الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (95) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (95) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 13-10-2022                               

السنة السادسة عشر

العدد: 5521

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (95)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

الأصداء

‏95 – ‏سلم‏ ‏نفسك

خطر‏ ‏على ‏بالى ‏فتفجر‏ ‏قلبى ‏بالشوق‏، ‏ذهبت‏ ‏إلى ‏مسكنه‏ ‏فى ‏آخر‏ ‏مساكن‏ ‏الضاحية‏ ‏المحفوفة‏ ‏بالحقول‏ ‏رحب‏ ‏بى ‏بود‏ ‏قائلا‏: “‏مضى ‏العمر‏ ‏على ‏آخر‏ ‏زيارة‏ ‏لكنك‏ ‏جئت‏ ‏فى ‏وقت‏ ‏مناسب‏”.‏

قال‏ ‏ذلك‏ ‏وهو‏ ‏يشير‏ ‏إلى ‏خوان‏ ‏قصير‏ ‏وضعت‏ ‏عليه‏ ‏صينية‏ ‏بالعشاء‏ ‏المكون‏ ‏من‏ ‏سمك‏ ‏مشوى ‏وزيتون‏ ‏مخلل‏ ‏وخبز‏ ‏ساخن‏. ‏ودعانى ‏للعشاء‏ ‏فجلست‏. ‏وما‏ ‏كدنا‏ ‏نبسمل‏ ‏حتى ‏ترامى ‏إلينا‏ ‏صوت‏ ‏من‏ ‏مكبر‏ ‏يصيح‏: ‏سلم‏ ‏نفسك‏ ‏وثب‏ ‏إلى ‏مفتاح‏ ‏الكهرباء‏ ‏فأغلقه‏ ‏فساد‏ ‏الظلام‏، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏انهال‏ ‏علينا‏ ‏الرصاص‏ ‏من‏ ‏جميع‏ ‏الجهات‏ ‏كالمطر‏. ‏وقلت‏ ‏لنفسى ‏وأنا‏ ‏ارتعد‏ ‏من‏ ‏الرعب‏ “‏سعيد‏ ‏من‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يسلم‏ ‏نفسه‏”‏

أصداء الأصداء

لما‏ ‏كنت‏ ‏قد‏ ‏تورطت‏ ‏فى ‏قراءه‏ ‏الفقرة‏ ‏السابقة‏ ‏كما‏ ‏جاءت‏ ‏هكذا‏، ‏فلأكمل‏ ‏تورطى ‏بهذه‏ ‏القراءة‏ ‏المكملة‏، ‏ذلك‏ ‏لأننى ‏اعتبرت‏ ‏هذه‏ ‏العودة‏ ‏تكملة‏ ‏لمحاولة‏ ‏إرضاء‏ ‏مرشده‏ ‏القديم‏ ‏فى ‏الفقرة‏ ‏السابقة‏، ‏فبعد‏ ‏أن‏ ‏أنسته‏ ‏بائعة‏ ‏الخبز‏ ‏مرشده‏ ‏الأعمى (‏الفقرة‏ ‏السابقة‏) ‏عاد‏ ‏يذكره‏ ‏أيضا‏ ‏مثلما‏ ‏راح‏ ‏عبد‏ ‏الله‏ ‏يذكر‏ ‏عبد‏ ‏الدايم‏ : ‏فقرة‏ 27، ‏وأيضا‏ ‏مثلما‏ ‏راح‏ ‏الرجل‏ ‏تحت‏ ‏التمثال‏ ‏يذكر‏ ‏صاحب‏ ‏الفضل‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏استغنى ‏عنه؟‏، ‏هنا‏ ‏أيضا‏ ‏نجد‏ ‏أنه‏ ‏يذكره‏ ‏بصدق‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏تفجر‏ ‏قلبه‏ ‏بالشوق‏ ‏إليه‏ ‏ولكنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يعرف‏ ‏أن‏ ‏الاعتراف‏ ‏به‏ ‏وبفضله‏ ‏هكذا‏ ‏لايتم‏ ‏إلا‏ ‏بشروط‏، ‏وأنه‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏درجة‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏الظلام‏ (‏المضىء‏) ‏بل‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏درجة‏ ‏من‏ ‏إيمان‏ ‏العجائز‏ ‏الذى ‏يبرر‏ ‏الإذعان‏ ‏المطلق‏ ‏وأن‏ ‏يسلم‏ ‏نفسه‏ ‏تماما‏، ‏ولكن‏ ‏يبدو‏ ‏أنه‏ ‏حتى ‏هذا‏ ‏التسليم‏ ‏أصبح‏ ‏غير‏ ‏ممكن‏ “‏سعيد‏ ‏من‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يسلم‏ ‏نفسه‏”، ‏إذ‏ ‏كيف‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يفعل‏ ‏وسط‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الظلام‏ ‏من‏ ‏ناحية‏، ‏والرصاص‏ ‏من‏ ‏جميع‏ ‏الجهات‏ ‏كالمطر‏.‏

مأزق‏ ‏شديد‏ ‏الصعوبة:‏ ‏آمـَنَ‏، ‏ثم‏ ‏أنـْكـَرَ‏، ‏ثم‏ ‏آمـَنَ‏، ‏ثم‏ ‏شـَكّ‏، ‏ثم‏ ‏عاد‏ ‏أكثر‏ ‏إيمانا‏ ‏لكنهم‏ ‏أنكروه‏ ‏حتى ‏لم‏ ‏يمكنوه‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يدعى ‏الاستسلام‏ ‏لهم‏.‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

6 تعليقات

  1. صباح الخير يا مولانا:
    المقتطف : ولكنه‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يعرف‏ ‏أن‏ ‏الاعتراف‏ ‏به‏ ‏وبفضله‏ ‏هكذا‏ ‏لايتم‏ ‏إلا‏ ‏بشروط‏، ‏وأنه‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏درجة‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏الظلام‏ (‏المضىء‏) ‏بل‏ ‏يحتاج‏ ‏إلى ‏درجة‏ ‏من‏ ‏إيمان‏ ‏العجائز‏ ‏الذى ‏يبرر‏ ‏الإذعان‏ ‏المطلق‏ ‏وأن‏ ‏يسلم‏ ‏نفسه‏ ‏تماما‏، ‏ولكن‏ ‏يبدو‏ ‏أنه‏ ‏حتى ‏هذا‏ ‏التسليم‏ ‏أصبح‏ ‏غير‏ ‏ممكن‏ “‏سعيد‏ ‏من‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يسلم‏ ‏نفسه‏”، ‏إذ‏ ‏كيف‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يفعل‏ ‏وسط‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الظلام‏ ‏من‏ ‏ناحية‏، ‏والرصاص‏ ‏من‏ ‏جميع‏ ‏الجهات‏ ‏كالمطر…
    التعليق : يا مولانا أعود فأذكر مقولتك لنا ، فى إحدى المناسبات ،” تتزنق وتنط من فوق جبل ،ساعتها تشوف ربنا ” لعلى استدعيتها الآن لأكمل بها كلامك فى هذا الصدى ،وأقول معك : لعله الخوف استدعى الطمأنينة به ،ولعله الظلام أضاء بنوره …والسعيد منا من يقفز إليه ويتلقف حبل وصله .فلنسلم ،يارب سلم

  2. د.مروة عبداللطيف

    مأزق‏ ‏شديد‏ ‏الصعوبة:‏ ‏آمـَنَ‏، ‏ثم‏ ‏أنـْكـَرَ‏، ‏ثم‏ ‏آمـَنَ‏، ‏ثم‏ ‏شـَكّ‏، ‏ثم‏ ‏عاد‏ ‏أكثر‏ ‏إيمانا‏ ‏لكنهم‏ ‏أنكروه‏ ‏حتى ‏لم‏ ‏يمكنوه‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏يدعى ‏الاستسلام‏ ‏لهم‏.‏

  3. مولانا الحكيم سبق و بوحت لك أن متعة الغوص فى الاصداء لا يفوقها إلا غوصا فى أصداء الاصداء و ها أنا أكرر بوحي و إن كان قد صعب علي الغوص فى أصداء الاصداء لهذه الفقرة ربما لأن وعيها فاق مستوى استيعاب وعيي و ربما لأني جهلت هذا الربط الذي أشرت إليه حضرتك بينها و بين فقرات سابقة و ربما … لست أدري
    لكني على يقين أن هناك ما يصل إلى وعينا حتى دون أن ننتبه و ندري و أنا احترمت هذا و أكتفيت بما وصلني هنا و الآن دون انتباه و رصد …….

    ربنا ما يحرمنا من تواصل وعينا بوعي حكيم مثلك وعيه نور من نور على نور

    • أشكرك دائما يا سحر يا إبنتى، وأفرح حين يصلنى هذا الاحتمال الذى أعيشه، ولا أستطيع شرحه بما يستحق وهو أنه يصل إلى وعينا الكثير والكثير دون أن ننتبه إليه أو أن نرصده.
      هكذا يتواصل الحمام مع الحمام والغزلان مع الغزلان …الخ، وهو ما يبقيهم أحياء مثلنا- دون أن ينقرضوا حتى الآن!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *