اليوم السابع
الأثنين 11-11-2013
سرقة الأوطان والثورات والأديان وأهداف الكره
السرقة تطلق عادة على الاستيلاء على مال الغير (أو ما يعادله من متاع أو أملاك) دون وجه حق، وتكون السرقة سرقة حين يتم ذلك خفية، ويا حبذا من مجهول، أما إذا كان الاستيلاء قسرا وقهرا وعلانيه فهو اغتصاب أكثر منه سرقة. السرقة أخبث وأكثر نذاله ودناءة من الاغتصاب، لأن الأخير يتيح للمجنى عليه – ولو نظريا – فرصة الدفاع عن النفس وربما يستطيع الحيلولة دون الجريمة. السرقات هذه الأيام فاقت كل تصور، أصبحت جماعية، ومنظمة، وتكافلية عبر العالم الذى كاد ينقسم إلى سارق ومسروق،
اسرائيل اغتصبت أرض فلسطين بموافقة العالم منذ 1948 ثم تمادت فى السرقه حتى الآن بوقاحة متحدية وهى تغتال الأرض بمزيد من بناء المستوطنات وغير ذلك، تحت سمع وبصر “البوليس العالمى الجديد”، هذا أشهر مثل وربما أقبحه عن سرقة الأوطان.
مشروع الثورة المصرية وثورات الربيع العربى تجرى سرقته من أصحابه، بل لعل التخطيط كان سابقا حتى يغلب الظن أنه تم التحريك أصلا بهدف سرقة النتائج فى النهاية ليتأكد القول السائد “الثورة يقوم بها الشرفاء ويدفع ثمنها الشهداء ويجنى ثمارها الأوغاد”، فما بالك إذا كان هؤلاء الشرفاء الأبرياء قد تم تحريكهم –دون وعى منهم- بواسطة نفس اللصوص الذى كانوا أعدوا العدة لسرقة ناتج تحركهم، وتحويل مساره إلى مصلحتهم (مصلحة اللصوص)
سرقة جماعية أخرى تجرى طول الوقت يمكن أن اسميها سرقة المشاعر الفطرية (الدينية الطيبة) حين يستغل بعض من يحمل لافته الدين مشاعر عامة الناس الدينية ليحصل بها على مكاسب ماليه أو سلطوية (تلبس مؤخرا اثوابا سياسية) هى أبعد ما تكون عن حقيقة الدين الصحيح والإيمان الخالص من الشرك الظاهر والخفى
أختم أنواع السرقات الحديثة بسرقة شاعت مؤخرا حين يشارك رئيس مهزوز (أو محبوب، لا تفرق) شعبه فى مظهر تشجيع فريق رياضى له جماهيريته، ويكسب هذا الفريق، فيعزوا هذا الرئيس، هو أو من حوله أو الفريق نفسه، يعزون هذا المكسب إلى الرئيس نفسه، أكثر مما يرجعونه إلى الجهد والمثابرة والمران والإخلاص حتى النصر، يحدث هذا بحماس شديد بغض النظر عن من هو الرئيس. وقد يستعمل هذا الرئيس بشكل مباشر أو غير مباشر أبناءه لاقتناص النصر.
ما حدث فى مباراة أمس بين الأهلى وأورلاندوبيراتس هو نوع آخر من السرقات الحديثة، وقد تكون غير مقصودة لكن تمت سرقة مشاعر الناس الموجهة لحب وطنهم أو حب ناديهم، لتحويلها إلى التعاطف مع فريق سياسى بعينه، لا تربطه مع الكرة والمباراة أية صلة، فيتحول حب الناس -أو على الأقل مشجعى نادى اللاعب- تلقائيا إلى من يحبه هذا اللاعب الذى أصاب الهدف، وربما يعزوا فضل إصابة المرمى لبركة من ينتمى إليهم بعيدا عن الملاعب والكرة، فيتجمع دعاءه، مع مهارته، مع جهده، مع تدريبه، مع توفيق الله، ليصب كل ذلك دون وعى كافٍ، أو حتى لو كان مدبرا، فيما تمثله “الشارة” التى رفعها.
أنا أعذر اللاعب إلا فى حدود مخالفته القانون، فقد يكون قد تصور أن ما فعله هو مثل سجوده لله شكرا بعد أى هدف، ثم إنى أعذر عامة الناس حين ينساقون هكذا – دون أن يدروا- فى هذا الاتجاه، لكننى لا أعذر الإعلام حين يقلبها معركة ضد هذا اللاعب فيزيد الناس تعلقا بمن يتعلق به اللاعب متماهيا بشعاره وما يمثله، وكأن الإعلام السطحى المضاد يساهم فى استقطاب مشاعر الناس، فيتضخم ناتج السرقة، ويضيف الإعلام مزيدا إلى أخطائه.