نقلة مع مولانا النفرى: من: كتاب المخاطبات مقتطف من: (المخاطبة رقم: 7)
نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 12-12-2023
السنة السابعة عشر
العدد: 5946
نقلة مع مولانا النفرى:
من: كتاب المخاطبات
مقتطف من: (المخاطبة رقم: 7):
يا عبد همك المحزون علىّ
كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها فى السماء .
فقلت لمولانا:
أرجعتنى يا مولانا رغما عنى إلى ما تناولتـُـه في نشرة الثلاثاء 29/12/2020 استلهاماً من نفس المخاطبة، أرجعتنى إلى إعادة النظر فيما آل إليه الحزن أو ما نسميه حزنا فضلا عن “حقيقة الحزن”.
انتهيت يا مولانا “فى تعقيبى السابق أننى لم أحل إشكالة ما وصلنى على الرغم من ادعائى بقبول مبدأ أن حروف الجر في لغتنا الجميلة يمكن أن تحل محل بعضها البعض .
وحين قرأت الآن ما سبق أن كتبتُ وجدت أننى كنت أهرب من تصورى أننى العبد الواقف بين يديه “أحزن عليه” مهما أوّلـت الحزن، وارتقيت به إلى ما لا يمكن أن يصل من الكلمة في ذاتها بذاتها.
حين فوجئت يا مولانا اليوم أن هذه المخاطبة، قد بدأت هكذا:
“همّك المحزون علىَّ كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”، ولم أكن قد انتبهت إلى هذه البداية بشكل خاص
توقفت من جديد: كيف: يكون الهمّ “محزونا” لا حزنا، كنت أحسب أن الهم والغم والحزن مترادفات،
إذا كان الهم هو هو الحزن فكيف يكون الحزن صفة للهم
ليكن الحزن وقود الابداع، وحدْس الموقف، وإرساء العلاقة، فيصف الهم بكل هذه الميزات ليصبح محزونا، فيستحق التشبيه الوارد في أول المخاطبة!!
ثم ليكن هذا الهم المحزون عليه (وليس “له” ولا “معه” ولا “إليه”) معنى يميز الكلمة في هذا السياق حين نفكر في بقية الاحتمالات وأن هناك همًّا مكتوماً، وهمًّا عائقاً، وهمًّا مزعجاً، وهمًّا مؤلماً، لكن هذا لا يكفى!!
ثم ننتقل إلى صعوبة لم تـُـحـَـلّ في قراءتى السابقة أيضا، اللهم إلا بحل هروبى خاص، حين يحدد النصّ يا مولانا أن الهم المحزون هو “عليه” (أكاد أقول: دون سواه)
ليس أمامنا يا مولانا إلا التسليم بأصالة هذا الحزن وتفرده، وطزاجته وتعدده، ومن ثـَـمَّ استعلاء كلمة الحزن والهمّ هنا عن مثيلاتهما في أي سياق وأى وصف آخر، كما تختلفان بانتسابهما لكل فرد بحسبه، وبقدر ما يضىء له طريقه إليه، ويسمح به.
هكذا يصبح الحزن كلمة طيبة فعلاً “كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”
ويصبح لكل صادق مناّ همه المحزون عليه، غير الآخر،
ختم اللقاء.
2023-12-12