الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / أحلام فترة النقاهة “نص على نص” (حلم‏ 91 ، حلم 92)

أحلام فترة النقاهة “نص على نص” (حلم‏ 91 ، حلم 92)

“يومياً” الإنسان والتطور

18-9-2008

السنة الثانية

العدد: 384

أحلام فترة النقاهة “نص على نص”

حلم‏ 91

فى ‏البدء‏ ‏كانت‏ ‏العربة‏. ‏كنت‏ ‏أدفعها‏ ‏أمامى ‏بقوة‏ ‏ومرح‏. ‏وذات‏ ‏يوم‏ ‏وجدت‏ ‏على ‏سطح‏ ‏العربة‏ ‏طفلة‏ ‏فازددت‏ ‏نشاطا‏ ‏ومرحا‏ ‏وتتابع‏ ‏القادمون‏ ‏حتى ‏غطوا‏ ‏السطح‏ ‏فاستنفدوا‏ ‏قوتى ‏ومرحى. ‏وشعر‏ ‏الراكبون‏ ‏بمعاناتى ‏فعزمت‏ ‏على ‏ترك‏ ‏العربة‏ ‏حالما‏ ‏تسنح‏ ‏فرصة‏ ‏طيبة‏. ‏وبمرور‏ ‏الأيام‏ ‏خلا‏ ‏السطح‏، ‏رجع‏ ‏إلى ‏أصله‏. ‏أما‏ ‏أنا‏ ‏فلم‏ ‏أرجع‏ ‏بل‏ ‏ازددت‏ ‏ضعفا‏ ‏وأخيراً‏ ‏ركنت‏ ‏العربة‏ ‏ورقدت‏ ‏إلى ‏جانبها‏. ‏

التقاسيم

… لا أعرف كم كان عدد السنين التى مرت بى قبل أن أتذكر تلك الطفلة التى اكتشفتها فى بداية الطريق والتى كانت سببا فى زيادة فرحتى ومرحى أول الأمر، رحت ألوم نفسى وأتساءل كيف غادرت الطفلة سطح العربة، وكيف لم أتذكرها طوال هذه السنين منذ أن خلا السطح وخارت قواى، فحزنت أسفا حتى غلبنى النوم وأنا أتصور العربة بجوارى خالية قديمة، لا تصلح لشئ.

كفٌّ صغيرة لمست كتفى مع آذان الفجر، فاستيقظت فزعا فوجدتها، لم تكبر يوما واحدا، سألتنى: أنت طلبتنى؟

قلت لها: طبعا، أين كنت طوال هذه السنوات؟

قالت: كنت أنتظرك

قلت: بعد ماذا؟

قالت: هل مازلت تحبنى

قلت: وهل يمكن أن يكون الأمر غير ذلك؟

قالت: يُمكن ونصف

قلت: كيف

وسمعنا المؤذن يختم آذان الفجر: “الصلاة خير من النوم”

قالت وهى تنصرف:

أما آن لك أن تعرف ما هى الصلاة، وما هو النوم؟

وانصرفتْ.

ورحت أنادى عليها وهى تسير بخطى واثقة.

لكنها لم تلتفت ولا مرة واحدة.

****

حلم‏ 92

وجدت‏ ‏نفسى ‏فى ‏بهو‏ ‏جميل‏، ‏وبين‏ ‏يدىّ ‏وعاء‏ ‏ذهبى ‏ملئ‏ ‏بما‏ ‏لذ‏ ‏وطاب‏.‏

فذكرنى ‏هذا‏ ‏بسمار‏ ‏الليالى ‏من‏ ‏أصدقاء‏ ‏العمر‏ ‏الراحلين‏، ‏وإذا‏ ‏بى ‏أراهم‏ ‏مقبلين‏ ‏تسبقهم‏ ‏ضحكاتهم‏ ‏المجلجلة‏. ‏فتبادلنا‏ ‏السلام‏ ‏وأثنوا‏ ‏على ‏الوعاء‏ ‏وما‏ ‏فيه‏. ‏غير‏ ‏أن‏ ‏سعادتى ‏انطفأت‏ ‏فجأة‏ ‏وصارحتهم‏ ‏بأننى ‏لن‏ ‏أستطيع‏ ‏مشاركتهم‏ ‏حيث‏ ‏منعنى ‏الأطباء‏ ‏من‏ ‏التدخين‏ ‏منعا‏ ‏باتا‏، ‏وبدت‏ ‏الدهشة‏ ‏على ‏وجوههم‏ ‏ثم‏ ‏ركزوا‏ ‏أبصارهم‏ ‏فى ‏وجهى ‏وتساءلوا‏ ‏ساخرين‏:‏

‏- ‏أمازلت‏ ‏تخاف‏ ‏من‏ ‏الموت؟‏!‏

التقاسيم

… قلت لنفسى، ما دام الأمر كذلك، فما الداعى لكل هذا الحرص؟ ونويت أن أظل معهم وما يحدث يحدث، قلت أستأذنهم وأعرف الشروط التى تبقينى واحدا منهم.

قال أحدهم: أن تنسى أنك حى

وأكمل آخر: بل وأنك كنت حيا،

قلت لهم: “لكنكم مازلتم أحياء أمام ناظرى”، قالوا: “لأننا قبلنا الشروط ونفذناها حرفيا”، قلت: “لست فاهما”، قالوا: “أحسن”: قلت “فماذا أفعل حتى أنجح”.

قال أكبرهم:

عليك أن تفعل عكس كل ما تتصور أنه ضرورى ومفيد.

قال أوسطهم:

وعليك ألا تدع الأطباء يتدخلون كثيرا فى صحتك.

وقال أصغرهم:

وعليك ألا تفعل ما قاله كبيرنا وأوسطنا معاً.

قلت: أنا عاجز عن أىٍّ من ذلك.

ويبدو أننى سوف أظل أخاف الموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *