الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الطبنفسى الإيقاعحيوى (10) Biorhythmic Psychiatry موجز باكر عن: النظرية التطورية‏ ‏الإيقاعية (5) تابع: الافتراضات الأساسية والأبعاد العامة (2)

الطبنفسى الإيقاعحيوى (10) Biorhythmic Psychiatry موجز باكر عن: النظرية التطورية‏ ‏الإيقاعية (5) تابع: الافتراضات الأساسية والأبعاد العامة (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 27-2-2016

السنة التاسعة

 العدد: 3102 

 الطبنفسى الإيقاعحيوى (10)

Biorhythmic Psychiatry

موجز باكر عن:

النظرية التطورية‏ ‏الإيقاعية (5)

تابع: الافتراضات الأساسية والأبعاد العامة (2)

مازلنا فى المقال الذى كتبته منذ ثلث قرن للمشاركة فى تكريم أستاذنا أ.د.مصطفى سويف “مقدمة عن النظرية التطورية الإيقاعية” الذى بدأ منذ أربع نشرات.

استهلال:

.0 ونعود الآن لإستكمال النص الباكر مع التعقيب المناسب.

كنا قد انتهينا عند رقم (1) الذى موجزه: “إن‏ ‏الظاهرة‏ ‏البشرية‏ – ‏ككل‏ – ‏مثل‏ ‏كل‏ ‏الظواهر‏ ‏الحيوية‏: ‏الأدنى ‏والأعلى، هى ظاهرة‏ ‏إيقاعية‏ ‏أساسا‏، ‏وأعنى ‏بالايقاعية‏ ‏كلا‏ ‏من‏ “‏الذبذبة‏ ‏المتزامنة‏ ‏الدائرية‏” ‏و”النبض‏ ‏الدورى ‏اللولبى” على مسار النضج وإبداع النمو المضطرد.

ونكمل الآن من المقال الأصلى مع التعقيبات:

‏(2) – ‏إن‏ ‏الطبيعة‏ ‏الإيقاعية‏ ‏كامنة‏ ‏فى ‏الطبيعة‏ ‏البيولوجية‏ ‏الداخلية‏ ‏للانسان‏، ‏تلك‏ ‏الطبيعة‏ ‏الواصلة‏ ‏الى ‏ما‏ ‏هى ‏عليه‏ ‏عبر‏ ‏الأجيال‏ ‏دائمة‏ ‏لتكيف‏ ‏والتواؤم‏ ‏مع‏ ‏كون‏ ‏ايقاعى ‏محيط‏، ‏وفى ‏المرحلة‏ ‏الراهنة‏ ‏فأن‏ ‏الإيقاعية‏ ‏البيولوجية‏ ‏ذات‏ ‏الايقاع‏ ‏الذاتى ‏تكتسب‏ ‏سرمدية‏ ‏جديدة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏مطلب‏ ‏التوازن‏ ‏المستمر‏ ‏مع‏ ‏ايقاع‏ ‏أعلى ‏وأدني‏.‏

التعقيب:

أشرت فى نشرة سابقة كيف أن التوازن الفسيولوجى (الهوميوستازس Homeostasis) لم يعد يمثل الهدف الأسمى للكفاءة الفسيولوجية، لعلى هنا فى إضافة “مع مستوى أعلى وأدنى” كنت أشير إلى إحساسى الباكر برفض التوازن الاستقرارى فى المحل.

‏(3) – ‏من‏ ‏أهم‏ ‏الدورات‏ ‏الايقاعية‏ ‏المعروفة ما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالسلوك‏ ‏البشرى ‏اليومى ‏وخاصة‏ أعماق ‏طبيعة‏ ‏التعلم‏ ‏ونتاجه‏ ‏بما‏ ‏يترتب‏ ‏عليه‏ ‏من‏ ‏بناء‏ ‏المخ‏ ‏البشرى ‏المستمر‏، ‏هو‏ ‏التناوب‏ ‏الليلنهارى (اليوماوى) (1) ‏بين‏ ‏النوم‏ ‏واليقظة‏، ‏ثم‏ ‏داخل‏ ‏النوم‏: ‏بين‏ ‏النوم‏ ‏النقيضى (‏الحالم‏/نوم الريم) ‏والنوم‏ ‏غير‏ ‏الحالم ‏وهذه‏ ‏الدورة‏ ‏اليومية‏ ‏هى ‏الحركة‏ ‏التنظيمية‏ ‏الدائبة‏ ‏للتوفيق‏ ‏بين‏ ‏تناسب‏ ‏جرعة‏ ‏المعلومات‏ ‏المدخلة‏، ‏وإمكانية‏ ‏استيعابها‏ ‏وخزنها‏ ‏وتمثلها‏.‏

التعقيب:

أولاً: حين قرأت الآن تعبير “بناء المخ المستمر” رحبت به وتعجبت باعتبار أنه وصلنى باكرا من واقع الممارسة أيضا، الأمر الذى اتضح لى لاحقا حين وصلتنى سلسلة من الإنجازات العلمية تناولت هذه الحقيقة بتنوع باهر وأساليب حديثة تؤكد كيف أن “المخ يعيد بناء نفسه” (2)واكتشفت  أن هذه حقيقة نمارسها فى العلاج الإبداعى الحقيقى دون أن نسميها كذلك، وذلك من خلال إعادة النظر فى العامل العلاجى فى العلاج عامة والعلاج الجمعى وعلاج الوسط خاصة.

ثانياً: حين كتبت هذه المعلومة التى وصلتنى أساسا كما ذكرت فى المقدمة وكررت فى كل حين، لم أكن غصت فى محيط الأحلام تنظير (أنظر نشرات ملف الأحلام) ونقدا (أنظر كتابى “عن طبيعة الحلم والإبداع” دراسة نقدية فى أحلام فترة النقاهة  نجيب محفوظ) وربطا بين هذا وذاك، وعلى الرغم من أن كل ما دونت وأشرت إليه ما زال – وسيظل غالبا لفترة ليست قصيرة – فى مرحلة الفروض، فإن  رصد أثار هذه الفروض امبريقيا وفينومينولوجيا باستمرار يطمئن إلى صحتها بدرجة مناسبة.

27-2-2016_1

 (4)- أشهر‏ ‏طورين‏ ‏لنبضة‏ ‏ايقاعية‏ فسيولوجية ‏هما‏ ‏طورى ‏نبضة‏ ‏القلب‏، ‏ويسميان‏ ‏طورى systole-diastole، ‏وقد‏ ‏حاولت‏ ‏أن‏ ‏أترجم‏ ‏هذين‏ ‏اللفظين‏ ‏ترجمة‏ ‏يصلح‏ ‏تعميمها‏ ‏للنبضات‏ ‏المقابلة‏ ‏فى ‏الأجهزة‏ ‏الأخري‏، ‏وخاصة‏ ‏المخ‏، ‏الا‏ ‏أنى ‏وجدت فى ذلك‏ ‏خطر‏ ‏التعميم‏ ‏المُخِلّ‏، ‏ففى ‏المخ‏ ‏لا‏ ‏ينقبض‏ ‏التركيب‏ ‏مثلما‏ ‏تنقبض‏ ‏عضلة‏ ‏القلب‏ ‏فيرتفع‏ ‏الضغط‏ ‏فى ‏وعاء‏ ‏القلب‏ ‏المغلق‏ ‏من‏ ‏فتحتيه‏ ‏معا‏ ‏حتى ‏يزيد‏ ‏الضغط‏ ‏داخله‏ ‏عن‏ ‏الضغط‏ ‏فى ‏الشريان‏ ‏فيندفع‏ ‏الدم‏، ‏ولكن‏ ‏الذى ‏يحدث‏ ‏فيما يقابل ‏طور‏ ‏الاندفاع‏ ‏فى ‏المخ‏ ‏هو‏ “‏بسط‏” ‏لما‏ ‏هو‏ ‏كامن‏ ‏ومضموم‏ ‏ليلتحم‏ ‏جدليا‏ ‏بالمستوى ‏الفاعل‏‏، ‏كما‏ ‏أن‏ ‏البسط‏ ‏هنا‏ ‏ليس‏ ‏ميكانيكيا‏ ‏كميا‏ ‏مثل‏ ‏القلب‏، ‏ولكنه‏ ‏بسط‏ ‏فيه‏ ‏استعادة‏ ‏هيراركية‏ ‏ثم‏ ‏جدل‏ ‏ولافى ‏محتمل‏، ‏أما‏ ‏بالنسبة‏ ‏للطور‏ ‏الآخر‏ ‏وهو طور‏ ‏الاسترخاء للامتلاء، ‏فان‏ ‏عضلة‏ ‏القلب‏ ‏تتراخى ‏فينقص‏ ‏الضغط‏ ‏ويمتلى ‏وعاء‏ ‏القلب‏ ‏بالدم‏، ‏حتى ‏أن‏ ‏هذه‏ ‏المرحلة‏ ‏تسمى ‏مرحلة‏ ‏الملء‏ ‏السريع‏ ‏فالبطى، لكنه فى المخ لا يمكن قبول هذا القياس لأن هذا الطور ليس سلبيا حيث‏ ‏يشمل‏ “‏الانتقاء”‏ ‏و”التصنيف”‏ ‏و”الادماج‏” ‏و”التخزين‏ ‏جميعا‏” ‏أو ما يسمى التفعيل أو المعالجة أو الاعتمال Processing

التعقيب:

إن جُمّاع ذلك هو لإبداع الذات بالتشكيل النمائى من خلال الإيقاع الحيوى الخلاق طول الوقت، وهذا ما يتفق مع الأحدث فالأحدث عن كيف أن المخ يعيد بناء نفسه باستمرار وانتظام.

‏(5)– ‏على ‏مقياس‏ ‏طولى ‏أبعد‏، ‏نجد‏ ‏أن‏ ‏دورات‏ ‏النمو‏ ‏تمثل‏ ‏ايقاعا‏ ‏طويل‏ ‏المدى، ‏تتناوب‏ ‏فيه‏ ‏نبضة‏ ‏النمو‏ ‏بين‏ ‏طورى ‏التمدد‏ ‏والبسط‏، ‏وهما‏ ‏طوران‏ ‏متكاملان‏ ‏بداهة‏، ‏ولكنهما‏ ‏متداخلان‏ ‏واقعا‏ أولا‏: ‏لتكرارهما‏ ‏وتكثيف‏ ‏الدورات‏ ‏الأصغر‏ ‏داخلهما‏، ‏وثانيا‏: ‏لتعقيد‏ ‏تركيب‏ ‏المخ‏ ‏وطبيعة‏ ‏البسط‏ ‏والتمدد‏ ‏على ‏المستوى ‏النيورونى والخلوى ‏بنائيا‏، ‏بحيث‏ ‏يصبح‏ ‏الفصل‏ ‏المحدد‏ ‏بينهما‏ ‏أمرا‏ ‏مخالفا‏ ‏للطبيعة‏ ‏البيولوجية‏ ‏النوعية‏ ‏للمخ الذى يتداخل ويتجادل فيه النبض بين مئات الألوف من المشتبكات والعمليات التشكيلية المختلفة.

أن‏ ‏ ‏نتاج‏ ‏كل‏ ‏دورة‏ ‏نمو‏ ‏ تتوقف على ‏مدى ‏نجاح‏ ‏الدورة‏ ‏السابقة‏، ‏كما‏ ‏يتوقف‏ ‏نجاح‏ ‏كل‏ ‏طور‏، ‏على ‏حدة‏، ‏على ‏مدى ‏نجاح‏ ‏الطور‏ ‏السابق‏ ‏مباشرة‏ ‏فى ‏القيام‏ ‏بوظيفته‏ ‏المناسبة‏، ‏وأخيرا‏ ‏على ‏تناسب‏ ‏الظروف‏ ‏المحيطة‏ ‏لتلقى ‏نتاج‏ ‏البسط‏، ‏أو‏ ‏لملء‏ ‏طور‏ ‏التمدد‏ ‏بالمعلومات‏ ‏ذات‏ ‏المعنى “‏وبالجرعة‏ ‏المناسبة‏”. أى ‏أن‏ ‏نجاح‏ ‏طور‏ ‏البسط‏ ‏التالى ‏يتوقف‏ ‏على ‏نجاح‏ ‏طور‏ ‏التلقى والاستيعاب والاعتمال processing بالكم ‏المناسب‏ ‏من‏ ‏المعلومات‏، ‏وعلى مدى ‏نجاح‏ ‏تناول‏ ‏هذا‏ ‏الكم‏ ‏بتنظيم‏ ‏نسبى ‏واستيعاب‏ ‏جزئى ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الايقاع‏ ‏الليلنهارى ‏و‏ “‏الحلمنومي‏” ‏يوميا‏ – ‏والعكس‏ ‏صحيح‏، ‏فان‏ ‏طور‏ ‏التلقى والاستيعاب‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يمضى ‏بكفاءة‏ ‏مناسبة‏ ‏اذا‏ ‏سبقه‏ ‏طور‏ ‏بسط‏ ‏استطاع‏ ‏أن‏ ‏يبسط‏ ‏المحتوى ‏السابق‏ ‏فيظهر‏ ‏بعضه‏ ‏ويتمثل‏ ‏البعض‏ ‏الآخر‏ ‏فيقلل‏ ‏من‏ ‏المعلومات‏ ‏المخزونة‏ ‏كجسم‏ ‏غريب‏ ‏لصالح‏ ‏المعلومة‏ ‏المتسقة‏ المتمثلة ‏ومما‏ ‏يجعل‏ ‏المخ‏ ‏أقدر‏ ‏على ‏تلقى ‏الجديد‏ ‏ذى ‏المعنى ‏فى ‏طور‏ ‏التمدد‏ ‏اللاحق‏ …. ‏وهكذا‏.

التعقيب:

الأرجح أننى استعلمت تعبير “مقياس طولى” للإشارة إلى “بعد النمو” نتيجة لنجاح هذا النبض فى القيام بمهمة التناوب، لكننى اكتشفت الآن أن كفاءة هذا التناوب وانتظامه ليس هو جوهر حركية الإيقاعحيوى، وأن التمثيل بنبضات القلب ليس التمثيل المناسب لأن نبض القلب يبدو أكثر ميكانيكية ورتابة منتظمة أما نبضات المخ فمع مزيد من الملاحقة ووضع الفروض والتنظير والممارسة العملية فقد ظهرت لى نبضات إبداعية نمائية والإبداع النمائى ليس طوليا بهذه البساطة فبدا لى حاليا أنه قياس معيب أثبت فساده مع تقدم خبرتى فى النقد والإبداع وقراءة النفسمراضية فى الممارسة العلاجية ثم العمل على تصحيحها  بالعلاج عبر هذه العقود من السنين.

‏(6) – ‏نظرا‏ ‏لتعدد‏ ‏مستويات‏ ‏المخ‏ ‏وتعقد‏ ‏تركيبه‏، ‏فان الواحدية مطلوبة بنظام دقيق متناوب و ‏الذى ‏ينظم‏ ‏الايقاع‏ ‏الحيوى فى وقت بذاته ‏هو‏ ‏مستوى ‏واحد‏ (‏طاغ‏) ‏يعتبر‏ ‏بمثابة‏ ‏ضابط‏ ‏الايقاع‏ Pace Setter، ‏أو‏ ‏المايسترو‏، ‏‏فى مرحلة‏ ‏بذاتها‏، ‏على ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المستوى ‏لا يظل هو نفسه متوليا القيادة طول الوقت بل يتبادل مع‏ ‏مستويات‏ ‏أخرى ‏تناسقا‏ ‏أطوار‏ ‏الايقاع‏ ‏من‏ ‏جهة‏، و‏مع تغير‏ ‏الظروف‏ ‏وحالات الوعى ومتطلبات الواقع من وجهة أخرى، لكن تظل الواحدية فى لحظة بذاتها هى الأصل مهما تعددت المستويات نابضة معا تحت القيادة المناسبة.

التعقيب:

نلاحظ هنا الانتباه باكرا مهما بلغ الحماس لقبول التعدد واحترام الإيقاعجيوى المستمر أنه فى لحظة بذاتها وبرغم التأكيد على أهمية تعدد مستويات المخ والوعى طول الوقت، إلى أنه لكى تستمر الحياة بكفاءة صحيحة لابد أن تنظم كل هذه المستويات فى واحدية متسقة لحظة بعد لحظة مهما تباين شحن كل منها بجرعات مختلفة من الطاقة الحيوية (أنظر بعد).

27-2-2016_2

[1] – ‏كنت محتار آنذاك فى العثور على ترجمة مناسبة‏ ‏لكلمة‏ Cincadian، فتصورت‏ ‏أن‏ ‏لفظ‏ “‏الليلنهارى ‏قد‏ ‏يصلح‏ ‏رغم‏ ‏طوله، ولكنى بعد ذلك وجدت أن لفظ “اليوماوى” هو لفظ مناسب لأن اليوم يشمل دورة كاملة الليل والنهار معا

[2]– The Brain That Changes Itself” Stories of Personal Triumph from the Frontiers of Brain science” Edited by: Norman Doidge , M.D. Copyright: 2007

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *