الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (86) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (86) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 11-8-2022    

السنة الخامسة عشر

العدد: 5458

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (86)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

 الأصداء

86 – ‏حوار‏ ‏الأصيل

إنه‏ ‏جارنا‏ ‏فنعم‏ ‏الجيرة‏ ‏ونعم‏ ‏الجار‏. ‏عند‏ ‏الأصيل‏ ‏يتربع‏ ‏على ‏أريكة‏ ‏امام‏ ‏الباب‏ ‏متلفعا‏ ‏بعباءته‏، ‏بذلك‏ ‏يتم‏ ‏للميدان‏ ‏جلاله‏ ‏وللأشجار‏ ‏جمالها‏، ‏وعندما‏ ‏تودع‏ ‏السماء‏ ‏أخر‏ ‏حدأة‏ ‏يرجع‏ ‏أبناؤه‏ ‏الثلاثة‏ ‏من‏ ‏اعمالهم‏. ‏وعشية‏ ‏السفر‏ ‏إلى ‏الحج‏ ‏نظر‏ ‏فى ‏وجوههم‏ ‏وسألهم‏: “‏ماذا‏ ‏تقولون‏ ‏بعد‏ ‏هذا‏ ‏الذى ‏كان؟‏” ‏فأجاب‏ ‏الأكبر‏: “‏لا‏ ‏أمل‏ ‏بغير‏ ‏القانون‏” “‏وأجاب‏ ‏الأوسط‏”. “‏لا‏ ‏حياة‏ ‏بغير‏ ‏الحب‏”. “‏وأجاب‏ ‏الأصغر‏”. “‏العدل‏ ‏أساس‏ ‏القانون‏ ‏والحب‏”. ‏فابتسم‏ ‏الأب‏ ‏وقال‏: “‏لابد‏ ‏من‏ ‏شيء‏ ‏من‏ ‏الفوضى ‏كى ‏يفيق‏ ‏الغافل‏ ‏من‏ ‏غفلته‏”. “‏فتبادل‏ ‏الاخوة‏ ‏النظر‏ ‏مليا‏ ‏ثم‏ ‏قالوا‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏واحد‏” “‏الحق‏ ‏دائما‏ ‏معك‏”‏؟‏.‏

أصداء الأصداء

قصيدة‏ ‏أخرى ‏يتمم‏ ‏فيها‏ ‏الحضور‏ ‏الحيوى ‏لهذا‏ ‏الجار‏ ‏الحكيم‏ ‏جلال‏ ‏الميدان‏ ‏وجمال‏ ‏الأشجار‏، ‏ثم‏ ‏نجد‏ ‏أنفسنا‏ ‏فى ‏مواجهة‏ ‏الأسئلة‏ “‏غير‏ ‏المستعصية‏” (‏قارن‏ ‏فقرة‏ 82 ‏حيث‏ ‏تمت‏ ‏الإجابة‏ ‏عن‏ ‏الأسئلة‏ “‏المستعصية‏” ‏بالصمت‏ ‏اليقين‏) ‏أسئلة‏ ‏تبدو‏ ‏سهلة‏، ‏وإجابات‏ ‏تبدو‏ ‏بديهية‏، ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏المسألة‏ ‏ليست‏ ‏هكذا‏ ‏تماما‏، ‏إذ‏ ‏مهما‏ ‏كانت‏ ‏الإجابات‏ ‏محددة‏، ‏حتى ‏بموافقة‏ ‏الحكيم‏ ‏المزمـع‏ ‏على ‏التنحى (‏عشية‏ ‏السفر‏ ‏للحج‏، ‏وأيضا‏ ‏الوقت‏ ‏عند‏ ‏الأصيل‏) ‏فإنه‏ ‏يستحيل‏ ‏تحديدها‏ “‏هكذا‏” ‏لا‏ ‏بالقانون‏، ‏ولا‏ ‏بالحب‏، ‏ولا‏ ‏بالعدل‏ ‏أساس‏ ‏كل‏ ‏من‏، ‏القانون‏ ‏والحب‏، ‏وقد‏ ‏شعرت‏ ‏أن‏ ‏الموافقة‏ ‏على ‏هذا‏ ‏الظاهر‏ ‏هى ‏أشبه‏ ‏بالشعار‏ ‏منها‏ ‏إلى ‏الإجابة‏، ‏وكأننا‏ ‏نقول‏ : ‏الحب‏ ‏هو‏ ‏الحل‏، ‏أو‏ ‏العدل‏ ‏هو‏ ‏الحل‏، ‏شىء‏ ‏أشبه‏ ‏بقولنا‏ ‏الإسلام‏ ‏هو‏ ‏الحل، شعارا، ‏هكذا‏ ‏نرى ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏قيم‏ ‏محكمة‏ ‏فى ‏ظاهرها‏ ‏فحسب‏، ‏أما‏ ‏الأهم‏ ‏من‏ ‏الرد‏ ‏الحاسم‏ ‏والحدود‏ ‏المزعومة‏ ‏فهو‏ ‏الاعتراف‏ ‏بأن‏ ‏ثمة‏ ‏مساحة‏ ‏رحبة‏ ‏تقع‏ ‏وسط‏ ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏القيم‏، ‏مساحة‏ ‏تمتليء‏ ‏بقيمة‏ ‏أخرى ‏مجهولة‏، ‏لكنها‏ ‏فاعلة‏ ‏وحقيقية‏ ‏وضرورية‏، ‏ولأنها‏ ‏مجهولة‏، ‏فهى ‏لايمكن‏ ‏أن‏ ‏تصاغ‏ ‏فى ‏قانون‏، ‏أو‏ ‏تعريف‏، ‏أو‏ ‏شعار‏ ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏هى ‏حاضرة‏ ‏وحتمية‏ ‏كما‏ ‏ذكرنا‏، ‏فلنسمها‏ ‏الفوضى ‏الرائعة‏”، ‏والأهم‏ ‏فى ‏حدس‏ ‏محفوظ‏ ‏هنا‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يجعل‏ ‏هذه‏ ‏المساحة‏ ‏ملاذا‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏القانون‏، ‏أو‏ ‏مهربا‏ ‏من‏ ‏القيم‏ ‏المحددة‏، ‏بل‏ ‏جعلها‏ ‏وسيلة‏ ‏إفاقة‏ ‏من‏ ‏الغفلة‏، ‏حتى ‏لايستريح‏ ‏الناس‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏نتصور‏ ‏أنه‏ ‏مريح‏، ‏شىء‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏التوصية‏ ‏المباشرة‏ ‏بالقانون‏ ‏الداخلى ‏الذى ‏يؤكد‏” ‏أن‏ ‏الإنسان‏ ‏على ‏نفسه‏ ‏بصيرة‏، ‏ولو‏ ‏ألقى ‏معاذيره‏” ‏وهذا‏ ‏الحدس‏ ‏أيضا‏ ‏يتداخل‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏ ‏مع‏ ‏الإنجازات‏ ‏الأحدث‏ ‏لعلم‏ ‏الشواش‏ ‏والتركيبة‏، ‏الذى ‏أصبح‏ ‏يحترم‏ ‏الفوضى ‏ويتعامل‏ ‏معها‏ ‏بقوانين‏ ‏تفيق‏ ‏من‏ ‏الغفلة‏ ‏فعلا‏، ‏وتقلل‏ ‏من‏ ‏غلواء‏ ‏تقديس‏ ‏التحديد‏ ‏الخادع‏.‏

__________

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

 

تعليق واحد

  1. من اكبر معوقات التطور الحقيقي لمسيرة ما يسمي انسان العصر الحديث هي الطقوسيات التي تغشي اي تحرك حقيقي للتساؤل او الدهشة او اليقين بالغيب.
    والملفت ان هذه المعوقات موجودة عند طرفي المعادلة وكأنهما نقيضين.
    الطرف الاول هو طقوسيات ظاهر العلم وكأنه هو البداية والنهاية رغم قصوره الشديد . “” ذلك مبلغهم من العلم “”.
    والطرف الثاني هو طقوسيات اصحاب الاديان وكأنها تغني عن جوهر الايمان الحق .
    ويمكن ان يكون لفظ ( dogmatic ) بالانجليزية هو افضل تعبير عن هذا الواقع الخانق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *