الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى: الحلم‏ (76)

فى رحاب نجيب محفوظ: تقاسيم على اللحن الأساسى: الحلم‏ (76)

نشرة “الإنسان والتطور”صورة نشرات محفوظ

الخميس: 21-6-2018             

السنة الحادية عشرة

العدد: 3946

صورة نشرات محفوظ

فى رحاب نجيب محفوظ

مراجعة وتحديث التناص على الأحلام المتبقية

 (من 53  إلى 210)

تقاسيم على اللحن الأساسى

نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)

 الحلم‏ (76)

هذه‏ ‏شجرة‏ ‏مورقة‏ ‏يجلس‏ ‏تحتها‏ ‏صديق‏ ‏الشباب‏ ‏وشهيد‏ ‏الوطنية‏.. ‏وعلى ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏مرور‏ ‏عشرات‏ ‏السنين‏ ‏على ‏رحيله‏ ‏فإنه‏ ‏بدا‏ ‏أنيقا‏ ‏فى ‏صحة‏ ‏وعافية‏. ‏فانشرح‏ ‏صدرى ‏لمرآه‏ ‏وهرعت‏ ‏إليه‏ ‏ولكنه‏ ‏أوقفنى ‏بإشارة‏ ‏من‏ ‏عصا‏ ‏بيده‏، ‏ذكرته‏ ‏بعهد‏ ‏الصداقة‏ ‏فلم‏ ‏يعبأ‏ ‏بكلامى ‏وقال‏ ‏إنه‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يستطيع‏ ‏صبراً‏ ‏مع‏ ‏تل‏ ‏القمامة‏.‏

قال‏ ‏ذلك‏ ‏وألقى ‏عصاه‏ ‏ثم‏ ‏ذهب‏، ‏التقطت‏ ‏العصا‏ ‏وأنا‏ ‏حزين‏ ‏ولكنها‏ ‏بعثت‏ ‏فىّ ‏روحاً‏ ‏جديدة، ‏فانطلقت‏ ‏من‏ ‏فورى ‏إلى ‏تل‏ ‏القمامة‏ ‏وانهلت‏ ‏ضربا‏ ‏على ‏أطرافه‏ ‏وكل‏ ‏ضربة‏ ‏أحدثت‏ ‏شقا‏ ‏ومن‏ ‏كل‏ ‏شق‏ ‏يخرج‏ ‏رجال‏ ‏ونساء‏ ‏ليسوا‏ ‏على ‏شاكلة‏ ‏جامعى ‏القمامة‏ ‏ولكنهم‏ آية‏ ‏فى ‏النظافة‏ ‏والوجاهة‏ ‏والفخامة‏. ‏وكلما‏ ‏لمح‏ ‏أحدهم‏ ‏العصا‏ ‏بيدى ‏فر‏ ‏يركبه‏ ‏الفزع،‏ ‏عند‏ ‏ذلك‏ ‏رسخ‏ ‏يقين‏ ‏بأن‏ ‏الشمس‏ ‏ستشرق‏ ‏غدا‏ ‏على ‏أرض‏ ‏خضراء‏ ‏وجو‏ ‏نقى.‏

 التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)

.. وقبل أن أستغرق فى انسحابى الحالم آمِلاً، لاحظت أن كوم القمامة كان يتضخم  في أكثر من اتجاه الناحية الأخرى وذلك مع كل ضربة يخرج منها الوجهاء من بين شقوقه وقد تملكهم الفزع، لا أعرف ما الذى أوحى إلىَّ أن تحت كوم القمامة هذا كنز ثمين، وربما خاتم سليمان الذى يتيح لمن يجده فرص انتقاء أى الأمانى تتحقق أولا. واصلت عملى وكأنى أوفى بوعدٍ ما لصديقى الراحل شهيد الوطنية.

استحليت اللعبة لكننى لاحظت أن مع كل ضربة جديدة تتراجع نظافة ووجاهة وفخامة الرجال والنساء البازغين من الكوم، وتتغير أشكالهم حتى صار الذين يخرجون من الشقوق أقزاما، مهرجون، ثم خرجت بعدهم قردة تلبس فساتين وقبعات فاقعة الألوان.

جاءت عربة القمامة العملاقة، وجمعتْ من تبقى من الرجال والنساء والأقزام والقردة والقمامة فى كومة واحدة، ورفعتهم آلتها الضخمة إلى صندوقها، فرعبت لأننى كنت قد سمعت عن مصير حمولة هذه العربات، وكيف سيحولونها إلى طاقة حيوية يستعملونها فى حفر مزيد من قبور الشهداء، وآبار البترول.

تزايد الرعب حتى كاد الشلل يعجزنى، فأسرعت الخطى مبتعدا أشرت إلى عربة ميكروباص سوداء لامعة قادمة، وما اقتربت حتى تمكنت من قراءة ما كتب عليها ” تكريم الإنسان”، فركبتها دون تردد، وإذا بها تتجه إلى حديقة الأورمان بدلا من مقابر الإمام الشافعى.

لكننى عدت أتساءل من جديد:

وأنا إيش ضمّنى؟

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *