الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قصة قصيرة: حقيقة ما حدث…..

قصة قصيرة: حقيقة ما حدث…..

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 19-11-2014    

السنة الثامنة

العدد: 2637

                     قصة قصيرة:

حقيقة ما حدث…..

-1-

.. قالت “تماضر” إنها تعرف  “ما حدث” بالتفصيل، وإن كانت لا تريد، ولا ترضى، أن تتحدث فيه؛ لأنها لا تقبل أن يتحدث أحد عنها شخصياً بمثل ذلك، خاصة فى غيبتها، وبالتالى، فهى لن تتحدث عما حدث. ثم راحت تحكى وتحكى وتحكى، وكأنها لا تحكى كل شىء بالتفصيل الممل، وكانت على يقين من أنها لم تخالف تحفظها المبدئى…

وأكملت.

-2-

 فانبرت “إقبال” تبرر “ما حدث” مؤكدة أنها لم تكن تعرف، ولم تكن تتعمّد أن تعرف، وأنها لم تدركه بحجمه الحقيقى، إلا بعد زمن طويل جداً. جداً. وحتى الآن، هى لم تـُــلِـم بكل أبعاده، ثم إنها حين أدركت حقيقة ما جرى، وبعد الدهشة الأولى، علمت يقينا أنه لم يحدث من أصله، أو على الأقل لم يحدث كما صّوروه أو تصوروه .

وصمتت.

-3-

 أما “اعتماد” فإنها لم تبال أصلا بما حدث، وقالت إن المهم هو ما يحدث، لا ما حدث. وقالت إنها تفضل أن يحدث الآن، إن كان لا بد أن يحدث، وإنها خائفة، وإنها تشعر بقشعريرة غير مناسبة، وإنها فى أشد الحاجة إلى ألا تكون وحيدة، وأن تعيش لحظتها هذه بوعى متفجر وطازج، وقالت إنها أخيراً تشعر أنها تستطيع. صحيح أن ما يحدث الآن، ما يمكن أن يحدث الآن، لا يختلف كثيراً أو قليلاً عما حدث، لكنها تستطيع.

ثم تراجعتْ.

-4-

 أخذت تماضر ترسم مثلثـّا بسبابتها على الأرض، ووضعت فى وسطه نقطة غير ظاهرة، فنهرتها إقبال. وتذكرت – بدورها – كيف أصيبت بالهلع حين وقعت قدمها أثناء ذهابها إلى المدرسة الابتدائية، على الشق الفاصل بين بلاط رصيف الشارع، وكانت حريصة طول الوقت، طول العام، ألا يحدث هذا مرة ثانية أبداً.

 وكانت اعتماد – فى اللحظة ذاتها – تأخذ شهيقا طويلاً هادئاً، وكأنها ترتشف شرابا شهياً. وطال الشهيق ناعماً عميقاً، حتى كادت تطير من على الأرض بلا أجنحة.

فابتسمت تماضر راضية .

-5-

 وحين عادت “أم محمد” من مهمة التسوّق المحدودة التى قد كلَّفْنَهَا بها، وجدتهن فى هذه الحالة من النشوة والبلبلة والندم والأمل، فلم تذكر لهن ما رأته فى الجمعية التى كانت استهلاكية، مع أنها كانت فى أشد الحاجة لأن تقوله لأى أحد.

نظرت “أم محمد” إليهن مجتمعات يتهامسن بصوت عال، ثم  نظرت إلى كل واحدة على حدة،  وقدّرت أنه لا لزوم لأى  كلام، مادامت الحال كذلك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *