الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (177) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (177) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  20 – 11 – 2014

السنة الثامنة

العدد: 2638

 mahfouz 2

ص 177 من الكراسة الأولى

 20-11-2014بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
اجتمعوا على سبيل ليناقشوا المسألة من كافة وجوهها، وانبرى
رجل من الجماعة قاذفا بأقبح التهم
وجوه الأبرياء، فوقع التلاحم المقصود وسيقوا جميعا إلى القسم، وحرر محضر
بالحادث، ولكن انتهى الأمر بالقبض على الابرياء لحين تقديمهم إلى النيابة،
وتجمهر ناس فقذفوا القسم بالطوب،
وخطب رجل بينهم  بحاجة الناس
إلى الثورة.
                نجيب محفوظ
                         6/8/1995
(لم يثبت التاريخ بخط يده       …  فاستنتجته من الصفحة السابقة)

 

  القراءة:

يبدو أننى لم يجانبنى الصواب كثيرا الأسبوع الماضى (صفحة 176) حين افترضت أن شيخنا بدأ يتحسس الطريق إلى العودة إلى اتحافنا بإبداعاته التى ظهرت بعد ذلك فى صورة “أحلام فترة النقاهة”. هذه الصفحة التالية (صحفة 177) تدعم هذا الفرض لكن لا ضمان لما يأتى بعد ذلك فى الصفحات الباقية.

عموما: واحدة واحدة:

هذا جنين آخر يتميز بما تميز به جنين الخميس الماضى، فلا فقرات، إلا نثرات سيقان وأذرع الجنين فى بطن أمه بدءًا من الشهر الخامس، وحروف العطف جاهزة والتسلسل وارد، لكنه ليس تسلسلا خطيا مثل كتابة مقال، و”التيمة” واحدة متصلة (تقريبا) بعد المقدمة المألوفة بالبسملة واسمه واسم كريمتيه.

عانيت من محاولة  قراءة هذه الصفحة البالغة الصعوبة الباهتة الحضور خصوصا فى الأسطر الأخيرة مما اضطرنى للتحايل على برنامج “الفوتوشوف” ليظهر ما أمكن من كلماتها، فكانت النتيجة هى ما تشاهدونه فى الصورة من بقع متناثرة سوداء ليس لشيخنا ذنب فيها، لكن لولا هذا التحايل لما أمكننى أن أقرأ ما قرأت مع التقريب الشديد بالنسبة لآخر السطور بالذات.

وهاكم القصة/ مشروع القصة، جنين القصة الجديدة، بعد تغيير شكلها كما وصلتنى متماسكة

اجتمعوا على سبيل ليناقشوا المسألة من كافة وجوهها، وانبرى رجل من الجماعة قاذفا بأقبح التهم وجوه الأبرياء، فوقع التلاحم المقصود وسيقوا جميعا إلى القسم، وحرر محضر بالحادث، ولكن انتهى الأمر بالقبض على الابرياء لحين تقديمهم إلى النيابة، وتجمهر ناس فقذفوا القسم بالطوب، وخطب رجل بينهم  بحاجة الناس  إلى الثورة.

نجيب محفوظ

6/8/1995

قراءة النص:

لم نعرف أية مسألة اجتمعوا عليها (كنا بعدُ فى أغسطس 1995)، لكنهم اجتمعوا على طريق النقاش ليفحصوا المسألة من كافة وجوهها!!! يا ترى أية مسألة؟ مسألة مصر؟ أم مسألة الديمقراطية؟ أم مسألة كارثة التعليم؟ أم مسألة تسطيح الإعلام؟ أم مسألة التوريث (مرة أخرى كنا سنة 1995) أم مسألة زواج المال بالسلطة، المهم أنها المسألة، وأن لها وجوه كثيرة تحتاج للفحص كلها (من كافة وجوهها).

لم يتناقشوا أصلا لأن رجلا من “الجماعة” انبرى قاذفا بأقبح التهم وجوه الأبرياء، لم تكن كلمة الجماعة فى ذلك الحين تشير إلى “الإخوان” بالذات، ولم يكن “مسلسل الجماعة” قد ظهر أصلا فى التليفزيون، لكن شيخنا استعمل كلمة “الجماعة” التى صارت بعد ذلك تكاد لا تعنى إلا الإخوان، وبرغم أن من حاول اغتياله كان على الأرجح من هذه الجماعة، إلا أننى – والشهادة لله- لم أسمع منه شجبا غير مشروط، ولا رفضا مطلقا لهذه الجماعة التى انكشفت أكثر فأكثر بعد رحيله – بل إنه كان لا يذكر سيد قطب إلا كناقد أدبى شجعه فى أول رحلته، وكان يدعو حتى للجانى الذى حاول قتله بالهداية والرحمة والمغفرة، هذا الرجل من الجماعة قذف بأقبح التهم، قذف من؟ لم يقذف خصومه أو مخالفيه، وإنما قذف الأبرياء، هكذا خبط عشواء، وبديهى أن يقع تلاحم ما، لكن لم نتبين أيضا إن كان هذا التلاحم بين الأبرياء المجروحين وأصحاب القذف القبيح، أم بين المدافعين عن الأبرياء وبقية الجماعة، وكما يعرف وعى محفوظ يقفز منه التزامه ليعرى الظلم ويقف فى صف الأبرياء (المجنى عليهم)، فيصدمنا بأن هؤلاء الأبرياء هم الذين قدموا للنيابة وليس المعتدين الذين قاموا بالقذف، فتتحيز الجماهير ضد الظلم ويقذفون القسم بالطوب (ومازلنا سنة 1995) ويعلن محفوظ بدايه معالم الغضب الذى تفجّر بعد عشر سنوات من تراكم الظلم وعماء السلطة.

إن تعبير “الحاجة إلى الثورة” غير تعبير “التحريض على الثورة” غير تعبير “التمهيد للثورة”، الثورة فى تاريخ الأمم هى حاجة من الحاجات الأساسية مثل الحاجة إلى الطعام والحاجة إلى الشرب والحاجة إلى التزاوج، وحين يحين الحين لاشباع هذه الحاجة يتم تفعيلها لإروائها، لكن علينا أن نتذكر أن الحاجة تعلن نقصا لما يحتاج أن يُـشْـبع، لكنها تظل لا تمثل هدفا أساسيا أو نهائيا، فالحاجة للطعام أو الشراب، حين تُشبع إنما تحقق مستوى الضرورة، ليواصل الكيان الحى استمرار حياته لتحقيق إنسانيته ودفع نموه، فالطعام أو الشراب ليس هدفا فى ذاته برغم أن إرواء الحاجة إلى هذا وذاك لابد أن يتم ليتحقق مستوى الضرورة فننتقل إلى مستوى الحريه، فهل يا ترى استعمال شيخنا لهذا التعبير يمكن أن تقرأه باعتباره تذكرة أن ما يسمى الثورة التى قد تبدأ بالجمهرة وقذف الحجارة بل حتى نزع السلطة ليست هدفا فى ذاتها وإنما هى وسيله لنقلة نوعية على طريق إعادة بناء الدولة، ومن ثم دفع عجلة الحضارة والتطور.

هكذا ترى تلقائية حدس إبداع شيخنا حتى فى مرحلة “التسخين”، وهى تنبىء بما جرى بعد عشر سنوات، فكان مثل “الناضورجى” أعلى السفينة يرصد الخطر القادم بعيد فيحرك الحاجة إلى الدفاع أو الهجوم (الثورة) فى الوقت المناسب، ثم حين نتلقى أن ما ظهر من غضب وقذف بالحجارة لم يكن إلا إعلانا بضرورة سدَّ الحاجة إلى الثورة، فإن علينا أن نكملها حتى لا نتوقف كما ذكرنا – عند الحاجة إلى إروائها- بل نواصل السير حتى نستثمر نتيجة ذلك من الثورة إلى الحضارة إلى التطور المأمول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *