الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / أحلام فترة النقاهة “نص على نص” حلم 63 & 64

أحلام فترة النقاهة “نص على نص” حلم 63 & 64

“يومياً” الإنسان والتطور

12-6-2008

العدد: 286

أحلام فترة النقاهة “نص على نص”

نص اللحن الأساسى (حلم‏ 63)

هذه أرض خضراء يحيط بها سور متوسط الارتفاع لكنه كاف لإخفاء ما يجرى داخله عمن فى الخارج، وتنطلق من وسطها مسلة طويلة فى رأسها علم، أما سطحها فيمرح بالشباب والحركة. خلت بادئ الأمر أننى فى ناد رياضى. ولكن بعد أن أمعنت البصر غلب على ظنى أننى فى سيرك، فهنا جماعة تسير على أربع. وهنا فريق يتبادل أفراده الصياح والركل. وفريق آخر يتعاقب الحركة…. الشتائم، أما البقية من الشباب فتشدو بألحان لم يسمع مثلها. وأردت أن أزداد علما فوجدتنى خارج السور فى مدينة كبيرة يشقها شارع عملاق تتكتل الجماهير على جانبيه خارج السور وهى تهتف متطلعة إلى العلم فى رأس المسلة. وأخيرا فتح الباب الكبير. وتهادى منه الموكب، عربة إثر عربة. وفى كل عربة شاب يجلس جلسة ملوكية، ينظر إلى الناس من عل. ويرد تحياتهم باستعلاء واستكبار.

التقاسيم

…. رحت أنقل بصرى بين الجماهير الهاتفة، وأتابع الشاب تلو الشاب فى العربات المزدانة فى جلستهم الملوكية المتكبرة المتغطرسة، وخوفا من أن أقدم على ما لا أعرف كيف أضبطه عرجت إلى أقرب حارة متفرعة من الشارع العملاق، فإذا بى أسُتدرج من حارة إلى حارة وكأننا لم نكن خارج السور أصلا، الرائحة كريهة، وتزداد عفونة ونتنا، وحْلٌ هذا نزحوه من مصرف مهجور؟ أم فضلات بشرية تلك التى تغوص فيها قدماى؟، حل الظلام فجأة وكأننا لم نكن الظهر منذ قليل، وسمعت صوت تعنية وحزق بجوار حائط متهدم، فاقتربت من الصوت لعله يحتاج مساعدة ما، وتبينت وجها لشاب بجوار الحائط وقد بدأ يتقيأ ويتألم متأوها، وإذا بى ألاحظ أنه أحد الوجوه التى كانت فى الموكب تنظر للجماهير باستعلاء واستكبار، ومع ذلك غلبتنى الشفقة عليه وسألته عن معاناته وهل يحتاج مساعدة، فرفع رأسه وتصورت أنه يستنقذنى أو يشكرنى، فإذا به يبصق فى وجهى قبل أن أنتبه. فانصرفت فزعا وأنا أمسح بصقته مرددا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

فى طريق رجوعى وعلى مسافات متساوية وبجوار نفس الحائط وجدت كل الشباب المتغطرسين الذين كانوا يركبون العربات واحدة تلو الأخرى على مسافات متساوية تقريبا، وهم يجلسون نفس الجلسة، يعانون نفس المعاناة، فأعددت نفسى للمباغته بهجمات دفاعية استباقية، وكلما اقتربت من أحدهم بصقت فى وجهه دون أن أسأله عن حاجته لمساعدتى.

* * * *

  نص اللحن الأساسى (حلم‏ 64)

من شدة الرعب تسمرت قدماى فى الارض، فعلى بعد ذراع منى شبت ثلاثة كلاب ضخمة متوحشة تريد أن تنقض علىّ لتفتك بى لولا أن قبضت على أذيالها امرأة باستماتة.

وإلى اليمين وقفت كلبة فى ريعان الشباب، آية فى غزارة الشعر وبياضه ونعومته وكانت تشاهد ما يحدث فى قلق تجلى فى اهتزازات ذيلها القصير المقصوص.

وارتفع نباح الكلاب الثلاثة وتتابع كالرعد واشتعلت فى أعينها الرغبة المتأججة فى الفتك بى ولما تعذر عليها الوصول إلىّ استدرات فجأة ووثبت على المرأة وعند ذاك اقتلع الرعب قلبى وارتمت علىًّ الكلاب. أما الكلبة الجميلة فتطلعت لى مدة وترددت لحظة عابرة ثم ألقت بنفسها فى المعركة دون مبالاة بالعواقب.

التقاسيم

…. فى عمق الرعب الذى شل تفكيرى، لم أستطع أن أتبين إن كانت الكلبة الشابة الجميلة قد ألقت بنفسها فى المعركة دفاعا عنى، أم مشاركة فى الانقضاض علىّ، والعجيب ان أيا من الكلاب لم تمسسنى بسوء، لا عضة، ولا خدش، ولا كدمة، كانت كلما قاربت ملامسة وجهى تكشر عن أنيابها وتتراجع، ثم تعود، فأزداد رعبا وأتمنى أن تلتهمنى فأختفى. لمحت وجه المرأة وكنت قد نسيتها ووجدت أنها تتفرج وتبتسم ابتسامة هى مزيج من الشفقة والشماتة، فاستعطفتها بعينى، فصفرت بفمها، فقفزت الكلبة البيضاء وذهبت اليها فالتقطتها المرأة ووضعتها على كتفها وراحت تهدهدها وتمسح على ظهرها فى حنان بالغ، فداخلنى شعور غامض ان الفرج قريب، وفعلا التفتت الكلاب الثلاثة إلى المرأة واحنوا رؤسهم، وتوقفوا فى أماكنهم كأنهم تماثيل من صخر.

لوحتُ للكلبة البيضاء فتخلصتْ من هدهدة المرأة وقفزت إلى كتفى، فدبت الحياة فىّ  وانطلقت الكلاب المتوحشة نحو المرأة دون تردد وقد خيل لى أن الغيرة قد ملأتهم غضبا، فراحوا ينهشونها فى نهم متسارع حتى اختفت فى بطونهم، ثم اختفوْا تماما.

أخذت أملس على شعر الكلبة البيضاء وهى على كتفى.

فابتسمت لى

وفرحت

ولم يخف على أى منا كيف كنا ندارى خجلنا من نسيان المرأة وسط فرحتنا بالنجاة والحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *