الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (48) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (48) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 18-11-2021                               

السنة الخامسة عشر               

العدد: 5192

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (48)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

الأصداء

48- ‏القبر‏ ‏الذهبى

رأيت‏ ‏فى ‏المنام‏ ‏قبرا‏ ‏ذهبيا‏ ‏قائما‏ ‏تحت‏ ‏أغصان‏ ‏شجرة‏ ‏سامقة‏ ‏مغطاة‏ ‏بالبلابل‏ ‏الشادية‏،‏ وعلى ‏صدره‏ ‏نقشت‏ ‏بأحرف‏ ‏جميلة‏، ‏واضحة‏ ‏كلمات‏ ‏تقول‏: ‏هنيئا‏ ‏لمن‏ ‏كانت‏ ‏نشأته‏ ‏فى ‏بوتقة‏ ‏الهجران‏.‏

أصداء الأصداء

تستمر‏ ‏القصيدة‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الفقرة‏، ‏كما‏ ‏تستمر‏ ‏تشكيلات‏ ‏الحلم‏ ‏فى ‏رحاب‏ ‏يقظة‏ ‏الذاكرة‏، ‏تقول‏ ‏القصيدة‏ ‏هنا‏ “‏هنيئا‏ ‏لمن‏ ‏كانت‏ ‏نشأته‏ ‏فى ‏بوتقة‏ ‏الهجران‏”، ‏ويؤكد‏ ‏الحلم‏ ‏حضور‏ ‏براءة‏ ‏الطفولة‏، ‏فبعد‏ ‏أن‏ ‏جسد‏ ‏الرحمة‏ ‏والمغفرة‏ ‏فى ‏شكل‏ “‏وردة‏ ‏بيضاء‏” (‏فقرة‏ 47) ‏راح‏ ‏يجسد‏ ‏الحكمة‏ ‏والقبول‏ ‏فى ‏شكل‏ “‏قبر‏ ‏ذهبي‏” ‏قائم‏ ‏تحت‏ ‏شجرة‏ ‏سامقة‏ ‏مغطاة‏ ‏بالبلابل‏ ‏الشادية‏.‏

ولكن‏ ‏كيف‏ ‏تأتى ‏الهناءة‏ ‏من‏ ‏نشأة‏ ‏تمت‏ ‏فى ‏بوتقة‏ ‏الهجران؟‏

للأسف‏ ‏الشديد‏، ‏علماء‏ ‏النفس‏، ‏أو‏ ‏من‏ ‏يسيئون‏ ‏إلى ‏علماء‏ ‏النفس‏، ‏وإلى ‏درجة‏ ‏أقل‏ ‏علماء‏ ‏التربية‏، ‏أو‏ ‏من‏ ‏يسيئون‏ ‏فهم‏ ‏علماء‏ ‏التربية‏، ‏يزعمون‏ ‏أن‏ ‏الهجران‏ – ‏خاصة‏ ‏فى ‏الطفولة‏ – ‏كله‏ ‏شر‏، ‏وأن‏ “‏الطفولة‏ ‏السعيدة‏” ‏القادرة‏ ‏على ‏أن‏ ‏توصلنا‏ ‏إلى “‏الصحة‏ ‏السعيدة‏” ‏التى ‏تحيطنا‏ ‏ونحن‏ ‏نرفل‏ ‏فى “‏مجتمع‏ ‏الرفاهية‏”، ‏هى ‏التى ‏تتم‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ “‏بوتقة‏ ‏الهجران‏”، ‏وكل‏ ‏هذا‏ ‏يضربه‏ ‏محفوظ‏ ‏فى ‏جملة‏ ‏واحدة‏. ‏

لا‏ ‏مفر‏ ‏من مواجهة‏ ‏الهجران‏، ‏يهجر‏ ‏الطفل‏ ‏رحم‏ ‏أمه‏، ‏وإلا‏ ‏فلن‏ ‏يولد‏ ‏أبدا‏، ‏ثم‏ ‏تضطره‏ ‏هى ‏والطبيعة‏- ‏أن‏ ‏يهجر‏ ‏ثديها‏، ‏ثم‏ ‏تتواصل‏ ‏لعبة‏ ‏الهجر‏ ‏والوصل‏، ‏الصد‏ ‏والعودة‏، ‏الذهاب‏ ‏والمجيء‏، ‏وبقدر‏ ‏ما‏ ‏ننجح‏ ‏أن‏ ‏نعيش‏ ‏فى ‏بوتقة‏ ‏الهجران‏ ‏دون‏ ‏إخماد‏ ‏نارها‏، ‏وأيضا‏ ‏دون‏ ‏الاستسلام‏ ‏للاحتراق‏ ‏بلهيبها‏، ‏يتواصل‏ ‏حوار‏ ‏النضج‏ ‏حتى ‏نستحق‏ ‏هذه‏ ‏الدعوة‏ ‏التى ‏ختمت‏ ‏بها‏ ‏هذه‏ ‏القصيدة‏.‏

‏”‏هنيئا‏ ‏لمن‏ ‏كانت‏ ‏نشأته‏ ‏فى ‏بوتقة‏ ‏الهجران‏”.‏

 

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *