يناير 1984 – انتشار

انتشار

د. سيد حفظى

الفكر يعصف بهذا القلب، وهو فى موج يتلاطم محيطه، الصورة تتجزأ مكوناتها، وتنفصل لبناتها عن هياكلها…، فتصبح كل جرة قلم وكل لمسة لون وكل بقعة ظل وكأنها وحدها، لا تتلاشى حدود الزمان ولكن شدتها تزيده

فجأة تصبح المعمورة صحراء، وتكفهر شمسها بقيظ وشرر، وفى لحظات يسكن الهدير، ويبدد سطح ماء أملس الشفافية ويحلو لعب الشطرنج حيث المتعة والحيلة، وتحكمنا القطع ومداها، وبيدنا نحن فن تحريكها.

من قائل لغائب موجود، ومن مبصر لوجود حاضر، من معلن لفهم ذات، ومن مستمسك بذات القول، صيد البحر فى أعماقه، خوف الطير عن آفاقه، أنها الطبيعة الظلمات، يا ليته  صفاء ورود، يتشبث .. يحلم.. ليلا.. يتمنى… يحلم .. يقظا.. وحش الجمته قيود، كون يتناسق بمقاديره.

اقنتع فنحن الأحرار، لقد أدركنا حدودنا، انطلقنا … فهمنا، الغوص لعبتنا، الانتقال بين البقع البيضاء والسوداء حرفتنا، بيدنا قدرنا نخلق ما نشاء، عنف قتل الشذوذ، لا يتبرأ منه، من الغابة أتينا، وبوعى نعود إليها، صه وانتبه، فالقطع تنتشر.

أننى أرضخ رغما عنى فلقد انسدت نوافذى لم أتعود التحرك فلقد ثقلت مراكبى، الجهل عذر والعذر جهل، والعقل فكر لم يعتد البعد لكن، لن التصق بحيوان وأمنحه صفة رب، وعيى بالانتقال لن يجعلنى عبدا له، بل، محرك به، فها هى القطع تنتشر.

اللعبة أبدية فالحيتان لا تفلت منها سمكات مائية وأن أبتلعتها فلن يبقى غذاؤها، ولن تفرغ محيطات من بويضات حاملة حياتها.

الحذر يسرى فى جسدى، والسوس ينخر فى عظمى، ولست أقنع بأن المحسوس، يعبر عنه الراقى باللفظ وفقط، أن القطع الآن تتشتت، وليست “هى تنشر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *