الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / يوم إبداعى الشخصى قصـة(سياسية) جديدة: الحيرة الخلاّقة

يوم إبداعى الشخصى قصـة(سياسية) جديدة: الحيرة الخلاّقة

نشرة “الإنسان والتطور”

15-6-2011

السنة الرابعة

العدد: 1384

يوم إبداعى الشخصى

قصـة(سياسية) جديدة:

الحيرة الخلاّقة

مقدمة:

مازالت الظروف كما هى:

فعذرا

هذه قصة سياسية جديدة أو مسرحية قصيرة من فصل واحد على نمط ما كنت أكتبه فى تعتعة الدستور لمده شهور طويله قبل 25 يناير، وقد وجدت فى ما سبق لى كتابته أنها مجموعة تستأهل أن تجمع كدليل على فرض “تراكم جدلية الوعى الجمعى”، ويبدو أننى أمر بمرحلة جديدة تحفزنى للإسهام فى إكمال ما نحن فيه إلى ثوره، أو –ربما– استعدادا للثورة القادمة.

(المنظر: مسرح صغير جدا، كبير جدا، اسمه مصر الآن)

(الأشخاص: البنت واخوها)

النص:

قالت البنت لأخيها: ولكن لماذا؟

قال اخوها: لماذا ماذا؟

قالت البنت: لماذا تريد أمريكا أن تتخلص من كل هؤلاء الرؤساء المطيعين جدا، المتعاونين جدا؟

قال اخوها: ليس كلهم، أو ربما كلهم، فنحن لا نعرف إلى أى مدى هم كانوا كما تقولين جدا، ولماذا استثنوا رؤساء أخرين ليسوا أكثر ديمقراطية، مع أنهم أطوع طاعة؟

قالت: ومتى تعرف؟

قال: قد نموت ونحن لا نعرف

قالت: فلماذا نثور دون أن نعرف؟

قال: وهل الأمر بيدنا؟ نحن نثور لأننا نثور، آن الآوان، ما كنا فيه لا يؤدى لغير هذا.

قالت: هذا ماذا؟

قال: هل جننتِ؟ هذا الذى كنا فيه؟

قالت: عندك حق، ربما، ألم تسأل نفسك لماذا هم حريصون على حريتنا كل هذا الحرص هل يحبوننا هكذا جدا، جدا، ما أكرمهم!

قال: ولم لا؟

قالت: اسم الله عليك!! يعنى هم يحبوننا من فرط حبهم للإنسانية والحرية حيثما حلوا، أو اغتصبوا أو قتلوا؟؟

قال: ما المانع؟

قالت: هل تعرف ماذا سوف نفعله لو أصبحنا أحرار بحق وحقيق

قال: ماذا؟

قالت: سنبصق فى وجوههم أولاد الأفاعى

قال: ما هذا؟ هل هذا رد الجميل

قالت: نحن أصحاب الجميل وهم المدينون لنا برد ما سرقوه منا وما ينوون سرقته بكل خططهم الجهنميه هذه، يسرقون مواردنا واستقلالنا بخبطة واحدة

قال: ماذا تقولين؟ خطط ماذا وجهنمية ماذا؟ ما هذا التفكير التآمرى؟ ألم تسمعينى؟ هل تريدين أن نرجع إلى ما كنا فيه؟

قالت: أنت جاهز، كلما اختلفنا تعايرنى بما كنا فيه، وكأنى أنا المسئولة عنه، على فكرة: نحن كنا فى ماذا؟ فكّرنى

قال: كنا فى اللاشئ،

قالت: هل اللاشئ يمكن أن يكون هدفا نثور عليه لذاته وهو لاشئ؟

قال: لست فاهما

قالت: ولا أنا،

قال: أريد أن نكف عن هذا الحديث، لقد أصبح يشبه أكوام الأحاديث التى تغمرنا من كل الأقمار والأبواق، أحاول فى كل “توك شو” أن أفهم جدوى الكلام، فأجد أنه ينتهى إلى لا شئ أيضا، ماذا تريدين بالضبط؟

قالت: لست أدرى،

قال: هل تعملين مع الثورة المضادة

قالت: يا نهار اسودا، ما هذا؟ أنا أحاول أن أتعرف على الثورة، حتى أتعرف على ضدها،

قال لها: ماذا تريدين بالضبط؟

قالت: أنا أحب هذا البلد جدا، أريد أن يكون لى بلد بحق وحقيق،

قال: كيف تحبين بلدا لم تشعرى بعد أنه بلدك بحق وحقيق،

قالت: الحب ليس لى يد فيه، أنا أحبها مثلما أحب أى شاب ليس فى متناولى، وأسعى للقرب منه، وأحيانا أسعد لسعادته حتى مع غيرى

قال اخوها: ما هذا الكلام الفارغ؟ حب عذرى هذا؟ حب من جانب واحد، لقد انتهى عهد هذا الكلام

قالت: وماذا أفعل بعواطفى؟ هل انتظر حتى تحبنى بلدى قبل أن احبها،

قال: هم لم يحترموننا حتى نحبها

قالت: من هم؟

قال: الذين حكمونا،

قالت: ومن الذى سلمهم توكيل التصرف نيابة عنها؟

قال: نيابة عن من،

قالت: نيابة عن مصر، لقد اغتصبوها، وهى لم توكلهم أصلا، زوّروا توكيلات مضروبة وتصرفوا بها، فغابت عنا

قال: أنا لا أفهم شيئا، أنت أريكِتنى وكدت تسرقين فرحتى، طيب ووالدنا؟

قالت: ماله؟

قال: أليس مصريا مثلنا؟

قالت: ومن قال أننا مصريون، نحن نحاول أن نستعيد بلدنا، لنولد من جديد:

قال: وهو؟

قالت: يبدو أنه يئس من المحاولة

قال: لكنه هو الذى ربانا وصرف علينا، وها نحن نحاول بفضل ذلك

قالت: لابد إنه مصرى دون أن يعرف،

قال أخوها: ربما نحن أيضا كذلك…، أريد أن أنام،

قالت: جاءتك نيلة (جتك نيلة)، وأمنا؟

قال الفتى: مالها هى الأخرى؟

قالت: تريد أن تزوجنى لابن اختها فى كندا

قال: والله فكرة!!

قالت: فكرة ماذا؟ وأتركها لمن؟

قال: تتركى من؟

قالت: أترك “مصر”

قال: الله يخرب بيتك هل أنت مع الثورة أم مع الثورة المضادة، ما هذا؟

قالت: الثورة لا تصبح ثورة إلا إذا نجحنا أن نخلق منها بلدا تحكمه دوله، ويحترم الناس فيها بعضهم البعض وهم يبنونها معا، أما الثورة المضادة فالبحث عنها يبدأ من داخلنا، قبل أن نسقطها على مسوخ منهكة

قال: ومع ذلك فهم متربصون بنا طول الوقت

قالت: من هم؟

قال: المسوخ،

قالت: ربنا موجود،

قال: أين؟

قالت: الله يخرب بيتك، طبعا موجود وإلا تزوجت ابن خالتى وهربت

قال: والله العظيم ما أنا فاهم حاجة! أليس ربنا فى كندا أيضا؟

قالت: أسأل الإخوان،

قال: يا نهارك أسود؟ مالهم الإخوان؟

قالت: أليسوا هم المتحدثون باسم ربنا الآن؟

قال: هذه إشاعة لإزاحة أكبر تجمع شعبى عن المشاركة فى الثورة

قالت: المشاركة فى ماذا؟

قال أخوها: كفى بالله عليك أريد أن أنام

قالـت: إذهب نم، واحكم إغلاق نوافذ وعيك، والله العظيم أنا أعجب كيف يأتى لك النوم هذه الأيام؟

قال: وماذا فعلت أنت بسهرك يا حبة عينىّ،

قالت: أحاول أن أفعل ما يكملها لتكون ثورة، وهذا ما يجلب لك النوم

قال: أنت صعبة، لقد تحيرت معك

قالت: إنها الحيرة الخلاّقة

قال: أنت لا تعرفين حتى اسمها إن اسمها الفوضى الخلاقة، وليس الحيرة الخلاقة

قالت: وهل تظننى بلهاء حتى أخلط بين الحيرة الخلاقة والفوضى الخلاقة، هل تتصورنى الست كوندى أو الحليوة كلينتون، هل أنت تعرف ماذا تعنى أى منهما بالفوضى الخلاقة أصلا؟

قال: الفوضى هى الفوضى، أما الخلاقة، فليس عندى فكرة،

قالت: بالله عليك فكيف تسميها ثورة دون أن نخلّقها أصلا، الثورة لا تكون ثورة إلا إذا كانت خلاقة، ونحن لم نخلقها بعد، حتى أنك لا تعرف الكلمة أصلا، أرجوك لا تتحمس هكذا وأنت تتشدق بكلمة “ثورة” حتى نكمل

قال: وهل أنا الذى سميتها؟ كل الصحف وكل الحكام وكل الفضائيات وكل العالم يسمونها ثورة، بالله عليك لا تتمادين حتى لا أتماد فى الشك فى أنك عميلة للثورة المضادة؟

قالت: قلت لك إن الثورة المضادة داخلنا نحن الثوار

قال: الله!! الله! هكذا عينتِ نفسك من الثوار دون إذن

قالت: إذن من مًنْ يا روح ماما،

قال: إذن الثوار

قالت: الذين تمثلهم أنت وأنت أكسل حتى من أن تمارس “الحيرة الخلاقة” التى أتحدث عنها

قال: وهل الحيرة تمارس

قالت: الحيرة تستدعى الدهشة

والدهشة تهدى للنقد

والنقد يشحذ اليقظة،

واليقظة تحافظ على الوقت

فتملؤه بالفعل

فتكون ثورة،

قال: يا نهار أسود ومنيل بستين نيلة، طيب هذه هى الحيرة، فأين هى الخلاقة،

قالت: هى هى كل ما ذكرت على شرط أن تنتهى بالفعل، وهو ما جعلك تسوّد النهار، وتنيله هكذا،

قال: إعملى معروف: نحن ما صدّقنا

قالت: ما صدقنا ماذا؟

قال: ما صدقنا أننا عملناها

قالت: عملنا ماذا،

قال: عملنا الثورة

قالت: اسمح لى، هيا نعملها

قال: نعمل ماذا؟

قالت: الله يخيبك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *