نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 1-9-2019
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4383
الكتاب الثانى:
“جدلية الجنون والإبداع” (1)(الحلقة العاشرة)
……….
……….
تطبيقات محتملة:
ننتقل أخيرا إلى مايمكن أن تعد به هذه الدراسة فى مجالات محددة، كأمثلة متواضعة، عملية ومباشرة، نختار من بينها ما يتعلق بمشكلة التشخيص والعلاج فى الطب النفسى بالنسبة للجنون خاصة، ومشكلة تطور اللغة، والموقف من الحداثة فى الشعر، ثم من الإبداع الذاتى فى خبرات التصوف.
(1) فى التشخيص الطبى وعلاج الجنون:
يخطىء من يحسب أن مشكلة التشخيص (والعلاج) فى مجال الطب النفسى هى مشكلة مهنية أو علمية متخصصة على نحو منفصل عن السياق التاريخى العام، أو عن الوجود البشرى المشتمِل، إذ هى قبل ذلك واجهة دالة على مرحلة تطور مجتمع بذاته فى حقبة زمنية بعينها، فليس الجنون (على الأقل بما قدمت هذه الدراسة) مرضا يصيب الإنسان من خارجه (إلا فى بعض أنواعه بعيدا عما نعرضه هنا)، وإنما هو حالة حتمية، كامنة فى الداخل، جاهزة للتنشيط، ضرورية- بما هى مرحلة- للمسيرة. فإذا تقدم فرع تخصص (علمى) يعلن أن له الكلمة التخصصية (العلمية!!) فى هذا الأمر، فصور لنا -وربما فرض علينا- مفهوما سكونيا مغتربا لما هو جنون، فإن ذلك قد يعنى ضمنا أنه ممثل غير معلن لنوع الحياة الكمية الخطرة التى انسقنا إليها، والتى بدأنا هذه الدراسة بالإشارة إلى خطورة التمادى فى الرضوخ لها. ولو أننا واصلنا “الإعلام” عن الجنون- بكل صوره- بوصفه مرضا، وخطرا، وتدهورا فى كل حال، لبدا أنه من الواجب على كل من يهمه الأمر، خاصة من المختصين من الأطباء، المبادرة بالإغارة عليه، والتخلص منه بكل صوره، وفورا، وباستمرار، ولا اعتراض على مبدأ رفض الجنون ومقاومته، لكن التحفظ هو على مسألة “فوراً، وباستمرار” فيما يخص عملية التحريك وليس مآل التدهور. إن هذا الإنقضاض” فورا وباستمرار” هو مايجرى حاليا فى أغلب الممارسات الطبية النفسية فى طول العالم وعرضه، تحت مزاعم كيميائية وتنظير دوائى مغرض بغير حدود (2). لابد أن نستنتج أن هذه الإغارة سوف تأخذ فى طريقها كل “البدايات”، بزعم العلاج السريع والفورى، أعنى كل بدايات حركية الإنسان على طريق تطوره، بما فى ذلك -كما أشرنا منذ قليل- بدايات الإبداع. وقد تنبهت ونبهت لهذا الخطر منذ البداية، حتى فى مرحلة تفكيرى الأكثر سكونا، حيث أكدت “أن التفرقة بين “أزمة التطور” والمرض الذى يقتصر على الهزيمة أمام قوى التدهور خليقة بأن توجه العلاج توجيها أساسيا منذ البداية” (3).
على أن هذا الخطر (السحق المبكر والشامل “فورا وباستمرار”) لايقتصر على من يتصادف أن يقع فى أيدى المعالجين المتحمسين الوصاة، بل إن إشاعة الخوف من الجنون بكل صوره ومراحله، لابد أن تنتقل إلى الشارع، إلى الرجل العام، فيصبح الخوف من الجنون مبررا للخوف من الاختلاف أيا كان، بما فى ذلك الخوف من الإبداع، بل إن موجة الإرعاب هذه قد تنتقل إلى مجتمع المبدعين (إن صح التعبير بحسب الشائع عن الإبداع، وليس بالتعريف الأشمل حيث كل إنسان مبدع بالضرورة)، على نحو قد يقلل من فرص التقدم المغامر إلى الإبداع الفائق اختراقا للجنون، ومن ثم فقد يقتصر الأمر على الرضا بما أسميناه الإبداع البديل، الذى نتوقع أن يزداد تسطيحا كلما زادت جرعة الخوف من بديله إرعابا، وقد يصل الأمر استسهالا إلى إنتاج مزيد مما أسميناه بالإبداع الناقص خوفا من إكمال المسيرة اختراقا للجنون، سعيا إلى الإبداع الفائق، فالممارسة الطبية النفسية من هذا المنطلق لايقتصر تأثيرها السلبى على المجال الطبى فحسب، بل قد يمتد -كما أوضحنا- إلى التأثير على حركية الإبداع وتوجهاته جميعا.
على أن إعادة النظر فى المسألة الطبية النفسية لاينبغى أن يقتصر على تأكيد ضرورة تمييز البدايات تشخيصا، ولا على التنبية على منع الإغارة العلاجية المرتعدة الساحقة الملاحقة الدائمة فى آن، بل ينبغى أن يمتد إلى تغيير الموقف التنظيرى العلمى، ومن ثم تغيير إعداد المعالج، نظرا لتغيير مفهوم العلاج، ومساره، ومسئوليته، ذلك لأنه إن كانت ثمة جدلية ممكنة بين ماهو جنون وماهو إبداع، حتى بعد أن يتجه المسار على نحو متزايد إلى ماهو جنون، فإن واجب المعالج هو أن يسعى لتهيئة الفرصة لاستعادة تنشيط هذه الجدلية بمواكبة المريض فى إيقاع إبداعى مواز (4)، فى إطار الضبط الدورى للإيقاع الحيوى، على نحو يسمح باستعادة الجدلية فى اتجاه بنائى، وكأننا نتحدث عن جدل مركب آخر بين الجنون ممثلا فى شخص المريض (الذى يحمل بذور الإبداع وجذوره)، والإبداع ممثلا فى رحابة المعالج ومرونته وجدليته الموازية لأكثر من مستوى معرفى ووجودى فى الوقت نفسه (ذلك الإبداع المواكب الذى يحتوى حركية جنون المعالج والمريض معا). ومن خلال هذا التركيب الحركى الجدلى المتعدد الأطراف، ينتقل الجدل بالتدريج إلى داخل المريض بعد رد المسار إلى بداياته، لتبدأ جدلية أقل تعقيدا بين جنون المريض وإبداعه ذاته (وهو ما أشرنا إليه سابقا)، وذلك فى وسط مرن يسمح بمساحة للحركة وحوار متصل على أكثرمن مستوى مع أكثر من معالج. فإذا نجح هذا كله، أو بعضه، تغير التركيب إلى ما يغير من طبيعة توجه المسار، حتى لو انتكس المريض، حيث تكون المناعة هنا نتيجة لتغير كيفى فى علاقات المستويات وتوجهها (ولامجال لتفصيل هذا هنا). وقد أطلْتُ فى هذه الفقرة برغم ظاهر التخصص، إلا أنى تصورت أنه، بالقياس، يمكن أن يقوم النقد الأدبى ببعض ما يوازى هذا الدور بشكل أو بآخر، مما سيأتى بعضه بعد.
(2) فى تطور اللغة:
”اللغة (هى) جماع تاريخ البشرية” (5)، وهى “.. ليست إضافة لاحقة تلصق بظاهر الوجود البشرى الفردى والجماعى، بل هى الوجود البشرى فى أرقى مراتب تعقده”. “… واللغة.. هى ذلك الكيان البيولوجى الراسخ المرن/المفتوح معا، وبالتالى فهى دائمة التشكيل والتشكل، وليس الكلام إلا بعض ظاهرها فى سلوك رمزى منطوق/أو مكتوب”. “على أن الكلام وهو يؤدى بعض وظائفه للتواصل والاقتصاد يعود فيؤثر ارتجاعا على الكيان اللغوى ذاته، أى على تنظيم وجودنا وفاعليته” (6). ومن ثم فإن اللغة معرضة للجمود والتشويه بدرجة تلزمنا بغاية الحذر ونحن نستسلم لثباتها، أو نعلى من ضرورة تقديسها كما هى، فالوعى المنحاز أو المزيف، لاينتج إلا عن لغة منحازة بحكم طبيعتها.
من هذا المنطلق نستطيع أن نتصور التحدى الملقى علينا فى مسألة تطور اللغة بالقياس إلى ما قدمناه فى هذا الفرض (هنا)، فاختراق وصاية اللغة ورسوخها حتم تفرضه ضرورة التطور وحركية الإبداع، لكن هذا الاختراق – مثل كل اختراق – محفوف بتهديد الجنون (كما أوردنا)، فثم جدل لابد أن يفرض نفسه حلا لهذا التحدى الصريح، وهو الجدل بين الظاهرة الوجودية الأعمق إذ تتفجر فى علاقات وتركيبات جديدة قديمة متجددة، والتركيب اللغوى السابق لها مباشرة، والعاجز عن استيعابها استيعابا تاما. والصيغة المطروحة لاختراق هذا المأزق، بهذه الجدلية، هى التى يقال لها “الشعر”، حيث “.. يلزم الشعر، فينشأ، حين ترفض الظاهرة أن تظل كامنة فى ما ليس لفظا متاحا للتواصل، وفى نفس الوقت حين ترفض أن تحشر نفسها فى تركيب لغوى جاهـز(مسبق الإعداد). فالشعر هـو “عملية تخليق للكيان اللغوى فى محاولة الوصول إلى الخبرة الوجودية المنبثـقة (الكتاب الأول) وهذا النوع من الشعر الذى سبق أن أطلقت عليه صفات مختلفة (فعل الشعر، الشعر الشعر، أقصى الشعر ..إلخ) هـو الممثل الأول لنوع الإبداع الفائق كما ورد فى هذه الدراسة- ذلك الإبداع الذى يؤدى إخفاقه إلى التدهور إلى ماهو جنون (ما استمرت الحركية: تحللية فى عكس الاتجاه)، حيث تسقط اللغة القديمة (المفاهيمية) إذ تعجز عن الترابط وعن تأدية وظيفتها، كما تجهض اللغة الجديدة وتتحلل، فلا يتبقى من هذا وذاك إلا مايسمى “سلطة” الكلمات، (7) أو رطان صوتى بلا دلالة وهو ما يسمى أحيانا “جَدْلَغَة”، (8) كما قد تصاب المسيرة بالإجهاض أيضا إذا ما أغار عليها ماأسميناه هنا بالإبداع الناقص، الذى ظهر كثيرا فى بعض أشكال الشعر التى تسربت تحت عنوان الحداثة.
إن تطبيق القياس فى مجال تطور اللغة ينبهنا- إنشاء ونقدا- أن نهيىء مساحة الحركة، ودفع التنشيط، ومرونة التلقى لحركية تطور اللغة، ذلك لأن ثمة حتمية تفرض علينا ضرورة اختراق الثبات (اللغوى) بهدف خلخلة تزييف الوعى الساكن وهذا يشمل مغامرة اختراق الجنون بما يهدد بتفكك الكيان اللغوى وغلبة الرطانة، كما يشمل احتمال نجاح العملية الجدلية العميقة بما يترتب عليها مما تحققه من إثراء للغة وللكيان البشرى بما هو فعل الإبداع الفائق فى صورة الشعر (9) المجدد للغة (الشعر- الشعر، الشعر الفعل..).
إن تناول تطور اللغة من هذا المنطلق سوف تكون له آثاره فى إعادة قراءة النصوص المقدسة بما يسمح لها بإلهام أوسع، وفى نفس الوقت سوف يقابل – طبعا- بمقاومة بلا حدود (10).
الحداثة فى الشعر: (دور النقد)
يمثل أقصى الشعر (الشعر/الشعر= فعل الشعر.. إلخ) إبداعا فائقا بما هو ناتج حقيقى لجدلية نابضة بين الإبداع والجنون. وأغلب مادون ذلك من مستويات الشعر الأخرى يمكن أن يدرج فى عداد الإبداع البديل، كما أن بعض ماتسرب إلى الشعر الحديث يمكن أن يفرز إلى ماهو إبداع ناقص، (أو حتى إبداع زائف). وأكتفى هنا- بعد ماذكرناه فى تطور اللغة- بأن أوجز مانبهت إليه من ضرورة التفرقة بين ماهو إبداع فائق وإبداع ناقص، فالإبداع الناقص فى الشعر، خاصة وأنهما يدرجان عفويا تحت ما يسمى: حداثة الشعر الإبداع الناقص هو الذى يعجز صاحبه عن أن يفرق بين التناثر العشوائى (الجنون) والتفجر الانتقائى (الإبداع)، فتهرب منه وحدة القصيدة لحساب الاستغراق فى قوة نبضه على حدة، وقد يستسلم الشاعر لدفعات لا شعورية دون إنضاجها فى بوتقة المعرفة المفاهيمية، فضلا عن خلطه بين ماهو “جَدْلَغَة”، وماهو تشكيل لغوى جديد. وليس التطبيق المقترح فى هذا المجال مقصورا على اكتساب أدوات دقيقة للتمييز بين هذا وذاك، وإنما قد يقوم النقد الإبداعى بحسن التلقي- وليس مجرد الفرز والحكم- لدرجة أن يرفض الإبداع الزائف، ويحتضن الإبداع الناقص مواكبا حتى ليكاد يعيد تخليقه، ليس نيابة عن منشئه، وإنما حوارا معه ربما قياسا على الممارسة العلاجية، وأخيرا فإن الناقد بإبداعه الموازى للابداع الفائق- قراءة خلاقة- إنما يكسر وحدة هذا المبدع المتميز بما يطمئنه إلى إمكانية استمرار خوض مغامرات تنشيط حالة الجنون.
الإبداع الذاتى فى خبرة التصوف:
لعل خبرة التصوف (الحقيقى) هى أشد التجارب تمثيلا للإبداع الذاتى دون الحاجة إلى إعلان ناتج إبداعى مرموز. ومن ثم فهى أولى أنواع الإبداع بالمقارنة بالجنون، لأنها – فرضا نظريا- تسمح بمقارنة حالة بحالة، وليس حالة بناتج تشكيلى خارجها. ولكن يبدو أن هذا محال أصلا وواقعا، إذ أن هذه الخبرة -كحالة- هى بعيدة عن متناول الدراسة جملة وتفصيلا، فهى صامتة ألفاظاً بطبيعتها، مغلقة شرحاً بشروطها، وهى تُنتقص بمجرد أن تخرج عن صمتها. فحين يتكلم المتصوفون (مثلا: النفرى أو ابن عربى) يصبح كلامهم خليطا من الأدب والشعر ومؤشرات الخبرة الخاصة الغامضة، على نحو يقربنا من ناتج الإبداع، وليس من حالة الإبداع الصوفى التى ندعى أنها الجدلية المتكاملة بين حالة الجنون وفعل الإبداع، وأنا لا أعرف مخرجا منهجيا من هذا المأزق، ومع ذلك فقد أثبتُّ هذا المجال الصعب فيما يتعلق بمآزق التطبيق، تنبيها لما نحن أحوج إليه للمقارنة بما نعجز عن الاقتراب منه بأدواتنا الحالية.
وعود مفتوحة
نحن لم نورد هنا كل التطبيقات المحتملة لهذا الفرض، ولا المجالات المنتظرة لإعادة النظر، فثمة إمكانية لمزيد من الاهتمام بعينات الكتابة والتشكيل الفجة لحالات الجنون الصريح، وللتركيز على التسجيل بكل وسائل التسجيل الحديثة لبدايات الجنون على وجه الخصوص (إن أمكن ذلك)، وبدايات الإبداع (مع استحالة ذلك، اللهم إلا فى حالات التناوب عند المبدع الواحد بين هذا وذاك، إلا أن التكنولوجيا الأحدث قد تعد بما لا نعرف). ثم إنه من الممكن إعادة مراجعة الدراسات الأقدم للمقارنة بين المجالين (الإبداع-الجنون) من خلال إعادة قراءة العينات السابق جمعها والاستشهاد بها من خلال وضع فروض جديدة.
ولا مجال هنا حتى لمجرد الإشارة إلى مجالات أعم وأخطر فى التربية والسياسة، والإيمان، إلا أن المبادىء الأساسية فيما قدمناه يمكن أن تعد بما يصلح للنظر فى كل ذلك.
[1] – هذا هو الكتاب الثانى باسم “جدلية الجنون والإبداع” نشرت صورته الأولى فى مجلة فصول– المجلد السادس – العدد الرابع 1986 ص(30/58) وقد تم تحديثها دون مساس بجوهرها، وهو الفصل الثانى من كتاب “حركية الوجود وتجليات الإبداع” الصادر من المجلس الأعلى للثقافة -القاهرة، والكتاب يوجد فى طبعته الأولى 2007 بمكتبة الأنجلو المصرية، وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net ، وهذه هى الطبعة الثانية بعد أن قُسم إلى ثلاث كتب أضيف إليها ما جدَّ للكاتب بين الطبعتين، وهذا الكتاب هو الثانى.
[2]- نفسه
[3]- يحيى الرخاوى: “مقدمة فى العلاج الجمعى” ص172 (1978) دار الغد للثقافة والنشر – القاهرة. “وموقفى من العلاج كما أعلنته هو أنه إعادة إحياء ديالكتيك النمو”.
[4]- يحيى الرخاوى:”العلاج النفسى للذهانيين”. ص25-53 – عدد يناير 1981 – الإنسان والتطور.
[5]- يحيى الرخاوى: حبس الظواهر الإنسانية (النفسية) فى سجن المصطلحات المستوردة. (1986) (دراسة لم تنشر بعد).
[6]- عز الدين اسماعيل “أيديولوجيا اللغة” (ص 37 -42) المجلد الخامس- العدد 4 – مجلة فصول 1985.
[7] – Word Salad
[8]- Neologism تحت هذه الكلمة يشير إلى عرض قد يعانى منه الفصامى أساسا حين يصدر رطانا صوتيا غير مفهوم تماما معتقدا أنه يتكلم لغة خاصة جدا
[9] – يحيى الرخاوى: “هوامش وهواجس حول شعر أحمد زرزور”.ص 78-79 عدد 58 أبريل (1986) القاهرة.
[10] – يحيى الرخاوى “اللغة العربية وتشكيل الوعى القومى” قضايا فكرية – المجلد السابع و الثامن عشر – مايو 1997 .