الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)” الباب الأول: “غريزة‏ ‏الجنس”(من‏ ‏التكاثر‏ ‏إلى ‏التواصل)‏ ‏ الفصل الثانى :الجنس‏ “فى ذاته”: ‏لغة كاملة (2)

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)” الباب الأول: “غريزة‏ ‏الجنس”(من‏ ‏التكاثر‏ ‏إلى ‏التواصل)‏ ‏ الفصل الثانى :الجنس‏ “فى ذاته”: ‏لغة كاملة (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 13-8-2022

السنة الخامسة عشر

العدد:  5460

مقتطفات من كتاب: “الطب النفسى والغرائز (1)” [1] 

الباب الأول: “غريزة‏ ‏الجنس”(من‏ ‏التكاثر‏ ‏إلى ‏التواصل)‏ [2] 

الفصل الثانى

الجنس‏ “فى ذاته”: ‏لغة كاملة (2)

الكشف عن المستوى الأخفى للغة الجنس:

على أن لغة الجنس لا تقتصر على هذا الحوار الجاذب للطرفين، وإنما هى تتنوع وتتشكل حسب أبعاد متعددة ومختلفة من القرب والبعد، والقبول والتردد والرفض…الخ، وأورد‏ ‏فيما‏ ‏يلى ‏بعض‏ ‏الجمل‏ ‏الجنسية‏ ‏الجزئية‏ البادئة، ‏ ‏وإن‏ ‏بدت‏ ‏لأول‏ ‏وهلة‏ ‏بعيدة‏ ‏عن‏ ‏الهدف‏ ‏الإبداعى ‏التواصلى ‏للجنس‏، ‏فإنها‏ ‏جزء‏ ‏من‏ ‏الجدل‏ ‏الجنسى ‏حتى ‏تبدو خطوة‏ ‏نافعة‏، ‏شريطة‏ ‏ألا‏ ‏تحل‏ ‏محل‏ ‏الجملة‏ ‏الأكمل‏، ‏والولاف‏ ‏البعث، وهى جـَـمـَـلَ تمارس حوارات الوعى‏. ‏

‏ ‏مثلا‏: ‏

‏(1)  ‏أنا‏ ‏خائف‏ ‏أريد‏ ‏أن‏ ‏أرجع‏ ‏لرحم‏ ‏أمى

‏(2) ‏أنا‏ ‏خائفة‏ ‏أريد‏ ‏أن‏ ‏أحتمى ‏فى ‏ظل‏ ‏أبى

……..

……..

‏I-‏ هل‏ ‏تريدنى (‏أنت‏ ‏تريدنى): ‏إذن‏ ‏أنا‏ ‏موجود

‏II- ‏هل‏ ‏أرضيك‏؟ ‏(‏أنا‏ ‏أرضيك‏) ‏إذن‏ ‏ثمَّ‏ ‏من‏ ‏يحتاج‏ ‏وجودى: ‏إنّ‏ ‏لىِ ‏معنى.

‏ ‏هذه‏ ‏أمثلة‏ ‏لحضور‏ “‏الآخر‏” ‏فى ‏وعى ‏المشارك‏ ‏بدرجات وتشكيلات متنوعة وبقدر‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الجمل‏ تمثل اللغة ‏التى ‏يقولها‏ ‏الجنس‏ (دون‏ ‏ألفاظ‏ ‏طبعا‏ ودون لزوم الحضور فى بؤرة الوعى) ‏يمكننا‏ ‏إذا‏ ‏أحسنا‏ ‏الإنصات‏ ‏أن‏ ‏نستمع‏ ‏إلى ‏جمل‏ ‏أخرى بديلة ‏مغتربة‏، ‏ومجهـِـضة‏، ‏وهى ‏جمل‏ ‏بكل‏ ‏تجلياتها‏ ‏تمثل غالبية‏ ‏ما‏ ‏يمارَسُ‏ ‏من‏ ‏جنس‏ ‏اغترابى (‏عمره‏ ‏قصير‏ ‏عادة‏)، ‏ذلك‏ ‏لأنه‏ ‏مبنى ‏على ‏ما‏ ‏لا‏ ‏يحفظه‏ ‏أو‏ ‏يحافظ‏ ‏عليه‏، ‏لأنه‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏لم‏ تعد‏ ‏بنا‏ ‏حاجة‏ – تطوريا – ‏إلى ‏الجنس‏ ‏بهذه‏ ‏الصورة‏ ‏المتواترة‏ ‏للحفاظ‏ ‏على ‏النوع‏، ‏و‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏هو‏ ‏لم‏ ‏يَرْقَ‏ ‏ليقول‏ ‏الجمل ‏المفيدة‏ ‏للممارسة‏ الإبداعية  السوية، ‏فإنه‏ ‏يصبح‏ ‏فعلا‏ ‏ممارسة‏ ‏مغتربة‏، ‏قهرية‏ ‏أحيانا‏، ‏منفصلة‏ ‏عن‏ ‏الوجود‏ ‏الكلى، ‏عاجزة‏ ‏عن‏ ‏تحقيق‏ ‏وظيفتها‏ ‏الجديدة‏ ‏أصلا‏.، ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏يمكن‏ ‏رؤيته‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الموقف‏ ‏الأساسى ‏لهذا‏ ‏الجنس‏ ‏المغترب‏ ‏الذى ‏تبرره‏ ‏اللذة‏ ‏من‏ ‏ناحية‏، ‏و‏الذاتوية‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏أخرى، ‏وهو‏ ‏ينبنى ‏على: ‏نفى ‏الآخر‏ ‏من‏ ‏البداية‏ (‏فلا‏ ‏يعود‏ ‏إلا‏ ‏مسقطا‏ ‏لاحتياجات‏ ‏الذات‏ ‏ووسيلة‏ ‏لتحقيق‏ ‏اللذة‏ ‏الذاتوية‏‏‏ ‏الاغترابية‏ ‏التى يمكن أن تتحقق ‏دون اعتبار ‏للآخر)‏، ‏إذن‏: ‏ثمة‏ ‏لغة‏ ‏أخرى ‏يقولها‏ ‏الجنس‏، ‏وهى ‏وإن‏ ‏كانت‏ ‏ذاتية‏ ‏صرف‏، ‏فهى ‏لغة‏ ‏أيضا‏، ‏وقد‏ ‏وردت‏ ‏فى ‏الجزء‏ ‏الثانى ‏لشرح‏ “‏سوء‏ ‏استعمال‏ ‏الجنس‏” ‏لغير‏ ‏ما‏ ‏هو‏ (و‏لا حتى‏ ‏للتكاثر‏ ‏أو‏ ‏للتناسل‏)، ‏مثلا‏ ‏فى ‏صورة‏ ‏الآخر‏ ‏كمُذَبْذِبٍ‏ (‏للمرأة‏) ‏والأخرى‏ ‏كوسادة‏ ‏إستمنائية‏ (‏للرجل‏)‏

ومن بعض‏ ‏هذه‏ ‏الجمل‏ ‏الاغترابية غير المعلنة بالألفاظ:

‏(1)

‏أنا‏ ‏ألتذ‏، ‏بأن‏ ‏أستعملك‏ ‏منفيا‏ …….(‏فأبقى ‏كما‏ ‏أنا‏)‏

‏(2)

 ‏أنا‏ ‏أسيطر‏ ‏عليك‏ ‏حتى ‏لايبقى ‏غيرى ….(‏هذا‏ ‏أضمن‏)

(3)

‏أنا‏ ‏ألتهمُكَ‏ ‏فلا‏ ‏يبقى ‏منك‏ ‏شيء‏ ‏بعد‏ ‏تمتعى ‏بلذة‏ ‏التهامك‏…….. (‏فأرضى بما هو أنا ‏فى موقعى)‏

(4)

 أنا أحتاجُك حتى أشبع، على شرط أن أنساك تماما‏…..‏  (‏فلا‏ ‏يهددنى ‏التلاشى ‏فالبعث‏)‏

إلى ‏غير‏ ‏ذلك‏ ‏بالرغم من إعلان ما يشبه‏ كل مظاهر‏ ‏الحب‏ ‏والغرام.

وعلى ‏النقيض‏ ‏من‏ ‏احتمال‏ ‏ظهور‏ ‏الصعوبات‏ ‏الجنسية‏ ‏إذا‏ ‏وصلت‏ ‏لغة‏ ‏الجنس‏ ‏الصريحة ‏إلى ‏الوعى، ‏فإن‏ ‏الجنس‏ ‏الاغترابى ‏ينجح‏ ‏عادة‏، ‏ويستمر‏ ‏نجاحه‏ ‏كلما‏ ‏خَفِىَ ‏اغترابه!!‏

وبتعبير‏ ‏آخر‏:

إن‏ ‏الصعوبات‏ ‏الجنسية‏ ‏إنما‏ ‏تظهر‏ ‏وتشتد‏ ‏حين‏ ‏تكون‏ ‏اللغة‏ ‏الجنسية‏ ‏السليمة‏ ‏هى المطلوبة، وفى نفس الوقت غير موجودة.

أما‏ ‏إذا‏ ‏ألغى ‏احتمال‏ ‏التواصل‏ ‏أصلا‏، ‏وأصبح‏ ‏الجنس‏ ‏مغتربا‏ ‏ذاتويا‏‏، ‏فإن‏ ‏الممارسة‏ ‏الجنسية‏ ‏تبدو‏ مجرد ‏عادة مكررة‏، قادرة على أن تستمر ربما لخفض التوتر بأقل قدر من جدل التلاقى، دون إبداع‏.‏

وإليكم‏ ‏بعض‏ ‏الإيضاحات‏:‏

‏(1) ‏تظهر‏ ‏العنّه‏ ‏مثلا‏ ‏حين يهدد‏ ‏ “‏الموضوع‏” (الشريك) أن يكون “‏موضوعا‏” حقيقيا، ‏أو‏ ‏ملوّحا‏‏، ‏أو‏ ‏واعدا‏ ‏بذلك‏، ‏أو‏ ‏حين‏ ‏يشترط‏ ‏الشريك‏ ‏ذلك (ليس بإعلانه بالألفاظ عادة)‏، ‏وكأن‏ ‏العنة‏ ‏تقول‏:‏

أ‏- ‏إختلت‏ ‏إسقاطاتى، ‏فلم‏ ‏أعد‏ ‏أستطيع‏ ‏أن‏ ‏أستعملــُـك ‏”‏موضوعا‏ ‏حقيقياً!!‏” ‏ليس‏ ‏فى ‏مقدورى ‏أن‏ ‏أكذب‏.

‏أو لعلها‏ ‏تقول‏:‏

ب‏ – ‏إن‏ ‏لذتى ‏لا‏ ‏تتحقق‏ ‏إلا‏ ‏بأن‏ ‏أستعملك‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏أتعرف‏ ‏عليك‏.‏

‏(2) ‏وسرعة‏ ‏القذف قد‏ ‏تقول‏:‏

أ‏- ‏رجعت‏ ‏فى ‏كلامى، ‏لا‏ ‏أحتمـلكِ‏ ‏كأخرى‏، ‏لا‏ ‏أطيق‏ ‏الاستمرار‏، ‏نــُـنـْـهـِـهـَـا‏ ‏أحسن.

أو‏ ‏لعلها‏ ‏تقول‏: ‏

ب‏- ‏أخاف‏ ‏من‏ ‏التلاشى. ‏قد‏ ‏أموت‏ ‏بلا‏ ‏عودة‏، ‏يكفى ‏هذا‏.‏

أو‏ ‏ربما‏ ‏تقول‏: ‏

جـ‏- ‏خـِفـْتْ‏ ‏أن‏ ‏أدخل‏ ‏لا‏ ‏أخرج‏، ‏أو‏ ‏أن‏ ‏أخرج‏ ‏لا‏ ‏يُسمح‏ ‏لى ‏ثانية‏. ‏سلامْ.‏

‏ (3) ‏وقد‏ ‏تقول‏ ‏المرأة‏ ‏بالبرود‏ ‏الجنسى: ‏

أ‏- ‏أعرف‏ ‏كذبك‏ ‏ولا‏ ‏أريد‏ ‏أن‏ ‏أشارك فيه، ‏ ‏رغم‏ ‏البداية‏ ‏الخادعة‏ ‏معك‏ ‏

أو‏ ‏لعلها‏ ‏تقول‏: ‏

ب‏- ‏اكتشفت‏ ‏كذبى، ‏ولم‏ ‏أستطع‏ ‏أن‏ ‏اتمادى ‏فيه‏.

إعتراضات‏ ‏وردود‏: ‏

الاعتراض‏: ‏

‏ ‏الأغلب‏ ‏فى ‏الأبحاث‏ ‏الحديثة‏ ‏هو‏ ‏تفسير‏ ‏القصور‏ ‏الجنسى ‏عند‏ ‏الرجل‏ ‏خاصة‏ ‏بخـلل‏ ‏عضوى ‏فى ‏الأجهزة‏ ‏المنوطة‏ ‏بالانتصاب‏‏؟‏ ‏حتى ‏قيل‏ -‏ مؤخرا‏- ‏إن‏ ‏نسبة‏ ‏القصور‏ ‏الناتج‏ ‏عن‏ ‏أسباب‏ ‏عضوية‏ – ‏تصل‏ ‏إلى 80 % أو 90 % ‏من‏ ‏حالات‏ ‏العنّة (فشل الانتصاب)‏، ‏وهذا‏ ‏الزعم‏ ‏كان‏ ‏مقولة‏ ‏أطباء‏ ‏الذكورة‏ ‏والتناسلية‏ ‏قديما‏، ‏لكن‏ ‏الحديث‏ ‏هو‏ ‏أن‏ أغلب ‏الأطباء‏ ‏النفسيين‏ ‏أصبحوا‏ ‏يوافقون‏ ‏عليه‏، ‏ويرتاحون له، ربما تبريراً للصعوبات التى يلقونها فى مساعدة مرضاهم بالعلاج النفسى وحده لتصحيح علاقتهم بالجسد والجنس والآخر والحياة‏.‏

الرد‏: ‏

لقد‏ ‏تدهورت‏ ‏تفسيرات‏ ‏الأمراض‏ ‏النفسية‏ ‏عامة‏ ‏وأصبحت‏ ‏تُعزى ‏إلى ‏خلل‏ ‏كيميائى، أو خلل عضوى، ‏فى ‏المقام‏ ‏الأول‏ (‏والأخير‏ ‏أحيانا‏)، ‏وذلك‏ ‏حين‏ ‏عزف‏ ‏أطباء‏ ‏النفس‏ ‏عن‏ ‏أن‏ ‏يبذلوا‏ ‏الجهد‏ ‏لفهم‏ ‏لغة‏ ‏الجنس الطبيعى حتى يمكنهم أن‏ ‏ ‏يستعملوا‏ ‏العقاقير‏ ‏بشكل‏ ‏انتقائى ‏يؤكد‏ ‏إسهامها‏ ‏فى ‏قطع الحلقة المفرغة حتى يستعيد‏ ‏المريض‏ ‏قدرته‏ ‏على ‏استعمال‏ ‏كل‏ ‏مستويات‏ ‏وعيه‏ ‏فى ‏اتساق‏ ‏صحى.

ولنفس‏ ‏الأسباب‏ ‏التجارية‏ ‏والاستسهالية‏ ‏أصبح‏ ‏الأسهل‏ ‏على ‏الطبيب‏ ‏أن‏ ‏يفسر‏ ‏القصور‏ ‏الجنسى ‏بهذا‏ ‏الخلل العضوى البحت‏ ‏أو‏ ‏ذاك‏ ‏فى ‏أجهزة‏ ‏الأداء‏، ‏ناسيا‏ ‏أن‏ ‏المخ‏ ‏هو‏ ‏قائد المسيرة وهو العضو‏ ‏الأساسى ‏للوظيفة‏ ‏الجنسية‏. ‏

لا يمكن إنكار أن‏ ‏ثمَّ ‏خللا‏ ‏كيميائيا محتملا يمكن أن يوجد‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الاضطراب‏ ‏النفسى عامة، ‏ولكن‏ ‏هل‏ ‏هو‏ ‏خلل‏ ‏مُسَبِّب؟‏ ‏أم‏ ‏خلل‏ ‏مصاحِب؟‏ علما بأنه ‏لا يجوز إنكار‏ ‏أن‏ ‏ثمَّ‏ ‏عجزا‏ ‏وظيفيا‏ ‏محتملا قد يصيب‏ ‏الجهاز‏ ‏الطرفى ‏المسئول‏ ‏عن‏ ‏الانتصاب‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏حالات‏ ‏العنّة‏، ‏ولكن‏ ‏المهم هو البحث عن سبب‏ ‏هذا‏ ‏العجز: هل‏ ‏هو‏ ‏نتيجة‏ ‏لانصراف‏ ‏الدماغ؟ ‏أو‏ ‏إجهاض‏ ‏التواصل‏؟، ‏أو‏ ‏استمرار‏ ‏عدم‏ ‏الاستعمال‏؟، ‏أم‏ ‏أنه‏ ‏‏الخلل‏ ‏الأساسى ‏بغض‏ ‏النظر‏ ‏عن‏ ‏ماذا‏ ‏”يقول‏‏”؟‏ ‏

وكما‏ ‏أن‏ ‏العقاقير‏ ‏المضادة‏ ‏للذهان‏ ‏تثبـِّط‏ ‏المخ‏ ‏الأقدم‏، ‏وتسمح‏ ‏للمخ‏ ‏الأحدث‏ ‏أن‏ ‏يقود‏ ‏وبالتالى ‏يمكن‏ ‏ – بالعلاج المناسب – أن‏ ‏يتم‏ ‏تصالح‏ ‏تكاملى ‏‏ ‏بين‏ ‏المستويات (مستويات الوعى= الأمخاخ)‏، ‏فإن‏ ‏العقاقير‏ ‏المالئة‏ ‏للجهاز‏ ‏الجنسى ‏الطرفى ‏إنما‏ ‏تسمح‏ ‏للمخ‏ ‏الأعلى ‏إن‏ ‏شاء ‏أن‏ ‏يمارس‏ ‏مهمته‏ ‏الجنسية‏، ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏اغترابية‏، ‏أم‏ ‏تواصلية‏ ‏مبدعة‏، ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏فإن‏ ‏فضل‏ ‏الفياجرا‏ ‏- ولو كحل مؤقت – هو‏ ‏أنها‏ ‏تعمل‏ ‏بمثابة‏ ‏تأكيد‏ ‏ضمان‏ ‏كفاءة‏ ‏الجهاز‏ ‏الطرفى ‏بما‏ ‏يتيح‏ – ولو فيما بعد- ‏للجهاز‏ ‏المركزى ‏أن‏ ‏يستعمله‏ ‏كيف‏ ‏شاء‏ ‏متى ‏شاء‏.

ويظل‏ ‏الجنس‏ ‏لغة‏ ‏بعد‏ ‏كل‏ ‏هذا‏، ‏لأنه‏ ‏لو‏ ‏مورس‏ ‏الجنس‏ ‏بصفة مستمرة نتيجة‏ ‏هذا‏ ‏الضخ‏ ‏الطرفى المصنوع: ‏فإنه‏ ‏لا‏ ‏يؤدى ‏وظيفته‏ ‏التواصلية‏ ‏فهو‏ ‏يفشل – ولو بعد حين–‏ ‏فى ‏اختراق‏ ‏الحاجز الماثل بين الطرفين‏ ‏قسرا‏، ‏ لأن السلبية تظل سمة‏ ‏‏هذه‏ ‏الممارسة‏ ‏المصنوعة‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏عجزها عن تحقيق ‏تواصل‏ ‏وتكامل‏ ‏وبعث‏.

بل‏ ‏إن‏ ‏الخطر‏ ‏كل‏ ‏الخطر‏، ‏هو‏ ‏أن‏ ‏تساعد‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الحبوب‏ ‏على ‏اختزال‏ ‏دور‏ ‏الجنس‏ ‏من‏ ‏لغة‏ ‏للتواصل‏ ‏إلى ‏أداة‏ ‏للتفريغ‏ ‏واللذة‏ ‏وإزالة‏ ‏التوتر‏ ‏لا‏ ‏أكثر‏، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏الانتصاب‏ ‏الطبيعى ‏فى ‏حد‏ ‏ذاته‏ ‏يعلن‏ ‏أن‏ ‏المخ‏ ‏وافق‏ ‏على ‏الاقتراب‏، ‏فأرسل‏ ‏رسائله‏ ‏التى ‏أعلنها‏ ‏هذا‏ ‏النجاح‏ ‏الفسيولوجى ‏ممثلا‏ ‏فى ‏الانتصاب‏، ‏ومن‏ ‏جهة أخرى‏ ‏تتلقى ‏المرأة الرسالة‏، ‏حيث أن‏ ‏هذه‏ ‏العملية‏ ‏فى ‏ذاتها‏ ‏هى ‏إعلان لها‏ ‏أنها‏ ‏مرغوب‏ ‏فيها‏ ‏بدليل‏ (‏بأمارة‏) ‏هذا‏ ‏الانتصاب‏، ‏فإذا‏ ‏نحن‏ ‏فرحنا‏ ‏بتجاوز‏ ‏هذه‏ ‏الخطوة‏، ‏واستسهلنا‏ ‏استعمال‏ ‏الضخ‏ ‏الكيميائى (بالفياجرا‏ مثلا)، ‏فإن‏ ‏معنى ‏ذلك‏ ‏أننا‏ ‏نفرح‏ ‏بترديد‏ ‏صوت‏ ‏ببغائى ‏كأنه‏ ‏الكلام‏، ‏مع‏ ‏أنه‏ ‏خال‏ ‏من‏ ‏مضمون‏ ‏التواصل‏ ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏الإبقاء‏ ‏على ‏شكل الصوت (اللذة)‏.

إذن‏‏ ‏للفياجرا‏ ‏دورين‏ ‏نقيضين‏، ‏إما‏ ‏الاستعمال‏ ‏الإيجابى‏، ‏وهو‏ ‏الاستعمال‏ ‏المؤقت‏، ‏لكسر‏ ‏حلقة‏ ‏التردد‏ ‏المغلقة فاستعادة‏ ‏الثقة‏، ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏تعود‏ ‏اللغة‏ ‏السليمة‏ ‏تعبر‏ ‏عن‏ ‏القدرة‏ ‏والرغبة‏ ‏فالتواصل،‏ أو‏ ‏الاستعمال‏ ‏السلبى ‏حين‏ ‏يحل‏ ‏هذا‏ ‏التنشيط‏ الكيميائى الميكنى ‏(الميكانيكى) ‏محل‏ ‏الاختبار‏ ‏التواصلى ‏بصفة‏ ‏دائمة‏، ‏فيصبح‏ ‏الكيان‏ ‏البشرى ‏الذكرى ‏مجرد‏ ‏مُذَبّذِب‏ ‏مغترب‏ ‏لا‏ ‏أكثر،‏ ‏ويصبح الكيان الأنثوى وعاء للتفريغ يختلف موقفه حسب نشاط خياله‏، ‏وحسب العمر الافتراضى لهذا الاستعمال المصنوع، وهكذا نفقد‏ ‏فرصة‏ ‏الإنصات‏ ‏الواعى ‏والدال‏ ‏للغة‏ ‏الجنس‏ ‏أصلا.

………………..

 ………………..

 (ونواصل غدًا)

_______________________

[1] – يحيى الرخاوى،  كتاب “الطب النفسى والغرائز (1) “غريزة الجنس” (من التكاثر إلى التواصل) و“غريزة العدوان” (من التفكيك إلى الإبداع) منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2022) (تحت الطبع حاليا)

[2] – تحديث محدود لمحاضرة “الغريزة الجنسية”‏ ‏ألقيتها‏ ‏فى ‏منتدى ‏أبو‏ ‏شادى ‏الروبى (15/12/1998) ضمن نشاط محاضرات لجنة‏ ‏الثقافة‏ ‏العلمية: المجلس الأعلى للثقافة.

 

تعليق واحد

  1. غنائية مُتأخّرة لوَجــد ٍ قديم
    فَوْقَ أضلاعٍ نَـبيّة ْ
    كانَ يمشي ،
    كالمَساء ْ …
    الغَمامُ المُستَهامُ
    في يديهِ ،
    والغِـناء ْ ؛
    فَوْقَ قلب ٍ من جراحٍ وضياء ْ
    كانَ يمشي ، …..
    ……
    ….
    وعلى الصَـرحِ البعيد ْ
    غادةٌ بيضاء يغزوها الجليد ْ… ؛
    .. مِن سنا الفجر الموشّى. بالنـدى
    كان وَهجُ العِشْق ينمو ،
    والسماءْ ،
    تمسحُ الأهدابَ بالضوء البليـد ْ
    …..

    وسريعاً كان يعدو ،
    نحو فجرٍ قد رآهُ
    في مدى أُفْق بعيد ْ …
    وانحناءاتُ الطريق ،
    تأكُـلُ الخَـطوَ المرجّى باللقاء ْ
    تَنهَـشُ القلبَ المُعَنّى. بالنَقاء ْ
    ….. يا لأَشواكِ الدِمـاء !
    – ( يالِـوَجدي ، يارفيقة
    من خُطى الدرب البعيد ْ …..! )
    ……..
    ….
    ….. بين أحلام ٍ عتيقة ْ
    وجراحٍ ،
    نزفُها ، معنى الحقيقة ْ
    يحتَضر ْ!
    ذلك الملعون حُبّـاً
    يتوارى في صلاة الذَنب ذَنباً
    يرتجي بالذَنب رَبّـاً
    يمنحُ الأقدار دَرباً
    نحو قلب ٍفيه أنت ِ …!
    ….
    – ( يالِـوَجدي ، يارفيقة
    من خُطى الحُلْم البعيد ْ …..! )
    …..
    حَسبُكَ ألحُلمُ الغَباء ْ!
    أيّها المسكون بالجرح المُشَظّى ، والضياء ْ
    ها هنا الصرحُ البعيد ْ
    فيه يغزوكَ الجليد ْ
    بين أحلام ٍ عتيقة ْ، …
    فالعَشيقة ْ ،
    سافَرَتْ في الحُلم وَهْمَاً وانطفاء ْ
    فامسَح الأهدابَ من وَهج الرجاء ْ
    ما بقى في زحمة الماشين مَن يبغي الحقيقة ْ
    ….. إنَّما أنت َ الوحـيد ْ !
    ……
    ………
    ….
    قيلَ دَمعٌ ، راعشٍ ، من رائب الأحزان جاء ْ
    باحَ عن سِرٍّ غريـب ْ:
    في مدى صرحٍ بعيد ْ ،
    عندما يأتي المساء ْ
    تعتري الآفاق أنّاتٌ عميقة ْ:
    ……..
    – ( يالِـوَجدي ، يارفيقة ،
    ……………………….)
    ثمَّ يَغزوها البُكاء …..!
    …..
    ..
    .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *