضاد”.

وقد يتمادى هذا السلوك حتى يصل إلى درجة مرضية وأحيانا يبدو أقرب إلى تكوين رد الفعل  Reaction Formation فيعمل الفرد عكس ما يعتمل بداخله، أو عكس ما يميل إلى فعله، كل ذلك على مستوى لا شعورى عادة.

2- لاإرادة بالتقمص الكامل:

هنا يصبح الوجود مجرد محاكاة لوجود آخر: سلفى أو ثورى أو اشتراكى أو أى مذهب يغوص فى أعماقه فيصبح هذا التقمص أقرب إلى “ميكانزم” يحميه من اختبار التغيير، ومن الاختلاف ومن التنافس ومن الحوار جميعا، وقد تصل درجة التقمص إلى ما يسمى “شخصية كأن” “As if” personality (3) بكل الأبعاد، وإن اختلف الشكل الظاهرى فى بعض التفاصيل.

3- لاإرادة بالاستسلام للوعى المُقْحَم:

أحيانا لا تكون المسألة مسألة تقمص، وإنما تكون استسلاما لوعى آخر من شخص طاٍغ له علاقة عاطفية حميمة جدا مع هذا المذعِنِ له طول الوقت، ويحدث هذا بعيدا عن الوعى الظاهر عادة، فيصبح “صوت سيده” لا أكثر ولا أقل.

4- لاإرادة بالعمى الكامل:

هنا يصبح الوجود مجرد ساتر سميك من الحيل الدفاعية الجاهزة طول الوقت، والمتبادلة فيما بينها، والخطر فى هذا النوع أنه قد يوهم صاحبه أنه يمارس الاختيار بشكل أكيد وواثق، فى حين أن ميكانزماته هى التى تحدد له اختياراته.

5- لاإرادة بتكرار “النَّص” (4)

(بفتح النون) وفى هذه الحالة ينعدم الاختيار نتيجة لتوقف النضج بسبب التثبيت على طريقة محددة متتابعة من السلوك الذى يتكرر باستمرار، مع اختلاف طول الشريط المسجل، وعادة ما يكون التكرار خوفا من الرؤية وأيضا خوفا من المغامرة بالتجديد، يدل هذا المسلك على الافتقار إلى كل من الإبداع والنقد، وخاصة النقد الذاتى.

واجب منزلى:

أثناء بحثى عن أشكال مساعدة لتفسير الموقف من العجز عن اتخاذ القرار – إذا بعمنا “جوجل” – يتحفنى بتشكيلات متنوعة شديدة الدلالة لم ترد فى المتن الذى كنت على وشك إكماله، فقررت التوقف، وأن أعرض هذه الأشكال للأصدقاء، حتى أعود إليها.

(تصورت أن الصور أكثر بلاغة، ما رأيكم إلى أن نلتقى؟)

 (1)

 9-3-2015_1

 

 (2)

9-3-2015_2

 (3) 

9-3-2015_3

  (4)

 9-3-2015_4

 (5)

9-3-2015_5

[1] – الارادة الكاملة – ولو نظريا- هى لله عز وجل وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وقد سبق أن أشرت إلى رعب واستحالة ذلك للبشر فى نشرة سابقة بتاريخ 22-2-2015 ملف اضطرابات الارادة (3) مستشهدا بشعر حول خبرة من يعايش احتمال أن يختبر بإعطائه قدرة “كن” قلت فيها:  “يا رعبها قوله”كْن“، لو‏ “كان”: ‏بــت‏ ‏بائسا‏، ….‏ لو‏ “كان‏” ‏طرتُ‏ ‏نورسا‏،‏……. ‏لو‏ ‏كان‏ ‏درت‏ ‏حول‏ ‏نفسى ‏عدما.

وبالتالى تظل الارادة الكاملا أملا أو هدفا للبشر لا يتحقق طالما نحن بشر!

[2] –  Negativism

[3] –  As if personality هى شخصية “كأن”، وقد وصفتها هيلين دويتش، وهى تكاد تصف الشخصية بلا معالم، شخصية شفافة الحدود، كأنها إناء شفاف يتلون بما يوضع فيه، وهنا يتلون بالمحيطين – دون وعى عادة – كما يمكن لمثل هذا الشخص أن يَبُزّ من قلّده فيما يتميز به، فهو مع الحشاشين حشاش، ومع السلفيين سلفى، دون أن يعلم بأن ذلك مقصود أو معيب.

[4] – Repetition of Script وقد ترجمت كلمة Script  إلى “نص”، ولست راضيا عنها إلا كمرحلة حتى أجد الكلمة الأفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *