الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (78) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (78) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 16-6-2022                                  

السنة الخامسة عشر

العدد: 5402

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ)  [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (78)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

الأصداء

‏78 – ‏البلاغة

قال‏ ‏الأستاذ‏ ” ‏البلاغة‏ ‏سحر‏” ‏فآمنا‏ ‏على ‏قوله‏ ‏ورحنا‏ ‏نستبق‏ ‏فى ‏ضرب‏ ‏الأمثال‏. ‏ثم‏ ‏سرح‏ ‏بى ‏الخيال‏ ‏إلى ‏ماض‏ ‏بعيد‏ ‏يهيم‏ ‏فى ‏السذاجة‏، ‏تذكرت‏ ‏كلمات‏ ‏بسيطة‏ ‏لا‏ ‏وزن‏ ‏لها‏ ‏فى ‏ذاتها‏ ‏مثل‏: ‏أنت‏،.. ‏فيم‏ ‏تفكر‏ ‏؟‏… ‏طيب‏، ‏يا‏ ‏لك‏ ‏من‏ ‏ماكر‏… ‏ولكن‏ ‏لسحرها‏ ‏الغريب‏ ‏الغامض‏ ‏جن‏ ‏أناس‏،.. ‏وثمل‏ ‏آخرون‏ ‏بسعادة‏ ‏لا‏ ‏توصف‏،..‏

أصداء الأصداء

على ‏صغر‏ ‏هذه‏ ‏الفقرة‏، ‏فإنها‏ ‏تطرحنا‏ ‏أمام‏ ‏قضية‏ ‏نقدية‏ ‏لأعمال‏ ‏محفوظ‏، ‏أنا‏ ‏لست‏ ‏متأكدا‏ ‏من‏ ‏أنها‏ ‏نالت‏ ‏حقها‏ ‏من‏ ‏الدراسة‏، ‏وهى ‏قضية‏ ‏اللغة‏، ‏وإن‏ ‏كنت‏ ‏قد‏ ‏قرأت‏ ‏أكثر‏ ‏عن‏ ‏علاقة‏ ‏يحيى ‏حقى ‏باللغة‏، ‏مبدعا‏، ‏وإلى ‏درجة‏ ‏أقل‏ ‏ناقدا‏، ‏فهنا‏ ‏ينبهنا‏ ‏محفوظ‏ ‏إلى ‏نوع‏ ‏من‏ ‏البلاغة‏ ‏تستأهل‏ ‏الوقوف‏ ‏عندها‏، ‏وأنها‏ ‏ليست‏ ‏أبدا‏، ‏ولا‏ ‏أصلا‏ ‏ذلك‏ ‏البريق‏ ‏الذى ‏ينبعث‏ ‏من‏ ‏ظاهر‏ ‏الألفاظ‏ ‏أو‏ ‏زينة‏ ‏الأسلوب‏، ‏وليست‏ ‏هى ‏أيضا‏: ‏الحكم‏ ‏الرصينة‏ ‏المختصرة‏ ‏التى ‏تنطلق‏ ‏من‏ ‏مثل‏ ‏أو‏ ‏بيت‏ ‏شعر‏، ‏بل‏ ‏إن‏ ‏الحديث‏ ‏بالأمثال‏ ‏والاستشهاد‏ ‏بالشعر‏ ‏قد‏ ‏يصبح‏ ‏ضد‏ ‏البلاغة‏ ‏بالمعنى ‏الذى ‏تتناوله‏ ‏هذه‏ ‏الفقرة‏، ‏وربما‏ ‏بالمعنى ‏الذى ‏قال‏ ‏فيه‏ ‏صلاح‏ ‏عبد‏ ‏الصبور‏ “‏يأتى ‏من‏ ‏بعدى ‏من‏ ‏لايتحدث‏ ‏بالأمثال‏”، ‏أما‏ ‏البلاغة‏ ‏التى ‏يقدمها‏ ‏لنا‏ ‏هنا‏ ‏محفوظ‏ ‏فهى ‏أن‏ ‏يحمل‏ ‏اللفظ‏ – ‏أى ‏لفظ‏ – ‏معناه‏ ‏تماما‏، ‏فيصبح‏ ‏سحرا‏ ‏قادرا‏ ‏أن‏ ‏يثمل‏ ‏به‏ ‏الناس‏ ‏فى ‏سعادة‏ ‏لا‏ ‏توصف‏، ‏وأن‏ ‏يجن‏ ‏فى ‏صحنه‏ ‏آخرون‏، ‏أية‏ ‏ألفاظ‏ ‏هذه‏ ‏التى ‏تـسكر‏ ‏وتـجن؟‏ ‏ألفاظ‏ ‏غاية‏ ‏فى ‏السذاجة‏، ‏هى ‏فى ‏ذاتها‏ ‏كأصوات‏ – ‏أبعد‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏عن‏ ‏البلاغة‏ ‏مثل‏ “‏أنت‏” ‏هكذا‏ ‏فقط‏ : “‏أنت‏”، ‏أو‏ “‏فيم‏ ‏تفكر‏”‏؟‏ ‏نعم‏ “‏فيم‏ ‏تفكر‏” ‏أو‏ “‏طيب‏” ‏أكرر‏: ‏إنه‏ ‏لفظ‏ “‏طيب‏” ‏ثم‏ “‏يالك‏ ‏من‏ ‏ماكر‏”،،…… ‏أعنى “‏يالك‏ ‏من‏ ‏ماكر‏”، ‏هل‏ ‏أدعوك‏ – ‏عزيزى ‏القاريء‏ – ‏أن‏ ‏تتوقف‏ ‏عند‏ ‏هذه‏ ‏الألفاظ‏ ‏فتكررها‏ ‏أنت‏ ‏للمرة‏ ‏الثالثة‏ ‏بصوت‏ ‏مرتفع‏، ‏ثم‏ ‏تترك‏ ‏كل‏ ‏لفظ‏ (‏أو‏ ‏تعبير‏) ‏منها‏ ‏يرن‏ ‏فى ‏وعيك‏ ‏شخصيا‏ ‏دون‏ ‏محاولة‏ ‏أن‏ ‏تكمل‏ [2] ، ‏ودون‏ ‏محاولة‏ ‏أن‏ ‏تتذكر‏ ‏حوله‏ ‏أو‏ ‏به‏ ‏أو‏ ‏منه‏ ‏شيئا‏، ‏إذا‏ ‏فعلت‏ ‏ذلك‏ “‏هكذا‏”، ‏فسوف‏ ‏تعرف‏ ‏علاقة‏ ‏محفوظ‏ ‏باللغة‏، ‏وربما‏ ‏تتصالح‏ ‏عليها‏ ‏وربما [3] 

 

_______________________

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

[2] – فى قصيدة لى كتبتها سنة 1980 جاء ما يلى:  يهتز الكون، لو يعنى القائل أهلاً: أنْ أهلا

[3]  فى‏ ‏بداية‏ ‏الفصام‏ ‏وبعض‏ ‏الذهانات‏ ‏الأخرى ‏ ‏عندما‏ ‏يصر‏ ‏الفصامى، ‏أو‏ ‏يكتشف‏، ‏أنه‏ ‏ينبغى ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏يعيش‏ ‏كل‏ ‏لفظ‏ ‏ينطقه‏ ‏بحقه‏، ‏أى ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏اللفظ‏ ‏هو‏ ‏معناه‏ ‏كما‏ ‏ينبغى، ‏كما‏ ‏يعنى ‏تماما‏، وبما أن ذلك يقترب من المستحيل، فإن الفصامى يصاب بالبكم لعجزه عن تحقيق المستحيل.

المبدع يبدأ نفس البداية، لكنه ‏ ‏يتجاوز‏ ‏هذه‏ ‏المرحلة‏ ويقبل أن يحمل اللفظ فى  تشكيل جديد ما تيسر من معنى ما، فيكتب‏ ‏شعرا‏ ‏أو‏ ‏يبدع‏ ‏قصة‏ ‏أو‏ ‏يغنى ‏أصداء‏.

 

تعليق واحد

  1. مولانا الحكيم حين قرأت وصف حضرتك للبلاغة التى يقدمها لنا محفوظ بكون اللفظ فيها _ أي لفظ _ يحمل معناه تماما ، استحضرت توقف حضرتك فى المناقشات و عرض الحالات أمام أستعمالنا لبعض الألفاظ و المعنى المقصود منها
    لتبيان دلالة الكلمة و المعنى المقصود
    حقيقي أنا بتعلم من حضرتك الحرص على انتقاء اللفظ المناسب للمعنى المقصود ببساطة قدر الإمكان
    وعليه اسمح لي كتطبيق عملي لدرس البلاغة هذه أن اقول
    أنت نعم أنت مولانا الحكيم يالك من معلم حكيم …….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *