الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / عن العلاقة بين الجنون والإبداع (2) : شرح محدود لمحتويات بعض جدول أمس

عن العلاقة بين الجنون والإبداع (2) : شرح محدود لمحتويات بعض جدول أمس

“يوميا” الإنسان والتطور

12-8-2008

العدد: 347

عن العلاقة بين الجنون والإبداع (2)

شرح محدود لمحتويات بعض جدول أمس

قبل المقدمة:

أنهيت نشرة أمس باعتذار مسبق يقول:

لست متأكدا إن كان على أن أواصل هذا الموضوع غدا على حساب ملف “الحب والكراهية” أم لا !!

وها هو قد وقع المحظور،

لا أكذب وأقول إنه قد وصلنى ما يبرر ذلك،  لكننى تقمصت بعض أصدقائى ممن يأخذون ما أقول مأخذ الجد، فتصورت مدى احتجاجهم على أمرين:

الأول: هذا التنقل السريع غير المتوقع بين المواضيع، وكأنه أصبح أقرب إلى  “طيران الأفكار”Flight of  Ideas التى يعانى منها الهوسى،

الثانى : هو مدى صعوبة أن أقدم فرض أمس عن حالات العادية والجنون والإبداع هكذا بكل هذا التركيز دفعة واحدة فى جدول واحد

وباعتبارى أحد زوار الموقع، ومتقمصا هذا الصديق الأمين، فضلت أن أختار طلب مزيد من شرح ما جاء فى الجدول مهما كان شرحا مختصرا

واستجابة لى، أعنى لصديقى الذى تقمصته، هأنذا أسرق اليوم وغدا لشرح بعض ما ينبغى شرحه من هذا الجدول الصعب، وإن كنت أعترف ابتداء أن أى شرح لن يغنى عن قراءة الأصل: جدلية الجنون والإبداع، لذلك قد أضيف بعد لصق ما ورد فى الأصل، ما أراه مناسبا للنشرة، بلونٍ آخر وهامش أكبر.

هذا علما بأن هذا الشرح ليس هو كل العلاقة بين الجنون والإبداع طبعا،

ومازال على واجب شكر الإبن الذى قدم الحالة يوم الأحد الماضى ، والمريضة المبدعة، والصديقة الجادة التى  جعلتنا نفتح هذا الباب هكذا حتى حل محل ما كنا فيه، ولو لمدة يومين بصفة مبدئية.

مقدمة:

لا مفر من تكرار أن المقصود بالجنون هنا هو الجنون الأصل – الفصام – حيث يعتِبر الكاتب  أى جنون آخر (بعد استبعاد الجنون العضوى التشريحى، الناتج عن باثولوجيا مادية خارجية أو داخلية محددة – مثل فيروس أو سرطان أو تسمم، أو ضمور خلايا….الخ)، يعتبر أى جنون آخر هو  بمثابة تشكيلات ، متوسطة،   للحماية من التمادى إلى هذا الجنون – الفصام- المتصف عادة بالتعدد فالتكاثر فالتفسخ فالتناثر فالتدهور.

هذا وسوف أقطّع الجدول فقرة فقرة ، ولن أكرر الإشارة أو التوصية بالرجوع إلى العمل الأصلى حركية الوجود وتجليات الإبداع” لأنها أصبحت تحصيل حاصل.

كما سوف أميز الإضافات على النص الأصلى، بعد إثبات ما ورد فى ملحق الكتاب بشكل مختلف، كما أنها سوف تكون إضافات فى أضيق نطاق، كذلك سوف أقوم بحذف ما به إشارة إلى أجزاء أخرى من الكتاب – ما أمكن ذلك– (وسوف نضع نقطا مكان المحذوف).

I-

  حالة‏ “‏العادية‏” حالة الجنون حالة‏ ‏الإبداع
الوعى(التركيب/المبرمج)(البرنامج الحيوىالغائى) واحد‏، ‏ظاهر‏، ‏عائد‏ ‏على ‏المستوى ‏نفسه‏،‏محدد‏ ‏الاستجابة‏ ‏مستبعد لما عداه‏ مختلف‏، ‏متعدد‏، ‏متداخل‏، ‏متماوج‏، ‏مذبذب، منفصل.  مختلف‏، ‏متكاثف‏ ‏فى ‏تعدد‏ ‏ضام‏، ‏محيط‏،‏ محاط‏ ‏به‏ ‏بوعىٍ ‏يتكون

تستعمل كلمة الوعى بصفة عامة فى هذه المداخلة لتشير إلى “منظومة حيوية مبرمجة، وِسَادية، مشتمِـلة”، وهى لا تشير فقط إلى الوعى الظاهر بمعنى الصحو والشعور والإدراك، وإنما تشير إلى أى مستوى تركيبى فى هيراركية البناء الحيوى البشرى، وهو ما يقابل “حالات العقل” بلغة علم المعرفة العصبى أو “حالات الذات”، بلغة التحليل التركيى “إريك بيرن” وبالتالى فإنه توجد مستويات تصعيدية متصاعدة للوعى، تعمل فى حالة اليقظة تحت إمرة إحداها كما ورد فى أكثر من موقع فى هذه المداخلة مع الحديث عن تعدد الكيانات البشرية فى واحد: وهو من يظهر لنا شخصا قائما، أو فردا متميزا .

  • برغم هذه الإشارة للتحديد بالتعريف المقترح، فما زال الخلط واردا بين ما نعنيه هنا بالـ “وعى”، وبين “الشعور” الذى هو عكس “اللاشعور”، وبين الدراية التى هى المعرفة الفكرية الظاهرة الكليةawareness
  • منذ كتبت هذه الأطروحة الأولى ونشرت فى أبريل سنة 1984 فى مجلة فصول اتسعت حيرتى بشأن التعريف بمعنى الوعى، والأكثر صعوبة، بمستوياته، وبرغم أن ما جاء بعد التعريف هو أكثر وضوحا وإيضاحاً من التعريف، فقد لزمت مراجعة ألفاظ التعريف.
  • حين أتيحت لى فرصة الاطلاع على أفكار دينيت (أنواع العقول نشرة 25-12-2007) وخاصة كتابه الرائع “أنواع العقول”، وجدت أن كلمة “عقل” تقابل عنده كلمة وعى كما نستعملها هنا، فأصبح لدى يقين بأن المسألة ما زالت تحتاج إلى البحث والتقصى.
  • بعد أن تصادقت مع الهندسة الوراثية من جهة، والمبادئ الحاسوبية من جهة أخرى، وجب الوقوف عند هذا التعريف الباكر بأنه : منظومة حيوية مبرمجة وِسَادية مشتملة”
  • إنى إذ أقر فرحتى بهذه الإحاطة التى تبدو فى كلمات التعريف، أتحفظ حاليا على كلمتين:
  • الأولى: كلمة “وِسَادية” فقد تراجعت عن اعتبار الوعى مجرد “وساد” Matrix تستقر فيه وتبدا منه الوظائف المحددة الأخرى وبذلك تصبح صفة وِسَادية” هنا زائدة بشكل ما
  • الثانية: كلمة “مبرمجة”، فالوعى بصفته منظومة حيوية أصبحتُ أراه برنامجا، لا مبرَمجاً، برنامجا كامنا، أو ظاهرا فاعلا فى نفس الوقت، فى اتساق أو غير ذلك،

وسيظل الأمر يحتاج إلى عودة .

الوعى فى حالة العادية: هو عادة إشارة إلى الوعى الظاهر، سواء كان الشعور الفرويدى (مقابل اللاشعور)، أو اليقظة وإدراك الماحول، أو السلوك الإرادى – بحسب القوانيين العادية المعلنة.

الوعى – هنا فى حالة العادية – منظومة ظاهرة تتعامل مع الخارج والداخل على نفس المستوى الواحد الظاهر، وتظل مستويات الوعى الأخرى كامنة معظم الوقت، وقد تتبادل بشكل ضمنى مؤقت حسب الموقف، لكن التبادل المنتظم هو فى حالة الأحلام.

الوعى فى حالة الجنون: “متعِّددٌ معا”، بمعنى: حضور أكثر من مستوى فى تداخل مزدحم فى نفس الوقت، بما يترتب عليه التذبذب والتماوج والخلط، وأحيانا التصادم حتى الإشلال فيما يبدو تجميدا للوعى (حالات الكاتاتونيا) الأمر الذى لا يعنى غياب الوعى، وإنما هو جمود عاجز نتيجة لحضور أكثر من مستوى معا، كل منها : متشابك متداخل متعدد معوِّق بعضه بعضا.

الوعى فى حالة الإبداع: وهو الذى يعرف “بالوعى الفائق“، وإن كنت أفضل تعبير “الوعى المشتمِل الخلاّق”، ذلك أنه ليس وعيا يفوق غيره أو يعلوه، ولا هو وعى واحد أفضل وأعلى مما سواه، لكنه حالة جُماع أكثر من مستوى بغير تسوية، وإنما بتفاعل جدلى متميز، مختلف نوعيا عما يسمى الوعى العادى، لكنه يشتمله، وغالبا ما يُستعمل أبجديته (أبجدية الوعى العادى) ، كما يشتمل مستويات أقْدَمْ، لا تـُـستَبْعَدُ استهانةً أو خوفا، وإنما تتداخل تآلفا وجدلا، فلا تعود بدائية.

  • وتكون مظاهر حضور هذا الوعىبحسب المرحلة والتوقيت والمحيط والأدوات، فقد يظهر فى شكل خبرة صوفية إيمانية فائقة، أو فى أى تشكيل مما يقال له “إبداع أصيل”، على أنه فى هذه الحال الأخيرة، إبداع خارج الذات،  قد ينفصل المبدع عن هذا الوعى إلا قليلا بمجرد أن يفرغ خبرة إبداعه فى وقت بذاته، وقد يتبقى له أو لا يتبقى ما يضيف إلى وعيه العادى .

II-

الإرادة ظاهرة‏، ‏ضيقة‏ ‏المجال‏، ‏محددة‏ ‏الفاعلية‏، ‏زاعمة‏ ‏بالحرية‏، ‏بقدر‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏الحقيقة، ومع ذلك هى تبدو ضرورية أساسية. خفية‏، ‏فاعلة‏، ‏متعددة‏، ‏محصلتها‏ ‏مشلولة‏ ‏واقعيا‏.‏ فاعلة‏ ‏غائية‏، ‏لا‏ ‏تحتاج‏ ‏ ‏ ‏إلى ‏قرار‏ ‏معلن‏ ‏مسبقا‏، ‏متعددة‏ ‏فى ‏تكامل‏.‏

الإرادة فى حالة “العادية: هى الإرادة الظاهرة التى يتعامل بها القانون، ومواثيق حقوق الإنسان، ومظاهر ما يسمى الديمقراطية، ومعظم القرارات فى معظم المجالات، وهى ضرورية بصورتها الحالية، إلا أنها ليست مرادفة للحرية، برغم أنها تحتكر –تقريبا- كل ما يثار حول الحرية، وهى لا يمكن الاستغناء عنها، وإنما يمكن الإضافة إليها.

  • يبدو أنه من هنا تأتى إشكالة الشك فى الإرادة الحرة عند العاديين أو بلغة هذا الفرض: فى “حالة العادية”، فالحرية هنا محددة بظاهر مدى تمتع الشخص بالقدرة على اتخاذ قرار شعورِى بدلا من قرار “شعورى” آخر (انتخاب شخصٍ مثلا) فى حين أن مثل هذا القرار قد لا يكون حرا بالمعنى الإبداعى، أو حتى بالمعنى الجنونى، إذا ما أخذنا فى الاعتبار ما لا نعرف من المستويات الأخرى للإرادة التى تتدخل فى القرار،
  • صحيح أنها مسألة مربكة، لكنها الحقيقة، فنحن لا نتكلم فى السياسة أو فى الغرام الثنائى، وإنما فى الطبيعة البشرية التى نسعى لتخليق الوسائل العملية التى لا تقزّمها على أرض الواقع.
  • أعتقد أن السعى المستمر لإمكانية الوصول لاحتمال اشتراك مستويات أخرى فى اتخاذ القرار هو سعى مشروع مهما بدا مستحيلاً فى الوقت الراهن، وهو –فى رأيى- يتم جزئيا وبالتدريج، أو على الأقل سوف يقل تقديس ما يسمى “حرية” فى حالة العادية (أو للشخص العادى القادر أن يكون غير ذلك)، حتى نجد حلا إبداعيا وتطورا عمليا، مهما طال الزمن.

الإرادة فى حالة الجنون: قوية عميقة  لا تظهر فى شكل قرار مسبق، وإنما فى شكل تفعيل يفرض نفسه بكل ثقة وتمادٍ، فهى إرادة كامنة تظهر، تبدو ظاهراً أنها بغير صاحب، ولا تتفق مع دعوى أغلب ظاهر المرضى أن المسألة كلها “غصبا عنهم”، بل إنها تفعيل  إرادة خفية،  بعكس الإرادة فى حالة العادية التى يغلب فيها العقل الظاهر.

  • المريض عادة لا يقر باختياره مرضه بما فى ذلك الجنون إلا بعد تفعيل إرادة الجنون، وفى جو علاجى يسمح له بذلك
  • احترام هذه الإرادة هى بداية مناقشتها بحسابات المكسب والخسارة، على مسار العلاج،
  • إذا نجحنا أن يعدل المريض عن اختياره هذا مع تهيئة ظروفٍ وصحبةٍ أفضل مما اضطرته إلى اختيار الجنون فى الخفاء، يكون هذا بداية العلاج الحقيقى.

برغم كل حضور هذه الإرادة هكذا، فإنها فى النهاية إشلال للإرادة الحقيقية (وليس فقط الظاهرة) بمعنى أن محصلتها هى سلبية بحسابات الحرية المشتملة والواقع.

  • هذا الإشكال، الذى طرحناه سابقا هنا فى بعض الحالات فى نشرات “اختيار الجنون بتاريخ 13 يوليو وأيضا 20 يوليو 2008، الأمر الذى استبعده د.زميل فاضل، فناقشنا رأيه فى بريد الجمعة 25 أغسطس 2008 هو إشكال متجدد، لسبب بسيط : هو أننا نعامل الاختيار والحرية من خلال ما نعرفه عنهما كما تظهران فى “حالة العادية”، وبالتالى نستبعد أو نرفض أى احتمال آخر، ولا مجال ونحن نشرح جدولا بهذا الإيجاز إلى أن نفتح الآن هذا الملف مستقلا (ملف اختيار الجنون)، إلا أننا إذا وضعنا عامل الزمن فى الاعتبار، يمكن أن نقول:
  • إن الجنون هو – من حيث المبدأ–  اختيار مع وقف التنفيذ عادة، وهو لا يُعْلَن كاختيار إلا حين يظهر، وأنه إذا عجز أن يظهر فهو ليس اختياراً بالمعنى السائد، بل إنه قد يكون حافزا حتى لاختيار عكسه وهو الإبداع،

 إذا قبلنا ذلك، فإننا نأمل أن نكون قد تقدمنا خطوة نحو احترام “كلمة” “الاختيار على مستويات مختلفة “، مما يسمح بحركية مسئولة  قبل وبعد إعلان الاختيار ، وقايةً وعلاجاً، على التوالى.

ملحوظة:  اختيار الجنون غير الاعتراف به، وغير اكتشاف حقيقة المرض (التى تسمى البصيرة)، الاعتراف بالمرض : “أنا اكتشفت أنى مجنون”، غير احترام اختيار المريض للمرض، الأول قد يتوقف عند الرؤية والاعتراف بالكلام، والثانى قد يفكر فى إعادة الاختيار،

وقد نعود إلى كل ذلك فى مناسبات أخرى.

الإرادة فى حالة الإبداع: هى أيضا خفية من حيث التوقيت والتفاصيل، قد يختار المبدع موضوعا، أو مسألة، أو مجالا بظاهر عقله، تماما مثل حالة العادية، لكنه لا يختار أن “يبدع”، إنه يختار أن يضع نفسه فى وضع استعداد الإبداع إن صح التعبير، بنفس القدر الذى يكون قد اختار له أدواته، لكن فى نهاية النهاية لا يكون الإبداع إبداعا إلا بجُماع إرادات مستويات متعددة من الوعى، تتآلف معا فى مغامرة الحرية المشتملة، لتخوض التجربة دون ضمانات مسبقة، وقد يتحقق من خلال ذلك ما يسمى إبداعا، وقد لا يتحقق. كما قد يتحقق أثر  آخر قد يكون نوعا من الإبداع لانعرفه إلا ناتجا مختارا بأثر رجعى وليس بالمعنى الذى نعرفه عن الاختيار الشعورى بين بدائل قائمة.

إرادة إبداع الحياة  بالاستمرار فيها متجددا لا تظهر هكذا على السطح فى شكل قرار، وإنما نرى نتاجها فى نوعية الحياة وتجدد الوعى واستمرار النمو.

  • الاختيار الحاسم الغائى فى الإبداع غير مضمون، لأنه يمر باحتمال المرور باختيار الجنون، ولا يكون اختياراً للإبداع إلا بعد احتواء ما يسمى الجنون الكْامن إبداعاً.
  • حين يمتد مفهوم إبداع الحياة إلى المستوى التطورى، يمكننا أن نفهم معنى أن عملية التطور برمتها يمكن أن تكون إعلانا لإرادة الأنواع، ليس فقط إرادة بقاء النوع، ولكن أيضا إرادة الانسلاخ عن نوعها لنوع جديد، وبحسب منظور “دينيث“، والنظرية التطورية الإيقاعية، فإن هذا الاختيار الكلى الإبداعى لا يحتاج إلى ناتِجِ خارجه، وهو ما قد يعنى ما يقابله جزئيا على المسار الفردى، ونحن نتذكر كيف أن الأنتوجينيا، تكرر الفيلوجينيا. حين يشترك أكثر من مستوى فى قرار النمو (والتطور) دون حاجة إلى إنتاج إبداعى، ولا إلى قرار معلن، نستطيع أن نفهم منه معنى الإرادة المشتملة فى حالة هذا الإبداع: إبداع الحياة.

قف

ما هذا؟

كل ذلك ونحن نشرح عنوانين فقط من عناوين الجدول

أعتقد أن ذلك يكفى اليوم، فأنا وأنا أكتبه، ربما لم أستطع استيعابه كله

ونلتقى الثلاثاء القادم لإكمال التعقيب على بقية الجدول، وغير ذلك، وذلك لأنه قد وصلتنى أثناء الكتابة اليوم اعتراضات متعددة، ترفض تخصيص أكثر من يوم لهذا الملف على حساب ملف “الحب والكراهية”، وغيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *