الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / عودة إلى ملف الإدمان الحق فى الألم: ضد الرفاهية (2)

عودة إلى ملف الإدمان الحق فى الألم: ضد الرفاهية (2)

“نشرة” الإنسان والتطور

12-11-2008

السنة الثانية

العدد: 439

 

عودة إلى ملف الإدمان

الحق فى الألم: ضد الرفاهية (2)

 (سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى أو التدريبى).

الوفرة والرفاهية من الظاهر

هذا الجو الأسرى: الرائق المنضبط المسطح الناجح الرخو المسامِحْ

مقدمة:

مازلنا نحاول اختبار منهج تقديم الحالات لزوار الموقع (والمتلقى عامة) سواء المختص أو غير المختص.

بدأنا أمس “من الآخر” بتقديم “مقابلة” مع المريض أثناء الاجتماع العلمى التدريبى، وسوف نقدم اليوم مقتطفات متعلقة بهذه المقابلة، من أوراق المشاهدة، وذلك بأقل قدر من التعليق أيضا، ونؤجل مقتطفات من اللقاء العلمى حول الحالة إلى الثلاثاء القادم لنختم بالتعقيب العام يوم الأربعاء الذى يليه.

(لو سمحت لا تقرأ هذه الحلقة (النشرة) إلا بعد قراءة حلقة أمس (الحق فى الألم: ضد الرفاهية “1”)، أو طبعها ووضعها  بجوارك ما أمكن ذلك)

شكراً

أولا: استدراك مبدئى:

سقط  أمس أن الزميل المحوّل لهذه الحالة، ورئيس قسم الإدمان، د. نبيل عبر عن عواطفه نحو المريض بما يتفق مع ما أشرنا إليه أمس، علما بأنه الزميل المحوّل الموصى بدخولها المستشفى، وجاء تعبيره هذا مهماًٍ بالنسبة للتأكيد على ما أشرنا إليه أمس عن عاطفة الآخرين نحو المريض، بما يشير إلى تلك الجاذبية الخاصة (حتى لو كانت سطحية) التى شكلت أغلب عواطف المحيطين.

 عقب د. نبيل بعد تقديم الموجز كالتالى:

د. نبيل: أنا فيه موقفين متناقضين بينى وبين عبده (مقدم الحالة) أنا مازالت شايف الأسرة أسرة مصرية تقليدية طيبة عايزين يعملوا حاجات لأنفسهم وأولادهم وحاجات بالشكل ده، مش شايف باثولوجى (إمراضية) كبير فى الأسرة، رغم حكاية الخمور والحشيش، وبعدين عبده قعد يزن عليا ويلح فأنا بدأت أتراجع وخفت، لأنى باحب الولد بحب العيان فعلاً وعلاقتى بيه قديمة، فمن جوايا تناقض: هل فعلا شايف الحاجات بشكل موضوعى وان الباثولوجى مش مفهوم وان الأسرة ديه ما تْطَلعّش هذا النوع من المرض بهذا العمق وبهذه الإزمانية؟ ولا أنا باحب العيان لدرجة إنى مش عارف أشوف المشكلة ومش قادر أشوف الباثولوجى اللى موجود فى الأسرة أو فى العيان بس.

تعقيب د. يحيى (الآن):

….. لم أذكر هذا الموقف المهم أمس، مع أنه كان الأهم، حيث أن د. نبيل رئيس قسم الإدمان له خبرة شديدة العمق فى الطب النفسى عموما وفى هذا المجال بوجه خاص، ويستبعد أن يكون هذا الجذب من مريض دخل المستشفيات 18 مرة، وهو بهذه المقاومة، يستعبد أن يرجع الجذب الذى يصل للناس إلى تأثر ابتسامة ظاهرة كما أشرنا أمس؛ فلعل ذلك يكون أقرب إلى ما صنفناه بأنه “مزيج من الطفولة والجنس والجسارة”، والذى صاحب الجنون فى حالة د. أميمة (نشرة استشارات مهنية 9 “جاذبية غير مفهومة”) فى حين تجلى مع الإدمان فى حالتنا هذه.

ثانيا: المقتطفات من المشاهدة Sheet

وصف موجز  للأب: [1]

– س.م.ن. فى العقد السادس من العمر، مدير مالى بشركة. يبدو أصغر من سنه، أنيق، مبتسم طوال المقابلة، هادئ هدوءاً شديداً، كثير التأسف على اخطاء تافهة، يتوقف كثيراً أثناء حديثه لاختيار ألفاظ مناسبةٍ، كثير التنقل بين الموضوعات، متحامل على الأم، وكثير الثناء على نفسه، يائس من إمكانية علاج المريض دون انزعاج لذلك.

تخرج من الجامعة بترتيب متقدم على الدفعة كلها، عرف عنه التفوق الرياضى حيث كان يلعب كره قدم لفريق الجامعة كما كان يشارك فى الرحلات والكشافة، بعد تخرجه تنقل ناجحا بين عدة شركات حتى صار أهم مدير فى الشركة الحالية.

– عرف عن الأب الذكاء، والهدوء والأدب والطيبة وحب مساعدة الزملاء خاصةٍ الأقل شأناً، وإن كانت علاقته بمديريه سيئة لعدم رغبته فى التملق حسب ذكر الأم، محبوب فى عمله بسبب تفوقه، محب للحياة يهوى السفر مرة على الأقل سنويا زار أغلب دول العالم.

بعد زواجه من والدة المريض بدأ فى تعاطى الخمور فى المناسبات والسهر يومياً خارج المنزل ومجاراة الموضة والرقص، كما كان يقوم بتقديم الخمور بالمنزل كمجاراة للوسط الاجتماعى لزملاء العمل، انقطع خلال تلك الفتره عن الصلاة واستمر ذلك 10 سنوات حتى وفاة شقيقه وقريب صديق بعدها قاطع جميع اصدقائه، وامتنع عن السهر خارج المنزل كما امتنع عن تقديم الخمور بمنزله، والتزم بأداء الصلاة بمواعيدها وواظب على صلاة الفجر والعشاء بالمسجد، يحضر محفظة قرآن للمنزل مرة أسبوعياً حتى الآن، وملتزم بالتدريب بالجيم حتى الآن 3 مرات اسبوعياً.

تعقيب د. يحيى (الآن):

يلاحظ هذا النوع من الطموح الاجتماعى والمادى والوظيفى، الذى حقق التفوق بشكل مضطرد، ولم يقتصر التفوق فى الدنيا، بل امتد إلى التفوق فى الحصول على الدرجات النهائية المطلوبة للآخرة أيضا دون اهتمام بأى تعارض محتمل، وأيضا امتد إلى عنايته بجسده، حسب التعليمات الأكثر حداثة!! (جيم 3 مرات … إلخ)

الأب تكملة:

 يصفه المريض هكذا:

“…ملتزم فى كل حاجه، متدين، دمه خفيف، مهتم بشغله قوى، رياضى، ملتزم بصلاة الفجر فى الجامع حتى فى الشتاء، يعشق السفر، كريم قوى، مهتم بمظهره جداً، اللى فى دماغه فى دماغه، لو زعل ما يتكلمش إلا لما اصالحه، شايف ان هو الصح دايماً، مايديش فرصه للى قدامه يتكلم”

يضيف المريض فى موضع آخر:

 ماكنتش باشوفه كتير على طول مشغول، لكن ينفذ طلباتى وساعات كان يقعد يذاكر لى، هو مؤمن قوى بالثواب والعقاب، وانا باعمل مشاكل كتير فبقى يمنعنى من المصروف، يحبسنى فى البيت، وعلى طول مخاصمنى، ممكن يخاصمنى 6 شهور، ودائماً شايفنى شقى وبتاع مشاكل، وعلى طول يشتكى منى بسبب المخدرات ولما يخاصمنى اتبسط لأنى هأعمل اللى أنا عاوزه، لما بطلت المخدرات تسع شهور ولعبت رياضة كان بيحاول يصاحبنى وكنا بنخرج كتير مع بعض)

تعقيب د. يحيى (الآن):

نلاحظ هنا كيف أن لهذا الوالد حضوراً محسوباً رائعاً، يمكن أن يعتبر إيجابيا من حيث الشكل، لكن يبدو أنه كان يمارس، رسالة الثواب والعقاب من فوق السطح على مستوى الظاهر فقط، وبدون أية علاقة حقيقية أو إحاطة حامية، أو حوارٍ،  أواختلاف خلاّق.

الأم تصف الأب:

“…محترم جداً جداً، كريم جداً، عطاء جداً جداً، محب للحياة، بيصلى فى الجامع، محبوب قوى فى شغله لأنه شاطر قوى، مايحبش التملق، الحياة عنده وردى وردى، مش عاوز يسمع مشاكل، ما يحبش يشيل مسئولية، نجاحه فى شغله وتدينه والسفر والفسح هما كل حياته.

 تضيف الاخت:

“..بيحاول يكسب عطف الناس بأخلاقه، ما يرفضش طلب لحد، قافل مخه على المبادئ اللى فيه، دماغه ناشفة جداً.

تعقيب د. يحيى (الآن):

لاحظ: عدد المرات التى استعمل فيها التأكيد :  جدًّا جدًّا، وأيضا: بيحاول يكسب عطف الناس، وخلاص

وتذكر الأم أيضا عن علاقة المريض بأبيه:

هو شخصية متحفظه جداً اللى يهمه الشكل والمظاهر قدام الناس المهم الناس حاتشوف إيه، وعادل مشاكله كتير وشقى، فكان عادل بتصرفاته بيفضحه قدام الناس فماكانش ياخده معاه فى مكان وكان رافض كل اللى بيعمله، علاقته بعادل بس إنه يسمع مشاكله ويدى أوامر، وعقاب، يمشى،

تعقيب د. يحيى (الآن):

وكأنه كان يقوم بكل ذلك ليحسن صورته أمام الناس أولا وأخيرا (أين عادل؟)

تكمل الأم:

 مشاكل المدرسة مالوش دعوة بيها يقول روحى انت، ولو فيه مشكله كبيرة هاتدخل وأول ما عادل عمل حادثة بالعربية ربطه فى السفرة من إيديه، لكن لما أخد مخدرات قال سيبيه كلنا جربنا واحنا صغيرين. ولما لخبط ودخل فى البرشام بقى يخاصمه بالشهور، وانا اشيل لحد لما اتعب، أشتكى، يدخله المستشفى، وخلاص، 18 مرة!!

تعقيب د. يحيى (الآن):

مازالت التربية تسير بالحسابات الشكلية،

 فى نفس الوقت الذى يتمادى فيه “التفويت” حتى الهلاك، مادام لا يشوه المنظر.

تكمل الأم:

 وعادل فى تانية ثانوى باباه ضربه علقة جامده قُدّام اصحابه فى الشارع لأنه كان رافض يرجع البيت، بعدها عادل بدأ يتجرأ عليه، وباباه يخاصمه، لأنه ما بيعرفش يرد عليه بلفظ مش مهذب (أوحش كلمه عنده يا حمار).

تعقيب د. يحيى (الآن):

الإهانة أمام الأقران (أصحاب عادل) هى من أكثر ما يمكن أن يلحق بشاب الأذى فى هذه السن وطأة، ويبدو أنها كانت من أهم عوامل التمادى فى الرفض المعلن بالتعاطى والاستغراق فى اللذة،

 كما نلاحظ أيضا هذا الأدب الجم الذى يحرص عليه الوالد وأن غاية ما يسمح به لنفسه حتى يشتم ابنه هو قوله يا “حمار”، علما بأن هذا الوالد قد ولد فى  حى شعبى جدا فى القاهرة لأب تاجر متواضع نازح من الصعيد.

تضيف الأخت عن علاقة الأب بعادل:

 قبل المخدرات بابا يعاقبه كتير وبعد المخدرات بيعامله كإنه مش موجود ولو اتكلم يبقى نصائح لأن بابا ضعيف وما يحبش المواجهة ويخاف أحسن عادل يغلط فيه.

تعقيب د. يحيى (الآن):

لعل من أهم ما يصف الموقف المراد تعريته هنا هو تعبير الأخت “.. لأن بابا ضعيف وما يحبش المواجهة”، هذا النوع من الضعف الذى لاحظته الابنة مازال يؤكد المستوى الظاهر المعلن للصورة التى هى كل ما يحرص عليه الأب على حساب حقيقة ذاته، وعلى حساب علاقته بابنه، هذا الأب: كل همه أنه “يخاف أحسن عادل يغلط فيه”، كل همه ألا يعرف مجتمعه الخاص شيئا عن سلوك ابنه حتى لا يشوه صورته، هذا هو المهم جدا جدا، فقط وليس عادل.

شخصية الأم:

م.ب.س  امرأة فى أواخر العقد الخامس، بها جمال حى، ولدت بنفس الحى الشعبى، والدها وصل إلى درجة أكاديمية عالية بعد كفاح فى عمل متوسط، عرف عن أسرتها الالتزام الشديد والتفوق العلمى، حجت مرة واحدة واعتمرت عدة مرات وكانت تحفظ عدة أجزاء من القرآن الكريم، قَلّ تدينها فى العشرة سنوات الأوائل من زواجها حيث لازمت والد المريض فى سهراته وحبه للموضة والسفر، تعرف حالياً بتدينها، وكرمها الشديد، كثيرة الأصدقاء، كثيرة الشك، متقلبة المزاج، تهوى المرح، تعشق مشاهدة التليفزيون.

يصفها المريض:

 طيبة، متدينة، هادية، حلالة مشاكل، علاقتها بالناس كويسة، ناجحة فى الشغل، ماتعرفش تطبخ، تتنرفز بسرعة وتهدا بسرعة، تحب تهتم بمظهرها.

يصفها الأب:

تحب تعيش اللحظه، ماعندهاش خطط لبكره، مترددة، عفوية فى ردود أفعالها، عاطفية قوى، اللى فى دماغها فى دماغها، ماتجاملش، مواعيدها مش دقيقة، تتكلم كويس، تبالغ شوية فى الكلام، مالهاش فى المظاهر، عندها اصحاب كثير، لما تغلط صعب تتأسف.

تصفها الاخت:

طيبة جداً، قريّبة لينا جداً، حنينة، تحب الضحك والتهريج، اجتماعية جداً، شاطرة قوى فى الشغل، تحب تعمل خير كتير، عاطفية وتحكم بعواطفها، تخضع للزن بسهولة، كسولة، قلوقة قوى، تتوقع الوحش، ساعات تعك فى الكلام، بتنسى جامد.

يحكى المريض عن علاقتها به:

… العلاقة كويسة قوى، باحكى لها كل حاجة كأنها واحد صاحبى لانها قريبة قوى منى، دايماً فاتحة لى مجال انى اتكلم معاها فى كل حاجة، أقول لها انا ضارب إيه واوريها المخدرات. هى اللى مهتمة بى. زمان كانت تودينى النادى وهى كانت ولية أمرى فى المدرسة، وهى تعرف صاحباتى وكانت بتسمح لهم يجولى البيت لكن ممنوع أوضة النوم، أنا عارف آخرها ايه وباخد منها اللى أنا عاوزه.

تذكر الأخت عن هذه العلاقة:

 عادل عارف نقطة ضعفها وعارف انها بتزهق بسرعة فبيلعب عليها لأنه عارف انها بتحبه جداً، واحنا صغيرين دائماً عاوز طلبات زيادة،  ماما ترفض فى الأول يزن عادل شوية، ياخد اللى عاوزه، هى دائماً تدوّر عليه تشوفه بيعمل إيه، وتبقى جنبه عارفة عنه كل حاجة، بس ده مبوظ العلاقة بينهم، نصحناها كتير تبعد شويه عنه علشان تعرف تتكلم معاه، تسمع الكلام ساعة، اول ما يحس هو يجرى عليها تحن على طول وتقعد جنبه، ودايماً يتفرجوا على التليفزيون مع بعض، ولما يدخل المستشفى ما تعرفش تعمل حاجة إلا السؤال عليه.

تعقيب د. يحيى (الآن):

هذه الأم تبدو من الظاهر مثالا جميلا للطيبة، والحنان، والصداقة، والإحاطة، والرعاية، يمكن أن يعتبر ذلك شكلا من أشكال التدليل، إلا أن المسألة ليست بهذه البساطة، بدت علاقتهما كأنها أصبحا واحدا، وأن عادليقوم – نيابة عنها– بكل التحديات التى تتمناها من حركية الانطلاق، ولذة الاعتمادية على الأسهل، فالأسهل، واللذة الأسرع فالأسرع.

وبالتالى يتمادى عادل – لحسابها جزئيا – وهو مطمئن، فتزداد هى طيبة أمام الناس، وحضورا برّاقا،  فى الحدود التى تحافظ على صورتها التى رسمتها لنفسها، ويزداد هو – نيابة عنها – فى كل شىء آخر: فى الجنس، والحصول على اللذة بالكيمياء والاستسهال.

العلاقة بين الأم والأب، يصفها المريض:

 “…..متفاهمين جداً، بيحبوا بعض وبيخافوا على بعض وبيساعدوا بعض فى حاجات كثيرة، بيحترموا بعض جداً لانهم متدينين وبيراعو ربنا فى علاقتهم ، بيخرجوا مع بعض يقابلوا أصحابهم كتير، هى شايفة انه عاقل وملتزم وهو حابب فيها انها زى طفلة صغيرة.

يذكر الأب عن ذلك:

 ….العلاقة من الأول مرت بمراحل صعبة، أنا منظم أحب الهدوء والاحترام جاد قوى، احترم نفسى، ملتزم بالدقيقة والثانية وهى مش كده، ماعندهاش الدقة والجدية، تحب تصرف كتير وتنكت، وأنا أحب لبسها يبقى أكتر التزاما وكلامها بحساب، وهى كده تلقائية وأنا باخاف اللى قدامها يفهمها غلط ويطمع فيها، ولما كنت أواجها تغضب وتروح لأهلها، وكنا نتخاصم فترات طويلة لكن عمرنا ماغلطنا فى بعض، عمرى ماشتمتها شتيمه وحشة، لكن العلاقة من فترة كبيرة مستقرة والدنيا هادية جدا جدا لما هى هديت.

وتذكر الأم عن هذه العلاقة:

 العلاقة كويسة جداً، تقدر تقول زيجه ناجحة وحياتنا ماشية ماعندناش مشاكل، علاقتنا كويسة لأن بينا احترام، عمرنا ماغلطنا فى بعض، وأكدت الأخت على وصف الأم .

تعقيب د. يحيى (الآن):

إذا كانت العلاقة، بشهادة أصحابها بهذا الجمال وهذه السلامة،سمن على عسل،  رجل طيب ناجح ملتزم، وامرأة طفلة تلقائية هائصة مسامحة، وكل شىء تمام التمام هكذا، فكيف تفرز هذه العلاقة كل هذا الخراب والدمار داخل هذا الشاب الجذاب هو الآخر، هل كانت المسألة كلها كلها من بَرّه بَرّه حتى لم يصل إلى داخله ما يشكله فى كيانٍ له قوام؟

 عادل كان – برغم وسامته وطوله– يشكو من ضعف بنيته واهتزاز شكله. (أنظر النهاية)

لم تقتصر سلامة العلاقة كما وصفت هكذا على بيت برجوازى مغلق، بل امتدت إلى سَفَر للخارج وصحبة معا، وأصحاب منطلقين، وشرب، ثم انتقلت بعد ذلك (ومع ذلك) إلى تدين يعد برفاهية الآخرة أيضا.

فى المقابلة التى عرضناها أمس، وحاولنا أن نظهر افتقار المريض إلى “الحق فى الوجع” (آلام/النمو) كان ذلك استجابة للفرض الذى وصلنا من كل هذه الرفاهية الجميلة الرخوة السهلة المنسابة، التى تصبح معها آلام النمو أو تحديات العلاقة تزيـّدا لا لزوم له،

ومن هنا جاء محتوى المقابلة أمس يبحث عن هذا الفرض بشكل أو بآخر.

 (4) معالم وتجليات الرفاهية والوفرة

دخل الأسرة عبارة عن راتب الأب بالإضافة لدخل عمل الأم وإيجار شقة وراتب الأخت، مجموع كل ذلك 48 ألف جنيه شهريا.

يسود الجو الأسرى الطابع الدينى والهدوء الشديد، اعتادت الأسرة على التجمع على الإفطار يوم الجمعة من كل أسبوع والخروج لصلاة الجمعة ثم الخروج لتناول الغداء خارج المنزل، كما أن الأب يحرص على أن تسافر الأسرة للخارج مرة سنويا لمدة أسبوع على الأقل للتنزه بأى بلد من بلاد العالم.

تعقيب د. يحيى (الآن):

طيب!! ماذا تبقى بعد ذلك يفسر أن يلجأ عادل إلى المخدر هكذا؟!!!

يذكر المريض عن جو المنزل:

 هادئ مافيش قلق مافيش توتر، لازم نتغدا مع بعض كل يوم جمعة بره البيت، وماما وبابا بيحتفلوا بعيد جوازهم والدنيا هادية، وكل يوم ماما تستنى بابا لما يرجع من الشغل ويتغدوا مع بعض، وأختى بتتغدى لوحدها، أنا المشكلة الرئيسية.

تعقيب د. يحيى (الآن):

هل هناك ما هو أسعد ولا أطيب من هذا؟

 ولكن فيم يصب كل هذا؟ نسمع الأم هذه المرة وكأنها انتهت إلى أن كل هذا لا يعنى البهجة أو الفرحة الخلاقة.

تقول الأم فى ذلك:

اللى ييجى البيت يقول البيت كئيب، باباه مايتفرجش على التليفزيون، يا على السرير يا إما فى الجامع، وعالية لوحدها، يا فى شغلها أو بتذاكر أو فى الجامع، أنا تليفزيونيه أنا وعادل والموضوع ده ما يعجبهمش ، لكن كل يوم جمعة لازم نتغدا بره وطول الصيف فى مارينا وبنسافر تقريبا كل سنة لبلد أسبوع أو 10 أيام)

(أكد كل من الأب والأخت على ما ذكرته  الأم هنا)

تعقيب د. يحيى (الآن):

هذا هو المستوى الذى تحقق من هذا الوجود الناعم:

 الوفرة واللذة!!

فالفراغ الدوامة

(5) الأخت:

(أكبر من عادل بسنتين) عالية حاصلة على بكالوريوس من الجامعة الأميريكية، تقوم بعمل الماجستير بجامعة أجنبية لها فرع بالقاهرة، تعمل بشركة مهمة جدا، عمل مهم أيضا.

تحفظ القرآن الكريم كاملاً على يد محفظة تزورها مرة أسبوعياً بالمنزل، حالياً تقوم بإلقاء الدروس للسيدات بأحد المساجد بالمعادى، بالغت فى تدينها أثناء دراستها بالجامعة الأمريكية حيث كانت ترتدى جلباباً طويلاً وفضفاضاً وحجاباً طويلاً، ترفض السلام على الرجال أو الحديث معهم، ترفض سماع الأغانى والموسيقى استمر ذلك لعامين سالفين بعدما بدأت فى ارتداء البنطلون والبادى مع حجاب قصير اعتمرت مرة واحدة.

يصفها المريض:

شخصيتها قوية، حاسمة، متدينة، تقدر تقول مدمنة شغل، ما تحبش تضيع وقتها، عاقلة قوى، تعمل خير كتير فى الجامع وكده، مش ست بيت.

تصفها الأم:

 لغاية أولى ثانوى كانت متمردة وتحب اللبس الخارج، شاطرة فى لعب الاسكواش، شاطرة فى المدرسة، عندها اصحاب كثير جداً كلهم بنات، حافظة القرآن وتقيم الليل وتصوم كتير، تدى دروس فى الجامع، مش جريئة، عندها اعتزاز جامد بنفسها، ماتعرفش تتعامل مع ولاد، غيرت لبسها بصعوبة بعد زن جامد علشان إتأخرت فى الجواز.

عن علاقتها بالمريض يذكر:

 زمان كانت كويسة، نلعب مع بعض، نروح النادى مع بعض، كنا بنتنافس، بس انا كنت باغير منها، اشوفها بتعمل حاجة اعمل زيها، هى على طول أحسن منى حتى فى الاسكواش، عالية الشاطرة المحبوبة المتفوقة المؤدبة، وعادل شقى قليل الأدب بتاع المشاكل، حتى لما ما بقاش ينفع أقلدها دخلت هى فى الدين جامد وانا دخلت فى المخدرات، انا باحترمها لأن شخصيتها قوية ماتسألش على ومايهمهاش أمرى كلمتنى فى التبطيل مرة واحدة أو مرتين، يمكن علشان هى أنانية تحب مصلحتها بس.

تعقيب د. يحيى (الآن):

هذه الأسرة أفرزت هذه الفتاة “الناجحة جدا” هى أيضا بطريقتها، وهى أيضا تجمع بين رفاهية الدنيا والآخرة، ويظهر ذلك ليس فقط فى شكل نشاطاتها، ولكن أيضا فى تطور ملابسها من الفضفضة إلى البادى.

أما علاقتها بعادل، فهى كما جاء بالنص أعلاه،

 هذه الأسرة يمكن أن تفرز هذه الفتاة الناجحة القادرة الرائعة،

 فى نفس الوقت هى التى يخرج منها عادل بهذه الثورة  الزائفة  التى تقدس اللذة للذة.

 (6) تاريخ المريض الدينى

مارس عادل العبادات بشكل متقطع، وحسب الظروف، بما فى ذلك أداء عمرة عائلية، وكل مظاهر التدين الرسمى الخفيف.

 وبسؤاله عن علاقته بالله يذكر:

….مش كويسة، باحس إنه بيقرب منى وبيساعدنى وانا مديله ظهرى، بافتكره فى الأوقات الصعبة، حسيت بيه لما كنت مبطل 9 شهور، كنت بادعيه الصبح واشكره بالليل، ولو فيه أى إحساس أو فكرة مضايقانى ادعيه يرفعها عنى، وقربت منه مع إنى ماكنتش بأصلى، ساعات اصلى وأنا ضارب (مخدرات) علشان آخد هديه، أنا عارف إن الناس المتدينة ناس مستريحة وراضية ومبسوطة باللى هى فيه زى أهلى.

تعقيب د. يحيى (الآن):

يلاحظ هنا تعدد محاور علاقة عادل بالتدين والله،

 فمن ناحية : هو يعرف تدين أهله “ناس مستريحة وراضية ومبسوطة”

 ومن ناحية ثانية:  هو لا يجد تعارضا أحيانا بين الضرب (مخدرات) وبين طيبة هذه العلاقة مع الله “عشان آخد هدية”

ومن ناحية ثالثة: هو ينمى علاقة خاصة مع الله سبحانه وتعالى.

(7) التاريح الجنسى

– تعرض عادل للتحرش الجنسى فى سن 10 سنوات مع ولدين من جيرانه بشكل عابر.

– أول علاقة جنسية كاملة كانت فى سن 15 مع فتاة ليل تكبره بـ 3 سنوات بشقة أحد الأصدقاء.

– وفى نفس السن أقام علاقة كاملة مع فتاة عربية تعرف عليها أثناء علاجهما بأحد المستشفيات، كانت مدمنة بتتعالج معابا ولما خرجنا اتقابلنا فى شقة صاحبى، ودى كانت سادية تحب تضرب وكانت بتربطنى فى السرير علشان تتبسط.

فى سن 18 عام أقام علاقة كاملة مع فتاة تكبره بعامين وتكرر ذلك 3 مرات: كانت بتحبنى وكنت باخد منها فلوس علشان أضرب وعلمتها الضرب.

 فى سن 20 عام وأثناء إقامته بأميركا أقام علاقة جنسية كامله مع فتاتين الأولى تكبره بـ 5 سنوات والثانية فتاة تصغره بعامين وهى رفيقه تعاطى اقامت مع المريض 4 شهور بشقة استأجرها بأحد الفنادق (كانت بتجيبلى كوكايين وكنت بانام معاها كل يوم).

كما أقام علاقات كاملة 3مرات على الأكثر مع العديد من زميلات الـ (NA) (5 فتيات) فى السنوات الثلاثة الأخيرة (كنت باجى الاجتماعات اشوف الحريم وهما اللى بيحكوا) وبسؤال المريض عن موقف الأهل من ذلك:

“….ماما كانت بتقولى خلى بالك من الأمراض، خلى بالك لتشيل ذنب بنت أو تعملك مشكلة وكنا بنحكى فى الكلام ده عادى.

تعقيب د. يحيى (الآن):

برغم حذف كثير من التفاصيل، وبعض الأحداث المكررة يمكن أن نلاحظ كيف أن العلاقات الجنسية سارت بنفس الطريقة التى سادت جو النشأة عموما، الاستسهال،

 اللامسئولية،

 اللذة العابرة،

 اللاعلاقة،

 ولا يبقى شىء له معنى بعد هذا كله.

 (8) التاريخ الدراسى

المرحلة الإعدادية: أتم المريض سنوات دراسته فى مدارس عالمية باهظة التكاليف، والمدرسة ليس لها حضور وغياب، والدراسة بدون عربى ودين، وفيها لعب كتير وكله بينجح: هذا ما أكده كل من الأب والأم .

اعتمد فى استذكار دروسه على الدروس الخصوصية فى جميع المواد حيث لم يلتزم بالحضور وتم فصله عدة مرات بسبب عدوانه على الزملاء والمدرسين وتدخين السجائر وشرب الخمر بالمدرسة مما اضطر مديرة المدرسة إلى استدعاء ولى الأمر العديد من المرات، مما انتهى بعمل تعاقد مع المريض على أن يلتزم بالحضور بدون تأخير وعدم إثارة الشغب، ولم يلتزم بذلك حيث تم رفده قبل امتحان نهاية العام بأسبوع ولكنه قام بأداء الامتحان بعد عدة محاولات من الأهل .

كانت للمريض عدة هوايات حيث التزم بالتدريب فى لعبتى الاسكواش والفروسية لنادى المعادى ودخل عدة مسابقات ولم يحصل على أى مركز فيها.

 تعقيب د. يحيى (الآن):

استسهال آخر فى مجال آخر

****

عادل يصف هشاشة ذاته وعلاقة ذلك برحلته مع المخدرات:

“…..جسمى ماكانش عاجبنى، طويل قوى ورفيع، كنت بالبس بنطلون تحت البنطلون والـ تى شرت تحت الـ تى شيرت علشان ابان احسن وده فضل معايا لحد 19 سنة وده كان بيخلينى خايف من الناس.

موضوع الحركة الكتير والمشاكل كنت حاببها لأنها بتخلينى مختلف، لكن برضه كنت خايف، ولما ابتديت اجرب المخدرات حسيت انى كبير، صايع وعندى ثقة فى نفسى وأضرب مخدرات، يبقى حاكلم نسوان وهيبقى لى مكان وسط الناس اللى اكبر منى لأن معاهم الإمكانيات الأكبر، عربية، فلوس، نسوان.

كنت عاوز احس بالاختلاف، ما اصاحبش العيال اللى قدى لأنى كنت باشوف الأصغر تافهين وتفكيرهم صغير، وأنا وجسمى كان طويل فكان سهل انى اقعد مع ناس اكبر منى والحاجة اللى كان ممكن تبقى مشتركة المخدرات، بقيت اشوف الناس اللى بتعمل حاجات غلط هم اللى معروفين فبقيت احب الغلط، ابقى ضد المجتمع، ضد الدين، ضد الحكومة، الممنوع مرغوب. وبدأت آخد مخدرات وأنا عندى 13 سنة كان على سبيل التجربة أخذت بانجو عجبتنى الدماغ، حسيت إنى كده مبسوط ومزاجى رايق، خلانى باعرف اهرج وحسسنى إنى بقيت صايع، فده حببنى اكتر فيه، كنت شايف اصحابى بيشربوه بقالهم فتره وعادى مابيحصلهمش حاجة، وأنا كنت شايف الشباب اللى بتشربه مثل اعلى لى، قعدت اشربه سنتين، 6 سجائر فى اليوم مع حشيش نصف قرش، الحشيش دماغه هاديه، حبيت البانجو اكتر من الحشيش، اهلى عرفوا بعد ما شربت بأسبوعين، ودونى لدكاتره كتير، بعدين عرفت ابو صليبة قعدت فيه سنه ونصف من 2 – 4 حبايات فى اليوم استحلاب وشم، ودى يااه كانت بتدينى ثقة فى نفسى جامدة، بتخلينى قلبى ميت وما باخفش، يعنى اعرف اخش على حرمة واثبتها، لكن زود المشاكل فى البيت، لسانى ثقيل بنام كتير، وعصبى جداً وتكسير إزاز، اتخانق معاهم وده خلاهم دخلونى المستشفى. أول ماخرجت رجعت على طول للبانجو والحشيش والصليبة وبعدين اتعرفت على الحب الكبير، الأب الكبير، الدهب الأحمر، الكودافين. اشرب إزازة الكودافين اطلع اخطب مكان حسنى مبارك. كنت باحبه قوى، تماديت فيه قوى وبقى يخلينى مستريح جداً جداً جداً، باقول كلام حلو، هادئ جدا،ً أثبت النسوان فى التليفون، حلو فى الجنس، بيساعدنى فى المذاكرة، بيخلينى اعرف اقعد وكمان اركز، شويه وبدأت اخد معاه سومادريل وبرنكلاز شريط وشريط مع الإزازه مع الحشيش والبانجو وده لمدة سنتين ولما غلى الكودافين من 2001 اتعرفت على البودره. فى الأول حرق بعدين PRK لما قالوا دماغها أحلى وأقوى وصلت لـ 3/4 جرام فى اليوم اعمل مشاكل ادخل المستشفى ومشى النظام على كده.

 – جربت إكستازى من 99 مرة واحدة بعدين دخلت فيها 2001 فى مصر، مش حاقولك يخليك أسعد إنسان، يتزود هرمون السعادة لأقصى درجه، بقيت احس انى أسعد إنسان فى الدنيا وكل حاجة محلولة وتدينى طاقة جامدة قوى تخلينى ارقص، اسميها حبوب الرقص، 3 – 4 حبايات لما تكون موجودة عمرى ما قلت عليها لا لحد دلوقتى، أما الكوكايين فهو أحسن مخدر أخدته فى حياتى، الدماغ العالية قوى حب الناس، بالقى اجتماعى يديك ثقة قوية قوى فى النفس، يحسسك انك أعظم إنسان فى الدنيا ماشى على الأرض، وفيك طاقة قوية جداً وجربت L.S.D والماشروم. فى أمريكا وهولندا، كنت مدمن إكسات فى أمريكا فتاجرت فيها سنة من حبى فيها علشان أجيب فلوسها، كنت باطلع حق 3 – 4 حبايات فى اليوم، حبى للمخدرات كان بيخلينى كل ما نروح بلد احب اجرب المخدرات فيها، أهلى يتفسحوا ويستمتعوا بطريقتهم يلفوا على أماكن سياحية ويلفوا موانى العالم وأنا ألف أدور على المخدرات، ماأروحش بلد إلا لما اطلع مخدرات منها، انزل المناطق الشعبية اشوف ضريب ألاغيه تطلع مخدرات، كنت باسيب أهلى فى فرنسا وأسافر هولندا، جبت كل الخيرات. يمكن موضوع السفر بوظنى اكتر، كنت باشوف بلاد جديدة، انفتاح اكتر دماغى فيها تقاليد وعادات بلاد كتير، بقيت اركز الناس بتاكل إزاى بتتعامل إزاى بتتبسط إزاى.

الأب يحكى ويصف ويبرر:

عادل طول عمره يحب الغلط، يحب يجرب كل حاجة ما يحبش يبقى جوة نظام، ما عندوش boundaries وده خلاه على طول يغلط واحنا نصلح غلطه، ودايماً يتشتم يا غبى ويا حمار يا كذا وده ما خلاش عنده ثقة فى نفسه، والموضوع ده بدأ وهو عنده 5 سنين، حركة كتير، مافيش تركيز، ما يعرفش يقعد، زن كتير على طلبات ومافيش حاجة اسمها تأجيل، لازم دلوقتى، ما فيش عقاب بيأثر فيه، يتعاقب ويرجع يعمل الحاجة تانى، كان بيعجزنى، احبسه 3 ساعات يقولى يعنى اطلع الساعة كام وما يتأثرش.

عاقبته عقاب شديد ربطته بسلسلةٍ من إٍيديه فى طربيزة السفرة لمدة يومين وبقى يعجزنى، يقولى أنا كده ممكن افك نفسى؛ اربطنى بالطريقة الفلانية، بلا مبالاة، بقيت،  أعاقبه جامد، وما فيش فايدة.

– اول ما يزن على امه تكسر كل اللى عملته فزهقت منه وما بقتش اكلمه واخاصمه.

من وصف الأم:

أكيد علشان مشاكله الأولانية كان مكروه ومش محبوب فماكانش عنده ثقة فى نفسه، ما يعرفش يصاحب بنات، الوقت ثقيل عليه قوى يقول الـ 3 ساعات مش عاوزين يعدوا دول دهر، وهو ما يعرفش يأجل، عادل أول لما أخد بانجو اتبدل، مابقاش فيه مشاكل، مافيش مدرسين تشتكى، مافيش خناق، ولا عوايز كتير وبقى طفل جميل هادئ بيسمع الكلام، فبقى متمسك بيها جداً!! يقول الوقت بيعدى كده والحياة حلوة.

 لكن لما دخل فى البرشام فضح الدنيا. سرقة من البيت ومن الشارع وتكسير البيت، وكنا مستحملين علشان الدراسة ولما بدأ ياخد كودافين كتير، جاله سكر وهو عنده 14 سنة وكان عنده ضعف مناعة وجاله ربو وسعال ديكى وبقى كتوم ما يتكلمش فى الموضوع ده إلا لما اضغط عليه يقول اشمعنى انا اللى يجيلى سكر وانا صغير، آخد انسولين ليه؟ ويبقى خايف ليموت، وبقى يضرب كتير، على طول نايم على روحه وإذا دخلناه مستشفى يخرج يقول آخد حشيش بس، نعترض يقول ما انتوا كنتوا بتشربوا خمرة الحشيش مش مشكلة، كام يوم ويرجع للمشاكل، ندخله مستشفى، وهكذا بقى شايف ان المستشفى هى المشكلة، وديناه امريكا جامعة عسكرية علشان يتعود على النظام وكان هايل، اول سنة بطل مخدرات، بقى يشرب خمرة فى آخر الأسبوع، ويك إند، تانى سنة الدنيا اتخربت، طردوه من سكن الجامعة وسرق كارت فيزا، من واحد صاحبه واتعملت له قضية ولسه شغالة لحد دلوقتى، وتاجر فى extasy ونزلناه مصر بالعافية، دخل مستشفى 18 مرة وركب كبسولة مرتين، كل يوم حادثة عربية، زودنا مصروفه لـ 350 جنيه فى الأسبوع غير سجايره وبنزين عربيته وموبايله علشان ما يسرقش، وبقاله فترة ما سرقش ولا حاجة، هو اتعالج قبل كده  وقالوا خلاص عادل خف وتعالوا احتفلوا بيه ورحنا ورجع تانى، احنا المره دى بنعمل اللى تقولوا عليه ومش مصدقين انه ممكن يخف.

ثم كيف تراه هذه الأخت؟

ما عندوش ثقة فى نفسه، يبص على جسمه ويقول انا شكلى وحش وطويل ورفيع ورجلى رفيعه ومش قوى، أى حد ممكن يضربنى، فبقى يصاحب اللى اكبر منه بـ 4 – 5 سنين وبقى يحب الغلط، يحب يعمل الممنوع لأنه بيخليه مميز وده خلاه يتقال عليه شقى وغبى وبتاع مشاكل وخلاص، لبس الموضوع ده لدرجة ان العقاب ما بقاش يأثر معاه، والموضوع زاد لما ماما بقت تتعامل مع الموضوع ده على انه خفة دم وجرأة، يبجح فى مدرس أو يشتم تقول شاطر، بيرد على المدرسين، وطبعاً معاه فلوس وإمكانيات، وهو أصلا عنده استسهال فظيع فبدأ ياخد مخدرات، وطبعاً هى حلوه لقى نفسه فيها وبقى عادى فى البيت إنه يشرب حشيش وبانجو، وما عندوش وازع دينى، وعزيمته ضعيفة فليه يبطل؟ مع انه لما بطل كان فرحان ومبسوط وحاسس بأمان، لكن مالقاش بديل ما حبش اصحابه بتوع الـ N.A.

مشكلة عادل انه عارف آخر ماما وبابا. يزن على ماما تقوله اعمل اللى انت عاوزه، وبابا يبعد عنه ويخاصمه بالشهور ويهرب من المسؤلية بحجة إنه مش عاوز يهين نفسه، وده حقيقى لأن بابا ما يحبش الغلط وما يعرفش يقول لفظ وحش.

****

وقفة ووعد وصعوبة

انتهت المتقطفات من أوراق المشاهدة

نقوم الأسبوع القادم بالتعليق على المتقطفات الأخيرة،

كما سوف نضيف المقتطفات من الشرح والمناقشة بعد اللقاء العلمى التدريبى الذى قدمت فيه الحالة

لعل الأمر قد اتضح فى هذه النشرة  بما كنا نعنيه أمس من أن عادل نشأ فى هذا  “الجو الأسرى الجميل الناجح الطموح اللذيذ الرخو المسامح المنضبط”

ثم كان ما كان، وقد حرم حق الألم الخلاق، ألم النمو كما أوضحنا أمس. 


 [1] – كل الرموز والأسماء والأماكن لا تدل على أصحابها أصلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *