الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قصة قصيرة: “الراقصة.. والمسخ”

قصة قصيرة: “الراقصة.. والمسخ”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 29-8-2020

السنة الثالثة عشرة

العدد: 4746

 قصة قصيرة

الراقصة..  والمسخ (1)

(1)

[راحت تحية كاريوكا تتماوج داخل الملاءة اللف، والملاية  تقول ما تخفى فى حوارها مع أنغام الجسد الناعم المخترِق، فزادت ضربات عبد الوارث عسر، تلهب ظهر البغل بالسوط حول الساقية، هذه هى المرة الرابعة التى يشاهد فيها هذا الفيلم “شباب امرأة” دون ملل]

(2)

…..

نبًّهه الموظف أنه كرر السؤال عن أين فقد جواز سفره، وأن الصف طويل، أجاب متسارعا بأنه فـُـقـِـدَ منه أمام مسجد السلطان حسن بالقلعة، ثم سأل: “لكن لماذا أمن الدولة”؟ “أجاب الموظف: “إجراءات”.

(3)

 أثناء زيارته لأمه فى قريتهم، بلغَهُ الخبر أن الله “نتع” زوجته بالسلامة، فعاد مسرعا.

 حين فتح باب حجرة المستشفى فزِعت وضمت وليدها إلى صدرها، وكأن القادم غريب، اقترب منها حانيا فرحا متجاوزا خوفها الذى حاول ألا يلحظه، أحكمت اللفة حول الوليد أكثر وطلبت منه الابتعاد الآن لأنها سمعته يعطس أول أمس، وهى تخاف على الرضيع من العدوى. خليطٌ من الألم والاعتذار والرعب والأمومة والاستجداء والتحدى، كل هذا أطل من عينيها معا، فظل ماثلاً فى وعيه، ثم أمام ناظريه طول اليوم بعد انسحابه من الحجرة غير فاهم.

(4)

انفجر فى غضب متوحش: “كيف ذلك؟”، وأنه: “كله إلا هذا”!!

  قالت له “إنها إرادة الله”، وأنه: “إبنه على أية حال”.

 قال إنه ابن الشيطان شخصيا، ولم يقل لها كيف أنه يخطط للتخلص منه. هل يكتم أنفاسه وهى نائمة؟ يلقى به من الشرفة؟  يقطع الإجازة ويسافر ويتزوج من الفلسطينية المطلقة ولا يعود أبدا؟ يكتفى بالفلبينية الرقيقة الحجم حتى يحلـّـها حلاّل؟ كيف تحاول أن تقنعه أن يقبل الأمر الواقع باعتبار أن التشويه الذى ولد به الطفل (الخِلقة) قاصر على النصف الأسفل، وأن السراويل قادرة أن تخفى كل شئ، وأن المسائل يمكن أن تسير مستورة ما دام النصف الأعلى له وجهٌ مثل القمر.

(5)

فتح “الميل” قبيل الفجر فوجد رسالة بالعربية مرسلة من موسكو يشكو فيها مرسلها من راقصة اسمها كينثا سوشياك، تنوى أن تنافس الراسل فى انتخابات الرئاسه مع أن والدها أناتولى هو صديقه القديم وهو بمثابة أبيه الروحى، ثم إن الراسل يعد بأنه سوف يستعمل حق النقض (الفيتو)  لينقذ به وائل الابراشى الذى ليس له ذنب فيما يكتبه رئيس تحرير أخبار اليوم بتوقيع “أنور وجدى عز الدين الشريف”، ثم ينهى الراسل رسالته بتحذيره بأنه إن لم يرد خلال ثلاثة أيام فسوف يسحب رجاله من القوات الدولية فى دارفور كان التوقيع : دبليو فلاديمير بوتن. ماله هو بكل هذا؟ ثم هذا الدبليو  يريد ردا منه، وخلال ثلاثة أيام!!!! يرد على ماذا؟ بماذا؟

لابد أن الرسالة وصلت خطأ أو أنها ملعوب من زميله السودانى الحقود فى أبى ظبى، فقرر أن يبلغ المباحث العامة على الفور، بل وأن يكتب لرئيس الجمهورية مباشره لأنه الوحيد القادر على حل مثل هذه المشاكل لمتانة علاقاته بكل رؤساء  العالم وقدرته الفائقة على إرضاء جميع الأطراف.

(6)

سألته أمه بحذر، هل أنت عـُـدْتَ خلال هذين العامين دون أن تخبرنى أو تمر علىّ، وحين أجابها بالنفى، انزعجت من جديد، وفهم أنها تشير إلى توقيت ولادة هذا المسخ الذى لا تعلم أنه مسخ، طمأنها بأنه كان قد أودع فى خزانة البنك الأهلى عَددَا نشِطا جدا من حيواناته المنوية، وأن حسابه فى البنك مشترك مع زوجته، وأن لها حق السحب فى أى وقت، مطت أمه شفتيها وهى تهمس “لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم”.

(7)

فازت أخيرا عن طريق اليانصيب بالجنسية الأمريكية، فلم تعرف هل تفرح أم تحزن، لكنه حلُّ والسلام، فهى بلاد الحرية التى لن تمنعها أن ترعى صغيرها حتى لو كان ابن الشيطان نفسه.

أقسم لها المحامى ابن خالتها بالطلاق ثلاثاً أن نصيبها فى منزل العائلة لا يتعدى هذا المبلغ الذى حوّله إلى الدولارات التى اشترى لها بها التذكرة إلى نيويورك.

(8)

حين كشفت عن رأس الطفل بعد اهتزاز الطائرة المتوجهة إلى بلاد الحرية كتمت شهقتها حتى لا يقبضوا عليها، سارعت بتغطية الوجه وضمت طفلها إليها حتى كاد يختنق. لبِسَ الشيطان النصف الأعلى أيضا،: الشعر الكثيف يغطى كل الوجه، وعظام الوجنات بارزة، والعيون غائرة، والجبهة متراجعة.  قبل أن تُحكم الغطاء تُخفى المخلوق المرعب، لم تتمالك نفسها من أن تكشف عن النصف الأسفل، ففوجئت أنه لم يعد مسخا، صار نصف قزم بشرى كامل الرجولة والنشاط.

هزتها المضيفة وهى تنبهها أن تربط الحزام لأن الطائرة على وشك أن تهبط فى مطار أبى ظبى، لم تقل للمضيفة أن تذكرتها هى إلى نيويورك وليس أبى ظبى، وغلبها الشك فى ذاكرتها، فعادت تتساءل:

 هل اختفاء زوجها “هكذا” يخفف من الموقف، أم أنه يزيده تعقيدا؟

[1] – نشرت بالدستور  بتاريخ: 14 – 6 – 2006

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *