الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ‏ الكتاب الثالث: “عن الحرية والجنون والإبداع” (الحلقة السادسة)

‏ الكتاب الثالث: “عن الحرية والجنون والإبداع” (الحلقة السادسة)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت12-10-2019

السنة الثالثة عشرة

العدد:  4424

‏  الكتاب الثالث:

 “عن الحرية والجنون والإبداع” (1)  (الحلقة السادسة)

 …………

 …………

  ‏مقومات‏ ‏الحرية‏ ‏وقيودها

ما دامت‏ ‏حركة‏ ‏الحرية‏ ‏بهذا‏ ‏التركيب‏ ‏المكثف‏، ‏والبعيد‏ ‏جزئيا‏ ‏عن‏ ‏الوعى، ‏والممتد‏ ‏طوليا‏ ‏فى ‏الزمن‏، ‏والمحتاج‏ ‏أساسا‏ ‏للآخر‏، ‏والمتصل‏ ‏دوما‏ ‏بالحركة‏ ‏البيولوجية‏ (‏وهى ‏المشار‏ ‏إليها‏ ‏بالمرونة‏ ‏أساسا‏ ‏فى ‏التعريف‏ ‏السابق‏) ‏فإنه‏ ‏لكى ‏نتدارس‏ ‏فرص‏ ‏الأديب‏ ‏المبدع‏ (‏كمثال‏ ‏للإبداع‏) ‏فى ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏حرا‏ ‏فى ‏إبداعه‏، ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نحاول‏ ‏الإجابة‏ ‏على ‏تساؤلين‏ ‏يكمل ‏أحدهما‏ ‏الآخر‏،(‏أو‏ ‏لعلهما ‏واحد‏‏).‏

التساؤل‏ ‏الأول‏: ‏ما‏ ‏هى ‏المقومات‏ ‏الطولية‏ ‏فى ‏نمو‏ ‏الإنسان‏ (‏مشروع‏ ‏المبدع‏) ‏حتى ‏تتاح‏ ‏له‏ ‏فرصة‏ ‏مناسبة‏ ‏من‏ ‏الحرية‏ ‏تسمح‏ ‏له‏ ‏بالحركة‏ ‏التى ‏تسمح‏ ‏له‏ ‏بتجاوز‏ ‏العادية‏ ‏لاقتحام‏ ‏الاختيار‏ ‏الأعمق‏ ‏بدرجة‏ ‏من‏ ‏الوعى ‏والحركية‏، ‏وهى ‏التى تسمح‏ ‏له‏ ‏بالتالى ‏بترجيح‏ ‏جانب‏ ‏الإبداع‏ ‏على ‏جانب‏ ‏الجنون‏، ‏وبالتحرك‏ ‏ما‏ ‏بين‏ ‏العادية‏ ‏والإبداع،‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏الإفراط‏ ‏فى ‏تضخيم‏ ‏العادية‏ ‏خوفا‏ ‏من‏ ‏الجنون؟

التساؤل‏ ‏الثانى‏: ‏ما‏ ‏هى ‏معوقات‏ ‏الحرية‏، ‏وبالتالى ‏معوقات‏ ‏الإبداع؟

وللإجابة‏ ‏على ‏هذين‏ ‏التساؤلين‏ ‏نقول‏:‏

‏ ‏المقومات‏ ‏القبـْلية‏ للحرية (‏البنية‏ ‏الأساسية‏)‏

يحتاج‏ ‏الإنسان‏ -للتمتع‏ ‏بالحرية‏ ‏القادرة‏ ‏على ‏إتاحة‏ ‏الفرصة‏ ‏للإبداع‏- ‏إلى ‏بنية‏ ‏أساسية‏ ‏تحتية‏، ‏تسمح‏ ‏بالقدر‏ ‏المناسب‏ ‏لترجيح‏ ‏فعل‏ ‏ما‏، ‏ويتمثل‏ ‏ذلك‏ ‏فيما‏ ‏يلى‏:‏

‏1) ‏المقومات‏ ‏الأساسية‏ ‏للحفاظ‏ ‏على ‏الحياة‏ ‏بأبسط‏ ‏قدر‏ ‏من‏ ‏الضروريات‏.‏

‏2) ‏درجة‏ ‏مناسبة‏ ‏من‏ ‏الأمان‏ ‏الأولى، ‏بالإضافة‏، ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏، ‏إلى ‏درجة‏ ‏مناسبة‏ ‏من‏ ‏اللاأمان‏ ‏الأولى، ‏وهنا‏ ‏يجدر‏ ‏بنا‏ ‏أن‏ ‏ننبه‏ ‏أن‏ ‏المسألة‏ ‏ليست‏ “‏أمان”‏ ‏فى ‏مقابل‏ “‏لا‏ ‏أمان‏”، ‏وإنما‏ ‏هى ‏تناسب‏ ‏دقيق‏ ‏بين‏ ‏هذا‏ ‏وذاك‏  (2) ، ‏وأيضا‏ ‏ترجـَـحٌ‏ ‏مرنٌ‏ ‏بينهما‏ . ‏

‏3) ‏جرعة‏ ‏مناسبة‏ ‏من‏ ‏المعلومات‏ ‏الأساسية‏.

(‏ثروة‏ الأبجدية الحركية من ‏المفردات والمعلومات ‏ ‏ذات‏ ‏المعنى ‏المناسب لمرحلة استعمالها، والتى لا تفرض وصاية دائمة تجمد محتواها فيها/ فينا =  ‏التغذية‏ ‏البيولوجية بالمعلومات الحية )‏ (3).‏

‏4) ‏مساحة‏ ‏داخلية‏ ‏مناسبة‏ ‏لحركية‏ ‏المعلومات‏ ‏فى ‏منظومات‏

(‏المساحة‏ ‏الداخلية‏ ‏هنا‏ ‏تشير‏ ‏إلى ‏المرونة‏، ‏والتبادل‏ ‏بين‏ ‏حدود‏ ‏الذوات‏، ‏ومدى ‏السماح‏ ‏لحركية الداخل التى نسميها أحيانا – من باب التقريب -الخيال أو التخيل أو غير ذلك‏، ‏مما‏ ‏لا‏ ‏مجال‏ ‏لتفصيله‏ ‏الآن هنا‏).‏

‏5) ‏مساحة‏ ‏خارجية‏ ‏مناسبة‏ ‏لتفعيل‏ ‏حركية‏ ‏المعلومات‏

(‏المساحة‏ ‏الخارجية‏ ‏هنا‏ ‏تشير‏ ‏إلى ‏درجة‏ ‏السماح‏، ‏وفرص‏ ‏النشر‏، ‏وموضوعية‏ ‏الحوار‏، ‏وحركة‏ ‏النقد‏، ‏أنظر بعد:‏ “‏تطبيقات‏”).‏

‏6) ‏حضور‏ ‏حركى (‏فعلى ‏وفى ‏المتناول‏) ‏للآخر‏/ ‏ككيان‏ ‏حقيقى ‏واقعى ‏يقترب‏ ‏ويبتعد‏ (‏وليس‏ ‏ككيان‏ ‏ذاتى ‏مُسقط‏).‏

‏7) ‏فرص‏ ‏مناسبة‏ ‏لتفعيل‏ ‏الحرية‏ ‏فى ‏فعل‏ ‏قابل‏ ‏للتعديل‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏التلقى وحضور الآخر جدلا مراجعا ‏.‏

‏8) ‏الحفاظ‏ ‏على ‏مدى ‏ودوامية‏ ‏تنشيط‏ ‏النبض‏ ‏الحيوى ‏الإبداعى (‏بما‏ ‏يحمل‏ ‏الوعى ‏به‏) ‏بحيث‏ ‏يسمح‏ ‏النبض‏ ‏بإعادة‏ ‏التنظيم‏ ‏وخاصة‏ ‏فى ‏ما‏ ‏هو‏ ‏طور‏ ‏البسط‏.‏

على ‏أن‏ ‏ثمة‏ ‏متغيرات‏ ‏قد يبدو‏ ‏فى ‏إعادتها‏ ‏هنا‏ ‏تكرار‏ ‏لمعلومات‏ ‏مدرسية‏ (‏مثل‏ ‏الاستعداد‏ ‏الوراثى، ‏وظروف‏ ‏البيئة‏ ‏وغير‏ ‏ذلك‏) ‏لكن‏ ‏ذكر‏ ‏بعضها‏ ‏كأمثلة‏، ‏من‏ ‏منطلق‏ ‏هذا‏ ‏المفهوم‏ ‏الذى ‏قدمناه‏ ‏للحرية‏; ‏خليق‏ ‏أن‏ ‏يساعد‏ ‏فى ‏إيضاح‏ ‏بعض‏ ‏أبعاد‏ ‏الإشكالة‏.‏

ولنأخذ‏ ‏متغيِّراً‏ ‏متحـديا‏ ‏أساسيا‏ ‏يفيد‏ ‏التركيب‏ ‏الجاهز‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏يبدو‏ ‏فيه‏ ‏اختيار‏ ‏أصلا‏، وهو “الوراثة”.

 العوامل‏ ‏الوراثيـة‏ (‏كمثال‏)

ونحن‏ ‏نتكلم‏ ‏عن‏ ‏حركية‏ ‏البيولوجى ‏ومرونة‏ ‏الوجود‏ ‏كأساس‏ ‏لما‏ ‏هو‏ ‏حرية‏ ‏لا‏ ‏بد‏ ‏وأن‏ ‏تقفز‏ ‏أسئلة‏ ‏ترجعنا‏ ‏إلى ‏الأصل‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏التركيب‏ ‏الجبـِلِّـى، ‏الفردى ‏أو‏ ‏الجماعى، ‏فيا ترى‏; ‏هل‏ ‏ثم ‏استعداد‏ ‏خاص‏ ‏يسمح‏ ‏لفرد‏ ‏أو‏ ‏جنس‏ ‏بفرص‏ ‏ممارسة‏ ‏فعل‏ ‏الحرية‏ (‏فالإبداع‏) ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏غيره‏؟

بكلمات أخرى:

‏ ‏هل‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتصف‏ ‏فرد‏ ‏أو‏ ‏شعب‏ (‏كما‏ ‏يشيع‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏الحماسة‏ ‏الوطنية‏ ‏أو‏ ‏التمييز‏ ‏العنصرى) ‏بأنه‏ ‏أكثر‏ ‏أو‏ ‏أقل‏ ‏حرية‏ ‏من‏ ‏آخر‏، ‏هكذا‏ ‏بطبيعته‏ (‏الوراثية‏)‏؟

‏(‏ستكون‏ ‏الإجابة‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏السؤال‏ – ‏مثلها‏ ‏مثل‏ ‏أغلب‏ ‏الإجابات‏- ‏تقريبية‏ ‏مبدئية‏ ‏بطبيعة‏ ‏الفرض‏ ‏المقدم‏).‏

فى ‏ذلك‏ ‏نقول‏:‏

‏1- ‏إنه‏ ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏مورّث‏ ‏اسمه‏ ‏مورث‏ ‏الحرية‏.‏

‏2- ‏إن‏ ‏الذى ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يورَّث‏ ‏جزئيا هو‏ “‏المرونة‏ ‏البيولوجية‏” (4) ‏إن‏ ‏صح‏ ‏التعبير‏، ‏وهذه‏ ‏المرونة‏ ‏لها‏ ‏مظاهر‏ ‏متعددة‏، على الجانبين: ففى ناحية قد تتجلى فيما يسمى‏ ‏الجنون‏ ‏الدورى، ‏كما أنها فى ناحية أخرى قد تظهر فى إبداع فائق ذى حركية بالغة.

‏3- ‏من‏ ‏المفترض‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏القابلية‏ ‏التى ‏قد‏ ‏تورث‏، ‏مكتسبة‏ ‏من‏ ‏واقع‏ ‏المرونة‏ ‏التى ‏سمحت‏ ‏بتطور‏ ‏النوع‏ ‏عبر‏ ‏تاريخ‏ ‏التطور‏ (5)، ‏وهى ‏تختلف‏ ‏فى ‏درجاتها‏ ‏حسب‏ ‏مسارات‏ ‏التطور‏ ‏السابق‏ ‏لكل‏ ‏نوع‏، ‏وأيضا‏ ‏لكل‏ ‏مجموعة‏ ‏إثنية‏، ‏ثم‏ ‏ربما‏ ‏لكل‏ ‏أسرة‏، ‏حسب‏ ‏الفرص‏ ‏اللاحقة‏ ‏لتدريبها‏، ‏أو‏ ‏حسب‏ ‏القهر‏ ‏الذى يحد‏ ‏من‏ ‏حركيتها‏ ‏عبر‏ ‏الأجيال‏.‏ (هذا مع الإقرار أن الكاتب ينتمى إلى قبول توريث العادات المكتسبة ذات الدلالة التطورية من منطلق مفهوم البصم، والمفهوم الأحدث فى الهندسة الوراثية (أنظر بعد)

‏4-‏ كما‏ ‏أنه‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتدرب‏ ‏عليها‏ ‏من‏ ‏لم‏ ‏يرثها‏ ‏بدرجة‏ ‏كافية‏.‏

‏5- ‏وأيضا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يفقدها‏ ‏من‏ ‏لم‏ ‏يدعمها‏ ‏وينميها‏.‏

‏6- ‏إن‏ ‏هذه‏ ‏المرونة‏ ‏والحركية‏ – ‏زيادة‏ ‏ونقصا‏- ‏لا‏ ‏تحمل‏ ‏ابتداء‏ ‏وبشكل‏ ‏نهائى ‏طريقة‏ ‏توجيهها‏ ‏إلى ‏جنون‏ ‏أو‏ ‏إبداع‏ ‏أو‏ ‏عادية‏، ‏وإنما‏ ‏هى ‏تعلن‏ ‏قابلية المرونة، وسهولة‏‏ ‏الحركية‏، بصفة ‏عامة فى مقابل جمود وانغلاق الإيقاع الحيوى، كما أنها قد ترتبط بزخم طاقة التحريك بشكل أو بآخر.

‏7- ‏وبالتالى ‏فإن‏ ‏المسئولية‏ ‏تزداد‏ ‏على ‏المجتمع‏ ‏تجاه‏ ‏توجيه‏ ‏ناتج‏ ‏هذه‏ ‏الحركية‏ – ‏بقدر‏ ‏طاقتها‏ ‏الموروثة‏ ‏زيادة‏ ‏ونقصا‏- ‏إلى ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إبداع‏ ‏أو‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏هو‏ ‏دورات‏ ‏فارغة‏ ‏أو‏ ‏مغلقة‏ (‏اضطرابات‏ ‏الشخصية‏) ‏أو‏ ‏شاطحة‏، ‏عشوائية‏، ‏متناثرة‏ (‏الجنون‏) .‏

‏8- ‏تظل‏ ‏مسئولية‏ ‏تعميق‏ ‏وتوريث‏ ‏الحركية‏ ‏المرنة‏ ‏من‏ ‏مسئولية‏ ‏الجنس‏ ‏عن‏ ‏بقائه‏ ‏وتطوره‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏البصم‏ (‏التعلم‏ ‏بالبصم‏ Imprinting ‏) عبر‏ ‏الأجيال.‏

‏9-‏ إن الوعى ‏بما‏ ‏يرثه الفرد من تهيؤ يفيد المجتمع والمسئول المربّى أيا كان موقعه بما ‏يسمح‏ ‏له بتوجيه‏ ‏وتعديل‏ ‏الفرص‏ ‏المتاحة‏ ‏بإرادة‏ ‏منتظمة‏، ‏التى ‏هى ‏جزء‏ ‏أيضا‏ ‏من‏ ‏فعل‏ ‏الحرية‏.‏

‏10- ‏وأخيرا ‏ ‏تجدر‏ ‏الإشارة‏ ‏إلى ‏الوراثة‏ ‏النوعية‏ ‏للمستويات‏ ‏التطورية‏ (‏التنظيمات‏ ‏الهيراركية‏) ‏إذ‏ ‏يختلف‏ ‏كل‏ ‏فرد‏، ‏كما‏ ‏تختلف‏ ‏كل‏ ‏عائلة‏ ‏وإلى ‏درجة‏ ‏أقل‏ ‏كل‏ ‏جنس‏ ‏فى ‏مسألة‏ ‏قوة‏ ‏وضعف‏ ‏هذه‏ ‏المستويات‏، ‏وحين‏ ‏نـرث‏ ‏مستوى ‏أقوى ‏من‏ ‏الآخر‏ (‏أو‏ ‏أقوى ‏مما‏ ‏هو‏ ‏عند‏ ‏غيرنا‏ ‏مما‏ ‏يماثله‏) ‏إنما‏ ‏نرث‏ ‏تحديا‏ ‏فى ‏مواجهة‏ ‏كيف‏ ‏يمكن أن يتاح ‏لهذا المستوى أن يعبر عن هذا ‏الحضور‏ ‏الغالب‏، ‏وأين‏ ‏يقع‏ ‏الوعى ‏به‏ ‏من‏ ‏مسألة‏ ‏التحكم‏ ‏الإرادى ‏فى ‏تناسب‏ ‏تعبيره‏ ‏عنه‏، ‏

إذن‏ ‏نحن‏ ‏لانرث‏ ‏دونية‏ ‏عنصرية‏ ‏أو‏ ‏تميزا‏ ‏فائقا‏ ‏لفرد‏ ‏أو‏ ‏لجنس‏ ‏بذاته‏، ‏وإنما‏ ‏وراثتنا‏ ‏لقوة‏ ‏هذا‏ ‏المستوى ‏أوذاك‏ ‏إنما‏ ‏تشير‏ ‏إلى ‏مسئولية‏ ‏الفرد‏ ‏والتربية‏ ‏فى ‏محاولة‏ ‏استيعاب‏ ‏تنوع‏ ‏تجلياته‏ ‏السلبية‏ ‏والإيجابية‏، ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏تصبح الحرية طولا وحالا هى فى ترجيح المسار، الايجابى، أو اختيار المسار السلبى.

خلاصة‏ ‏القول‏: ‏إن‏ ‏الوراثة‏ ‏ليست‏ ‏عائقا‏ ‏فى ‏ذاتها‏ ‏فى ‏مواجهة‏ ‏ممارسة‏ ‏الحرية‏، ‏لكنها‏ ‏مسئولية‏ ‏تؤكد‏ ‏أهمية‏ ‏استيعاب‏ ‏وتوجيه‏ ‏حركية‏ ‏البيولوجى ‏فى ‏تجلياته‏ ‏المتنوعة‏ ‏فى ‏المجال‏ ‏المتاح‏، ‏والممكن‏.‏

……………

ونكمل الأسبوع القادم

[1] –  هذا هو الكتاب الثالث باسم “عن الحرية والجنون والإبداع” نشرت صورته الأولى فى مجلة فصول– المجلد السادس – العدد الرابع 1986  ص(30/58) وقد تم تحديثها دون مساس بجوهرها، وهو الفصل الثالث من كتاب “حركية الوجود وتجليات الإبداع”  الصادر من المجلس الأعلى للثقافة -القاهرة، والكتاب يوجد فى طبعته الأولى 2007 وهذه هى الطبعة الثانية بعد أن قُسم إلى أربع كتب أضيف إليها ما جدَّ للكاتب بين الطبعتين، وهذا الكتاب هو الثالث.

[2] – ‏فى ‏تنظير‏ ‏إريك‏ ‏إيكسون(childhood & society) ‏ ‏لهذه‏ ‏المرحلة‏ ‏الأولى ‏وهو‏ ‏يعرض‏ ‏ماهية‏ ‏الثقة‏ ‏الأساسية‏ ‏فى ‏مقابل‏ ‏عدم‏ ‏الثقة‏ Basic trust versus basic mistrust ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏الصياغة‏ ‏إما‏ ‏أو‏،(‏إما‏ “‏ثقة” ‏أو‏ “‏لا‏ ‏ثقة”) ‏وإنما‏ ‏كانت‏ ‏الصياغة‏ – (“‏ثقة”‏فى ‏مقابل‏ “‏لا‏ ‏ثقة”)، وقد‏ ‏تناولت‏ ‏هذا‏ ‏فى ‏الدراسة‏ ‏المقارنة‏ ‏للرباعيات‏ ‏الثلاث‏ ‏جاهين‏ ‏والخيام‏ ‏وسرور‏: يحيى ‏الرخاوى “‏رباعيات‏ ‏ورباعيات”‏ ص‏45-98 ‏المجلد‏ ‏الثالث‏، ‏العدد‏ ‏الأول (1982) مجلة الإنسان‏ ‏والتطور الفصلية.

المهم‏ ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏اللا‏أمان‏ هو‏ ‏ضرورة‏  ‏لحركية‏ ‏الإبداع‏ ‏مثل‏ ‏الأمان‏ ‏سواء‏ ‏بسواء‏.‏

[3] – استعملت‏ ‏تعبير‏ “‏التغذية‏ ‏البيولوجية”، ‏بقصدية‏ ‏محددة‏، ‏وذلك‏ ‏لأمنع‏ ‏ترادف‏ ‏مسألة‏ ‏بيولوجى ‏بما‏ ‏هو‏ ‏حسى ‏عيانى، ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏أعطى ‏للمعلومة‏ ‏أبعادا‏ ‏وحضورا‏ ‏جسديين‏، ‏فأشير‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏المعلومات‏ ‏المدخلة‏ ‏إلى ‏المخ‏ ‏البشرى، ‏والتى ‏سيقوم‏ ‏بهضمها‏، ‏أو‏ ‏تخزينها‏ ‏ثم‏ ‏إعادة‏ ‏محاولة‏ ‏هضمها‏، ‏إنما‏ ‏تكون‏ ‏معلومات‏ ‏مثرية‏ ‏ومرنة‏ ‏ومتسقة‏ ‏وقابلة‏ ‏للتحريك‏ ‏وإعادة‏ ‏التنظيم‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏تكون‏ ‏ذات‏ ‏معنى، ‏وليست‏ ‏مجرد‏ “‏جسم‏ ‏غريب‏ ‏محشور” (‏يستعمل‏ ‏من‏ ‏الظاهر‏)،وكلما‏ ‏كانت‏ ‏المعلومات‏ ‏المدخلة‏ ‏ذات‏ ‏معنى ‏كان‏ ‏احتمال‏ ‏استعمالها‏ ‏كأبجدية‏ ‏للإبداع‏ ‏واردا‏، ‏لكن‏ ‏بما‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يوجد‏ ‏لفظ‏ -‏مثلا‏- ‏يحمل‏ ‏معناه‏ ‏بالضبط‏،  ‏ولا‏ ‏يوجد‏ ‏هضم‏ ‏وتمثيل‏ ‏كامل‏ ‏للمعلومات‏ ‏أبدا‏، ‏فإن‏ ‏حركية‏ ‏الحلم‏ ‏والإبداع‏ ‏هى ‏القادرة‏ ‏على مواصلة محاولة ‏إتمام‏ ‏المهمة‏ ‏التى ‏من‏ ‏المفروض‏ ‏ألا‏ ‏تتم‏ ‏أبدا‏ (‏أنظر‏ ‏أيضا الفصلين الأول والثانى‏)

[4] – ليست مرادفة للمطاوعة العصبية meuronal plasticity، لكنها إشارة إلى حركية البيولوجية كلها من أول برامج المعلومات الداخل خلوية…..

[5] – يختلف‏ ‏الباحثون‏ ‏فى ‏أصل‏ ‏الإيقاع‏ ‏الحيوى ‏للكائن‏ ‏الحى، ‏وللإنسان‏ ‏ضمنا‏: ‏هل‏ ‏هو‏ ‏هكذا‏ ‏بطبيعة‏ ‏المادة‏ ‏الحية‏  ‏أم‏ ‏أنه‏ ‏نتيجة‏ ‏لتكيف‏ ‏المادة‏ ‏الحية‏ ‏مع‏  ‏عالم‏ ‏هو‏ ‏منتظم‏ ‏بإيقاع‏ ‏حيوى ‏راتب‏ ‏منذ‏ ‏الأزل‏، ‏وبصفتى ‏أكثر‏ ‏ميلا‏ ‏إلى ‏مقولة‏ ‏وراثة‏ ‏العادات‏ ‏المكتسبة‏، ‏فإننى ‏أميل‏ ‏إلى ‏الرأى ‏الأخير‏، ‏أى ‏إلى ‏أن‏ ‏الإيقاع‏ ‏الحيوى ‏الإنسانى ‏لاحق‏ ‏للإيقاع‏ ‏الكونى ‏الأصلي‏. ‏أنظر‏ ‏مثلا‏:‏

‏Stroebel C. F.،in Kaplan H.and Sadock J. (1980) Comprehensive Text Book of Psychiatry] Williams & Wilkins Company   P 67 – 70.‏

admin-ajax-51

admin-ajax-41

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *