الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (51) من “موقف العزاء”

حوار مع مولانا النفّرى (51) من “موقف العزاء”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 26-10-2013

السنة السابعة

العدد:  2248

    حوار مع مولانا النفّرى (51)

من “موقف العزاء”

 وقال لمولانا النفرى فى موقف “العزاء”

   وقال لى:

       أنا اللطيف فى جبارية العز، وأنا العطوف فى كبرياء القهر 

 فقلت لمولانا:

بصراحة يا مولانا حين كنت أذكره بهذين الاسمين “الجبار”، “القاهر” (القهار) لم أكن أخاف جهرا، لكننى كنت أسرع حتى لا أتوقف عندهما أكثر مما احتمل، لم أعرف حساسيتى لاسم الجبار إلا وأنا أكتب ثلاثيتى متقمصا غريب الأناضولى وهو ساخط عليه، كافر به، ساخر منه، فيختار أن يسبحه “يا جبار” يا جبار (1)، وكان عبد السلام المشد يفشل أن يثنيه أو يهديه.

حين وصلنى الآن ما قاله لك، فهمت قلقى واستغفرت ربى، وصلنى أن جبروته هو قوة العز لا سطوة الاستعلاء ولا سحق الفوقية، ليس هذا فحسب، بل وصلنى كيف يصبح نفس هذا الجبروت رحمة قادرة حين يمتزج باللطف والرعاية، يا خيبتك يا عبد السلام يا مشد، ماذا لو صدقت فى تسبيحك باسم الجبار حتى وأنت تسخر ليشملك بلطفه يا رجل؟ ظلمتَ نفسك!

لم أعد أيضا يا مولاى أستقبل القاهر والقهار بالمعنى المنفصل ما دام عطفه أسبق وأكرم، ليصبح القهر عزا وحضورا ووضوحا لا محوا وسحقا، ما يصلنا كأنه تناقض ينقلب تلقائيا إلى واحدية جدلية محيطة راضية مرضية.

حين عدت إلى كتابنا الكريم وجدت أن صفات الجبروت إذا الحقت بالإنسان جاءت سلبية بكل قبحها وهى عادة ما تلحق بهم مع صفة تؤكد ذلك مثل العناد: “جبار عنيد” (2)، بالإضافة إلى “العصيان” (3)  ،والبطش والتجبّر” (4)، و”الشقاء.

لهذا نفى ربنا عن نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون “عليهم بجبار” (5)وأن يكتفى بالتذكرة “بالقرآن من يخاف وعيد” .(6)

هل يا ترى مسموح لنا أن نمارس القهر والجبروت بعزة القوة وكبرياء الفيض حضورا إذا ضمنا أن يمتزجا بأية درجة من اللطف والعطف فى آن؟ ولو بعض الوقت مهما كان وقتا محدودا؟.

ربما

لا أظن


 [1] –  ‏عبد السلام: ‏أنا‏ ‏أعنى ‏فعلا‏ “‏الطريق‏ ‏إليه‏”، ‏هذا‏ ‏ما‏ ‏عنيته‏ ‏منذ‏ ‏بداية‏ ‏حديثنا‏.‏

     غريب: ‏هل‏ ‏تعرف‏ ‏أى ‏اسم‏ ‏من‏ ‏أسمائه‏، ‏كنت‏ ‏أعتزم‏ ‏تسبيحه‏ ‏حين‏ ‏فكرت‏ ‏فى ‏التصوف‏ ‏يوما‏.‏

     عبد السلام: ‏هل‏ ‏فكرت‏ ‏يوما‏ ‏فى ‏ذلك‏ ‏حقيقة؟‏.‏

     غريب: ‏كنت‏ ‏أنوى ‏أن‏ ‏أسبحه‏ ‏طول‏ ‏الليل‏ ‏فى ‏مكبـر‏ ‏خاص‏ ‏صائحا‏ ‏به‏: “‏يا‏ ‏جبار‏ ‏يا‏ ‏جبار‏” ‏حتى ‏أصل‏ ‏إلى ‏الوجد‏ ‏الصوفى ‏الذاهل‏.. ‏أو‏ ‏إلى ‏سجن‏ ‏مصر‏.‏

(ثلاثية المشى على الصراط – الجزء الثانى: “مدرسة العراة” ص 269 الطبعة الثانية سنة 2008) – (الطبعة الأولى سنة 1977).

[2] – “وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ” (الآية 59 – سورة هود)

    – “وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ” (الآية 15 – سورة إبراهيم)

[3] – “وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً” (الآية 14 – سورة مريم)

[4] – “وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ” (الآية 129 & 130 – سورة الشعراء)

     – “…… كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ” (الآية 35 – سورة غافر)

[5] – “وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً” (الآية 32 – سورة مريم)

[6] – “…… وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ” (الآية 45 – سورة ق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *