نشرة “الإنسان والتطور”
الاثنين: 16-1-2017
السنة العاشرة
العدد: 3426
الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى (148)
مبادىء ومنطلقات التطبيق (2)
مقدمة:
بعد الاطلاع على ما نشر أمس وجدت أن من يمكن أن يستفيد مما نشر بهذه الطريقة هو من كان يتابعنا بانتظام للعشر سنوات الأخيرة، فقررت أن أكتفى الآن بتلك العناوين (والاشكال) الخمسة، مع كافة “الروابط” التى نُـشِرَتْ، وأن أكف عن عرض ما تبقى بنفس الطريقة احتراما لوقت القارىء، مع الوعد بتقديم مقتطفات “أو نشرات مجزأة متباعدة بشكل أكثر وضوحا وتفصيلا لعله يكون أكثر فائدة، حتى لو كان فى ذلك بعض التكرار كما اعتدنا .
كنت أنوى اليوم أن أركز على نشرة واحدة أعرض من خلالها كيفية الاستفادة منها فى التطبيق، وهى النشرة بعنوان النزوعات الأولية والعواطف المتولدة منها، وخطورة تشويهها إلى عكس ما خلقت له، بتاريخ: 5-10-2014، وقد كانت ضمن العناوين والأشكال المقترحة لإكمال نشرة أمس، لكننى وجدت أنها نشرة شديدة الثراء، وجاهزة للتطبيق، ولا يجوز اختزالها مثل ما جرى أمس، فقد عَرَضَتْ هذه النشرة فكرة جوهرية متصلة بقراءة الوجدان (الوجدان عموما ووجدان المرضى أكثر!) من خلال تطور النزوعات الوجدانية والعوامل الأصل المتولدة منها، وكيف ينفع هذا المدخل التطورى الممارسَ الطبى الآن، مثلا: مع مريض الاكتئاب أو مريض نوبات الهلع….الخ؟
وسوف أقوم بالرد على هذا السؤال ومثله بدءًا من الأسبوع القادم، لكن دعونى اليوم أقدم شروط الممارسة لهذا النوع من التطبيب كخلفية أساسية لتسليمه أمانة الأداء.
الأسس المهنية والمهارات اللازمة لممارسة الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى:
أولا: على كل من يرغب فى المشاركة فى ممارسة هذا النوع من التطبيب التطورى أن يقرر أن يتعرف عليه من خلال “الممارسة“، و”الاشراف“، و”الوقت“، و”النتائج“، ثم يدعمه أو ينقده أو يطوره بما يمكن: إلى ما يستطيع، وأن يستلهم كل قوى الخير وصانعها ليعينه فى مهمته لترجيح كفة الحياة ضد قوى الفناء والتخريب.
ثانيا: تستمر الممارسة والاشراف (بكل مستوياته) (نشرة 19/3/2013) و(نشرة 24/3/2013) طوال مده الممارسة (وغالبا مدى الحياة)
ثالثا: لا توجد فى هذا العلاج ممارسة فردية، فحتى العلاج المسمى بالعلاج النفسى الفردى ليس فرديا لأنه لا يتم التواصل حسب منظومات هذا الطبنفسى الايقاعحيوى التطورى الا بدءًا من حركية وجدل الوعى البينشخصى: حيث تجرى الممارسة بين “وعيين” على الأقل، ويجرى “نقد النص البشرى” تلقائيا على وعيين (على الأقل) وطبعاً: يستحيل أن يقتصر على اثنين حتى لو بدا كذلك تبعا لفروض امتداد الوعى إلى ما حوله ومن حوله إلى الوعى المطلق “إليه”.
رابعا: كل من يساهم – فعلا مهنيا يوميا – فى هذه العملية العلاجية النقدية التشكيلية التصحيحية هو معالج بالضرورة، مهما كان تخصصه، بما فى ذلك المرضى المشاركون فى العلاج الجمعى وعلاج الوسط وهكذا تتسع دائرة العلاج والمعالجين بقدر اتساع دوائر الوعى “المشارك” فى علاج “المواجهة”/”المواكبة” “المسئولية”، وهو اسم العلاج الذى كان بمثابة إرهاصات كل هذا التنظير:
خامسا: تتطلب “المواجهة” قراءة “النص البشرى” (= النفسمراضية التركيبية) جنبا إلى جنب مع مواجهة احتمال قراءة النص البشرى “المعالج” بأقل درجة من الاستبطان والعقلنة، أى دون فحص تأملى ذاتى معطـِّل، وإنما قراءة طبيعية إليه (مثل تسبيح الطير)
سادسا: تتطلب “المشاركة” حركية الجدل التلقائى بين وعيين فأكثر(نحن) مع احتمال التقصير على الجانبين طول الوقت، لمواصلة التشكيل طول الوقت فى دورات إيقاعية طبيعية كما نظمها خالقها.
سابعا: تتطلب “المسئولية” حمل أمانة كل ما نعرف، وما لا نعرف مع احتمال أننا نعرفه دون أن نعرف، مثل الطير أيضا، وكذلك استلهاما وتعلما من قوانين التطور، ومن عامة المرضى من عامة الشعب كما سبق أن أشرنا إلى تجربتنا فى العلاج الجمعى فى “قصر العينى”.
ثامنا: يقاس نجاح حركية علاج “المواجهة” / “المواكبة”/ “المسئولية” بالنتائج العملية فى الفعل اليومى، والعلاقات، وامتدادات الوعى، والانتاجية، وليس بمجرد اختفاء الأعراض على حساب مسيرة النمو، وليس بمقياس “نوعية الحياة” المستوردة من ثقافات أخرى أو ما إلى ذلك، ولا بد من التسليم بأنها مقاييس صعبة على مستوى الأفراد، لكنها ممكنة بدرجة ما، مع طول الممارسة وأمانة التتبع .
….
ونبدأ من الأسبوع القادم تقديم أمثلة مفصلة لبعض ما جاء فى النشرات تفصيلا مما يعين على التطبيق، بدءً بالنشرة المشار إليها فى هذه المقدمة.