الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (88) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (88) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 25-8-2022    

السنة الخامسة عشر

العدد: 5472

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (88)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

 الأصداء

88 – ‏الشذا‏:‏

نظر‏ ‏الى ‏الوراء‏ ‏طويلا‏ ‏فلم‏ ‏يبق‏ ‏منه‏ ‏إلا‏ ‏ما‏ ‏يبقى ‏من‏ ‏الورد‏ ‏بعد‏ ‏جفافه‏: “‏اللهو‏ ‏وصفاء‏ ‏الأحلام‏ ‏ودفء‏ ‏السيدة‏ ‏الحنون‏، “‏هى ‏دائما‏ ‏كبيرة‏ ‏ولكن‏ ‏لا‏ ‏تجوز‏ ‏عليها‏ ‏الشيخوخة‏ ‏ودائما‏ ‏تسبح‏ ‏بالدعاء‏”. “‏وتعرض‏ ‏بعد‏ ‏الظلام‏ ‏ناشرا‏ ‏لواء‏ ‏الفراق‏ ‏وتحرك‏ ‏طابور‏ ‏الوداع‏ ‏وتأوه‏ ‏العريس‏ ‏الذى ‏لم‏ ‏يتم‏ ‏زفافه‏”، “‏وتلاشت‏ ‏وجوه‏ ‏الحب‏”، “‏وعبق‏ ‏الجو‏ ‏بالشذا‏ ‏الطيب‏”.‏

مقام‏ ‏صعب‏ ‏كذلك‏، ‏قصيدة‏ ‏جميلة‏ ‏مزعجة‏، ‏فالعريس‏ ‏لم‏ ‏يتم‏ ‏زفافه‏، ‏ووجوه‏ ‏الحب‏ ‏تلاشت‏، ‏فمن‏ ‏أين‏ ‏يأتى ‏الشذا‏، ‏وصفاء‏ ‏الأحلام‏، ‏وماذا‏ ‏يفيد‏ ‏دفء‏ ‏السيدة‏ ‏الحنون‏ ‏التى ‏لا‏ ‏تجوز‏ ‏عليها‏ ‏الشيخوخة؟

أصداء الأصداء

حين‏ ‏تشف‏ ‏النفس‏، ‏بالموت‏ ‏فى ‏الأغلب‏، ‏على ‏شرط‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏قد‏ ‏قضت‏ ‏أيامها‏ ‏كما‏ ‏ينبغى: ‏محاطه‏ ‏بالوعى ‏الحنون‏، ‏هائصة‏ ‏فى ‏ملعب‏ ‏اللهو‏ ‏الحيوى، ‏منطلقه‏ ‏فى ‏عنان‏ ‏الخيال‏ / ‏الواقع‏ ‏تشكل‏ ‏الأحلام‏ ‏بما‏ ‏شاءت‏ ‏كيف‏ ‏شاءت‏، ‏تأتى ‏نهايتها‏ ‏وكأنها‏ ‏تذوب‏ ‏فى ‏المطلق‏، ‏لكنه‏ ‏ليس‏ ‏ذوبان‏ ‏العدم‏، ‏بل‏ ‏ذوبان‏ ‏التنازل‏ ‏عن‏ ‏الذات‏ ‏المحدودة‏، ‏ليبقى ‏أثرها‏ ‏القادر‏ ‏على ‏الدخول‏ ‏فى ‏النغم‏ ‏الكونى ‏العام‏، ‏ولايبقى ‏منها‏ ‏إلا‏ ‏شذا‏ ‏منتشر‏ ‏دون‏ ‏تحديد‏ ‏فى ‏كيان‏ ‏فردى ‏بذاته

أما‏ ‏طابور‏ ‏الوداع‏ ‏ولوعة ‏الفراق‏، ‏فهى ‏المراسم‏ ‏التى ‏تودع‏ ‏الفرد‏ ‏الفانى، ‏فلماذا‏ ‏يتأوه‏ ‏العريس؟‏ ‏لأنه‏ ‏لم‏ ‏يتم‏ ‏زفافه؟‏ ‏لأنه‏ ‏كان‏ ‏واهما‏ ‏أن‏ ‏الزفاف‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتم‏، ‏مع‏ ‏أنه‏ ‏وعد‏ ‏متجدد‏ ‏لا‏ ‏أكثر؟‏ ‏ويصلنى ‏أن‏ ‏الزفاف‏ ‏الحقيقى ‏هو‏ ‏أن‏ ‏يتلاشى ‏الحس‏ ‏الفردى ‏ليذوب‏ ‏فى ‏المطلق‏، ‏ويبقى ‏الشذا‏ ‏الواحد‏ ‏فى ‏الشذا‏ ‏الكل‏ ‏الدائم‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏تجوز‏ ‏عليه‏ ‏الشيخوخة‏، ‏إذن‏ ‏فالذى ‏تلاشى ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏الحب‏، ‏وإنما‏ ‏وجه‏ ‏الحب‏ ‏المجسد‏ ‏فى ‏العلاقات‏ ‏المؤقتة‏، ‏لأن‏ ‏الباقى ‏هو‏ ‏شذا‏ ‏فى ‏شذا‏، ‏شذا‏ ‏فرد‏ ‏بقى ‏منه‏ ‏ما‏ ‏يتبقى ‏من‏ ‏الورد‏ ‏بعد‏ ‏جفافه‏، ‏وقد‏ ‏ذاب‏ ‏فى ‏شذا‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏تجوز‏ ‏عليه‏ ‏الشيخوخه‏،، ‏الأول‏ ‏بلا‏ ‏بداية‏، ‏الآخر‏ ‏بلا‏ ‏نهاية‏.‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *