الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (173) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (173) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 23-10-2014

السنة الثامنة

العدد: 2610

mahfouz 2

ص 173 من الكراسة الأولى

 

23-10-2014بسم الله الرحمن الرحيم

الرحمن على العرش استوى

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

هبت الريح

كادت السفينة تغرق

اضطررنا إلى ركوب الطيارة

الطيارة أسرع وسيلة مواصلات

ولا أسرع من الطيارة إلا الإشاعة

اليوم القضية

وهل حكمت عليه ظهرا

أم  بعد بكره

؟ أغسطس 1995

   القراءة:

مازال شيخى يفاجئنى، يفاجئنا، بالجديد. لو كانت المسألة مجرد تدريب، إذن لأمكن أن يكتب جملة أو جملتين أو حتى صفحة، ويعيدها مئات أو آلاف المرات، وساعتها كان يمكن قراءة نفس الجملة، ونرى أى حرف تحسّن، وأى كلمة ظهرت كاملة، وما هى الأخطاء المتواترة التى تحتاج إلى تصحيح وتمرين أكثر فى اتجاه معين، أو أى جملة لابد من إضافتها تحمل الحروف الأصعب وهكذا، لكن المسألة ليست كذلك أبدا، قاربنا المئتى صفحة وكلما تقدمنا أكثر فاجأنا بمفاجآت جديدة، وكأنه كان يعرف أنه سوف يظل يعلّمنا من خلال ما طفى على وعيه هكذا كل هذا العلام.

الجملة الوحيدة المكررة هى الآية الكريمة “الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى” وقد سبقت أن سجلت تداعياتى عنها فى الصفحة (“رقم 49” نشرة 15-12-2011) وقد عقبت عليها آنذاك، بما خلصت إليه تقريبا من أن هذه الآية الكريمة: “الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”، ليس لها تفسير، خاصة عند شيخنا غير أنه سبحانه وتعالى ” عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”،  وأنه الرحمن الرحيم،  القريب الأقرب، “وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ” إلى: “وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ”،  هل يحتاج أى من ذلك بعد ذلك إلى تفسير، وهو الغفور الرحيم، حين يكتب شخينا هذه الآية، فأعتقد انه يدعونا إلى هذه الآية بكل ما تحمل من رحمة تحيطنا بلا حدود (1).

بعد كتابة اسمىْ كريمتيه، يكتب قصة (برقية)  قصيرة:

“هبت الريح، كادت السفينة تغرق، اضطررنا إلى ركوب الطائرة، الطيارة أسرع وسيلة مواصلات، لا أسرع من الطيارة إلا الإشاعة”

ما هذا؟!!

 انقلبت القصية القصيرة إلى قصيدة شعر جميلة

والشعر لا تعليق عليه وإلا فسد،

 إن سرعة سريان الإشاعة، خاصة الإشاعة الخبيثة، هى سرعة مذهلة خصوصا فى مجتمعنا الجاهز لها من كل لون وشكل، خصوصا فى فترات تفريغه إلا من الإشاعات، أية إشاعة يقصد شيخنا يا ترى، وهل يقصد إشاعة معينة أم أنه الشعر

نرجع إلى القصة البرقية، أية ريح يا ترى تلك التى هبت حتى كادت تغرق السفينة؟ أهى أيضا ريح الإشاعة؟ وأية سفينة تلك التى كادت تغرق؟ ونحن نعرف علاقته بالسفينة التى تحتوينا معه: “مصر” وخوفه عليها، وحبه لها، ودعائه الدائم لنجاتها، وإسهامه بكل ما أبدع فى ذلك.

النقلة التالية كانت مفاجأة أيضا:

اليوم القضية

هذه الصفحة مكتوبة يوم 2 أغسطس سنة 1995 ، (برغم أن التاريخ غير ظاهر إلا أننى استنتجت ذلك من الصفحة السابقة)، وعلى حد علمى فإن الحكم فى قضية الاعتداء عليه كان قبل ذلك، وليس فى علمى أنه استؤنف أو أن ثمة قضية أخرى تشغله، وأنا أعرف موقفه من هذه القضية وتعلمت منه الكثير من حوارنا حولها، وهو يدعو للجناة بالرحمة والهداية، وفى نفس الوقت يرفض تقديم أى التماس بالعفو احتراما للقانون  إلى أقصى الحدود كما علمنا سقراط، ربما كانت هناك قضية أخرى تشغله، أو ربما كان لهذه القضية ذيول لا أعرفها، كان نادرا ما يذكر الحادث بأكثر مما ذكر فى البداية عن الوحش الذى نهش رقبته، وأيضا نادرا ما كان يعلق على مجريات قضية محاكمة هؤلاء الجناة إلا بإعادة التأكيد على احترام القضاء، والدعاء النبيل الخالص بالرحمة (نشرة: 21-1-2010 “الأربعاء 28/12/1994” فى شرف صحبة محفوظ)، لكننى اذكر أنه برغم انشغاله الإنسانى النبيل هذا كانت لا تفوته الفكاهة كما ذكرت فى كتابى فى شرف صحبته مما أقتطفه فى التالى: (2)

   “………‏وإن كان‏ ‏بعض‏ ‏المحامين‏ ‏ذهب‏ ‏إلي‏ ‏حد‏ ‏إنكار‏ ‏الحادث‏ ‏أصلا،  …….

…………….‏وكان‏ ‏الدفاع‏ ‏يحتج‏ ‏بصور‏ ‏الاستاذ‏ ‏التي‏ ‏ظهرت‏ ‏في‏ ‏الصحف‏ ‏منذ‏ ‏أن‏ ‏خرج‏ ‏يوم‏ ‏عيد‏ ‏ميلاده‏ ‏معنا، ‏وأن‏ ‏هذه‏ ‏الصور‏ ‏تدل‏ ‏علي‏ ‏سلامته، ‏وبالتالي‏ ‏فإن‏ ‏كل الجريمة، بما فيها ‏ ‏العملية‏ ‏التى أجراها له المرحوم أ.د. سامح همام، هى‏ ‏مسرحية‏ ‏ملفقة‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‏الحكومة‏ ‏للحصول‏ ‏على‏ ‏أكبر‏ ‏قدر‏ ‏من‏ ‏الكراهية‏ ‏ضد‏ ‏الجماعات، ‏وأيضا لتبرير‏ ‏القضاء‏ ‏على‏ ‏بعضهم‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏محاكمة‏ ‏عاجلة‏ (‏مغرضة‏ ‏بالضرورة‏) ‏وحين‏ ‏سمع ‏ ‏الاستاذ‏ ‏هذا‏ ‏الدفع، ‏كرر  بعد خروج: أ.د. سامح من زيارة عاجلة دعوته لها، إلى ‏ ‏أنه‏ ‏يمكن‏ ‏تأجيل‏ ‏الخروج‏ (‏يوم‏ ‏الخميس‏ ‏على ‏الأقل‏ ‏مع‏ ‏من‏ ‏تبقي‏ ‏من‏ ‏الحرافيش‏، ‏حتى‏ ‏تنتهي‏ ‏المحاكمة، ‏ورفضت‏ ‏ذلك‏ ‏تماما.

كان‏ ‏من‏ ‏مداعابات‏ ‏الاستاذ‏ ‏أمس‏ (‏الثلاثاء‏) ‏أنه‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أكل‏ ‏”الطعمياية‏”، ‏وقطعة‏ ‏الجبن‏ ‏وحمد‏ ‏الله، ‏جاءت‏ ‏أطباق‏ ‏صغيرة‏ ‏من‏ ‏الممبار‏ ‏المحشي‏ ‏بالأرز، ‏فعزم‏ ‏عليه‏ ‏الغيطاني‏ ‏بواحدة‏ (‏مذكرا إيانا‏ ‏بعلاقة‏ ‏ما‏ ‏هو‏ “ممبار‏” ‏بالحسين)، ‏فشكره‏ ‏الأستاذ‏ ‏معتذرا‏ ‏قائلا‏: ‏لا‏ ‏يا‏ ‏عم‏ ‏أخشي‏ ‏أن‏ ‏يأخذها‏ ‏الدفاع‏ ‏ضمن‏ ‏أدلته‏ ‏لإنكار‏ ‏الحادث، ‏ألا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يقولوا‏ ‏أنظروا‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏إنسانا‏ ‏مصابا‏ ‏هكذا‏ ‏كما‏ ‏تزعمون‏ ‏ثم‏ ‏يأكل‏ ‏ممبارا؟‏ ‏تكفى‏ ‏الطعمياية‏ ‏وقطعة‏ ‏الجبن، ‏إنهما‏ ‏أدل‏ ‏علي‏ ‏جدية‏ ‏الإصابة‏!!”.

وبعد

ما تبقى فى الصفحة غير ظاهر، لكننى فضلت أن أقرأه بما يتعلق بالقضية، سواء كانت قضية محاكمة هؤلاء الجناة، أو أية قضية أخرى تشغله، قرأت السطرين تعسفا أنهما:

هل حكمت عليه ظهرا ؟

أم بعد بكره

ولم أحاول أن أستنتج أكثر

 

[1] –  ومن شاء فليرجع إلى صفحة 49.

[2] – نشرت بتاريخ 21-1-2010  “الأربعاء 28/12/1994” فى شرف صحبة محفوظ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *