الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / .. الخوف الإبداعى .. والرعب المُجَمِّدْ

.. الخوف الإبداعى .. والرعب المُجَمِّدْ

“يوميا” الإنسان والتطور

13- 9 – 2007

.. الخوف الإبداعى .. والرعب المُجَمِّدْ

حين نشر لى أمس فى الدستور أغنية للأطفال (داخلنا) عن: “الحق فى الخوف” حضرتنى أسئلة متلاحقة منها: كم من الأصدقاء الجدد فى هذه الزاوية على الموقع (يوميا) يتابع ما أكتبه أسبوعياً تحت عنوان “تعتعة”؟ فإن كان العدد هو الأقل، فهل من حق الآخرين أن أنشر لهم نفس التعتعة، ولو أحيانا؟ أم أن ذلك سوف يكون تكرارا مملا؟ هذا السؤال أنتظر عليه إجابة ما  من الأصدقاء.

ثم إنى وجدت أنه سؤال ثانوى بالنسبة لسؤال لاحق، أثارته ملاحظة من شاعرنا الجميل “عبد الرحمن الأبنودى” مساء أمس،  كنت فى زيارته مع بعض أفراد “ثلة فرح بوت” (الذين اسمْوا أنفسهم الحرافيش الجدد)، والذين لم أرهم – للأسف- منذ رحيل شيخنا نجيب محفوظ (لم أكن مواظبا، إلا على جلسة الحرافيش المغلقة كل خميس) – المهم قال الأبنودى أمس أنه التقط ما أكتبه “للأطفال داخلنا” فى “الدستور”، وأنه ينتظر أن تكتمل فى كتاب، وأن مِنْ رأيه أنها، وإن كان لم يتم نشرها كلها، تكمّل بعضها بعضا.

رجعت إلى ما نشر اليوم لأتبين من جديد موقعها وكيف أفسر للناس معنى أنها “للأطفال داخلنا” الأمر الذى التقطه الجميل الأبنودى بوضوح، فوجدت أنها “خطاب” متعدد المستويات، وأنها قد تحتاج لشرح على المتن مثلما فعلت فى ديوانى “سر اللعبة”. فخرج كتابى“دراسة فى علم السيكوباثوجى”

وجدتنى فى حاجة إلى أن أدعو أصدقاء الإنسان والتطور للمشاركة فى ما دار بذهنى.

حين وصلت – وأنا أعيد قراءة الأغنية إلى مقطع “يعنى خوفك يتقلب كده رعب ليه”، اكتشفت أن الرعب لم يكن أبدا فى خلفية ذهنى وأنا أكتب للأطفال داخلنا، الأغنية تحاول أن تمزج الخوف بالدهشة بالائتناس بالإقدام باليقظة بالطريق إلى الله احتماء به، لا خوفا منه، وكأن خوف الحركة الإبداع هو  احتماء من الخوف الآخر الذى يكاد يكون ضده تماما، وهو “الرعب المعطل حتى الجمود“. شعرت أن علىّ أن أميز هذا الخوف الإيجابى من ذاك الرعب البشع؟

هنا قفزت إلىّ قصيدة قديمة تمثل هذا الرعب الذى إذا تمادى جَمَّدَ كل شئ، وكأنه يردنا إلى آلية دفاعية “ميكانزم” بدائى حين كانت الفريسة تتوقف عن كل حركة حتى تتجمد بجوار الأحجار والأعشاب، حتى تخطئها عيون الحيوان المهاجم، حين يحسبها هى والحجر والعشب سواء، هنا يصبح الخوف ليس فقط من شئ مخيف أو من مجهول غامض، وإنما من أى تغير، وأى حركة، وأى حياة، وكأنه موتُ مؤقت.

قلت أليس الأفضل أن نضع الأغنية والقصيدة معا أمام قراء الموقع ليتبينوا الفرق!

 وإليكم أولاً الأغنية:

قالوا يعنى، بحسن نيةْ:  “لا تخف”

                                     دا مافيش خطرْ

              طب لماذا؟

                           هوا يعنى انا مش  بشر؟

حِيثْ كده، احنَا نقولَّك:

                     “خافْ وخوِّف” !

                                 فيها إيه؟

***

لو ماخفتش مش حاتعمل أى حاجهَ،

 فيها تجديد أو مغامرة

لو ما خفتش مش حاتاخد يعنى بالكْ،

                          حتى لوْ عاملين مؤامرة

لو ما خفتش مش حاتعرف تتنقل للبر دُكْهَهْ

                           خايف انْ تْبِلّ شعركْ

لو ما خفتش يبقى بتزيـّف مشاعرك

***

بس برضه خللى بالك

         إوعى خوفكْ

                  يلغى شوفكْ

إوعى خوفك يسحبك عنا بعيدْ، جوّا نفسك

          إوعى خوفك يلغى رقة نبض حسك

             إوعى خوفك ان بكره شر حاملْ

                               يمنعك إنك تحاولْ

***

بس فيه خوف شكل تانى

قصدى يعنى الجبن إنى حتى اقرّب ما المعانى

هوا دا الخوف اللى يمنعنا نعيش

تلقى نفسك كتلة جامدة دايرة حوالين المافيش

– يعنى اخاف ولاّ ما اخافشى؟

= إنت حر

– يبقى اخاف بس ما اخافشى!!!!.

= هوا دا قصدى، وما تقولِّيش يا سيدى: “يعنى إيه”.

– يعنى إيه ؟!!!

***

إحنا بنخاف ان بكره يبقى أخطر،

                                  فيها إيه ؟

                 ما احنا برضه حانبقى أقدر

طب ما نتصرف كِويسْ إلنهارده

ييجى بكره، يلاقى نفسه: إلنهارده بتاع “غداً”

يا حلاوة، تبقى مليان باللـى جَـىّ مقدماً

***

يعنى بكره عمره ما يكون ملكنا

إلا باللَى بيجْرَى حالا، أى “هنا”.

يبقى خوفنا يتقلب كدا رعب ليه؟  !!!

إحنا خلقة ربنا، يالله نتوكل عليه..!

 يعنى يالله نخاف وهوّا معانا يِهْـدِى سرّنا

مش نخاف منّه وننسى إنه غاية قصدنا

ربنا بحق وحقيق،

إللى  بيورّى “الطريق”

* * *

ثم هاكم قصيدة

الرعب الجمود المهدِّدُ بالتفجر الضياع

‏-1-‏

أخاف‏ُُ ‏همسَ‏ ‏الطيرِ‏ ‏

أخاف‏ ‏من‏ ‏تموّج‏ ‏الأحشاءِ، ‏

من‏ ‏نثْـرة‏ ‏الأجنّةْ،‏

من‏ ‏دوْرةِ‏ ‏الدماءِ،‏

ومن‏ ‏حَـفِـيفِ‏ ‏ثْـوبىَ ‏الخَـشِـنْ‏ ‏

‏-2-‏

أخافُ‏ ‏من‏ ‏نساِئم‏ِِ ‏الصباحْ‏ ‏

من‏ ‏خَـيْـطِ‏ ‏فجرٍ‏ ‏كاذبٍ،‏

أو‏ ‏صَـاِدقٍ‏ ‏

من‏ ‏زَحْـفِ ‏ليلٍ‏ ‏صامت‏ٍٍ ‏

أو‏ ‏صاخبِ‏ ‏

أخافُ‏ ‏من‏ ‏تَـنَـاثُـرِ الذَّرَّات‏ِِ ‏فى ‏مَـدَارِها‏ ‏

أخافُ‏ ‏مِـنْ‏ ‏سَـكوِنَها

‏-3-‏

أخاف‏ُُ ‏لا‏ََ ‏حراكْ‏.‏

‏…‏

موت‏ٌٌ ‏تمطّى ‏فى ‏تجلّط‏ ‏الدماءْ

‏ ‏فى ‏مأتَـم‏ ‏الإباءْ

‏…‏

الخوفُ‏ ‏أَنْ‏ ‏أموتَ‏ ‏إن‏ ‏حييتْ‏.‏

الخوفُ‏ ‏أن‏ ‏أعيشَ‏ ‏لا‏ ‏أموتْ‏.‏

‏-4-‏

يا‏ ‏وحدتى ‏الشقيةْ،‏

يا‏ ‏وحدتى ‏الأبيَّة،‏

صَـفَـقْتِ‏ ‏بابَـهمْ‏ ‏خوفاً‏ ‏من‏ ‏المَـودَّة‏ ‏اللعوبْ، ‏

من‏ ‏كذبة‏ ‏طليهْ، ‏

من‏ ‏مِلحة‏ ‏ذكيهْ، ‏

من‏ ‏كُـلَّ‏ ‏شئ‏ ‏همَّ‏ ‏أن‏ ‏يكونْ، ‏

من‏ ‏كُـلِّ ‏شئ ‏لم‏ ‏يكن، ‏

من‏ ‏كل‏ ‏شئٍ‏ ‏كَـان‏ََ..‏ ما‏ ‏انقضَـى،‏

من‏ ‏كـلَّ‏ ‏شَـئ‏ْْ.‏

‏-5-‏

تفجّر‏ ‏السكونُ‏ ‏فى ‏قوالبِ‏ ‏الجليد‏،‏

‏ ‏ولم‏ ‏تدوِّ‏ ‏الفرقعةْ‏.‏

تحرّكتْ‏ ‏أشلائِـىَ ‏المجمَّده، ‏

‏ ‏تفتـَّت‏ ‏الجبلْ،‏

فطارت‏ْْ ‏العَـرَائسْ، ‏

تكسّرت‏ْْ ‏حواجزُ‏ ‏الأصواتْ، ‏

تخلّقتْ…‏ تطاولتْ،‏

‏     ‏فأُجهِضتْ،‏

وضجّت‏ ‏السكينةْ‏.‏

‏ ‏ومادتِ‏ ‏الرواسى ‏

فى ‏هوة‏ ‏الضّـياع‏ ‏والضَّعة‏.‏

23/4/1982

بعد ذلك تذكرت أننى قدمت فى برنامج “سر اللعبة” حلقة عن “الحق فى الخوف” فبحثت عنها ولم أجدها،حتى الآن، فتذكرت حلقة أخرى أعددتها لبرنامج آخر أذيع فى رمضان قبل الماضى فى قناة MBC  عن تشكيلات الخوف، وبحثت عنها فلم أجد إلا الأسئلة التى أعددتها للضيف يناقشها معه الابن الصديق محمود سعد.

 أثناء بحثى عن هذين المفقودين أحضر لى أحد العاملين فى السكرتارية أكثر من موقف فى جلسات العلاج الجمعى التى تعقد أساسا فى قصر العينى كل أسبوع للتدريب والعلاج بقيادتى، فانفتحت لى آفاق حقيقية ربما تجعل من الكتابة اليومية فى هذه الزاوية “الإنسان والتطور” فرصة لتقديم تجارب حية فيما نود أن نحيط به الناس علما ودراية، عن النفس دخائلها وأسرارها وتجلياتها وتشكيلاتها فى الصحة والمرض.

وفيما يلى بعض مثل هذه الأسئلة التى اقترحتها لحلقة الخوف فى برنامج اقلب الصحفة MBC، مع دعوة للقارئ أن يجيب عليها (فتح كلام!!)

 (1) هوّا عيب إنك تخاف؟ ولاّ العيب إنك تعترف بخوفك؟              

 (2) انت بتسمح لنفسك تخاف بصحيح، ولا بتترعب وتطرد الخوف قبل ما يظهر؟

(3) انت خايف على مستقبلك لَحسْن إيه؟

 (4) طيب حاتفضل خايف على عيالك لِحد أمتى؟

 (5) عمرك ما خفت ولو فى الحلم إنك تموت من الجوع؟

. . . إلخ.

وكنا ننهى الحلقة بأن نطلب من الضيف أن يلعب لعبة واحدة، مثل الألعاب التى كنت أقدمها فى برنامج “سر اللعبة” فى قناة النيل الثقافية وفى “العلاج الجمعى”

 فكرة اللعبة هى أن نطلب من المشارك أوالضيف أو المريض، أو سيادتك أن يكمل عبارات بذاتها، بتمثيل، ما أمكن ذلك وكانت العبارات فى هذه الحلقة هى:

v        دا انا لو سبت الخوف اللى جوايا يظهر كلُّهْ بحق وحقيق يمكن ….. (كمّل بأى كلام)

v        طبعا أنا ما اخافشى إلا بسبب واضح، ومع ذلك ….. (كمّل بأى كلام من فضلك) 

[القارئ مَدْعُو أن يلعب هذه اللعبة مع نفسه شفاهة ثم يسجلها بعد ذلك ويرسلها إذا شاء]

[كما أنه مدعو لمحاولة الإجابة على الأسئلة الخمسة أو طلب المزيد]

 وبعد،

لعلى أنتظر التعليق العادى، إضافة إلى إجابة عن إمكانية التمادى فى موضوع بذاته مثل “الخوف” ربما نغطيه أشمل

وقد أؤجل الاستمرار حتى تصلنى ردود كافية وقد استمر غداً .. لا أدرى

ملحوظة

اكتشفت أثناء البحث أنه تكررت فى “العلاج الجمعى” ألعاب كثيرة حول الخوف، ربما كان مناسبا أن نقدمها مع بعض إجابات المرضى والمعالجين لتتضح المسألة أكثر،

 ربما. ما رأيك؟

وإلى الغد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *