الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حالات وأحوال (4) من محمد طربقها إلى محمد فركشنى إلى محمد دلوقتى (4): باقى المقابلة الأولى

حالات وأحوال (4) من محمد طربقها إلى محمد فركشنى إلى محمد دلوقتى (4): باقى المقابلة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 27-10-2015

السنة التاسعة

العدد: 2979

27-10-2015

حالات وأحوال (4)

من محمد طربقها

إلى محمد فركشنى إلى محمد دلوقتى (4): باقى المقابلة الأولى

مقدمة: رجاء: من فضلك لا تقرأ نشرة اليوم إلا متصلة بنشرة أمس، حتى من قرأها أمس ومازال يذكر ما بها أدعوه لإعادة قراءتها ثم الانتقال إلى نشرة اليوم.

هذا أفضل: شكرا

………..

………..

د. يحيى: على فكرة: هيّا الواحدة اللى بتسمع صوتها دى اسمها إيه؟

المريض:  إسمها إزاى؟ إيش عرفنى

د. يحيى: هـِيّا ما دام واحدة ست، يبقى لها اسم، إيه رأيك تيجى نسميها.

المريض: أنا اللى أقول إسمها إيه؟

د. يحيى: أيوه يا أخى إسمها إيه؟ يا اللا نسميها، هوّا فيه واحدة تقول الكلام ده، وتعمل العمايل دى وما يبقاش لها إسم ، إسمها إيه؟

المريض: أى إسم وخلاص.

د. يحيى: إديها اسم

المريض: هالة.

د. يحيى: عندها كام سنة

المريض: 35

د. يحيى : بيضا ولاّ سمرا

المريض : بيضة

د. يحيى: شفت ازاى! أديك قدرت تشوفها جوّة، وإن اسمها هالة، وإنها بيضا،

لم أكن أعرف قبل هذا “التفريغ” أن هذا النوع من التعيين(1)، هو نوع من تحريك الإبداع التجسيدى، أكثر منه خيال تجريدى، وأن وظيفته أن يوصل نفس الرسالة العلاجية (أعنى تجسيد الداخل واقعا فعليا) بهذه الصورة المتعينة، التى يمكن أن تكون لها علاقة ببعض أنواع السيكودراما التى نمارسها فى العلاج الجمعى، بل لعل لها ما يقابلها أيضا فيما يقوم به الطب الشعبى، لكنه يضعها “كائنا” فى الخارج ويسميها “جان“، أو”لبس“، أو”أسياد“…الخ، فى حين انها تقَّدم هنا على أنها “كيان” داخلى ضمن التركيب البشرى البيولوجى كمستوى وعى قائم فى داخلنا، وبالتالى يمكن تحريكه بالعلاج إلى المشاركة فى جدل غائىّ ابداعى إلى وعى أشمل، عبر وعى بينشخص، إلى وعى جمعى …الخ

د. يحيى: اتفقنا: يبقى اسمها هالة، وبيضة، طب تسمح لى أغششك تغشيشة صغيرة، ما تيالا نخليها جوّة ونسمع صوتها من برّة.

المريض: يعنى إيه تبقى هىّ جوه بس الصوت جاى من بره؟

د. يحيى: ما هى تغشيشة والسلام، أنا ما باحاولشى أقنعك، بس يجوز تنفع.

المريض: آه، بقى كده!!؟

د. يحيى: إيه رأيك ينفع؟!

المريض: ينفع.

د. يحيى: إيه ده!!؟ هوّا إيه إللى ينفع؟ هوّا انا كل ما أقول حاجة صعبة تاخدنى على قد عقلى. هوّا إيه هو اللى ينفع؟

يلاحظ هنا نوع الحوار الجارى، الذى يشمل احترام عدم الفهم، والبعد عن أى إقناع منطقى، وتبادل الأدوار تلقائيا، وكأن هناك حوارا موازيا بجوار هذا الحوار الظاهر يصل بين المتحاورين ليوصل رسالة ما غير واضحة، وقد وصلنى ذلك أساسا من خبرتى فى العلاج الجمعى(2) حين نؤكد لبعضنا البعض أننا “بنشتغل فى اللى مش فاهمينه“، وأيضا ” بنشتغل فى اللى مش عارفينه“، ثم نواصل التواصل دون توقف حتى خطر لى أن أسمى هذا التكنيك “الحوار الموازى”. 

المريض: أنا كنت عايز أقعد معاك كده لوحدنا، أحسن.

د. يحيى: تقعد معايا لوحدنا؟!!

المريض: آه

د. يحيى: ليه بقى، تشربنى حاجة أصفرا، لأ ياعم.

محمد : مش  قصدى

د.يحيى: ما هو طبعا مش قصدك، بس الدكاترة دول لمّا يشاركونا حايساعدوا فى العلاج

المريض: يا ريت

د. يحيى: شوف يا ابنى: ربنا أتاح لك الفرصة دى.

المريض: ما أنا عايز أتكلم والكلام مش مجمّع معايا خالص.

مرة أخرى، وللزملاء الأصغر خاصة، عليهم ألا يأخذوا ألفاظ المريض بما تعنى حرفيا، فقوله: “الكلام مش مجمّع معايا خالص” لا يعنى بشكل مباشر أنه يعانى من تفكك الكلام أو اللا ترابطIncoherence  فكما نلاحظ أنه يواصل الحوار  بمنتهى الدقة والتسلسل، ومع ذلك فإن إعلانه ذلك يشير إلى حركية الداخل فى نفس الوقت، أكثر مما يشير إلى اضطرابات الكلام أو التفكير .

د. يحيى: المسألة مش مجرد كلام، الكلام خطوه نطلع منها بحاجة سوا، إنت بتجتهد بتجتهد، أنا شايفك بتجتهد معايا عالآخر، يعنى إنت جدع والله العظيم، إنما إن ماكنتش تقوم من الكسرة دى هاتبقى النهاية سودا ولا مؤاخذة.

المريض: لأ

د. يحيى: لأ إيه؟

المريض: مش عايزها تبقى كده،

د. يحيى: يبقى يلا سوا سوا،

محمد : سوا سوا مين؟

د.يحيى: انا والدكتور هشام  وكلنا

المريض: لأ، أنا حاسس إنى لوحدى

د. يحيى: عندك حق، بس الفرصة دى ربنا بعتها لك عشان ما تبقاش لوحدك

المريض: تهيؤات برضه؟ حاتقولوا تهيؤات!

د. يحيى: هوا انا سبق قلت لك إن اللى عندك ده تهيؤات، أنا باقولك إنه  موجود، بس جواك مش برّاك، آدى كل الحكاية، على فكرة الفرصة إللى ربنا إداها لك دى، ربنا حايحاسبنى ويحاسبك عليها، مش هايحاسبك لوحدك، ولو الدكتور هشام خد باله حايحاسبه برضه، وحتى لو ما خدشى باله.

إن توصيل مثل هذه الرسائل ليس بلغة أى بعد دينى تقليدى مباشر، إلا أنه مفيد جدا فى ثقافتنا خاصة، وهو يفيد الطبيب كما يفيد المريض، فهذا التجمع المشترك لحمل المسئولية معا، هو أساس الوعى البينشخصى، ثم الوعى الجمعى، ضمن الوعى الإيمانى الشعبى، ومشاركة المريض فيه على قدم المساواة مع المعالجين، هو أيضا أساس العلاج عامة والعلاج الجمعى وعلاج الوسط خاصة المستبصر بحفز مسيرة النمو(3).

المريض: أنا تعبت.

د. يحيى: من إيه؟

المريض: من الصوت ده

د. يحيى: يخرب بيتك إحنا بنتكلم فى إيه ولاّ فى إيه، طب نرجع واحدة واحدة، هوّا الصوت جوه ولا بره؟

المريض: بره

د. يحيى: طيب بره، إنما هيّا فين؟

المريض: مش فاهم السؤال.

د. يحيى: إنشاله مافهمت رُدّ وخلاص،

المريض: هيّا مين؟

د.يحيى : هيّا “هالة”

المريض: هالة مين

د. يحيى: مش انت اللى سميّتها هالة! إللى بتطلـّع الصوت.

المريض: مش عارف، ما هو الصوت…

د. يحيى (مقاطعا) : يا سيدى مابنتكلمش على الصوت بنتكلم على الست دى، جوه ولا بره؟

المريض: أنا باسمع صوت، وخلاص،

د. يحيى: أنا عارف إنك بتسمع صوت واحدة ست، هوّا أى صوت واحدة ست هايطلع منين؟! من خرم صفارة!! ماهو طالع من واحدة ست وانت وصفتها، وقلت إن عندها 35 سنة وبيضة وإسمها هالة، تبقى جوه ولا بره؟

المريض: مش فاهم

د. يحيى: إنشاله مافهمت، جاوب وإنت مش فاهم، جوه ولابره؟

مرة أخرى: لاحظ  الاستمرا مع عدم الفهم، بمعنى أن إعلان عدم الفهم ليس بالضرورة دليلا عى عدم الفهم ، أو الأصح عدم الإدراك.

المريض: الصوت ده أنا باسمعه من بره.

د. يحيى: من بره فين؟

المريض: ما أنا مش فاهم السؤال.

د. يحيى: لأنك مركّز على الصوت مش على مصدره.

المريض: طبْ ما نسيبنا من مصدره ده

د. يحيى: نسيب إيه!، ماهى ست، وبتقول أصوات، نسيبها ونروح فين، علشان تستفرد بيك تانى فى الأودة وتقول لك موّت نفسك[4]، إحنا حانلصّم، ، إنت مش نـَقـَّاشْ.

المريض: آه نقاش.

د. يحيى: لما بيكون فيه  شق فى الحيطة تبيّض عليه كده وخلاص.

المريض: لأ بنأفـّله معجون الأول

د. يحيى: إفرض إن هو فارق، مسافة يعنى مش يبقى عايزتحبّشة بحاجات كده.

المريض: الكلام ده لما يكون الفلق كبير، بنعملـّه جبس.

د. يحيى: وساعات ماينفعش لما تكون الأرض مريحّة.

المريض: فعلا.

د. يحيى: تحط جبس ماتحط جبس ترييح الأرض يرجع يشرخ تانى

نلاحظ كيف يجرى الحديث بلغة المريض، وفى صلب حرفته.

المريض: صحيح ممكن يشرخ تانى، ماهو بيبان، بس بندى وش بوية الأول عليه لوفتح تانى بنغمّضة معجون.

د. يحيى: يعنى إيه بنغمّضه

المريض: يعنى زى ما تكون بتغمض عينك، كنت فاكرحاجات كتير فى صنعتى، كانت الصنايعية يحبونى، كانوا مسمينى “محمد “طربقها”

د. يحيى: محمد إِيه؟

المريض: محمد “طْربَقْها”

د. يحيى: يعنى إيه ؟

المريض:علشان كنت جامد فى الشغل كنت ناشف،وباخلّص اللى بيدوه ليّا قوام قوام

د. يحيى: يا خسارة عليك وعلى أيامك.

لاحظ أصل ظهور تسميته “محمد طربقها” ومغزاه الإيجابى فى العمل.

المريض: كانوا يحبوا أنزل معاهم الشغل، كنت أطلـّع أوض نوم لوحدى الدور الرابع والدور الخامس، كنت قوى فى الشغل، دلوقتى ماباقدرش.

د. يحيى: ما أنا بقول لك نخـّيت

المريض: 24 سنة وباشيل ده كله. آآآآآآآه، حقى (واغرورقت عيناه أكثر)

د. يحيى: العياط مش هايجيب نتيجة، هو شرف وكل حاجة لأنه صِدْق، إنما مش حايجيب لك حقك

المريض: أنا باحاول أكتم العياط، بس…

د. يحيى: هو حقك، بس هو برضه ضعف

المريض: بس غصب عنى

د. يحيى: برضه هوّا  حقك

المريض: عشان إللى أنا فيه ده

د. يحيى: ومن غير عشان، هو حقك.

المريض: ممكن يكون كمان المخ تِعب،

د. يحيى: بس تِعب بدرى وانت صغير، والتعب جامد

المريض: ده أكيد، مريار(5)لمريار، يعنى لوفيه أكبر من المريار كنت قلت.

د. يحيى: مليار إيه؟

المريض: هو تِعب.

د. يحيى: من إيه؟

المريض: هو المخ بيتعب من إيه؟

د. يحيى: من الغباء، من التحمل من غير لازمة، من إنك تيجى على نفسك عمال على بطال، إنك تنسى حقوقك، إنك ترضى تبقى جزمة قديمة يلبسها كل واحد حافى، أو يرميها اللى مش عايزها

المريض: لأه، أنا عايز أرجع زى زمان.

د. يحيى: عايز ترجع تانى يلبسوك جزمة؟ أو يرموك جنب الحيطة؟

المريض: لأ ما أنا عايز أتغير

د. يحيى:أدى احنا قرّبنا نتفق، تتغير ، يبقى مش زى زمان

المريض: عايز اعرف أنا عندى إيه.

د. يحيى: عايز تعرف إيه؟ تعرف إسم المرض يعنى؟ بصراحة مالوش لزمة، عايز تعرف إيه تانى، إفرض قلت لك إكتئاب، ولا مش إكتئاب أو أى كلام من إللى بيقولوه الدكاترة، ولا حتى فصام هاتعمل إيه ؟!

المريض: مش هاعمل حاجة.

د. يحيى: طيب، تعرف حاجة  مش هاتعمل بيها حاجة، تعرفها ليه؟

المريض: يعنى مش هاستفاد حاجة يعنى لما أعرف إسم المرض؟

د. يحيى: خالص خالص، بالعكس، دا يمكن يعطلك لو سمعت الكلام اللى بيقولوه عليه،  إنما يمكن حاتستفاد لما  نغلب المرض، مش لما نعلق يافطته،

المريض: وحا نغلبه ازاى؟

د. يحيى: بإننا نجيب أصله وفصله(6) جوّانا، نقوم نقدر نتفاهم معاه ونصححه، معلشى أصلى معلّق على الحكاية دى: أصل لو الست اللى بتقول الكلام ده بره هاجيبها منين أشتغل معاها، إنما لو جوه هاقدر أشتغل معاها، قصدى حا نشتغل معاها سوا سوا، الشغل ده هوا اللى يمكن فيه فايده، إنما إسم المرض هاتستفيد بيه إيه، خدت بالك.

المريض: أنا كل إللى يهمنى “إن ربنا يسهلى وأخف علشان أطلع أشتغل بقى,

د. يحيى: زى زمان برضه؟

المريض: آه

د. يحيى: آه إيه، ما هو يا إما أحسن من زمان، يابْقَى انا غلطان فى حقك، سمعتنى؟

المريض: لأ.

د. يحيى: طيب بالذمة ليه ماسمعتنيش، باقول لك: يا إما أحسن من زمان يا مش نافعة، كل العياط ده جى من اللى كنت فيه زمان، كل الألم ده من زمان ومن محمد طربقها، هايرجعوا ينفخوا فيك وهات يا دحْ، طربقها طربقها لما طربقت نفسك، وتقولى أرجع زى زمان!!؟

المريض: يعنى اعمل إيه

د. يحيى: يامحمد ياابنى: رغم إحترامى للى إنت بتقوله هانبّهك على حاجة، هاتسمعنى بقى ولا حاتقفل تانى؟

المريض: آه

د. يحيى: واضح طبعاً تعبك، مافيهوش أى مبالغة، بالعكس إللى ظهر ده جزء من مليارات زى ما بتقول،  لما هانقعد نتكلم فيه بقية حياتنا، مش حانخلص، .. (المريض يبدو ساهما).. سامعنى؟

المريض: سامعك.

د. يحيى: لما هانقعد نتكلم فيه بقية حياتنا هانزودُه ومش حا  ينقص، تصور!!

المريض: (مقاطعا) عايز، …

د. يحيى(مقاطعا أيضا): أكمّل ولا بلاش

المريض: كمّل.

د. يحيى: …. إنما لو اتعلمنا منه إن إحنا نعيش سوا سوا  فى الظروف إللى ربنا إداها لنا دلوقتى: يبقى يمكن نرجع أحسن، ويبقى نجحنا ويبقى لصالحنا، وتتنيك جدع وتتنك بطل، مش بس في إنك تطربقها، لأ إنك تعيش زى ما ربنا خلقنا، كل ده ممكن لو انت مش لوحدك، وماترجعش زى زمان، تبقى أحسن من زمان

المريض: طب ازاى؟

د. يحيى: مش يمكن الكلام الهزار على الجد(7) اللى قلناه ده يطلع صح ويساعدنا

المريض : أنهو كلام

د. يحيى: اللى قلناه بتاع جوه وبره

المريض : بس أنا لو قلته لحد حايقول ده مجنون ده، ومش عارف إيه.

تذكرّ ما سبق أن قلناه فى التقديم من أن المريض قد يتقبل فروض النفسمراضية مهما كانت غامضة، أكثر من الشخص العادى، وأنه يمكن أن يغير موقفه من واقع العلاقة العلاجية النشطة، وليس باقتناع عقلى سطحى.

د. يحيى: قصدك حد من البشوات دول، (يشير إلى الحضور) لا يا شيخ حرام عليك، دول مع إنهم كاتبين تشخيص زى الزفت، إنما دول صغيرين (يشير للأطباء الحاضرين) ومستعدين يتعلمواـ إمال همّا هنا بيعملوا إيه؟ مش انا قلت لك من الأول إحنا هنا عشان العلم والتعليم، وبنصوّر عشان العلم والتعليم، وانت حاينوبك ثواب فى ده، لو استفادوا منك وهمّا بيعالجوا غيرك، وربنا يكرمك وتخف.

المريض: هو أنا مجنون يعنى؟

د. يحيى: ما احنا بنشوف أهه

المريض: هو أنا مجنون؟

د. يحيى: إسألهم همّا اللى كتبوا التشخيص

المريض: بس أنا مش مجنون، أنا ممكن أكون مريض نفسياً، تعبان نفسياً بس. لكن مش مجنون، مابمشيش أكلم نفسى.

د. يحيى: يا راجل صلى على النبى، هوّا حد يقدر يلقط ويفهم اللى انت لقطته ده

المريض: فهمت إيه.

د. يحيى: أنا متصور إنك لو صدقتنى وقبلنا وجود مصدر الأصوات من جوه، كنت هاتسمع الأصوات من جواك ويمكن تفضل فى ودنك برضه وساعتها مش حايهمك، ونكمل

هذه النقلة من الأعراض إلى النفسمراضية، ومن الخارج إلى الداخل هى  نقلة ليست بالإقناع المنطقى، لكنها كما يبدو من كل ما تقدم يمكن أن  تسمح بقدر من التنوير غير المباشر عبر الادراك الكلى وليس التفكير الخطّى وبالتالى تسمح لحركية المخ أن يعيد بناء نفسه (طبعا بمساعدة كل العلاجات الأخرى)، وعلى الرغم من أنها تبدو موازية لما يسمى الطب الشعبى إلا أنها عكسه تماما.

المريض: طب وانا لما اسمع الأصوات من جوّه حاتفرق إيه؟

د. يحيى: أقول لك مثلا: الست هالة دى بتقول لك الكلام قلة الأدب ده، وعمالة تلبّخ وتقول لك موّت نفسك، طب وهى هاتروح فين لما تكون جواك وتموّت نفسك، ما هى لو تصدقنى إنها جوّاك مش براك، هى حاتخاف تقول لك كده، لأنها هاتروح معاك.

المريض: إزاى يعنى؟

د. يحيى: لما تكون جواك وتقول لك موت نفسك،  تستعبط انت وتقول لها  ما إنت جاية معايا يا روح أمِّك، إنت هاتروحى فين، إنما لو تكون بره تموت إنت وهى تنفد  بجلدها، إنت منين ما تقول لك  موت نفسك تقول لها سَوَا  سَوَا ياروح قلبى، إيه رأيك؟

المريض: مش عارف دى خيالات دى ولاّ إيه!! ولا دى أوهام ولا دى حقيقة. وبرضة كان أبويا بيتعبنى برضة، كان يقعد يقولى إنت بتمثل، أقول له أنا تعبان، يقولى إنت بتمثل، والصلاة برضه، والصلاة، يمكن إللى خلانى كملت الجيش: الصلاة، كنت وأنا ساجد كنت باقول يارب قوينى، يارب قوى إرادتى وعزيمتى، لغاية ما قاومت وخدت الشهادة، بس خدتها بعد عذاب، مش عذاب لأ، فوق العذاب.

د. يحيى: شهادة الجيش؟

المريض: عذاب النفس، فوق العذاب، والصبر برضة، واقول يا رب…

د. يحيى: أهى قولة يارب دى لوطلعت صح، تلم كل حاجة على بعضها.

المريض: ما هى طلعت صح وربنا ساعدنى.

د. يحيى: بس نخـِّيت فى الآخر.

المريض: ماهو أنا لازم أنخ بقى، ماهو كل ده دا وانا عندى 24 سنة استحمل كل ده، ومش عايزنى أنخ، دا كويس أن أنا ما إنتحرتش، ماموتش، يعنى يعد كل ده وكل إللى أنا شوفته وكل إللى حصلّى وما انِخِّشْ، دا الجمل بينخ.

د. يحيى: دا صحيح. بس برضه إحنا فى دلوقتى: يا تاخد الفرصة دلوقتى يا حاتضيع منّنا كلنا.

المريض: أناعايز أشتغل

د. يحيى: احنا كده إحترمنا كل حاجة، وانت صادق مليون فى المية، آن الآوان تسمعنى وتشوف حانعمل إيه.

المريض: حانعمل إيه؟

د. يحيى: أقول من تانى؟ حاضر، يا نعمل العلاج اللى هوّه، يعنى نعمله مع ربنا، يانعمل العلاج بتاع: عايز أرجع زى زمان، عايز أستريح.

المريض: لأ نعمله مع ربنا.

د. يحيى: بعد ثانية هاتقول عايز أرجع زى زمان، مع إن ثبت إن كلمة زى زمان دى مافيهاش ريحة الراحة.  قدامنا آهوه يا إمّا اللى حانعمله مع ربنا يا إمَا أرجع زى زمان، وعايز أستريح والكلام ده.

المريض: لأ نعمله مع ربنا.

مرة أخرى: استعمال هذه اللغة ليست من منطلق دينى تقليدى، بقدر ما هو نابع من ثقافتنا الفطرية الإيمانية الأصيلة، ومدعم بالوصلة بين الوعى الشخصى إلى الوعى البينشخصى إلى الوعى الجمعى إلى الوعى الجماعى إلى الوعى المطلق إلى وجه الله، وكل ذلك له جذور خبراتية وعلمية وإيمانية وعلاجية فاعلة وموضوعية. 

المريض: طب والصوت؟

د. يحيى: لا يا شيخ، حاييجى منين  الصوت بعد ما فقسنا مصدره وبقينا كلنا مع بعضنا، وربنا معانا،

المريض: يعنى نعمل إيه؟

د. يحيى: طيب علشان نخلص يابنى، أنا فعلاً محترم كل حرف إتقال من د. هشام ومن إللى إنت قولته، وخايف أجيب سيرة حاجة تتوجع تانى. عايز أفكرك بحاجات أساسية:  نمرة واحد، مش هاترجع زى زمان، ترجعٍ أحسن إنشاء الله، بإذن واحد أحد، (يزداد اغروراق عينيه) طيب نأجل المقابلة دى شوية، كل ما أجيب سيرة حاجة بتروح موجوع يابنى.

المريض: مش عايز أعيط بس …

د. يحيى: قولت لك مرتين تلاته إن العياط محترم بس مش مفيد أوى، يمكن بيجيب العكس، وأنا أسف معلش سامحنى

المريض: أنا مش عايز أعيط،… بس غصب عنى.

د. يحيى: أنا عارف

المريض: هو مفيش راجل يعيط، بس لو حد غيرى ماكنش عيط، كان موت نفسه.

د. يحيى: أنا عارف، بس انت شجاع وشريف، مش طربقها، وحانعملها سوا بإذن الله.

المريض: أنا بعيط صعبان علىّ نفسى.

د. يحيى: كفاية صعبانية يا محمد، لحسن تقضى بقية حياتك صعبانية، وإنت جدع وهاترجع جدع بطريقة، أحسن من إللى فاتت

المريض: صحيح؟

د. يحيى: بس بطريقة مختلقة.

المريض: آه. آه

د. يحيى: إنشاء لله، علشان ربنا معانا وعلشان إنت مش لوحدك، مين معاك؟

المريض: معايا ربنا.

د. يحيى: الحمد لله، دى البداية ومين تانى، أدى احنا قعدنا نلف نلف لحد ما جينا لأصل الحكاية، ومين تانى معاك إنت وربنا؟

المريض: معايا حضرتك والدكتور هشام والدكاترة.

د. يحيى: بس، كفاية كده مع السلامة، إفتكر بقى آخر جملة قولناها، مع السلامة، وأختبرنا بقى يابنى حانطلع أهل لكده ولا لأ، إنشاء الله ربنا يقدّرنا، مع السلامة.

المريض: (ينصرف).

[1]  من العيانيةConcretization

[2] – يمكن مراجعة لعبة “يا خبر دا انا لمّا مابهمشى يمكن…..(أكمل)، وأيضا لعبة: “دا انا لو أقول كلام من غير كلام ……”(أكمل)

[3] – Growth Oriented  Therapy

[4] – أيضا : هذه المعلومات ممن واقع تفاصيل المشاهدة التى لم ترد فى هذه المقتطفات

[5] – هكذا نطقها تحديدا، وهو يقصد مليار طبعا، لكننى فضلت أن أكتبها كما نطقها، وكان بالغ التألم والمعاناة وهو ينطقها، وعيناه مليئة بالدموع.

[6] – المقصود بـ “أصله وفصله” ليس التركيز على أسبابه وعُقَدِهْ كما يبالغ التحليل النفسى، وإنمّا المقصود هو معرفة النفسمراضية تركيبا حاليا بما هو قابل لإعادة التشكيل، وهذا الهامش للأطباء الدارسين، لكن هذا المعنى يصل الى المريض بنفس المغزى بدون أى أبجدية علمية أو شرح طبعا.

[7] – تعبير “الهزار على الجد” غير مقصود به إن الجد (أو حتى العلم) كان ممزوجا بالفكاهة ولكنه تخفيف من محاولة التمادى فى الاحتكام إلى قواعد التفكير (والمنطق المسلم بها) على حساب حقيقة غامضة أعمق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *