نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 7-7-2014
السنة السابعة
العدد: 2502
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية
الفصل الخامس:
ملف الوجدان واضطرابات العواطف (2)
تحفظات وهوامش حول لغة موضوع الدراسة
بداية…، لا بد أن نعترف بأن اللغة المتخصصة هى غير اللغة العامة الأدبية أو المَعْجَمِيّة، وقد يبدو ذلك مبررا كافيا لتبرير فصل اللغة العلمية عن غيرها، إلا أن هذا التبرير لا يصح فى كل حال، ولا يصح بوجه خاص فيما يتعلق بموضوعنا هذا، حيث أننا فى سبيلنا إلى إعادة النظر فى كل شيء، وأول كل شيء هو استعمال أقرب الألفاظ (اللغة) إلى حقيقة “أبعاد” الظاهرة، لقد دأبنا – فى الأغلب- على أن نقوم بترجمة أسماء العواطف من لغات مستوردة دون الرجوع الكافى إلى عمق أصل الظاهرة المعنية، وكان الأجدر بنا- وما زال- بالنسبة لهذا الشأن هو أن نواجهة الظاهرة ابتداء بكل ما نملك من أدوات، فاذا اطمأننا إلى استيعابها بدرجة كافية بحثنا لها فى لغتنا مباشرة عما يناسبها من ألفاظ تحيط بها بالقدر الممكن، ثم بعد ذلك قد يصح أن نبحث عن ما يقابل هذا اللفظ فى اللغات الأخرى أن لزم الأمر، بل إن هذه الخطوة – البدء من لغة أخرى – تبدو أكثر تشويها وأخطر أثرا إذْ لا يوجد أى مبرر لكى نبدأ بالكلمة الأجنبية، ثم نبحث عن أقرب كلمة تقابلها بالعربية (دون اجتهاد الرجوع إلى أصل الظاهرة بالقدر الكافى) ثم نفرض لهذه الكلمة بالعربية حدودا تخصصية تسلخها عن أصلها اللغوى وفى نفس الوقت لا تحيط بمدلولها العلمى المقصود، ولابد أن تتضخم هذه المشكلة بوجه خاص فيما يتعلق بالألفاظ التى تصف الانفعال أو العواطف أو الوجدان، ولا مفر من الإقرار بأن اللغة العربية قديمة راسخة وقادرة ونشطة فى آن، وإذا كان حال العرب حاليا يعلن درجمة جسمية من التوقف ولا أقول التدهور، فإن اللغة العربية لا تزال تمثل عندى حضارة بأكملها، فهى لغة عبقرية قادرة، ولا يمكن أن يخرج لفظ من ألفاظها الواعدة المرنة المبدعة إلا من وعى بشرى حضارى قادر على إفرازه بهذه القدرة والكفاءة، بغض النظر عما آل إليه إغلب هذا الوعى مؤخرا.
وبما أن الظاهرة النفسية كما تحضر فى “الوعى الشخصى”، ثم “البينشخصى” ثم “الجمعى” هى أغمض وأشكل وأعمق من مجرد ما تحويه معالم اللغة، فلا بد لنا من وقفة مراجعة نبدأ فيها بالظاهرة اللغة، واللغة الظاهرة بمعنى أن نفحص الظاهرة أساسا، ثم نحاول البحث عن مضمون هذه الظاهرة حين يحاول احتواءها لفظ ما، ثم بعد ذلك من حقنا أن نرى بعض محاولات لغات أخرى وكيف يتضمن اللفظ المستعمل فحواه وينبض بما يريد وصفه، وهل استطاعت تلك اللغة أن تحل إشكالها، وأى وجه شبه بين ما اهتدينا إليه من حل جزئى أو مرحلى، وبين ما وفـقوا هم بدورهم اليه، ثم تأتى المرحلة الأخيرة للتقريب بين لفظ ولفظ من لغتين مختلفتين، وفى حالة العجز عن هذا التطابق (ولو نسيبا) يمكن أن تظل كل لغة قائمة بمفرداتها، تعلن اختلاف جذور الظاهرة (الانفعالية/الوجدانية: خاصة) التى تصفه.
علينا أن نتذكر أن هذه الاختلافات يفسرها التاريخ وغيره من عوامل بيئية وثقافية وتطورية، وأن التعامل مع ظاهرة بهذه الكلية من خلال الألفاظ ابتداء ، أو تماما هو أمر محل مراجعة من أكثر من علم (خاصة العلم المعرفى، وعلم النفس المعرفى). إننا حين نبدأ من لغتنا لا ننتهى بها أوعندها، وقد تعجز لغة عجزا تاما عن تقديم لفظ يحتوى ما احتواه لفظ مقابل فى لغة أخرى. هذا الإشكال هو عام ووارد خصوصا فى التعامل مع الظاهرة النفسية عامة، وهو وارد أكثر ونحن بصدد الألفاظ التى تصف العواطف والوجدان (1).
نحن فى أشد الحاجة إلى التعمق فى مضمون الألفاظ التى تستعمل فى وصف العواطف(/الوجدان)(2) بوجه خاص، بل وفى تاريخ تطور هذا المضمون اللفظى إن أمكن بما لا يهمل علم الأصوات، ذلك أن ارتباط إصدار مختلف الأصوات بأنواع الانفعال ثم تطور التحامهما فيما هو رمز لغوى أمر بالغ الدلالة فى مجالنا هذا(3)
هذه المراجعة خليقــة بأن تؤدى بنا إلى اكتشاف فروق ثقافية جوهرية بيننا وبين غيرنا من الشعوب (فى مجال الانفعال/ الوجدان خاصة) مما قد يضبط خطونا ويشحذ إرادتنا فى ضبط اتجاهاتنا من خلال ما هو نحن، ثم إنه لا بد أن يكون لدينا من الشجاعة ما يسمح لنا بنقل ألفاظ من لغات أخرى بأصواتها وشكلها دون ترجمتها إن تضمنت ظاهرة لم ينجح فى وصفها لفظ من لغتنا، والعكس صحيح ومـلزم، أى أنه لابد من أن يظل عندنا رصيد من ألفاظ قد لا يجدون لها ما يقابلها فى لغتهم، فتدخل إليهم كما هى، وقد حدث مثل ذلك- مثلا- أثناء النقل من اللغة الألمانية بالذات إلى الانجليزية، فى مجال العلوم النفسية خاصة، حيث ظلت الألفاظ الألمانية قائمة بذاتها بلا ترجمة رغم تقارب أصل اللغتين، فما بالك والمسافة بين لغتهم ولغتنا بالغة ما هى؟(4)
نبدأ الآن بلفظ ”الانفعال”، فنجد أنه يعبر أساسا عن”حركة ما” فهو مشتق من الفعل [بما يحمل من معنى العمل، فعل: فعلا وفعالا: وهو فى النحو: فعل:كلمة دلت على عمل وزمنه]، وانفعل مطاوع فعله، فهو منفعل، ومنفعل بكذا: تأثر به انبساطا وانقباضا (5)
هذا اللفظ”إنفعال” هو أقرب الألفاظ معنى ومبنى إلى ما هو بالإنجليزية (= E/motion Emotion ”إن/فعل”)، فكلاهما يشمل فعل الحركة ، وكلاهما مسبوق ببادئة توحى بإثارة الفعل وتنشيطه.
يدرس أغلب الباحثين الظاهرة موضوع هذه الدراسة تحت اسم”الانفعال” بصفته اللفظ الأكثر شيوعا، والأشمل مضمونا، إلا أنى رفضت ذلك ابتداء، ذلك، لأننى لو عنونت هذه الدراسة بلفظ”الانفعال” (6) لكنت أبعد ما أكون عن ما أريد، وإليكم بعض مبررات ذلك:
(1) يبدو أن الحركة التى أتصور أن أغلب الدارسين قد ارتضوها متضمنة فى اللفظ “إنفعال” هى التى أغرتهم بأنها ظاهرة “قابلة للدراسة”، ولكن هذا الاتجاة انتهى بهم الى أن ركــزوا على مظاهر الانفعال الفسيولوجية من خفقان للقلب إلى زيادة فى سرعة التنفس.. الخ، وفى القليل يشيرون إلى تعبيرات الوجه أو وضع الجسم…إلخ، ولعل هذه الأبعاد هى أقل الأبعاد أهمية حين ندرس تطور هذه الظاهرة فى أعلى صورة ارتقائها فى الكائن البشرى حتى تصل إلى “المواجدة”Empathy (7) التى تعتمد على درجة من التقمص والمشاركة ليس فقط لعواطف المفحوص وإنما للإحاطة بالوعى “البينشخصى” (8) بين الفاحص والمفحوص
إن هذا لا يعنى أن الدارسين لا يلتفتون إلى الخبرة بالانفعال Emotional experience، إلا أنه فى كثير من الاتجاهات- كما سيأتى- يبدو هذا البعد الخبراتى لاحقا للإثارة (الانفعالية) وأحيانا ما يبدو نشاطا ذهنيا استبطانيا، وكل هذا انتقاص من طبيعة الظاهرة، وأنا أعزوه- ولو جزئيا- إلى الارتباط بهذا اللفظ ” الانفعال” باعتباره الممثل الأشمل للظاهرة ككل، مما رفضت الانسياق وراءه هنا.
(2) كما أن استعمال لفظ “الانفعال” يكاد يتضمن الارتباط بمؤثر بشكل ما، حتى أن الفعل قد ورد فى أصله بالعربية ملحوقا بحرف الجر” الباء”: ” انفعل بــ…” – وهو ارتباط يقيدنى قليلا أو كثيرا، لأن الظاهرة التى أقدمها هى ظاهرة: دافعة تلقائيا، مثارة أحيانا، متكاملة فى غيرها: غاية وتصعيدا(9) سواء ارتبطت بمؤثر أم لم ترتبط، أو: سواء وعينا بهذا المؤثر لدرجة رصده لإمكان دراسته، أو لم نع به حتى أغفلناه غصبا.
(3) والانفعال فى أغلب الاستعمالات الشائعة، إنما يشير إلى مظهر أولى، أو قل بدائى، وهذا ليس صلب قضيتى اليوم، ذلك أن ما يعنينى هو كيف تندمج هذه الظاهرة البدائية فى الكل الأعلى حتى تتغير نوعيتها ثم تكاد تختفى تماما حين يكتمل “ولاف النمو” (10)على أعلى درجات سلم التطور، وعلى ذلك فان لفظ الانفعال سيتوقف عن أداء مهمته ونحن نتصاعد به إلى المظاهر الأرقى التى ستحتويه لترتفع به وتكاد تنفيه، فلا يصبح ثم انفعال مستقل أصلا.
ثم ننتقل بعد ذلك إلى لفظ “العواطف” وهو من عطف يعطف “عاطفة”، وكل المعانى الأصلية المتعلقة بهذا اللفظ تكاد تجعله محدودا بنوع خاص من المشاعر، وهوذلك النوع الذى يشمل ما هو حُنُوّ أو “شفقة” ويبدو أن هذا وذاك متعلق بالميل (الجسدى) للرعاية والحماية (11) ولعله يرجع الى ميل الأم على وليدها عقب ولادته مباشرة وبُعَيْدَهَا، وهكذا يكاد يختص هذا اللفظ -فى أصوله على الأقل- بجانب واحد مما نريد دراسته، وهو الجانب الذى يسمى أحيانا “الجانب الإيجابى” أو “الجانب البناء” لكن الاسم “عاطفة” له ذاتيته الخاصة فالعاطفة تعني: القرابة وأسبابها، والصلة، والشفقة، وكلها بها ميل واقتراب، ولكنه كاد يستقل عن الفعل (عطف)، فى الاستعمال العلمى، فارتضى المجمع اللغوى أن يطلق لفظ “عاطفة” على ما هو:”…استعداد نفسى ينزع بصاحبه إلى الشعور بانفعالات معينة، والقيام بسلوك خاص حيال فكرة أو شيء” ونحن نرى أن هذا اجتهاد طيب، إذْ نلاحظ أنه لا يشترط أن يكون السلوك (أو النزوع) ميلا أو اقترابا، بل إنه “كما سيأتى” قد يكون نفورا أو تجنبا، مثلما هو الحال في: عاطفة الكره، وعاطفة الخوف، فلماذا نصر على أن تختص كلمة “عاطفة” بمشاعر الاقتراب دون العكس؟ وهل نبحث عن كلمة أخرى لمشاعر النفور؟ أم نكتفى بأن تكون كلمة عاطفة هى لمرحلة “أعلى من تحريك المشاعر (12) إذا ما ارتبطت - فى مساحة أكبر من الوعى- بموضوع بذاته، أو فكرة أكثر تحديدا.
ولعل هذا هو ما يجعل أقرب كلمة إلى هذا المعنى فى اللغة الانجليزية هى (Sentiment) (13) حيث يبدو أنها كلمة إيجابية، اقترابية أساسا وهى تستعمل أكثر فى المجالات الفنية، وفى اللغة العلمية قد تطلق على الانفعال إذا ما ارتبط بفكرة محددة أو موضوع بذاته. ثم نرجع إلى تحديد المجمع فيذكرنا بأن العاطفة “استعداد” أكثر منها “تحريك”، وأنه “شعور بانفعال” قبل القيام “بسلوك”، وهى على كل حال- بذلك- ليست مجرد استجابة موقفية، أو تعبيرحشوى، كما أن زمنها يبدو أطول، وكل هذا وضوح نسبى فى الرؤية، ولكنه يظل تاركا التساؤل مفتوحا حول أحقية عواطف النفور لاسم “عاطفة”.
وحين نلتقى الأحد القادم سوف نتناول لفظ “الوجدان” بثرائه وقدرته وتجلياته وتشكيلاته.
[1] – جمعت “ماجدا أرنولد” فى كتابها عن “طبيعة الانفعال” بعض أبحاث ودراسات باللغتين الفرنسية والألمانية (الكتاب أصلا بالانجليزية) وتبين لها أن بعض اختلاف وجهات النظر .. إنما يرجع إلى مختلف المعانى التى تحملها كلمة Emotion ومرادفاتها، وسأورد نص تعليقها الذى ينبه إلى ضرورة الالتفات الى أثر الفروق اللغوية فى الدراسات المقارنة
The German word Gefhl means both feeling and emotions and has usually a positive significance; for instance a Gefhlaufallung is a man of heart. The word for acute emotional episodes Gefhlsaufwa llung can be either positive or negative. In contrast، the French word: motion” has the force of a rather negative emotional upset، with “passion” as its positive counterpart; and sentiment is a term for feeling in the broad sense. In English، emotion is taken by contemporary psychologists as the basic affective process while feelings are usually restricted to pleasantness and unpleasantness at least in the professional writing. In some cases affect is used as a generic term، including both feeling and emotions. Perhaps it will help to remember that the term feeling is used in a much broader sense in literary colloquial English while the German Gefhl and the French sentiment are closer to this broader usage
Magda Arnold، (1968) The nature of emotion Penguin Books
[2] – فى هذه المرحلة من الدراسة يلاحظ القارئ أنى أستعمل كلمات الانفعال/العواطف/الوجدان بجوار بعضها، وأحيانا أستعمل أيا منها بشكل فضفاض ليقوم مقام الباقى، وسيتغير الأمر بتقدم الدراسة إلى تحديد المنطقة المناسبة (فى طيف الظاهرة المدروسة) لاستعمال كل لفظ من هذه الألفاظ فى سياقه المحدد.
[3] – تكاد تنكر الأبحاث اللغوية الحديثة العلاقة المحتملة بين موسيقى اللفظ ومعناه، إلا أنى أرى أن هذا الإنكار ليس ملزما، ولابد من مراجعة المنهج الذى نفى هذا الاحتمال، تماما مثلما ينكربعض علم النفس الحديث أو علم الاجتماع نظرية الغرائز، أو مثلما يكاد ينكر علم الوراثة الحديث وراثة العادات المكتسبة، كل هذه إنكارات لا ينبغى التسليم لها بمجرد إعلانها.
[4] – حين لم أجد لفظا بالانجليزية قادرا على احتواء اللفظ العربى “الوجدان” استعملت نفس اللفظ بحروف لاتينية Wijdan أصف به بعدا من أبعاد التشخيص الذى اقترحته على مستوى الأبعاد بعد التشخيص الوصفى المفرد وعلى مستوى المحاور وأصبح لدينا محور نسميه Wijdan nonwijdanic dimension .
[5] – سأعتمد فى تناول الأصول اللغوية على “المعجم الوسيط” أساسا، فإن وجدت ما يستحق الإضافة أو يوجب التنبيه فى معاجم أخرى أشرت إليها فى الهامش دون المتن، فهنا- مثلا-لم يذكر الزمخشرى (أساس البلاغة) أو الفيروزبادى (المحيط) أو ابن منظور (لسان العرب) مادة انفعل “نصا” مما قد يدل على حداثة استعمالها بهذه الصورة فى هذا المجال خاصة.
[6] – مثلما فعلت ماجدا أرنولد “طبيعة الأنفعال” أو “روبرت بلوتشيك” “الانفعال” وهما المرجعان الشاملان الذى اخترتهما ممثلين للتراث فى هذا الصدد
[7] – لفظ “المواجدة” نحته الابن د. إيهاب الخراط وقد رحبت به ونوهت عنه فى مجلة الإنسان والتطور، مما سوف إليه حين عرض الفرض فى نهاية الفصل.
[8] – الوعى البينخشصى Interpersonal consciousness مصطلح حديث نسبيا يصف العلاقة الأشمل والأعمق التى تتجاوز الألفاظ والتعبير المباشر وتعتبر أساس فى تشكيل الوعى الجمعى Collective Consciousness
[9] – مما سوف أعود إليه حين عرض الفرض فى نهاية الفصل
[10] – أستعمل كلمة”ولاف” من قديم ترجمة لكلمة Synthesis مفضلا اياها عن الكلمة الشائعة الأخرى “جماع”.
[11] – المعنى الآخر (أو الأول) لكلمة “عطف” يتضمن هذا التفسير، حيث عطف عطوفا: مال وانحنى.
[12] – يجدر بنا هنا أن نشير إلى لفظين آخرين يستعملان فى مجالنا هذا استعمالا فضفاضا أيضا وهما لفظا “المشاعر” و”الأحاسيس”، -وهذا الاستعمال بصفة الجمع، وجمع التكسير هنا بالذات يتضمن بشكل ما- ما هو انفعال أو عواطف، علما بأن المفرد (أ) الشعور: إنما يستعمل أساسا فيما يقابل الوعى بما فى النفس أو خارجها ، أما (ب) الإحساس:فهو يستعمل فى نشاط وظائف الحواس الخمس، لكن صيغة جمع التكسير تنقلهما إلى طيف الانفعال/الوجدان ، وكأن تعدد وتداخل طبقات الشعور ومنافذه، وأدوات الإحساس ودرجاته (فى صيغة الجمع) إنما تثير فى النفس نشاطا كليا مركبا يجعلنا فى منطقة ماهو وجدانى بشكل أو بآخر، ولكن استعمال هذين اللفظين فى هذه الدراسة سوف يكون لغويا وعاما ودون أى محاولة لتحديد علمى خاص فى مجالنا هذا وخاصة فى المرحلة الإبتدائية من الدراسة.
[13] – فى مرحلة سابقة، قبلت ترجمة كلمة Feeling إلى عاطفة، وكذلك قبلت ترجمة كلمة Sentiment إلى وجدان، ولكننى أعلن قصور هذه الترجمة للفظ Feeling، وفى نفس الوقت، فإن Sentiment يمكن أن تكون أقرب إلى ما هو “عاطفة” مع التحفظات السالفة، وتبقى كلمة وجدان التى يعتبرها البعض ترجمة لما هو Affectمما سيرد مناقشته فيما بعد.
وبصفة عامة فان هذه الكلمةSentiment تتراجع فى التراث العلمى النفسى الحديث لتحل محلها كلمة attitude، ربما لنفس الأسباب، أى حتى لا توحى كلمة sentiment بالمعانى الإيجابية (العواطف الاقترابية) دون السلبية( العواطف التنافرية).