الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / مقتطفات كتاب “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الباب الأول: “النظرية ومعالم الفروض الأساسية” (9)

مقتطفات كتاب “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” الباب الأول: “النظرية ومعالم الفروض الأساسية” (9)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 25-12-2021

السنة الخامسة عشر

العدد: 5229

مقتطفات كتاب  

“الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” (1)

الباب الأول: “النظرية ومعالم الفروض الأساسية” (9)  

مقدمة:

نواصل اليوم هذا النشر المتقطع من هذا الكتاب، لعله الأهم، وآمل أن تُقْرأ نشرة اليوم التى سنقدم فيها ما تيسر من الفصل الثالث.

      يحيى

 الفصل الثالث

 الخطوط العريضة للأفكار الأولى (2)

 1

 ……………….

………………..

العلاقة بالطبنفسى الإيقاعحيوى:

ما علاقة كل ذلك بالطبنفسى الإيقاعحيوى “التطورى”؟

حين خطر لى أن أراجع نشأة نظرية التطور وجدت نفسى أتقمص سَلْسَلَةَ تشارلز داروين لأصْـل الأنواع، ثم لأصـْـل الإنسان، فقدرت أنه قد خطر له أغلب ذلك من عمق حدسه الإيمانى (الذى أنكره شخصيا، كما أنهم وصفوه بعكسه) ثم قام بتفعيله بالبحث عن الأنواع وانفعالات الحيوان ووجدانات الأطفال حتى وجد ما وجد وافترض ما افترض .(2)

وحين خطر لى مثل ذلك أيضا بالنسبة لإرنست هيكل الذى راح يضيف إلى التسلسل إدراكه لنبضات الإيقاعحيوى المتكررة، وصلنى أنه استشعر القانون الحيوى (نظرية الاستعادة) بداخله أساساً، ثم راح يبحث فى علم الأجنة المقارن وعلوم الإنسان وكل ما يتعلق بهذه الاستعادة (النبض المتكرر) (3)

وقياسا: رأيت أن الطبيب النفسى الحقيقى عنده الفرصة أن يصله تاريخ الحياة كله وهو يمارس عمله إذا تنشــّـط وعيه المبدع فشارك وعى مرضاه الذهانين خاصة، حيث يقوم الذهانى – برغم فشله – باستعادة تاريخ الحياة وتعريته حتى يصبح فى متناول الوعى المشارك المعالج، حتى لو استمر هو فى فشله إن لم نلحقه بجدل علاجى نمائىّ مثابــِر.

إذن: فى مجال المرض: يتم ذلك غالبا دون لجوء الطبيب بشكل مباشر إلى لغة التطور، لكن الوعى البينشخصى ثم الوعى الجمعى فى العلاج الجمعى وعلاج الوسط مثلا: تتواصل مع بعضها البعض على اختلاف نشاطاتها، دون حاجة إلى اللجوء إلى رطان نظرى لغوى رمزى داعم.

إن مهمة الطبيب المشارك هو أن يستثمر هذا التنشيط المرضى الذى ضلّ الطريق عشوائيا، ثم يعمل على أن يستعيد المريض قدراته البقائية – بكل الوسائل الفنية والعلمية والإبداعية – من خلال إبداع وتنشيط حركية الوعى البينشخصى فالوعى الجمعى، لاستعادة سلامة وتوجه الإيقاعحيوى إلى مساره الطبيعى، ومن ثم استثمار قوانين التطور فى طريقها السليم، فينقلب التنشيط المرضى العشوائى إلى إبداع متجدد غائى.

وبعد

كل هذا لا يحتاج إلى تنظير معقد بقدر ما يحتاج إلى استيعاب نابض مبدع ومواصلة التحقق بالممارسة على أرض الواقع، وهذا ما نأمل أن نجتهد فى توصيل بعض آلياته ومناهجه تدريجيا.

تذكرة

نكرر أن الطبنفسى الإيقاعحيوى يبدأ من قراءة نشاز أو انحراف مسارات التطور المنطوقة أو الحاضرة فى تركيب النفمسراضية  فى المريض (الذهانى خاصة) فى أعراضه ونبضه وكسرته، وانحرافه، ثم بعد ذلك يستلهم أقل عدد من مستويات الوعى (الأمخاخ) المتاحة حتى يمكن التفاعل معها ممثـّلة للمراحل النمائية والتطورية بدءا بتلك التى  رصدتها ونظّرتها مدرسة “العلاقة بالموضوع” من حيث المبدأ، دون ضرورة التسليم بأصل نشأتها أو ديناميات حركيتها كما قالت بها هذه المدرسة: وقد اكتفيتُ منها بالثلاث مواقع الرئيسية التى يمكن أن تدلنا على أهم تشكيلات العلاقات فى مراحل النمو الفردى، وهو ما قابلته بدورى مع ما يتناسب من مراحل التطور التاريخية الفيلوجينية وليس فقط مراحل تاريخ نمو الطفل وعلاقته بأمه، وأكتفى اليوم بذكر أسماء تلك “المواقع” (علماً بأن أن نظرية الطبنفسى الإيقاعحيوى قد نسختها وأسمـَـتهاالأطوار بدلا من “المواقع” للتنبيه أنها أطوار تتكرر وتستعاد وليست مواقع تثبيت  تغرى بالتراجع فحسب.

معنى وأهمية  النقلة من “الموضع” إلى “الطور”

أولاً: الموضع الشيزيدى  Schizoid Position وما يقابله تطوريا أحياء تـُـواصل وجودها بالانقسام والاكتفاء الذاتي، (وهو ما صار بعد تطويرى بلغة النظرية الايقاعحيوية صار:: الطور – أو المخ البدائى وليس”الموقع”):

ثانياً:الموقع البارنوى Paranoid Position وما يقابله من علاقات “الكرّ”و”الفر”، (وهو ما صار في هذه  النظرية الإيقاعية: الطور–أوالمخ- القتالى أو المخ الكرّفرّى

ثالثاً: الموقع العلاقاتى الاجتماعى الاكتئابى Depressive Position وما يمثله من العلاقات البشرية الجدلية المتعددة المستويات. (وهو ما يقدم فى النظرية المقدمة حاليا: باسم: الطور/المخ الاكتئابي العلاقاتى الاجتماعى العسر  Social Relating Depressive Dysphoric Brain

ملحوظة: إن التغيير الذى أوردته من “الموقع” إلى الطور قد جاءنى بعد أن تأكـَـدتْ لدىّ لغة دوام النبض والاستعادة، فأصبحت أسمْى هذه المواقع بأسماء الطور الشيزيدى، ثم الطور البارنوى، ثم الطور الاكتئابى بشقـَّـيه (العلاقاتى والمتعسر)، ثم تطورت التسمية بعد ذلك إلى “المخ” البدائى، ثم المخ القتالى الكرفرّى، ثم المخ الاجتماعى الجدلى الإبداعى مع التأكيد على التبادل الإيقاعي المستمر، وبأقرب لغة إلى النيوروبيولوجى. (أنظر هذا الشكل مؤقتا)

 Screenshot (44)

 أكتفيت بهذا القدر الموجز اليوم آملا أن يعيد قراءاته أكثر من مرة نظراً لشعورى بغرابة ما يحتوى برغم أنه يمثل نقلة جوهرية في تنظيرى وتطويرى لمراحل التطور فالنمو.

………….

…………

(ونكمل غدًا) مقتطف من “مقال باكر متعلق”

 

[1] – انتهيت من مراجعة أصول “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” وهو من ثلاث أبواب: وسوف نواصل النشر البطىء آملا في حوار، منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2021) (تحت الطبع)

[2] – يحيى الرخاوى: نشرة “الإنسان والتطور اليومية” بتاريخ 4/8/2014 (“تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى” وليس من “ديله”) www.rakhawy.net  

[3] – حتى اضطر إن يضيف من عنده حلقة مفقودة فى مسار الأجنة المقارن، وقد اعترف بذلك دون أن يتصور يزيـّـف كما اتهموه!! ، وإنما لعله قد طبق مبدأ العنصر الناقص فى جدول مندليف، الذى يقول: لو رتبت العناصر طبقا لوزنها الذرى فإن خصائصها تتكرر دوريا.

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

2 تعليقان

  1. مولانا الحكيم ألتمس السماح و العذر منك فربما لا يكون تعليقي مناسب و لائق لهذه الجرعة العلمية المنهجية الدقيقة و لكني اتجرأ استنادا على محاولة التواصل مع هذا الطرح بوعي بينشخصي لأجد وعيي يذهب إلى رؤية هذا الارتداد و النكوص المعيق للتطور بما يمثل تهديدا بالانقراض و الفناء فكما تتضح هذه الأطوار فى الفرد أراها تتضح أيضا فى المجتمعات ككل فمثلا هناك مجتمعات تقف عند الطور البدائي متمثلة فى قبائل أنغلقت على نفسها فتلاشت
    و مجتمعات توقفت عند طور الكر و الفر مثل الدول التى سميت امبراطوريات ثم سقطت و أنتهت و هكذا
    و كأن العجز عن تطور الأطوار النمائية لا يمثل تهديدا للفرد فقط بل يهدد للدول و المجتمعات فتسقط و تنتهي فى مقابل دول و مجتمعات أخرى مستمرة لم يقف نمو اطوارها
    ثم وجدتني اتسأل هل هذا أيضا يفسر تفاوت أعمار الناس بما يعلمه الله من قدرة كل فرد على التطور بما يمد فى عمره أو نفاذ تلك القدرة بما يؤذن بوفاة أجله ؟

    اسأل الله لك مولانا الحكيم المزيد من كل ارتقاء يقتدي و ينتفع به البلاد و العباد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *