الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (41) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (41) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 30-9-2021                                  

السنة الخامسة عشر               

العدد: 5143

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (41)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

الأصداء

41- ‏المطر‏

دفعنا‏ ‏المطر‏ ‏إلى ‏مدخل‏ ‏بيت‏ ‏قديم‏، ‏فى ‏الخارج‏ ‏صوت‏ ‏انهلال‏ ‏المطر‏ ‏وهزيم‏ ‏الرعد‏، ‏وفى ‏الداخل‏ ‏لون‏ ‏المغيب‏، ‏وقفنا‏ ‏متقابلين‏ ‏فى ‏المدخل‏ ‏الضيق‏ ‏وليس‏ ‏معنا‏ ‏إلا‏ ‏بئر‏ ‏السلم‏ ‏وأفكارنا‏ ‏الخفية‏، ‏قلت‏ ‏لنفسى ‏يالها‏ ‏من‏ ‏امرأة‏، ‏وسرحت‏ ‏هى ‏فى ‏الجو‏ ‏البارد‏ ‏معتزة‏ ‏محتشمة‏، ‏قالت‏ ‏وكأنما‏ ‏تحدث‏ ‏نفسها‏: ‏هذا‏ ‏المطر‏ ‏مقلب‏ ‏ما‏ ‏بعده‏ ‏مقلب‏، ‏فقلت‏ ‏وأنا‏ ‏حائر‏ ‏بخواطرى ‏إنه‏ ‏رحمة‏ ‏للعالمين‏.

أصداء الأصداء

خطر‏ ‏ببالى ‏أن‏ ‏أعقد‏ ‏مقابلة‏ ‏بين‏ ‏هذه‏ ‏الفقرة‏ ‏وفشل‏ ‏المؤسسة‏ ‏الزواجية‏ ‏حين‏ ‏أعلن‏ ‏الضجر‏ ‏العجز‏ ‏عن‏ ‏استمرارها‏ (‏فقرة‏ 29) ‏الزوج‏ ‏يتمنى ‏الهرب‏ ‏لولا‏ ‏ضيق‏ ‏ذات‏ ‏اليد‏، ‏و‏الزوجة‏ ‏مرعوبة‏ ‏من‏ ‏إعلان‏ ‏الانهيار‏، ‏ثم‏ ‏كيف‏ ‏ردد‏ ‏الطرفان‏ – ‏الزوج‏ ‏والزوجة‏- ‏الدعوة‏ ‏نفسها‏ ‏وهما‏ ‏يعنيان‏ ‏عكس‏ ‏الاتجاه‏، ‏ما‏ ‏هو‏ ‏وجه‏ ‏الشبه‏؟‏ ‏هو‏ ‏أمر‏ ‏غريب‏ ‏خطر‏ ‏لى، ‏ولك‏ ‏أن‏ ‏ترفضه‏، ‏لأننى ‏رأيت‏ ‏لقاء‏ ‏الصدفة‏ ‏هنا‏ ‏عكس‏ ‏استقرار‏ ‏المؤسسة‏ ‏الزواجية‏ ‏هناك‏، ‏لكنه‏ ‏بدا‏ ‏لى ‏أقوى ‏وأصدق‏، ‏ثم‏ ‏إنى ‏رأيت‏ ‏المطر‏ ‏وبئرالسلم‏ ‏شاهدان‏ ‏صادقان‏،، ‏ثم‏ ‏إن‏ ‏الدعوة‏ ‏هناك‏ ‏كانت‏ ‏واحدة‏ (‏رحمتك‏ ‏يارب‏ ‏فقرة‏ 29) ‏لكنها‏ ‏تذهب‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏الطرفين‏ ‏فى ‏عكس‏ ‏الاتجاه‏ ‏الذى ‏يقصده‏ ‏الآخر‏، ‏أما‏ ‏هنا‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المقابلة‏ ‏العابرة‏ ‏فالذى ‏توحـد‏ ‏فيها‏ ‏هو‏ ‏الموقف‏، ‏والذى ‏اختلف‏ ‏هو‏ ‏عطاؤه‏، ‏هى ‏فى ‏اعتزازها‏ ‏المحتشم‏ ‏تعلن‏ ‏تململها‏ ‏الذى ‏هو‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏الدلال‏، ‏وهو‏ ‏فى ‏خواطره‏ ‏النشطة‏ ‏يرضى ‏برحمة‏ ‏المطر‏ ‏صاحب‏ ‏نعمة‏ ‏اللقاء‏ ‏العابر‏.‏

ويتكرر‏ ‏وقوف‏ ‏محفوظ‏ ‏عند‏ “‏ما‏ ‏هو‏ ‏عابر‏” ‏وما‏ ‏هو‏ “‏مصادفة‏”، ‏فيعطيه‏ ‏من‏ ‏القيمة‏ ‏والعمق‏ ‏ما‏ ‏يجعله‏ ‏وكأنه‏ ‏الأصل‏، ‏ليبقى ‏العابر‏ ‏نقطة‏ ‏تحول‏ ‏مضيئة‏ ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يحمل‏ ‏مقومات‏ ‏دوامه‏ ‏ولا‏ ‏تدعيم‏ ‏تثبيته‏، ‏لكنه‏ ‏يبدو‏ ‏أقوى ‏من‏ ‏علاقة‏ ‏تموت‏ ‏بالتكرار‏ ‏والتدعيم بالمعاشره‏ ‏المتواصلة‏.‏

 

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

 

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *