الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حـوار/ بريد الجمعة

حـوار/ بريد الجمعة

“يوميا” الإنسان والتطور

13-6-2008

العدد: 287

حـوار/ بريد الجمعة

مقدمة:

بدأت التعقيبات والتعليقات تطول، وتتناول مراجعة بعض النشرات معا بنقد جاد، ومتابعة مهتمة، وكذلك تقترح توصيات محددة ومفيدة، ونظرا لأننا مازلنا نتحسس طريقنا، برغم أننا فى نهاية الشهر التاسع! (العدد 287) إلا أننى رأيت أن أفسح المجال لنشر التعقيبات المفصلة، كما هى، فى نهاية هذا الباب.

سوف يتم تقسيم هذا الباب إلى ما ينشر باعتباره حوارا (مصطنعا كما اعتدنا) على أن نفصل التعليقات المطولة، فى جزء منفصل تحت عنوان “البريد” دون أى تدخل أو اختصار، وبأقل قدر من التعقيب فيكون الباب من جزأين “بريد وحوار الجمعة” وليس فقط (حوار/بريد الجمعة)

وللراسل بعد ذلك أن يختار أى جزء يفضل أن ينشر رأيه، فى الحوار أم مع البريد

شكرا.

ربنا يسهل.

فى آخر لحظة:

ضاق بى الوقت، فلم يشأ ربنا أن يسهل! فنكتفى بنشر الحوار اليوم ونؤجل البريد ليوم الأحد (بعد غد) بعد استئذان باب “استشارات مهنية” (علما بأنه لم تصلنى استشارة جديدة حتى هذه اللحظة!)

****

 الجزء الأول:

بحثا عن منهج: تجارب تحريك الوجدان

أ.أحمد صلاح عامر

هل تستطيع أن تسمى تجربة د/ أميمة هذه بأى مسمى علمى؟ اقترح أن تكون التسمية “الوعى بالعمليات المعرفية”

د. يحيى:

نحن لا نحتاج لتسميات جديدة، هذا علاج جماعى جيد لا أكثر، ثم إن تعبير “الوعى بالعمليات المعرفية” يكاد يشير فى الاستعمال العادى إلى درجة من العقلنة، مع أن هذا العلاج وهذه التجربة تجرى بكل مستويات الوعى معاً، ويمكنك أن تراجع ما نشر عن/ومن، تجربة (تجارب) د. أميمة حتى تعرف الصعوبة والتكثيف فى آن. (لقد استقبل الصديق أنس زاهد كلمة الوعى بنفس المعنى الذى أخشى أن يغلب على التلقى فيبعدنى عما أقصد، انظر بعض الرد على أنس لاحقا)

أ. أحمد صلاح عامر

أنى أوافق على عدم التسمية لطبيعة المشاعر، لأن هذا يفقدها كثيراً من المعانى التى قد تكون موجودة والتى لابد تتخطى هذه المسميات.

د. يحيى:

إذا كنت تريد أن تسمى ما تقوم به د. أميمة، ثم بعد ذلك توافق على عدم تسمية طبيعة المشاعر، فأنت قد التقطت الصعوبة من زواية أخرى، ومع ذلك لا مفر من التسمية،

هل يمكن يا بوحميد أن يكون للأسماء عمر افتراضى؟، فيكون لنا الحق فى الاستغناء عنها وإحلال اسم جديد محل القديم حسب تطور اتساع الوعى ورحابة اللغة، شريطة أن يكون لهذا الاسم الجديد عمره الافتراضى أيضا، وهكذا.

****

 استشارات مهنية (3)

د. على سليمان

كنت اعتقد ان الفصامى لاعلاج ولا أمل له بالشفاء الا عن طريق  الدواء الكيماوى ولكن بعد ما وصلنى من “الاستشارات مهنية” (3) مع د.أميمة وتوجيهات الأستاذ الدكتور يحيى  اشعر أن هناك ضوء فى نهاية النفق وأننى كمعالج نفسى قد استطيع مساعدة إنسان يعانى وانا احلم بمساعدته.

د. يحيى:

طبعا، بارك الله فيك، لا يوجد تعارض إطلاقا بين الجمع بين هذا وذاك ويمكن الاطلاع فى الموقع على وثيقة “العلاج الجمعى للذهانيين” وهى أطروحة باكرة، ثم “العقاقير والعلاج النفسى“، وهى شرائح PP مع الإيضاح المحدود، وأيضا أرجو أن تراجع استجابة المرضى للعبة أمس “يمكن لما أعرف أكرهك أقدر…” وكان كل المرضى الأربعة فصاميين، وستجد استجاباتهم أعمق من الاسوياء (غالبا، ولا أعنى الأطباء المشاركين).

د. أميمة رفعت:

أشكرك جدا على كم المعلومات التى تدفقت منك بكرم واضح، وعلى الفائدة التى جنيتها من هذه الإستشارة، فأى محاضرة تلك أو شهادة من التى يحصلون عليها هذه الأيام يمكن أن تعطى هذه المعلومة الإكلينيكية المركزة، و أشكرك شكرا خاصا على تعليقك الإيجابى على عملى فقد رفع من روحى المعنوية و أعطانى دفعة إلى الأمام تكفينى العشر سنوات القادمة من عمرى…

د. يحيى:

العفو

***

أحلام فترة النقاهة: حلم 61 – 62

أ.هالة حمدى البسيونى

لم أفهم حتى الآن لماذا يشترط لمن يؤجر شالية أن يكون فصيلة دمه (A.B )  هل سوف يلحقه مكروه أم ماذا؟

د. يحيى:

الأدب لا يفسر هكذا يا هالة / ماذا جرى؟

أ. هالة حمدى البسيونى

وصلنى شئ من الخوف والرعب والقلق عندما ظل المصعد يهبط دون توقف مع كل المحاولات لإيقافه يمكن يكون سبب خوفى وقلقى هو أنى اخاف المصاعد أم احساس بعدم قدرتك على إيقافه هو الذى جعلنى أقلق وأخاف.

د. يحيى:

أرجو أن تنتظرى مناقشة أكثر تفصيلا، ربما من خلال تعقيب د. أميمة حالا.

د. مجدى محمد السيد

كفانا أحلام، كم أتمنى ألا أرى هذه الأحلام، لماذا يا د. يحيى لم تلتفت إلى تعقيباتنا المتلاحقة عن عدم فهم هذه الأحلام؟

د. يحيى:

أظن أننا نحتاج إلى عدم الفهم، بقدر ما نحتاج إلى الفهم، وكل ما عليك – إذا ضقتَ بنا هكذا- هو ألا تقرأ نشرة الخميس يا أخى، بسيطة!

د. أميمة رفعت: أحلام فترة النقاهة 

أجمل ما فى التقاسيم أنها تلتقط الخيط من الأحلام لتنسج نسيجها الخاص بها، فتحتفظ بلون الحلم وتأثيره وفى نفس الوقت يكون لها نكهتها الخاصة ..

لم أشعر أبدا مع التقاسيم أننى بعيدة عن التكثيف والحركة والرمزية التى تميز الحلم،  وأحيانا أشعر بأن التقاسيم تحمل فى أجوائها عبق نجيب محفوظ نفسه، مثلما كان فى تقاسيم الحلم (58):

عربة السوارس، والمرأة البدينة المثيرة سليطة اللسان، فقد أعادت هذه الصورة إحياء زبيدة العالمة وثلاثية محفوظ فى ذاكرتى، رغم أن كاتبها هو الرخاوى.

وكم كان جميلا (حسب رؤيتى الخاصة) أن أرى  تكثيفا لمعنى وفكرة حلم وتقاسيم (61) و(62) فى كلمة أو جملة آخر التقاسيم. فالظاهر المبهر الذى يمنى القلب ويعمى العين عن إحتمال ما يحويه فى جوهره من خداع ومخاطرة برغم التنبيه والتحذير الواضح، قد لخص فكرته ببراعة: المصعد الهابط فى تقاسيم 61، فهو فى ظاهر الكلمة يصعد إلى ما يحلم به الراوى من رفاهية وسعادة مرتقبة، والحقيقة أنه يهبط بسرعة إلى الهاوية حيث لم يعد يجدى معه تذكره للتحذير.

أما الحلم الرائع (62): عندما يبحث الراوى عن ماضيه وهو لا يدرك أن حاضره هو نفسه جزء من هذا الماضى ويحمله فى طياته، ويجره البحث بعيدا حتى يصبح شغله الشاغل وينسيه نفسه الحقيقيه وفيها ما يبحث عنه…أليس رائعا تكثيف هذا المعنى فى هذه الجملة الأخيرة فى التقاسيم (وأخذ جسمى يتبطط حتى صار فى سُمك ورقة كارتون، لا أعرف هل لصق عليها صورتى أم لا.) ؟ وكما بدأ الحلم بصورة متهرأة إنتهت التقاسيم بتحول الراوى إلى نفس الصورة ولكن ربما يكون قد فقد فيها

ذاته أثناء بحثه المحموم. أثارت هذه الجملة ما تثيره مقطوعة سوناتين روندو من الموسيقى الكلاسيك rondo فى نفسى، فهى حركة عزف نهائية مبهرة وقوية تحمل بين أنغامها كل المشاعر والمعانى التى تسبقها.

أعتقد أن كلا من أحلام محفوظ والتقاسيم تحتاج إلى دراسة عميقة ومن نوع خاص ولا يجب على الإطلاق قصر نشر هذه التقاسيم على النشرة اليومية.

د. يحيى:

يا رب يخليكى يا أميمة، والله يا شيخة كدت أتوقف (كالعادة: دون توقف)

***

تعتعة مدرس شاب “كنظام”: الزمن القديم

د. مروان الجندى

وصلنى ما وصل حضرتك من شعر هذا المدرس وأكد لى أن “الشئ الـ.. ما” موجود حتى ولو لم نشعر به.

د. يحيى:

هو ذاك، الحمد لله، ألسنا “خِلقة ربنا”!؟

د. مروان الجندى

برغم افتقادى لحضور حضرتك فى الأنشطة العلاجية (فى المقطم) كسابق عهدك إلا أننى أجد بعض هذا “الشئ الـ.. ما” فى تلاميذك، وأعتقد أنه وصلنى بطريق غير مباشر أو غير صريح، وأنه يفيدنى فى مهنتى وفى علاقتى بالمرضى.

د. يحيى:

آسف على الظروف التى حالت بينى وبين ما أحب ومن أحب بشكل مباشر، تعرف يا مروان ما آل إليه حال وقتى. شئ أفضل من لا شئ.

أ. لبنى الغلايينى

…. بكيت بكاءا مريحا وأنا أقرأ شعرك للأستاذ سليمان، وحين وصلت للبيت الأخير دفقت موجة بكاء شديدة لكنها مريحة: لن يندر النبلاء ولم يندروا كل مافى الأمر أننا يئسنا من أن نجدهم وتكاسلنا فى البحث لاعتقادنا بأنهم غير موجودين ، يقول الله تعالى فى حديثه القدسى “أنا عند ظن عبدى بى فليظن بى مايشاء”، كلما تذكرت هذا الحديث أتأمله وكأنى أسمعه لأول مرة / بالطبع هذا الشيء موجود ليس فى مصر فقط موجود فى كل مكان / حدث مع ابنى نفس ماحدث مع حفيدتك ومن مدرس العربى تحديدا لدرجة جعلتنى بمخى الوسخ أشك فى الأمر الى أن قابلته وعرفته وأيضا بكيت تأثرا!!  هذا الشيء موجود يؤكده ماحدث معى مع الكوافيرة المسيحية التى استفادت من برنامج تدريبى لى،…

……باختصار أجزم بأن هذا “الشيء الـ.. ما” موجود وبكثرة لا بندرة كل ما يحتاجه فريق المشككين أن ينظروا باحترام ومباشرة للمشكوك بأمره ومعاملته على أنه انسان غير مشكوك به وأنه إنسان إنسان محترم يليق بالثقة …. فيثبت لك أنه يليق باحترامك.

د. يحيى:

شكرا يا لبنى، وأرجو أن تغفرى لى ما اقتطعت من خطابك من كلمات، ثم مقاطع بأكملها برغم أهمية كل حرف، وذلك لما تعرفينه عنى، وأيضا بسبب المساحة والوقت، ثم لا تنسى أن هذا “رجز” لليلى و”استاذها”، وليس شعرا.

ثم أرجو يا لبنى – بمناسبة هذا الحديث القدسى الكريم – أن تراجعى نشراتى التى ناقشت فيها البدعة الجديدة المسماةالسر The secret ففيها إشارة إلى هذا الحديث القدسى، مقارنة بما يقابله من تهريج فى هذه البدعة الغربية التجارية الجديدة!

د. مدحت منصور

فخور أنا بهذا “الشئ الـ ما” والذى أظن أنه خليط من كل الأشياء التى ذكرتها حضرتك من البسطاء الصابرين العنيدين الأقوياء المؤجلين المصممين الأطفال المبدعين الحكماء الطيبين وأضيف إن جاز لى المتربصين بالتتار والفرنجة وبرمسيس والإخشيدى والأتراك والملوك والسلاطين والواثقين والمعتبرين من طول تاريخهم.

د. يحيى:

يعنى! دعنى أوافقك بحذر.

أ. هاله حمدى البسيونى

فى بداية اليومية لم أفهم العنوان ولكن عند نهايتها وصلنى الكثير منها.

د. يحيى:

أحسن

 أ. هاله حمدى البسيونى

هذه اليومية ذكرتنى بأيام الإعدادية فكان لدى مثل هذا المدرس الذى لم يبلغ الثلاثين وكان يتعامل معنا بهذه الرقة والحنان هذا المدرس أهدانى هدية حين علم بعيد ميلادى ولم استطع أن أوصف لك مدى فرحتى بهذه الهدية.

د. يحيى:

كل ثانية وهو طيب (ما أمكن ذلك)

أ. هاله حمدى البسيونى

هذا الشعور الذى شعرت به حفيدتك هو شعور، لا يوصف أنا حتى الأن لا استطيع وصفه ولكن كلما نظرت إلى هدية مدرسى تذكرت هذا الشعور.

د. يحيى:

الحمد لله

د. محمد الشاذلى

هذا التشوه الذى لحق بالمعلم هو نفسه الذى لحق بالطبيب والمهندس والفلاح.. نفس قدر التشوه الذى لحق بكل ما حولنا.. أتمنى أن يكون مجرد محاولة زائفه للتشوية وليس الحقيقة الواقعة.

د. يحيى:

لم أفهم ماذا تعنى بـ “محاولة زائفة للتشوية”، مَنْ يُشَوِّه مَنْ؟

ومع ذلك فدعنا نقبل الظاهر والباطن معاً قبل أن نسارع بالتفسير السببى أو التعميم.

د. نرمين عبد العزيز

نعم يوجد “شئ ما” فكرتنى بمدرسة اللغة العربية اللى درست لى فى رابعة إبتدائى قد ما أفتكر، المدرسة دى كانت بالنسبة لى “شئ ما” قوى جداً دفعنى لكل حاجة جميلة حتى خارج نطاق المدرسة والمذاكرة… أعتقد أنه أحيانا يكفينا القليل من “شئ ما” للاستمرار فى النضوج والإحساس بنبض الحياة…

د. يحيى:

أود أن أؤكد على حكاية “القليل” …، أعتقد أن المسألة ليست بالكثرة أو القِلة، نعم ليست مسألة كمية الخير مقابل كمية الشر مثلا، مجرد وجود هذا الشىء (وليس بالضرورة أن نسميه “الخير”)، هو كاف لمواصلة البحث عنه يقينا بوجوده، ومن ثَمَّ رعايته.

أ. أحمد صلاح عامر

لأ طبعا ما عنديش مانع، أنا كنت من ضمن الذين لم يروا أن هناك شئ ما، ومازلت على نفس الرأى، لأن الأستاذ سليمان كما أشرت حضرتك يدرس لطبقة معينة ويمكن يكون كمان مرتاح شوية بس والله احتمال يكون صح هناك شئ ما بس أنا مستغرب شدة إيمانك بيه.

د. يحيى:

لعلك لاحظت أننى شككت فى انتماء الأستاذ سليمان لهذه الطبقة وذكرت ذلك صراحة، ثم نفيته، ثم عدت أؤكد أن هذا “الشىء الـ.. ما” ليس قاصراً على طبقةٍ بعينها.

 فرِحْتُ لما أنهيت به تعقيبك،

 أحسن حاجة هى أن ننجح فى توصيل ما لا يصل إلى من يقاوم بشجاعة وإصرار هكذا.

د. أميمة رفعت:

ما هذا يا د. يحيى؟ هذه الرقة تستطيع تعتعة الوعى  والضمير السياسى على السواء  مائة مرة أكثر من الغضب و التهكم والثورة. أيمكن للرقة و الرومانسية فعلا أن تكون سلاحا أكثر فتكا من تكشيرة الأنياب؟

أعتقد هذا فعلا… فمن منا لم يتحرك ال شىء ما بداخله وأوقظه و ملأه بالأمل وبالدوافع الطيبة بعد قراءة هذه التعتعة الرقيقة؟ ومن من الفاسدين لا يشعر بالخجل  وبالتقصير فى حق نفسه قبل الآخرين إذا ما قرأها؟ يا ليتنى أستطيع أنأهديها إلى كل مختال فخور فى حكومتنا المبجلة … لعل و عسى !!

د. يحيى:

الحمد لله، أرفض أن أتصور أنهم ممن هم: “… عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”

أ. منى أحمد فؤاد

أنا سعيدة جدا بما أقرآه لأنى فعلا شعرت بوجود دليل واضح على وجود ذلك “الشئ الـ.. ما” الذى لا يعترف به البعض.

د. يحيى:

وأنا كذلك

أ. هيثم عبد الفتاح

فى الاسبوع الماضى وصلنى “وجود ذلك الشئ الـ ما” خاصة فى ناسنا الصابرين، الطيبين، وبدأت أتتبع نفسى فى محاولة البحث عن هذا “الشئ الـ ما” بداخلى وقد وجدته ظاهراً لى بوضوح فى العديد من المواضع. لكن فى بحثى هذا وجدت شيئاً آخر هو بمثابة “عكس هذا الشئ الـ.. ما”. وقد اصابنى بشئ من الربكة واللخبطة، ودفعنى إلى محاولة التخلص من هذا الشئ “عكس الشئ الـ.. ما” دون جدوى وحتى كتابة هذه الكلمات.

وتبادر إلى ذهنى تساؤل: هل يمكن أن يحمل الفرد بداخله هذا “الشئ الـ ما وعكسه” فى آن واحد؟ وهل يمكن أن يكون الفرد واعياً بوجود هذين الشيئين معاً.

د. يحيى:

المرضى يا هيثم أساتذة فى هذه اللعبة وبرغم أنهم يلعبونها بكفاءة إلا أن مرضهم يسيّرهم إلى نتائج سلبية، أرجو أن تقرأ استجاباتهميومية11-6-2008 “تعلم كيف تكره “2“).

لقد التقطَتَ يا هيثم شيئا شديد الأهمية: إن ما يجعلنا على يقين من وجود هذا الشئ الـ “ما” هو تبين وجود نقيضه فى نفس الوقت، وبمراجعة التعتعة الأولى سوف تكتشف أننى عثرت على هذا “الشئ الـ ما” بعد أن نبهت إلى كل السلبيات التى أعرفها عنا فى كل مجال تقريبا، لكن تلال هذه السلبيات لم تستطع أن تطمسه ولعل هذا هو الذى شجعنى على القسم بوجوده فى نهاية التعتعة.

****

حوار بريد الجمعة

أ. أنس زاهد:

اشكرك يا دكتور على الإجابة، لكن اللغة تظل تشكل بالنسبة لى إشكالية، وهى بالتأكيد تشكل إشكالية لك أنت أيضا. عدت إلى قراءة الرد الذى أوصيتنى بقراءته، لكن ألا تعتقد أن التأمل درجة من درجات التناغم التى يتداخل الوعى فيها لكنه لا يشكلها بالكامل؟

د. يحيى:

طبعا أعتقد، كلك نظر يا أنس، وأنت تعرف وتتابع.

أ. أنس زاهد:

…. فى حالة ممارسة الجنس أو بدقة أكثر، الإتصال الجنسى. ما وصلنى من خلال كلمة الوعى أثناء الممارسة الجنسية هو الرقابة الذاتية التى يفرضها كثير من الناس على أنفسهم، فيكتفون بالتعرى من الخارج فقط،.. مع إن الجنس يمتلك إمكانية تعريتنا من الداخل بشكل لا نستطيع الوصول إلى مستواه إلا من خلال الممارسة الجنسية التى تحتوى على الرغبة فى الاستكشاف والشعور باللذة مع الشعور بالهيمنة فى نفس الوقت. فى الممارسة الجنسية المنبثقة عن حالة من التأمل ولا أقول الوعى، نحاول دائما الخروج على المألوف، فنقوم بممارسة سلوكيات تبدو لدى الوعى منفرة، لكنه فى الحقيقة ممتعة، كشرب مياه الرجل للمرأة مثلا وهو يلعقها. ذا مثال بسيط على أن التناغم الذى بين الغريزة وما يسمى بالوجدان والخيال وربما ما يسمى بالروح أيضا.

شكرا دكتور يحيى على سعة صدرك

د. يحيى:

تصور يا أنس أننى بدأت أتعامل مع حكاية التأمل هذه بحذر أكثر، حتى الشكل البوذى منه، ربما لسوء فهمه وسواء استخدامه، وغلبة العقلنة فى كثير منه، دون تركيز كاف على الدور المعرفى للجسد فيه؟ أما حكاية الجنس وإعادة قراءته فأنا غارق فيها “لشوشتى”.

الآن فهمت لماذا لم يصلك ما أردتُ، ولماذا انزعجت، بصراحة عندك حق، ربما أسأت أنا توصيل نفسى:

 أنا استعمل يا أنس كلمة “وعى” بمعنى عكس ما وصلك، إن ما وصلك هو نوع من العقلنة intellectualization او الاستبصار introspection، وعلى أحسن الفروض الدراية awareness، إنْ كان هذا هو الذى وصلك فمعك كل الحق.

الوعى الذى اعنيه هنا (وليس حين استعمل تعبير: مستويات الوعى) ليس له تعريف،

ربما هو يشير إلى (ولا يعرّف بـ) ذلك “الحضور المشتمل لمستوياتنا معا“، وهو ما يسعى الإنسان أن يتميز به الآن، أو مستقبلا.

إسمع يا أنس حتما سوف أعود إلى تفصيل كل ذلك إذا كان فى العمر متسع، ولكن دعنى أحكى لك عن ورطتى الحالية:

أبدأ بأن أكرر أننى مازلت مدينا لك بالاعتراف بجهدك البديع المبدع فى كتابك “هكذا سكت نيتشه”، “هكذا تكلم زوربا” وقد تناولت فيه الجنس، مثل كازنتاكس، بشكل فائق الدقة، خطير العمق.

وسوف أعود إلى نقد كل ذلك يوما ولكن دعنى أحكى لك عن ورطتى الحالية:

كنت قد كتبت مسودة لكتاب عن تطور الغريزة الجنسية، ألقيت فكرته الأساسية فى محاضرة بعنوان(عن الجنس: من التكاثر إلى التواصل)، ثم أعطانى ابنى محمد مؤخرا كتابا – أعتقد أننى أشرت إليه سالفا فى احدى النشرات – وهو بعنوان Erotics  تأليف: جورج باتاى بالفرنسية، ومترجم إلى الإنجليزية وراح المؤلف (أو المترجم) يستعمل كلمتىْ Eroticism  وErotics  بالتبادل داخل الكتاب لتأدية نفس المعنى، وقد عجزت تماما أن أترجم الكلمة إلى العربية، فهى كلمة نحتها المؤلف فالمترجم (لا أعرف الكلمة الأصلية بالفرنسية) وقد دخلت اللغة الانجليزية (التى ترحب بـ 350 كلمة جديدة كل عام فى حين أن اللغة العربية لا تقبل عشر معشار ذلك)، حيّرتنى هذه الكلمة الخاصة جدا، والتى ليست لها علاقة ترادفية أو حتى غير مباشرة بالممارسة الجنسية الشبقُية (وهى ما أسماها الكتاب: الجنس الحيوانى) وهى فى نفس الوقت ليست “تساميا” وليست “تجاوزا” وليس “تخطيا” للجنس الحيوى (وليس الحيوانى) بما هو كما هو،

 هذا المدخل الذى بدأ به الكتاب، الذى لم أتم قراءته بعد، ألجأنى إلى الرجوع إلى أفلاطون الذى اتُّهم (ظلما – بفهم قاصر) بأنه تجاوز الجنس إلى ما سمى حبا أفلاطونيا (وعذريا فيما بعد) وأيضا راجعت فكرتى عن فرويد الذى اتهم هو كذلك بعقلنة الجنس من ناحية، ثم بالتسامى عنه  من ناحية أخرى، أقول أننى وجدت نفسى بعد فتح ملف هذا “الإروتك”  أعيد التعرف  على هذه المنطقة لهذين الرائدين.

اسمح لى يا أنس أن أتوقف عند هذه المرحلة لأعود إليها لاحقا،

 لكن دعنى أقول لك الآن أننى قد اهتديت فجأة إلى نحت كلمة جديدة بدلا من التعريب أو الترجمة المشوِّهة وهى كلمة الجِنْسَوية“، بدلا من كلمات “غرامى شهوانى، مهيج للشهوة الجنسية!! (وهى الترجمة الواردة فى كل من المورد، والقاموس العصرى)

أستطيع الآن يا أنس أن أضع لها تعريفا بالعربية أقرب إلى المعنى الذى أراد مؤلف الكتاب توصيله، أو إلى ما وصلنى حتى الآن.

الجِنْسَوية هى: “خبرة الجنس الحيوية الجمالية الداخلية، الملتحمة بمشاعر التحريك المتناغم، والتوقع والجذب غير القهرى”،

 وهى لا تعنى الانغماس فى لذة الحواس بقدر ما أنها الطاقة الحركية التى تدعم تلك اللذة الحسية غير الفجة”

اكتفى بهذا القدر مرحليا وأذكرك بعلاقة ذلك كله بتطور الغرائز البشرية فى عناق ضام لا يستبعد الغريزة الإيقاعية الجمالية، ولا العدوان (الذى ظهر بعض وجهه الآخر فى لعبة الكراهية)

أتوقف هنا مرغما فقد طال الاستطراد.

ولنا عودة.

أ. مشيرة أنيس:

اطمنت جدا لكلام حضرتك ردا على أ. لبنى الغلايينى بخصوص التناقض اللى جوانا و ان ده اللى الطبيعى و الأصل فى وجودنا

وعيى بهذا التناقض بداخلى كان بداية لألم لا ينتهى يا د.يحيى ….و أوقات كتيرة أقول: نفسى أرجع أغمض تانى …لكن باحس انى عاملة زى اللى مفتح ربع عين يا دوب

وبعد شوية أقول: ان شاء الله أشوف اكتر وأقبل اكتر التناقض اللى جوايا و بعد كده ده يمتد وأقبل التناقض اللى بشوفه جوه  الناس كمان

د. يحيى:

برجاء مراجعة ردى على أ. هيثم عبد الفتاح، أنا فرح بدلالة هذا الإقدام، وما يحدث  يحدث، (واللى يحصل يحصل!).

د. مجدى محمد السيد

تعقيب على رد أ. رامى عادل (الحالة):

ما المقصود بـ الرخاوى المهيِّج

د. يحيى:

إسأله يا أخى!

ما وصلنى هو “الرخاوى” المُتعْتِعْ

إياك أن يكون قد وصلتك كلمة عيب!!!

د. مجدى محمد السيد

إضافة الألعاب لما هو كامن وغير متحرك بداخلى عندما يطفو على سطح أوراق اللعبة تُحْدِثُ مواجهة بينى وبين نفسى.

د. يحيى:

بصراحة حلوه حكاية “يطفو على سطح أوراق اللعبة”،

 وخاصة أن ما قبلها هو: “إضافة إلى ما هو كامن وغير متحرك بداخلى”

 الحمد لله.

د. نرمين عبد العزيز

أعجبنى ردك على د. جمال التركى وعلاقتك بالقدر والغيب ولكنها فى رأيى علاقة المتفاؤل المحب للحياة أو المصر عليها، فعلاقتى بالقدر هى علاقة الضرير المستسلم غالبا، أما علاقتى بالغيب فهو ما يبقينى آملة فى عدم غدر القدر بى.

د. يحيى:

أقدّر الاختلاف واحترمه،

 ثم إنه قد أعجبنى منك أيضا استعمالك تعبير “إيجابية الغيب فى مواجهة القدر”،

 حلوة هذه

د. محمد الشاذلى

لا أفهم ما أشرت إليه من مفهوم سيادتك عن “القدر” و”الغيب” والفرق بينهما.

د. يحيى:

هذا قد لا يحتاج حاليا لشرح أكثر مما قيل، وأيضا برجاء مراجعة تعقيب د.نرمين، الذى سبقك حالا، وردى عليها.

* * *

قصة العجوز والخيط

د. على سليمان:

هذه القصة مؤثرة للغاية ونتيجة للغوص فى أعماق النفس البشرية ومايحدث داخلها من التفكير  والمشاعر (عاطفة الامومة) والقلق  والتصميم على سلوك شبه عبثى (الابرة والخيط) وربطه بالعبور الى الميتافيزيقيا (كالتنبؤ) فاذا تسهلت عملية ادخال الخيط فى خرم الابرة فان بنتها العزيزة بخير

 ترمز القصة الى حياة الانسان بصفة عامه فهو يربى الأبناء ويتعب  ويتعلق فيهم وبنهاية  يحث الانفصال وقلق الانفصال.

د. يحيى:

شكرا

وإن كنت أتحفظ على التفسير، ولو أنك تابعت حوارى مع د. أميمة رفعت، وأسباب توقفى عن النقد التقليدى لأحلام فترة النقاهة لنجيب محفوظ (بعد الحلم 52) لعرفت سبب تحفظى على قراءتك الجيدة هذه،

 لكننى نشرت رأيك احتراما لاهتمامك وما وصلك وذكاء تعليقك،

لكن دعنا نحتلف. شكراً

د. مشيرة أنيس (الاشراف)

أعجبتنى د.أميمة و المجهود الذى تقوم به…. ربنا يبارك لها… فما تقوم به أثار اعجابى و غيرتى فى آن واحد….

د. يحيى:

أحسن، وخصوصا حين نعترف بمشاعرنا الحقيقية “الجميلة”!! هكذا.

***

أ. رامى عادل: استشارات مهنية “3”

الأوقات تسرقنى! عمرى, لعنة الله على الحرية، دعونى انسج شبكتي,  تخنقنى فرجتكم. من منكم ذاق مهانتي, أنتم الشرفاء.  سلام

د. يحيى:

لا تبالغ يا رامى، وارجع من فضلك إلى (لعبة الذل يومية 17-2-2008) لتعرف من منّا/منهم، ذاق مهانتك (وهو لا يدرى عادة. ربما)، لا تفرح بتفرّدك بالشعور بالمهانة مهما بلغتْ قسوتها.

أ. رامى عادل: قطرة سم

لبؤه هددتنى بفضحي, قضيتى يالعارى, اجتنبتها. لوثتنى مخالبها, احتلمت وحزنت, فلم يكد يمر الليل حتى التقينا..  تكاد تطولنى أنيابها، يلتمع النجم  أمامها، أجوس خلالها.

د. يحيى:

يارب سترك

* * *

آسف

 نتوقف الآن، ونلتقى بعد غد يوم الأحد، فيما أسميته “البريد”،

يا ترى هل يختلف عن الحوار!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *