الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب (نجيب محفوظ): صفحة التدريب (24)

قراءة فى كراسات التدريب (نجيب محفوظ): صفحة التدريب (24)

نشرة “الإنسان والتطور”

2-6-2011

السنة الرابعة

العدد: 1371

Mafouz & Yehia (1)

مقدمة:

لست متأكدا هل كانت هذه الوقفة لالتقاط الأنفاس فعلاً، أم كانت هربا من معاودة المحاولة خوفا من التكرار، وحذرا من استطرادات قد تبدو تزيّدا أو هى فعلا كذلك؟

مهما يكن من أمر سوف أعاود المحاولة دون تحسب لهذا أو ذاك، وحين يكتمل العمل، وربما عند المراجعة الأخيرة ليصدر كتاب ورقيا، قد تتاح لى الفرصة لتجنب هذا وذاك بالحذف أو خلافه إذا اكتشفت أننى أضطررت لأى منهما أكثر من اللازم.

وصلنا الآن للصفحة 24 كتبها الأستاذ للتدريب بتاريخ 20 فبراير 1995.

ص 24 من الكراسة الأولى

24

 ‏بسم الله الرحمن الرحيم

………

نجيب‏ ‏محفوظ

سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحر

نادى من الغيب غفاة البشر

هبوا املأوا كأس المنى

قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُ الَقَدر

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ‏

20 فبراير 1995

 

القراءة:

أنا أحب الخياّم طبعا، وأعلم أن شيخى يحبه كذلك، جدا، أكثر وأعمق منى بداهة، نحن مازلنا فى الشهور الأولى بعد الحادث (129 يوما) يده مهزوزة والتدريبات السابقة نفك شفرتها بالكاد، وترجيح تكراره لاسمه شخصيا واسم كريمتيه سبق الإشارة أننى أعتبرته غالبا بمثابة إذابة  للثلج حين يبدأ بما تعوّد ويحب،

 مثلث: “الحُياة – الموت – القدر”

 يبدو أنه بمجرد أن حضر الخيام ضيفا على وعى شيخى حتى استقام الخط، وتساوت السطور أو كادت، ولم يظهر اسما كريمتيه أصلا، واكتفى باسمه بعد البسملة، ثم فى الختام قبل التوقيع!

هل يا ترى حضور من نحب فى الوعى هكذا يساعدنا على استعادة التآزر الحركى؟

وصل بى الأمر أننى تصورت أن الخيام قد شارك بنفسه معه فى الكتابة، وربما المترجم أحمد رامى، غلب علىّ هذا الظن بمقارنة اتساق ونظام ووضوح وجمال هذه الفقرة

 لا أذكر اننى ناقشت الأستاذ فى موقفه أو علاقته أو نقده أو تذوقه لعمر الخيام  مثلما ناقشته مثلا فى “طاغور” و “المتنبى” لكننى من معاشرتى له هذه السنوات المحدودة أستطيع أن استنتج أن الذى يجمع الاستاذ وعمر الخيام هو هذا المثلث العجيب بكل زخمه وحيويته وترابطه “الحياة – الموت – القدر” وهو المثلث المترابط المتداخل طول الوقت بوعى أو بغير ذلك: الحياة بما هى الموت يحفز الحياة ويكملها ثم يكتمل المثلث بالقدر نجد أنفسنا فى زخم لا يعرفه إلا هذه العينة النادرة من البشر التى تمارس الإبداع هكذا.

فى هذه الرباعية، مثل أغلب الرباعيات تحضر الحياة بكل ما تحمل من أمانى وما يضطرب فيها من حيوية وزخم وجدل الوجود، لكن الموت يحضر معها ولا يتربص بها والقدر يجمعهما برفق وعنف معا.

حضور هذا الثالوث “الحياة – الموت – القدر” فى أصداء السيرة الذاتية، وأيضا فى “أحلام فترة النقاهة”، حضرنى يؤكد هذا الفرض وقد صدر نقدى لهما الواحد تلو الآخر فى كتابين متتالين، ثم عدت إلى نقدى الباكر لملحمة الحرافيش وإذا بى أتصور أن رباعية الخيام هذه لم تجىء عفوا لمجرد التدريب، نحيتُ عملى فى ملحمة الحرافيش جانبا بشكل مؤقت، وإذا بالدائرة تتسع على النشرة وتستدرجنى إلى تناول هذا “الثالوث” فى أكثر من عمل وليس فقط فى الأصداء والأحلام، خاصة وأنا الآن اكتب الصورة النهائية لنقدى لروايته المتحدية “حديث الصباح والمساء”

لم أستطع أن أتوقف، ولم أستطيع أن أعرض حتى ملامح قوة هذا الثالوث فى وعى كل من محفوظ والخيام.

يا ترى هل سأتمكن من الإحاطة بما خطر لى وما وجدته ولو فى الأصداء وحدها ولو يالإيجاز اللازم.

دعونا نرى الأسبوع القادم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *