اليوم السابع
السبت 26-10-2013
“وخير بلادنا ماهوش فى إيدنا” !!
العنوان هو الشطر الثانى من الأغنية التى ألفها شيخ المؤلفين يونس القاضى لسيد درويش، وهى تقول :
تلوم عليـّا ازاى يا سيدنا
وخير بلادنا ماهوش فى إيدنا
قولـّى عن أشيا تفيدنا
وبعدها بَقَى لوم عليا
……حضرتنى هذه الذكرى التى كانت ضمن تداعياتى على صفحة رقم (28) من تدريبات شيخى محفوظ للعودة للكتابة بتاريخ 24/2/1995، فكان لها فضل تعرفى على هذا الشيخ الجميل وتاريخه، حضرتنى وأنا أتابع كل الجارى حاليا بحسابات اليوم سواء فى لجنة الخمسين، أم فى اجتهادات الحكومة الانتقالية، أم فيما يصلنى من برامج وآمال كل المعنيين بالمرحلة الراهنة وتقديم الاقتراحات، وترتيب الأولويات، تمنيت أن نتوقف عن الكلام عن الإسلام الذى نظلمه باختزاله إلى هذا الاستعمال الخاص جدا لفئة محدودة جدا من خلق الله، وهو لم ينزل إلا للناس كافة، أسلموا أم لم يسلموا، تذكرت كيف لا ننتبه إلى عظمة الإسلام ونرفض اختزال خيره وعطائه فى جماعة معينة، أو حتى فى أمة بذاتها، دون سائر البشر، وفى نفس الوقت لا نكف عن استيراد كل حاجاتنا بما فى ذلك المبادئ والقيم ، ممن يرسم لاستغلالنا حتى النخاع، وتهميشنا حتى الضياع، نحن نختار من كل نظام ما “نمشى به الحال”، فنحلّ اليوم ما حرمنا أمس، ونحرم غدا ما كان حلالا اليوم، وننتقل من “الشريعة” إلى “الشرعية” ذهابا وجيئة، والذى تغلب به إلعب به ، ناسين كيف نهانا ربنا عن أن نحرم ما حرّمنا، ثم إذا تغيرت الأحوال، إذا بنا نحلله “ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ …”، “…. يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً”…..”….. فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ”
كاتب هذه الأغنية هو الشاعر محمد يونس القاضى ) 1888 وتوفى – ( 1969 وكان أبوه قاضيا صعيديا قويا، فلقب بـ :”القاضى” وقد ارتبط الشيخ وطنيا وروحيا بالزعيم مصطفى كامل، وقد استمد شاعرنا كلمات نشيدنا الوطنى “بلادى بلادى لك حبى وفؤادى” من خطبة للزعيم الذى كان يرعى الشاعر ثقافيا ومعنويا، وقد دفع الشيخ القاضى ضريبة أغانيه ومسرحياته الوطنية إذْ تعرض للاعتقال 19 مرة وقد اعتقله الإنجليز ذات مرة حين رأوا الجماهير تردد أغانىمسرحياته فى المظاهرات، ويهمنى أن أروى لمن يهمه الأمر كيف حكى هذا الشيخ فى احاديثه الصحفية ان وكيل الداخلية آنذاك ويدعى نجيب باشا قال له بعد أن امسك الجبة والقفطان الذى يرتديهما بوطنية خالصة قائلا له : “بدل ماتقول الكلام الفارغ ده دوّر ازاى تصنّع جبة فى بلدك الأول” ويعلق الشيخ يونس على هذا الحادث قائلا: “هذا الكلام ظل فى راسى إلى ان جعلنى أنادى فى الروايات والمسرحيات التى اكتبها بإنشاء المصانع ومنها اغنية “أهو ده اللى صار.. مالكش حق تلوم علىّ”
ماذا لو قال أحد ضباطنا الوطنيون فعلا مثل هذا الكلام لأحد المعتقلين اليوم؟
هل يتبقى منه ما تبقى عند الشيخ القاضى؟
هل آن الأوان أن نكف عن اجترار الماضى، وتبادل الملام، ونتركه للقضاء والتاريخ؟
هل آن الأوان أن تصبح الميادين مصانع، أو طريقا إلى المصانع ؟
وأن يكون همنا الأول أن نستغنى عن القروض؟
وأن نعرف أين تكمن ثرواتنا الحقيقية تحت الأرض وعلى سواحل البحر، وسفوح الجبال، وداخل أدمغتنا؟ وكيف نستغلها ولا نتركها سرا لهم، ونهبا لأطماعهم؟
ومتى ينشأ البنك العربى الموحد، والعملة العربية الموحدة، والاقتصاد القومى المستقل؟
إعملوا معروفا
فخير بلادنا ما هوش فى إيدنا.