حوار/بريد الجمعة
نشرة “الإنسان والتطور”
الجمعة: 16-4-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 4976
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
اليوم (كتابة الرد) أول رمضان
ورمضان كريم
كل عام وأنتم بخير
*****
أ. ميادة سمير
الإشتباك الرحيم .. الإشتباك الشافى.. إشتباك المحبه ..
إجتمعا عليه وإفترقا عليه .. لا إله إلا الله
د. يحيى:
الحمد لله
****
أ. ميادة سمير
وصلنى أن الموت هنا ليس للأشخاص فقط أظن أن الصورة أوسع وأعم من ذلك كما وصلنى أن ننصت بتسليم لنستقبل ونتعلم الدروس وأن التلقين أقل فاعلية من التواصل والتعلم من الإنصات والتسليم
د. يحيى:
نعم
الموت أقوى وأشمل وأقسى وأوعظ من قسوته ومفاجأته
أما عن الإنصات والاستقبال فهو طبعا افضل من التلقين والتسليم ثم إن الانصات مسئولية وأمانة
أما التلقين فهو إعادة جوفاء غالبا
****
أ. مرفت صبرى
عندى تخوف من البدء فى العلاج الجمعى ولا اعرف كيف اتغلب على هذا الخوف؟
د. يحيى:
عندك حق
هى تجربة جادة، رائعة، إبداعية: تستأهل،
على شرط أن تكون: كشفا، ومنهجية، ومخاطرة، وصادقة
الله المستعان
د.ماجدة عمارة
المقتطف : لا ننصح عادة بأن يمر المريض بمرحلة العلاج الفردى قبل العلاج الجمعى، ولا يشترط ذلك.
التعليق : لماذا ؟
د. يحيى:
معظم العلاج الفردى يستعمل “الكلام” كوسيلة أساسية، وأحيانا مطلقة وغالبا مستبعدِاً لغيره “وكل هذا يقلل من شمولية الحوار بين الوعيين، وعى المريض ووعى المعالج.
وحين ننتقل إلى العلاج الجمعى يكون من تعود على العلاج الفردى قد أتقن لعبة الكلام حتى أصبح أقرب إلى اللفظنة Verbalism وعندى تجربة دالة لأحد أبنائى المرضى ظللت أمارس معه العلاج الفردى بضع سنوات وكان طالبا فى كلية الطب ثم نجح وصار طبيب امتياز، واختفت أعراضه التى أتى بها إلىّ، ثم سمع أننى أمارس العلاج الجمعى ورأى أنه قد يحتاجه ليكمل مرحلة نضجه على حد ما نقول ونرجو، لكننى كنت مترددا فى قبوله، لكن لطول معرفتى به، واحتراما لثقته فيما فعلنا سويا: قبلت التحاقه بمجموعة علاجية كنت أقودها فى عيادتى، وإذا به لا يتحمل مواصلة ما بدأنا، وقد تغيرت الطريقة ونوعية التفاعل والمواجهة والرسائل والعائد، حتى انسحب محتجا، وقد أثرّتْ فىّ هذه التجربة فعلا حتى وصغتها شعرا فى ديوانى “أغوار النفس” قصيدة: “نايم فى العسل” وهاك نصّها:
(1)
والعيون التـَّانـْيـَه دى بتقول كلامْ،
زى تخاريف الصيامْ ؛
الصيام عن نبضِة الأَلـَم اللى تِـبْنى،
الصياْم عن أىَّ شئ فيه المُـغـامْـرَهْ ،
الصيام عن صـنَف بـنِـِى آدم مِفَتّح،
الصيام عن أى حاجة فيها إنى: عايز أكونْ :
زىّ خلقةْ ربنا”
(2)
والأفندى اللى لابسها فى العسل نايم بيحلَم،
بَسْ بِيْشاركْ، ويتكلمْ، ويحكُـمْ،
شرطِ إنه لمْ يخطّـى أو يِسلّـمْ
مشْ على بالُه اللى جارِى،
”إنّه عمّال يستخبَّى أو يدارى”
وان وَصلُّه، غَصْب عَنُّهْ
يترمى سْطيحَهْ ويُطْلُبْ حتّه مـِنُّـهْ:
شرط إنه يجيله فى البزازة دافْيَةْ، جَنْب فُمُّهْ
(3)
ساح صاحبنا وعام ملزّق واترسم،
خلّـص الرضعة، ومدِّدْ، وانسَـجَـمْ…
قالُّهْ سمَّعْنَا كمان حبّةْ نغَمْ: كِيدِ العدَا،
يا سلامْ!! هوا جوّاك كلّ دا!؟
أنا نِفْسِى ابقَى كده؟
بس حبُّونِى كمانْ.
حُط حتُّهْ عالميزان.
أصلِى متعَّود زمانْ:
إنى انام شبعان كلامْ
(4)
”يا أخينا مِدّ إيدك
يا أخينا هِـمّ حبَّـهْ.
الحكاية مِش وِكالة بْتَشتِرِى منها المَحَبّةْ”.
قام صاحبنا بانْ كإنه مْش مِمَانـِعْ،
بس قاعد ينتظر “بِنجِ اللذاذة”
كلّه دايب فى الإزازة.
(5)
والمعلّم صْبُرهْ بحباله الطويلةْ ،
قال “لابد أشوفْ لُه حيلهْ”.
قال لـه وعيونه بتضحكْ:
“إنت تُؤْمْر”.
قام صاحبنا راح مصدَّقْ ،
رَاحْ مِنَاوْلُه عرضحالْ فيه المُرادْ:
”.. بعد موفور السلام،
نِفْسِى حبِّةْ حُبْ .. أو حتِّةْ حقيقهْ،
نفسى أفْهَمْ فى اللى جارى ولو دقيقهْ،
نفسى أعرف فى اللى بتقولوا عليهْ،
نفسى اشوف دا إسمه إيه”
(6)
المعلّم قالّه: “ماشى، يالله بينا”
- يالله بينا!!!؟ يالله بينا؟ على فين؟
دانا مستنى سعادتكْ.
روح وهاتْ لى زى عادتكْ:
أى حاجة فيها لذّة،
الكلام الحلو، والمنزول، ومزّة.
أنا أحكى، وانت تتصرف براحتكْ.
أنا تِعْـجِـبـْـنـِى صراحْـتـَكْ،
إٍوعَى تزعلْ منّى: دنَا عيّل باريّل،
لسَّه عندى كلام كتير أنا نفسى اقولـُـهْ ،
عايِز اوْصف فى مشاعرى وإٍحساساتى،
واقعد اوصفها سنين،
مش حا بَطّلْ، خايف ابطّلْ،
لو أبطّل وصف فى الاحساسْ حَاحِسّ ،
وانا مِش قد الكلام دهْ
(7)
المعلم قالُّه: شوفْ لَكْ حد غيرى،
جَنْبِنَا دكّانة تانيةْ،
فيها “بيتزا” مِالّلى هيَّهْ ،
أو “لازانْيَا”
فيها برضكْ وصفهْ تشفى مالعُقدْ ،
إسمها “سيبْ البلد”
فيها توليفةْ حبوب من شغل برّة
تمنع التكْشيرهْ، والتفكيرْ، وْتمِلاكْ بالمسرّة.
فيها حقنةْ تخلِّى بَالَكْ مِستريحْ.
تِنتشِى وْتفـضَلْ مِتَنَّحْ.
فيها سرّ ما يِتْـنـِسِيشْ.
إنـه “مِشَ لازِمْ نعيش”!!
(8)
قام صاحبْنَا إِتُقَمَصْ، بسْ ابْتَسَمْ.
قالْ عليكْ نور يا معلم،
(بسّ انا مش ناوى اسلِّم.)
قال لـِنَفْسُهْ مشْ حاشوفْ غير اللِّى انا قادر أشوفه.
هيَّا لعبهْ ؟
هوه عايزنى أكون من صنع إيده!!!
واللى بيْقُولُهْ، أعيدُهْ!!
إنما بعيدْ عن شوارْبُـهْ،
مشْ مِصـَـاحْبُهْ
حا نزل اتدبّر شُؤونى
وسط هيصةْ الناس حاَضِيـعْ
لما أصِيعْ ،
زنقة الستات ألذّ
مالِحقيقه اللى تهزْ.
بس ياخْسَاره مانيش راجل يِسـدْ،
والنِّسـَا واخداها جَدّ
”النِّسَا عايزالْها راجل يِملى راسها،
مش يبيع روحه لِها علشان ما باسْها.
النِّسَا عايزهْ اللى عيبُه مش فى جيبه، وماشِى حالُهْ،
عايزهْ واحد يِنْتبه لِلِّى فى بالها،
زى مايشوف ما فى بالُهْ ،
النِّسَا عايزهْ اللى يعرف امتى بيقولْهَا “انّ لأَّه”،
أيوه “لأهَّ”، بس “لأهَّ” ليهَا بيهَا
عايزهْ واحد تحِتويهْ، بس تضمن إنُّه قادرْ يِحتويَها”
وانا مش قد الكلام ده!!
(9)
كله منَّكْ يا مِعلمْ:
ليه تفتَّح عينىٍ وِتْوَرينى نَفْسى؟
ليه تلوَّح باللى عمره ما كانْ فِى نِفْسِى؟
واحده واحده، كُنت هَدِّى،
قبل ما تْحَنِّسْنِى ، يعنى، بالحاجاتْ دِى
ليه تخلِّى الأعمى يتلخبط ويرقص عالـسـَّلالـِمْ ؟
كنت سيبْنِى فى الطَّرَاوةْ، يعنى صاحى زى نايمْ.
داهية تلعنْ يوم مَا شُفتَكْ.
يوم ما فكـَّرت استريحْ جُوّا خيمتكْ.
يوم ما جيتلَكْ تانى بعد ما كنت سبتكْ.
يا معلّم: إما إنك تقبل الركـِّاب جميعاً
اللى واقف، واللى قاعدْ ، واللى مِتشعبط كمان،
أو تحط اليافطةْ تعلن فين خطوطْ حَدّ الأمانْ.
كل واحد شاف كده غير اللى شايفُهْ،
يبقى يعرف إنه مِشْ قَدّ اللى عِرْفُهْ.
***
وبعد!
****
أ. مرفت
ومازال ينتظر بدء الانتظار لبطل القصه بالعند والتشكك مع سيدنا وانتهى بالعند مع الاصرار على نطق (وإذا لزم الأمر أن يقرأها “رُبَمَـا” فسوف يقرأها ربَمَا، وسوف يرضَى عنه سيدنا أخيرا) والتشكك من صدق الشيخ مرسى آبو العينين وكأن الدائره التى يسلكها البطل فسرت لى اسم القصة ومازال ينتظر
ما اجمله من اسم أدركته الان فى كثير من احوال الناس.
د. يحيى:
شكرا يا مرفت
أرحب بتشجيعك باستمرار وكأنى مبتدئ فعلا
د.ماجدة عمارة
المقتطف :.. وهى مستسلمة تئن فى لذة بشعة.
التعليق : العبارة لفتت نظرى وحاولت مرارا أن أتمثلها، فلم أستطع، لكننى رأيت القطة وقد استطاعت فشعرت بمعنى التناقض، شكرا للقطة، وحضرتك، والأدب أيضا
د. يحيى:
أشكرك يا ماجدة من جديد أشكرك، لصبرك، وللتأنى في التلقى
وعذرا لقسوة المنظر، والدلالة!!
د.ماجدة عمارة
المقتطف : “ربما”
التعليق : هذه القصة القصيرة ، أحيت هذه الكلمة فى وعيى ، بطريقة مختلفة، كنت، فيما سبق، أقرؤها فى القرآن أو أستمع إليها، فأتوقف لأتساءل، أما من الآن فصاعدا، أظن أنثى سوف أتوقف لأبتسم لك
د. يحيى:
وتدعى لى، ولنا، ولهم
لو سمحتِ
****
أ. فؤاد محمد
المقتطف: أن تنبض الألفاظ طول الوقت، بكل ما تعنى طول الوقت، فأنبض معها:
طول الوقت،… هذا فوق احتمالى.
أحمدُ الله على درجة من الطـَّنـْبَـلـَةْ
التعليق: الان حضرت فى ذهنى ابيات شاعرنا صلاح عبد الصبور “ولأنك لا تدرى معنى الألفاظ/ فأنت تناجزنى بالألفاظ/ اللفظ حَجَر/ اللفظ منيّة/ فإذا ركّبت كلاماً فوق كلام/ من بينهما استولدت كلام/ لرأيت الدنيا مولوداً بشعاً/ وتمنيت الموت/أرجوك../ الصمت../ الصمت!”
د. يحيى:
لم أقرأ هذا الشعر الجميل من قبل لصلاح عبد الصبور الجميل – رحمه الله – هذا كشف رائع يليق بهذا الراحل الرائع ويذكرنى بأننى تعلمت أغوار الحزن من شعره أكثر مما وصلنى من كتاب موسوعىّ علمىّ
تعالىْ نسمعه معا:
حزني ثقيلٌ فادحٌ هذا المساءْ
كأنه عذاب مصفّدين في السعيرْ
حزني غريب الأبوينْ
لأنه تَكوَّن ابنَ لحظةٍ مفاجئه
ما مخضته بطنْ
أراه فجأةً إذا يمتدّ وسط ضحكتي
مكتملَ الخلقة، موفور البدنْ
كأنه استيقظ من تحت الركامْ
بعد سُباتٍ في الدهورْ
لقد بلوت الحزنَ حين يزحم الهواء كالدخانْ
فيوقظ الحنينَ،
هل نرى صحابنا المسافرينْ
أحبابنا المهاجرينْ
وهل يعود يومنا الذي مضى من رحلة الزمانْ؟
ثم بلوت الحزن حين يلتوي كأفعوانْ
فيعصر الفؤاد ثم يخنقه
وبعد لحظةٍ من الإسار يعتقه
ثم بلوت الحزن حينما يفيض جدولاً من اللهيبْ
نملأ منه كأسنا، ونحن نمضي في حدائق التذكّراتْ
ثم يمر ليلنا الكئيبْ
ويشرق النهار باعثًا من المماتْ
جذورَ فرحنا الجديبْ
لكنّ هذا الحزن مسخٌ غامضٌ، مستوحشٌ، غريبْ
فقل له يا ربِّ، أن يفارقَ الديارْ
لأنني أريد أن أعيش في النهارْ
وبعد!
هل هناك أعمق، وأشمل، وأصدق، وآلمَ، وأنبل من كل هذا الحزن البشرى؟
د.ماجدة عمارة
المقتطف : الحكمة (181) أن تنبض الألفاظ طول الوقت، بكل ما تعنى طول الوقت، فأنبض معها:
طول الوقت،… هذا فوق احتمالى.
أحمدُ الله على درجة من الطـَّنـْبَـلـَةْ (2)
التعليق : كأن هذه الحكمة تصف حالى وما يجرى لى ، قرأتها فتلعثمت ، ولا أدرى لماذا فرحت بها كل هذه الفرحة.
د. يحيى:
هكذا: “إبداع التلقى”
بارك الله فيك
أ.مرفت صبرى
المقتطف : الحكمة (180) “……هدِّىءْ خطاك ولا تبالغ فى الضجر من الألفاظ الخاوية، ربما هى ليست خاوية تماما.”
التعليق : اشعرنى هذا الاحتمال بالراحه.
د. يحيى:
أحسن
حتى لا نبالغ فى موقف “الكل أو لا شيء”
أ. مرفت صبرى
المقتطف: الحكمة (181) أن تنبض الألفاظ طول الوقت، بكل ما تعنى طول الوقت، فأنبض معها:
طول الوقت،… هذا فوق احتمالى.
أحمدُ الله على درجة من الطـَّنـْبَـلـَةْ.
التعليق: لم افهم معنى كلمة الطـَّنـْبَـلـَةْ ولكن شعرت بمعناها وأحمد الله أنى عندى درجة منها
د. يحيى:
أعتقد أن الشرح في الهامش كان واضحا
لكن دعينى أعيده لك:
(الطـَّنـْبَـلـَةْ = التطنيشَ: بالعامية المصرية)
****
د.ماجدة عمارة
المقتطف :…هكذا أفهم كيف أن الثبت يحكم فى المحو، فلا يبقى إلا وجهه لا شريك له.
التعليق : لا أعرف لماذا شعرت أننى قد ضبطت حضرتك هنا متلبسا بالفهم، فشعرت أنه قد قلص كثيرا من اتساع مساحة الرؤية لديك ؟ أو لعلنى أسقط فهمى أنا على ما أقرأه الآن ؟ على أى حال ، وصلتنى هذه القراءة مختلفة عن غيرها، لدرجة جعلتنى أتساءل: لماذا يتوقف عندها ويكتب؟ ألم يكن الأجدر به ألا يكتب ما وصله منها ؟
د. يحيى:
ياه!!
هذا موقف مشارك طيب
لا أوافق عليه اضطرارا
وإلا ألقيت كل صدقٍ نابض مكتوب، من فرط تصديقى له
2021-04-16