الرئيسية / حوارات وأحاديث / الخرف… مـــرض المحطة الأخيرة من عمر الإنسان

الخرف… مـــرض المحطة الأخيرة من عمر الإنسان

نشر الحوار فى مجلة طبيبك الخاص 3 ديسمبر 2022

****

أستاذ الطب النفسى بطب القاهرة

أ.د. يحيى الرخاوى

الخرف… مـــرض المحطة

الأخيرة من عمر الإنسان

مرض الخوف هو مرض المحطة الأخيرة من عمر الإنسان، وهو مرض الشيخوخة الذى يزداد ظهوره عندما يبتعد الإنسان عن جدول حياته اليومية العملية بعد سن الستين أو السبعين، وله أعراض وأسباب عديدة، كما أن علاجه يحتاج إلى موازرة كل المحيطين بالمريض وأولهم الأسرة.

في هذا الحوار مع العالم الأستاذ الدكتور يحىى الرخاوى أستاذ الطب النفسى بطب جامعة القاهرة نناقش كل شئ عن الخرف من الألف إلى الياء، إلى نص الحوار:

س (1): بداية ما المقصود بمرض الخرف؟

د. يحيى:

مرض الخرف عادة هو نتيجة ضمور خلايا المخ عامة، والنصفين الكرويين خاصة بسبب كبر السن، وهو يصيب الكثيرين من المسنين الذين تتزايد أعدادهم فى العالم كله، بما فى ذلك مصر بسبب الرعاية الصحية لعموم الناس.

س (2): ما هى المرحلة العمرية التى يكثر فيها الإصابة بهذا المرض؟ ولماذا؟

د. يحيى:

المفروض أنه يحدث بعد الستين بل السبعين، لكنه قد يحدث قبل ذلك، أو يتأخر عن ذلك إذا كان الشخص يمارس عملا عقليا منتظما وواقعيا فيه واجبات عادية ملزمة، ومواعيد منتظمة، فى مجتمع فاهم متحمل، وطالما استمر هذا العمل بشكل ملزم ومنتظم فإن التدهور المعرفى يتأخر بشكل طيب وواعد.

س (3): هل هذا المرض يأتى من الإصابة بأمراض مسبقة أخرى مثل الاكتئاب أو الهذيان؟

د. يحيى:

لا توجد علاقة مباشرة بين الاكتئاب وبين الخرف، لكن إذا تواجد الاكتئاب مع الضمور فإن أعراض كل من الاكتئاب والخرف تتزايد بشكل يؤخر أى تحسن محتمل للاثننين، على أن الاكتئاب فى هذه السن يرتبط بالظروف المحيطة، بالمسن، وبكيفية ملء الوقت، ومدى تعاطف المحيطين بالمسنين.

س (4): ما هى أعراض هذا المرض، هل لها بدايات ثم تزداد فى الظهور تدريجيا؟

د. يحيى:

طبعا لهذا المرض بداية مثل كل الأمراض، وإن كان لا ينبغى أن يسمى الخرف مرضاً، فهو تطور شبه طبيعى مرتبط بالسن أكثر من ارتباطه بإصابة معينة، وقد تكون البداية طفيفية حتى قبل بلوغ الشخص الستين لكنها تتفاقم بمجرد أن يحال إلى المعاش ويخلو يومه من الالتزام الروتينى، وقد تخلو علاقاته من التعاطف الإنسانى إذا كان الأولاد والبنات قد استقلوا بالزواج أو العمل، وأيضا ترتبط الإعاقة ومضاعفاتها بوجود شريك (الزوج أو الزوجة) فى هذه المرحلة، أو بغياب الشريك، ومن ثم الوحدة فيزيد القصور.

س (5): كيف يمكن تشخيص هذا المرض عن غيره من الأمراض المشابهة له؟ ما الإجراءات المطلوبة؟

د. يحيى:

تشخيص هذا المرض ليس مشكلة، وهو يتم عادة بملاحظة المحيطين الأقرب بزيادة المسن فى نسيان الواجبات البسيطة، ثم يتزايد النسيان فى الأمور العادية حتى يصل الأمر إلى عدم معرفة التاريخ أو حتى اليوم، وهو لا يحتاج إلى طبيب متخصص جدا، وإن كان يوجد تخصص طبىّ لأمراض الشيخوخة وأهمها الخرف، لكن قد توجد توصيات بعمل أشعة رنين للدماغ قد تبين مدى التلف الذى لحق بخلايا المخ وخاصة فى منطقة النصفين الكرويين، ولكن نتيجة الأشعة عادة لا تفيد فى خطة العلاج كثيرا، بل قد تصيب (والمريض) بالإحباط لا أكثر.

س (6): هل المريض المصاب بهذا المرض يحتاج رعاية معنية من المحيطين به؟

د. يحيى:

طبعا يحتاج ونصف، ولا بد أن يتعلم “أفراد الأسرة” أن المسألة ليست مجرد شفقة أو تفويت، فإن فى الشخص هذه السن يحتاج لقدر أكبر من الاحترام، ومتابعة ساعات يومه، وملئها، واحترام صعوباته، وملاحظة أى تسارع فى التدهور، وبالتالى المبادرة بتصحيح أخطاء الرعاية، وتعديل برامج التأهيل.

س (7): هل مع تطور الحالة ممكن أن يؤذى المريض نفسه أو المحيطين به؟

د. يحيى:

يمكن جدا، ولكنه إيذاء فى حدود قدرة المسن الجسدية، هذه القدرة تكون فى حالة ضعيفة أو شديدة الضعف تتناسب مع السن، لكن الإيذاء قد يأتى من تصرفات غير مسئولة ماديا أوعلاقاتيا، ولا بد من الحيلولة دون ذلك بالحرص على التداوى المناسب للتهدئة والنوم الكافى، وملء الوقت، وتكثيف الرعاية، وتصحيح أخطائها، وعدم تكليفه بمسئوليات فيها تصرف مادىّ مهم.

يحتاج مريض الخرف للدعم من الأسرة

… واحترام صعوباته الحياتية

س (8): ما الفرق بين الخرف والاكتئاب؟

د. يحيى:

لا يوجد وجه شبه أو احتمال خلط بين هذين المرضين بوجه خاص، وعموما فاجتماعهما معا وارد ومتواتر فالاكتئاب يضاعف من أعراض الخرف، وأيضا فإن الخرف خاصة فى بدايته يُحدث عند صاحبه اكتئاب مختلف الشكل والحدّةَ، حين يتبين مدى عجزه عن تذكر أشياء بسيطة أو أسماء أقرب الأقربين وأيضا حين يتعرض للإهمال أو السخرية، أو الإهانة حتى غير المقصودة.

 

س (9): هل الخرف له أنواع أو عناصر يجمعها هذا المرض؟

د. يحيى:

نعم، نعم: فالخرف الذى تكلمت عنه حتى الآن هو الشائع عند المسنين عامة، والمعروف باسم “الزهايمْر” لكن هناك خرف يحدث فى سن مبكرة أكثر نتيجة مثلا لتصلب شرايين المخ، أو مرض البول السكرى، أو الإصابة بشلل خفيف أو أية إعاقة تضطر المسن للانسحاب من المحيطين، ليس بسبب الإعاقة المعرفية فقط وإنما عادة تجنبا للحرج أو الإهمال.

 

قد يؤذى المريض نفسه… لذا يجب مراقبته..

وعدم تكليفه بمسئوليات كبيرة

س (10): هل الزهايمر نوع من الخرف؟

د. يحيى:

نعم وهو أشهر أنواع الخرف وأكثرها تواترا كما ذكرتُ حالا

س (11): ما هى علاجات أنواع الخرف؟ وهل العلاج له مراحل على حسب حالات المريض؟

د. يحيى:

بصفة عامة يتوقف العلاج على ظروف كل مريض، وعلى كفاءة وقدرات ووقت المحيطين وعلى قدراتهم الجسمية والنفسية وصبرهم، وعلى الفرص المتاحة لأى عمل بسيط وراتب، وعلى فرص ملء الوقت بنظام ملزم حتى لو لم يلتزم به المسن بدقة ثابتة.

س (12): هل الأسرة لها دور فعال فى مراحل  علاج المريض بالخرف؟

د. يحيى:

دور الأسرة هو الدور الأهم وقد يكون هو الدور الأول اللازم للمساعدة فى الرعاية والتمريض والعلاج وتنفيذ برامج التأهيل، وللأسف إن معظم الأبناء والبنات يكونون قد استقلوا عن الأسرة فى سن عائلهم هذا، فيقع الدور كله على الشريك (الأم أو الأب) وتكون مهمة فوق طاقة احتماله وقدراته عادة.

س (13): هل من أسباب الإصابة بهذا المرض فيه جزء وراثى؟

د. يحيى:

نعم

الاستعداد الوراثى وارد، ولكنه ليس السبب الأهم، فهناك عائلات يتأخر فيها ظهور الضمور المعرفى إلى الثمانين وما بعدها وهناك عائلات تبدأ فيها علامات المرض حول الستين أو قبلها.

س (14): هل المريض بهذا المرض قابل للشفاء منه؟

د. يحيى:

الخرف الذى هو خرف مثل مرض الزهايمر: لا يمكن التحدث فيه عن الشفاء بمعنى اختفاء الأعراض، ولكن يمكن الأمل فى توقف التمادى، وتأجيل التدهور، بتكثيف التأهيل، ومراحل ذلك مرتبطة ببرامج الرعاية والموقف الإنسانى والإلتزام الأخلاقى والدينى عند المحيطين.

س (15): ما هى الأسباب التى تؤدى إلى الإصابة بهذا المرض لكى نتجنبها حتى لا يصاب الإنسان؟

د. يحيى:

هى كل أسباب الإسراع فى الشيخوخة عامة، واختفاء الاهتمامات العملية فى العمل أو الإلتزامات بشكل جسيم، وفقد الدعم العاطفى، وقصور الرعاية المنتظمة.

س (16): هل الضغوط النفسية والمشاكل الاجتماعية لها دور فى وصول الشخص للإصابة بهذا المرض؟

د. يحيى:

طبعا لها، لكن هذا لا يأتى فى المقام الأول، لكنه يضاعف التدهور والمعاناة، المعروف أن هذه الضغوط تمثل عواطف سلبية ومضاعفات فى كل الأمراض النفسية، فما بالك بمريض مسن ضعيف وربما عنيد أو مزعج!.

س (17): ما نسبة الإصابة بهذا المرض بين الفئات العمرية المختلفة؟

د. يحيى:

هذا المرض عادة لا يوصف إلا بعد الستين لكن فى حالات نادرة يحدث قبل ذلك، ثم يزداد تطوره باضطراد الزمن وحسب فراغ المسن من الالتزامات الروتينية، والإحاطة الحانية، والاحترام الكافى، أما نسبة الإصابة فهذا يحتاج إلى مسح إحصائى لمجاميع من المصابين والمشبه فيهم، وهنا عمل أكبر من قدرات مراكز البحث التى أعرفها، والتى لها اهتمامات أوْلى.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *