الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (185) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (185) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  15 – 1 – 2015

السنة الثامنة

العدد: 2694

mahfouz 2

صفحة 185 من الكراسة الأولى

15-1-2015بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
إذا نـام غِرٌّ في دجا الليل فاسهر
ِ وقـم للمعالى والعوالى وشَمِّرِ
أيها القوم المخبون على الأرض المجدون
كما انتم كنا وكما نحن تكونون
ألا ليت الشباب يعود يوما
فاخبره بما فعل المشيب
ولا حياة لمن تنادى
الورد جميل جميل الورد
غنيلى شوى شوى
غنيلى وخد عينى
يا ما ناديت من أسايا
فى وحدتى
نجيب محفوظ
17/8/1995
  القراءة:

عدنا إلى نفس النظام الأول بكل تفاصيله ولم يأت فى هذه الصفحة جديد إلا بيت شعر واحد وأغنية مشهورة لأم كلثوم، أما ما عدَا ذلك فقد سبق وروده (أنظر الهامش) (1).

أما بيت الشعر الجديد فقد كتب شيخنا:

إذا نـام غِرٌّ في دجا الليل فاسهرِ   وقـم للمعالي والعوالي وشَمِّرِ

وقد بحثت عن البيت فوجدته، ولكن مع اختلاف كلمة واحدة، والبيت هو مطلع قصيدة عبد الله فكرى (باشا) وهو وزير مصرى من المتأدبين 1834 – 1889، فعاودنى السؤال الذى طرحته منذ بداية كتابة تداعياتى هذه: من أين لشيخنا فى هذه السن بكل هذه الذخيزة من الشعر هكذا؟ وقد سبق أن ذكرت أننى لم أعهده يستشهد بالشعر أثناء حواراتنا تقريبا إلا إذا كان فى مجال نكتة أو حادثة تاريخية، أفهم أن يستشهد بشعر المتنبى أو شوقى أو معلقة من المعلقات لكن استغرابى – كما كان دائما- هو لاتيانه بكل هذا الجديد الغريب الجميل غالبا، الذى لم يمر على واحد مثلى وهو ما ورد فى كثير من الصفحات السابقة (2)

هذا الشاعر قائل هذا البيت هو وزير مجهول لأمثالى، والمفروض أنه مات قبل أن يولد شيحنا بأكثر من عشرين عاما، وقد يكون معروفا لعلماء التاريخ والمؤرخين باعتباره كان ناظرا (وزيرا للمعارف المصرية سنة 1299 هـ أى 1881 ميلادية واستقال بعد أربعة أشهر) وخاصة وقد كان أحد المشاركين فى الثورة العرابية، وقد سجن بسبب اتهامه وحصل على البراءة.

كيف خطر على وعى شيخنا هذا المسئول الأديب الشاعر المصرى القديم الجميل، وهو الذى وصل بعد أن حاز البراءة من الاشتراك فى الثورة العرابية إلى ِأن يرأس المؤتمر العلمى المصرى فى استوكلهم، أكاد أرجح أن شيخنا يعرف كل ذلك أو معظمه وأنه استشهد بهذا البيت لأن هذا الرجل مع كل هذا التاريخ وهذه المناصب كان شاعرا وحكيما هكذا، وهو رجل كما يبدو من الطبقة العليا التى تمجد المجد الذى يحفز إليه ما صدّر به قصيدته كما ورد فى هذه الصفحة هكذا:

إذا نـام غِرٌّ في دُجا الليل فاسهرِ  وقـم للمعالي والعوالي وشَمِّرِ

وبالمقارنة بالأصل الذى حصلت عليه وجدت أن شيخنا استبدل بـ “دجُا الخطب”:  “دجُا الليل”، وبصراحة فضلتَ “دجُا الليل” التى كتبها شيخى عن “دجُا الخطب” فى أصل الشعر لأنها أقرب إلى الشيوع فى الاستعمال.

أما “الغِرّ” فهو “من ينخِدع إذا خُدع” ومنه الجرأة فى غير موقعها كجرأة الإنسان فى غفلته بربه الكريم ” يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ”. وفى رأيى أن ما جاء فى تعديل الأستاذ هو أجمل، فدجا الليل هو سواد الليل. فهذا يجعل المعنى أسلم، وأعتقد أن الشاعر قال “دجا الليل” ولم يقل “دجا الخطب” والابدال ربما فى النقل، فالدجا فى لسان العرب “سواد الليل مع غيم” أما الخطب فهو “الشأن” لأمرٍ صَغُرَ أو عَظـُمَ: يقال خـَطـْب جليل وخطب يسير، ولا يوصف عادة بالسواد والبياض، وليس له دجُا غالبا!!.

وكما يعلمنى شيخى ويذكرنى أقر وأعترف أنى وجدت القصيدة جميلة وخفيفية لكنها أخلاقية فوقية حماسية.

وقد شدنى بعض ما جاء فيها مثل:

وخلّ أحاديث الأمانى فإنها     علالة نفس العاجل المتحير

وإن كنت لم أعثر فيه على جديد يستأهل الشعر، ولعل من اسخف ما جاء فيها (بالنسبة لى) قوله:

ولا تبغ رأيا من خؤون مخادع       ولا جاهل غر قليل التدبّر

فهذه بداهة أيضا، ليس لها مبرر أن تأتى شعراً،

لا أعرف لماذا، حضرنى الآن من معلقة زهير ابن سلمى وقوله:

ومَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ …… عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ ويُذْمَمِ

أنظر إلى الجدّة فى نوع العقاب القاسى الذى يناله هذا الذى يبخل بفضله على قومه، “يستـَغـْنَ عنه!!” هذه التركيبة التى تحمل هذه المفاجأة تعطى لشعر الحكمة طعما آخر مقارنة بهذا الخطاب تحصيل الحاصل الذى وصلنى من قصيدة ناظر المعارف،

وشيخنا له الفضل فى هذا البحث المقارن، أطال الله عطاءه.

[1] – أيها القوم المخبون على الأرض المجدون

كما انتم كنا ولا نحن تكونون

  • “فكما‏ ‏كنتم‏ ‏كنا‏ ‏وكما‏ ‏نحن‏ ‏تكونون” وأيضا “أيها القوم المخبون … على الأرض المجدون”: ورد هذا النص فى صفحة التدريب (ص 20) بتاريخ: 18- 3 – 2010، وصفحة التدريب (75) بتاريخ13-10-2011 ، وصفحة التدريب (ص 107) بتاريخ: 7-2 – 2013، وصفحة التدريب رقم (128) نشرة: 10-10-2013.
  • ألا‏ ‏ليت‏ ‏الشباب‏ ‏يعود‏ ‏يوما‏ ‏فاخبره‏ ‏بما‏ ‏فعل المشيب:  وردت فى صفحة  التدريب (ص 2) نشرة: 31-12-2009. ورد فى صفحة التدريب (ص 4) نشرة: 7-1-2010، ورد فى صفحة التدريب (ص 42)، نشرة 3-11-2011، ورد فى صفحة التدريب (ص 53) نشرة: 12-1-2012، وصفحة التدريب (ص 57) بتاريخ: 26-1-2012، وصفحة التدريب (ص 103) بتاريخ: 1-11-2012.
  • ولكن لا حياة لمن تنادى: وردت هذه العبارة فى صفحة التدريب رقم  6 ، نشرة 14-1-2010 ، وأيضا ورد فى صفحة التدريب رقم 32، نشرة 11-8-2012،
  • الورد جميل جميل الورد: وردت فى نشرة التدريب (ص 155)، نشرة 22-5-2014،
  • يا ما ناديت من اسايا فى وحدتى: ورد هذا النص فى صفحة التدريب (91) نشرة: 30-8-2012، وفى صفحة التدريب (105) نشرة 22-11-2012.وفى صفحة التدريب (117) بتاريخ: 25-7-2013، وأيضا فى صفحة التدريب (142) بتاريخ: 13-2-2014

[2]- قد أجمع فى الدراسة الشاملة – إن كان فى العمر بقية – كل ما أورده من شعر سواء  غناه أحد من المطربين أو المطربات أو كان مهجورا أو كان حكمة، وآمل أن أصنف كل ذلك فى حينه إن شاء الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *