الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (192) من الكراسة الأولى (1)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (192) من الكراسة الأولى (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  5 – 3 – 2015

السنة الثامنة

العدد: 2742 

 mahfouz 2

ص 192 من الكراسة الأولى  (1)

5-3-2015بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
أشهر سيف العقل فى وجه الضيق
الصبر مع الصابرين والله معهم
ظعن الذين فراقهم  أتوقع وجرى
 بينهم الغراب الأبقع
 (نه.. ولا لا؟)  فكل شىء بأمرك
أدر ذكر من أهوى ولو بملام
فإن أحاديث الحبيب مدامى
يا نسيم الصبا تحمل سلامى
قصر‏ ‏عليه‏ ‏تحية‏ ‏وسلام نشرت‏ ‏عليه‏ ‏جمالها‏
‏الايام
                       نجيب محفوظ
                           21/8

 

   القراءة:

هذا الرجل الرائع لا ينضب معينة، وقد سبق أن قلت هنا فى التداعيات، وأيضا فى كتابى السابق “فى شرف صحبة نجيب محفوظ”، أننى لم ألاحظ جاهزيته للاستشهاد بالشعر عامة، وكنت إذا استشهدت فى حوارنا ببيت شعر مما كان يردده أبى علىّ أو يستشهد به، أو مما كان مقررا علينا فى الثانوى خاصة، أو مما علق بذاكرتى، كان يفرح ويعجب، وإذا بى أفاجأ فى تداعيات تدريباته بكل هذه الحافظة وكل هذا الشعر القديم والحديث والمتوسط، يحضرنا رصانة وجزلا وفرحة، وكنت أحسب فى بادئ الأمر أن أغلب ما سوف التقى به فى تدريباته من شعر عربى فصيح جميل هو ما تغنت به أم كلثوم أو عبد الوهاب، لكننى انتبهت – كما لاحظنا – فى كثير جدا من الصفحات، – وقد قاربنا المائتين- أن ما يطفو على وعيه هو شعر أصيل عميق رصين متنوع ، وهذا ما يتأكد اليوم مثلا.

سوف أبدا اليوم بما هو كلام مرسل لأتناول هذه الثروة الشعرية التى وردت متواصلة الأسبوع القادم.

أما ما سبق وروده عامة فى هذه الصفحة فهو فى الهامش (1)، ولا يحتاج منى إلا تنويه بسيط عن طريقة ذكر الصبر فى صفحة اليوم.

جاء اليوم ما يلى:

– “الصبر مع الصابرين والله معهم”

كيف يكون الصبر مع الصابرين؟ وصلنى أن هذا التعبير قد يكون تنبيها إلى أن الصبر ليس مجرد مواساة يتبادلها من هم فى محنة قد تحتاج مثل هذا القول، إنما هو معايشة جادة عميقة مؤلمة بناءة غالبا، والتعبير الشائع فى ثقافتنا يدل على ذلك حيث عادة ما يردد العامة والخاصة قولهم “إن الله مع الصابرين“، ثم يلحقون به غالبا “إذا صبروا”، وكأن صفة الصابرين لا تكفى أن تؤكد أنهم كذلك، فتضاف هذه اللاحقة، فتضطرنا أن ننتبه إلى أنه كيف أن شيوع هذه اللاحقة قد يشير أن هناك صابرين لا يصبرون، برغم أنهم يتصورون ذلك.

على نفس القياس قرأت ما كتب شيخنا اليوم وهو يبدأ بتقديم الصبر على الصابرين، وكأن هناك صابرين يعانون من الصبر الحقيقى بكل تحدياته وقوته وحفزه، ولكن الصابرين الذين لا يعيشون صبرهم متألمين مثابرين حتى يوصف الصبر بأنه معهم، فهم الذين سرعان ما يجدون رحمة ربنا تحيط بهم ماداموا قد صبروا، بما يقربهم منه، فهو معهم برحمته ولطفه.

– أشهر سيف العقل فى وجه الضيق

لم يذكر شيخنا هنا أنه “الاكتئاب أو الحزن أو الغم أو الهم”، لكنه الضيق، والضيق كلمة عربية ذكية تفيد معنى خاصا لعله هو بالذات ما ورد فى القرآن الكريم (2)

فالضيق هو شعور ثقيل مغلق يقترب من الضجر ولا يترادف معه، يصلنى منه نسيان حتى الرفض لكل من نعم الله ورحمته معا، وهو لا يحتاج إلى تسكين أو تفسير بقدر ما يحتاج إلى تحدِّ ومواجهة كما علمنا علاج القبول والالتزام Acceptance Commitment Therapy  وأيضا علاج “المواكبة المواجهة المسئولية(3)  وكلا العلاجين، وخاصة علاج المواجهة المسئولية هو يبدأ بقبول التحدى الذى عبر عنه شيخنا هنا بـ: “اشهار سيف العقل“، لننطلق بالعقل، ليس فقط بالمعنى الشائع، ولعله يعنى أساسا بحدْسه الفائق “العقل الاعتمالى الوجدانى” (4)، وليس العقل الوصى الحساباتى المتحذلق بالنصح والتسكين السطحى، إن اشهار السيف فى وجه الضيق يحتاج إلى هذا العقل الاعتمالى لتنشيط الوجدان الأشمل القادر على اشهار السيف فى مواجهة الضيق، باعتباره نشازا انفعاليا وبالتالى يجبره على الانتظام فى لحن الإدراك الوجدانى الإيمانى الأرحب.

وبعد

 جاء فى وسط الصفحة تقريبا سطر لم أستطيع أن اقرأ أوله وهو رسمها هكذا:

 فنحّـيتها، واكتفيت بما بعدها بأنه : “فكل شئ بأمرك”، يا ترى هذه الفاء “فكل” تقع على ماذا؟ بمراجعة ما سبق من صفحات وما رأينا فيها من علاقة شخينا بالتوحيد المطلق لرب العالمين، ورفض الشرك ولو كان أخفى من دبة النملة، يمكن أن نعرف لمن يوجه الخطاب:

أنت تعلم يا شيخنا أننى أحاول التحرك فى رحاب مواقف مولانا النفرى أحاوره واستلهمه كل سبت، ولا أريد أن أعمم القول، إلا أن ما وصلنى وأنا استلهم مواقفه أن كثيرا منها كان يدور حول هذه الحقيقة البسيطة الرائعة الملزمة المشرقة: “أن كل شئ بأمره”، كل شىء كل شىء كما وصلنى منك الآن.

وإليك يا شيخنا بعض ما جاء فى نشرة قريبة بعنوان: “دروس فى نفى الشرك”الأخفى من دبيب النملة”: وقال مولانا النفرى وقال لى:

اخل بيتك من السّوَى، واذكرنى بما أيسّر لك،  ترنى فى كل جزئية منه

……….

المكافأة تستأهل، فلو أننا نجحنا بفضله فذكره أن نخلى البيت من السّوَى، فسوف يمتلئ بكل جزئية منه.”

هكذا يكون يا شيخنا كل شىء بأمره.

* * * *

أكتفى اليوم بهذا الجزء فقد وجدت أن ما حضرنى من تداعيات لما ورد من شعر فى نفس الصفحة يحتاج إلى أن تفرد له نشرة بأكملها، ولتكن الأسبوع القادم.

وفيما يلى ما ورد من شعر لمن أراد أن يبحث بنفسه حتى نلتقى:

– ظعنَ الذينَ فراقهم أتوقعُ . . وجرى بينهُمُ الغُرابُ الأَبْقعُ

– أدر ذكر من أهوى ولو بملام  . . فإن أحاديث الحبيب مدامى

– يا نسيم الصبا تحمل سلامى 

– قصر عليه تحية وسلام . . نشرت عليه جماله الأيام.

[1]  – ورد ذكر الصبر فى صفحات:

      كلمة (الصبر) صحفة عددها
الصبر طيب 37- 92- 95- 99- 110- 144- 172 7
مرارة الصبر 103 1
الصبر جميل 2- 13-52- 92- 100- 144- 148-157- 172 9
الصبر جميل وطيب 171 1
الصبر طيب وجميل 103 1
شيمتك الصبر 27-51- 63- 127- 151- 166- 187 7
الصبر مفتاح الفرج 157- 160 2
الصبر مع الصابرين 195 1
الصبر من الإيمان 32 1
الصبر عذب 226 1
الصبر (فقط) 236- 245 2
الله مع الصابرين 1 1
إن الله مع الصابرين 52 1
إصبر إن الله مع الصابرين 154 1
الصبر جميل، جميل الصبر 238 1
اللهم صبرك 147 1

–              قصر‏ ‏عليه‏ ‏تحية‏ ‏وسلام نشرت‏ ‏عليه‏ ‏جمالها‏ ‏الايام

      ورد هذا البيت فى صفحة التدريب رقم “12” نشرة 11/2/2010  وكذلك فى صفحة التدريب رقم “39” نشرة 13/10/2011.

[2] – ” حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ ” التوبة الأية:118

    “يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ” الأنعام الأية:125

[3] – وهو مدرستنا فى العلاج التى سبقت هذا العلاج الخوجاتى انظر نشرة 24-2-2008، 25-2-2008، – باور بوينت “علاج المواجهة – المواكبة – المواجهة”

[4] – Emotionally Processing Mind

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *