الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قصة جديدة: انتظار

قصة جديدة: انتظار

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 4-3-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2742 

 قصة جديدة

انتظار

كان الشاب يجلس على “أريكة” الانتظار، وتمر به عربة مترو وثانية وثالثة، وهو لا يتحرك وإن كان يخيل إلى من يراه من بعيد أنه يهم بالوقوف للحاق بها الواحدة تلو الأخرى لكن فى  واقع الأمر هو لم يكن يتحرك أصلا، لاحظَ  مراقب الرصيف كل ذلك وكان رجلا يبدو أكبر من سنه كثيرا لمرض أو هزال أو يأس، وبعد أن مرت ساعة وبعض ساعة حسبها المراقب عدة ساعات تقدم نحو الشاب فى حذر وسأله:

– عايز حاجة يا ابنى

نظر إليه الشاب متعجبا:

– طبعا

قال الرجل:

– عايز إيه؟

قال الشاب:

– مش عارف

قال الرجل:

– انت قاعد يا ابنى بقالك ساعات، إنت مالك؟ فيه ايه؟

قال الشاب:

– ساعات إيه يا عم الحاج دى ساعة واثنين وعشرين دقيقة ما مفيش غيرهم

قال الرجل:

– عشان كده يا حبيبى كنت بتبص فى الساعة كل شوية، انت مستنى حد؟

قال الشاب:

– أيوه طبعا

قال الرجل:

– مستنى مين

قال الشاب:

– مش عارف

قال الرجل:

– لأ بقى ما تخلنيش أقول أنك بتستعبط

قال الشاب:

– قول اللى تقوله، انا دخلى إيه

قال الرجل:

– طيب يا حبيبى يا ابنى ما تقوم تروّح

قال الشاب:

– يعنى إيه؟

قال الرجل:

– تروح بيتكوا، هوا دا له معنى تانى

قال الشاب:

– حاضر

قال الرجل:

– حاضر إيه وانت قاعد يا ابنى، انت حاتركب المترو عشان تروح ولا قاعد مستنى حد

قال الشاب:

– الاثنين

قال الرجل:

– اتنين مين يا ابنى

قال الشاب:

– أى اتنين

قال الرجل:

– انت بعافية يا ابنى ولاّ نفسية

 

قال الشاب:

– الاتنين

قال الرجل:

–  تانى؟!

 ثم تقدم الرجل ووضع يده على جبهة الشاب

– ما انتش سخن يا حبيبى، يبقى نفسية

قال الشاب:

– زى ما تشوف، كله محصَّل بعضه

ربَّتَ الرجل على ظهر الشاب ودعى له وانصرف، لكنه عاد بعد ساعة وبعض ساعة فوجده مازال جالسا، وتقدم نحوه وقد  اختلفت لهجته، كان أكثر حسما وإن لم تغب رقته.

–  انت معاك موبايل يا ابنى

قال الشاب:

– طبعا

قال الرجل:

– ما تطلبها تشوفها اتأخرت ليه

قال الشاب:

– مين هيّا؟

قال الرجل:

– صاحبتك

قال الشاب:

– أنا ما ليش صاحبة، بس عندك حق هى اتأخرت فعلا

قال الرجل:

– ليه؟ هى معادها كان كام

قال الشاب:

– ما فيش مواعيد احنا مابنديش لبعض مواعيد

قال الرجل:

– والنبى يا ابنى ما تلخبطنيش أكتر، امال بتتقابلوا ازاى؟

 

قال الشاب:

–  زى ما انت شايف، أقعد استناها لحد ما تيجى، وأنا بادْعى

قال الرجل:

– ربنا يسمع منك، طب ممكن تدينى الموبايل وتسمح لى اطلب حد من أهلك

ناوله الشاب الموبايل دون تردد، فأمسك الرجل به وأداره فى كفه، عدة مرات ثم التفت للشاب:

– لكن ما قلتليش اسمك ايه عشان اللى يرد علىّ أقول له أنا من طرفك

قال الشاب:

– ما تحملش هم، ما هو انت ما فتحتهوش من أصله، لو كنت فتحته كنت عرفت إن ما فيهوش ولا نمرة

قال الرجل:

–  يا خبر!! امال شايله ليه؟

قال الشاب:

– يمكن حد يطلبنى

قال الرجل:

– يا ابنى انت لابس نضيف وباين عليك ابن ناس، انت زمان ضهرك وجعك من القعدة المتصلبة دى

قال الشاب:

– متشكرين، ما تحلمش هم

قال الرجل:

– أنا ورديتّى خِلصت، عايزنى أروّح واسيبك كده؟

قال الشاب:

– إعمل اللى يخلصك

قال الرجل:

– يخلصنى إنك تروّح، وأنا أروّح مطمن عليك

قال الشاب:

– أروّح فين

قال الرجل:

– هوّا انا اللى حاقولك عنوانك

قال الشاب:

– روح انت بالسلامة، ما تخافش علىّ أنا حاتنى مستنى لحد …. (وسكت)

قال الرجل:

– لحد إيه يا ابنى، ما تقول..

قال الشاب:

– لحد ما ترجع يعنى

قال الرجل:

– هيّا مين اللى ترجع؟

قال الشاب:

– مصر

قال الرجل:

– لأه بقى!! إنت بتقول إيه؟ مصر ترجع فين

قال الشاب:

– مصر ترجع مصر

قال الرجل:

– آه .. مش كنت تقول كده مالصُّبح، اتّاخِر يا ابنى خدنى جنبك يمكن يحصل

***

تزحزح الشاب وجلس الرجل بجواره صامتا ووجهه الناحية الأخرى حتى لا يرى الشاب عينيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *