يوليو 1985 – شعر إشراق

شعـر

إشـــراق

أسامة عفيفى

(لا يهجر نهر النيل المجرى)

قالت لى أمى

وانكفأت تبكى.

قالت لى:

فلتحذر يا ولدى فى الصحراء سراب الماء.

ولترحل فى كل الأنحاء.

ولتتفيأ كل ظلال الأرض،

ولا تتفيا ظل الحنظل.

لا تقبل

أى اناء تحمله امرأة فى قيظ الغربة

حتى لو كان بمائه ألف مياه

ولتتجنب، كل بنات القيظ.

فبنات الجن بقيظ الغربة يسحرن الفتيان

***

وشددت رحالى

وصبايا الحى على أطراف الفجر يردن الماء.

يغسلن الشعر بماء الطل

يملن كأغصان الفجر على الماء.

وأفقن لصوتى.

لوحن بدمع الصبح لرحلى.

وسقتنى

من ماء النيل على أطراف الفجر صبية.

أوصتنى؛

أن اجلب من أرض تجهلها:

عقدا، ووشاحا، و” نيشان “

لو حن لقلبى

لو حن بدمع الصبح لرحلى.

وتمدد فى صدرى

ألق الدمع المسكوب على الماء

***

( هاأنذر أتجرع سم الغربة وحدى

مهموما فى الصحراوات أنادم همى.)

وتقرع  دربى

وتثاقل حزنا نبض القلب

وتمرغ فى صدرى

شوق النيل واصداء ظلال.

وتيبس حلقى.

( ها أنا ذا أبحث بين الكثبان عن الماء عن ظل يحمينى

من قيظ الغربة فى هذا الكون – الصحراء )

ياهذى الصحراء.

يا هذى الصحراء الممتدة فى أوصالى انشقى ؛

وانتفضى

عن لحظة ظل وأمان.

حاصرنى رجع الصوت

وتراكض خوفا نبض القلب

وتشابك دربى

فززنى

صوت الوحش وصمت الصحراء

وتلاشى صوتى

وتمدد صمتى

وتوحد فى صمت الصحراء.

***

قالوا: امرأة تتشكل جنينة هذا الدرب

تنثر جمر العشق على العابر فى القيظ

تسحر – بالوهج الأخاذ – الفتيان.

وتختم بالحزن الأبدى شفاف القلب

وشربت الماء زلالا من كفيها

جذبتنى

لدروب الوهج الآسر فى عينيها

ظلتنى من وهج العينين بهدبيها

ضمتنى بين خطوط الشعر الذهبى المضفور على نهديها

وانسربت نحو الشمس تغنى

***

قالت لى أمى:

لا ترحل فى قيظ الغربة صوب الشمس

جذبتنى….. ركضت بى

نحو جنان أجهل أسماء فواكهها

غاصت بى

ولأعماق أجهل ألوان قواقعها

وطفت بى….. ضمتنى

صبغتنى بالوهج الموار بعينيها

وانفلتت فى وقد الغربة منى

وبقيت بهذه الصحراء الممتدة وحدى

وتيبس حلقى

وتمدد صمتى

وتوحد فى صمت الصحراء.

***

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *