نقلة مع مولانا النفرى كتاب المخاطبات المخاطبة رقم: 16
نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 23-8-2022
السنة الخامسة عشر
العدد: 5470
نقلة مع مولانا النفرى:
من: كتاب المخاطبات
(المخاطبة رقم: 16):
وقال لى:
يا عبد
إن لم يخرجك العلم عن العلم
ولم تدخل بالعلم إلا فى العلم
فأنت فى حجاب من علم
فقلت لمولانا:
نبهتنى هذه المخاطبة إلى حقيقة ما وصلنا إليه من تقديس أغلب ما يسمى حاليا العلم الحديث، أو العلم المعاصر الذى تنزّه عن أى شرك، وأغلق كل ما عداه من مناهل المعرفة، كما تنكـّـر لكل إضاءات الوعى من أية قناة أخرى، حتى نفى كل إبداع وطمس كل كشف، فلم يعد هناك إلا هذا السجن المظلم المسمى “علماً” حديثاً.
يكون العلم علما بحق حين يسمح أن أخرج منه لأعود إليه، أحدّ رؤية وأقدر تشكيلا وأنشط تحريكاً،
أما إذا حال دون خروجى عنه لأظل سجنا في ظلمته فهو لا يستحق أن يسمى علماً.
تنبهت يا مولانا إلى أننى إذا لم أنتبه إلى احتمال أن يحتكر هذا العلم كل مناهل المعرفة والكشف حتى لا يسمى علما إلا ما يـُـقرّه بلغته القاصرة، وعجزه الجبان، وحدوده المصطنعة، إذْ لا يسمح لأى معارف أن تكون كذلك إلا إذا أقرها هو بأضوائه الزائفة وطقوسه الخانقة، أنا إذا أقررته في ذلك فمعناه أننى سجنت نفسى في مغاراته المغلقة، واستسلمت لأسراره الصلبة.
طبعا لن أفعل، وإلا أصبح العلم حجابا لا كشفا، حجابا لا يسمح لأى نور أن يصل إلى أصحاب البصيرة، مما يسميه هو علماً، رغم ما صار إليه: حجاباً كثيفا غبيا عامِـياً، والعياذ بالله.
2022-08-23
الآفة ليست في العلم فهو قاصر لاننا لم نؤت ولن نؤت اي جوامع له.
الآفة هي في العلماء ( او ما يلقبوهم بالعلماء) حين يسلخوه عن المعرفة.
فالمعرفة ليست هي العلم حتي لو كان العلم جزء منها .
كنت في حوار مع صديق لي وهو يؤمن بشدة بالعلم . وقال لي ان العلم لا يمكن ان يكون علم الا بدليل ( او evidence ) فحاولت ان انبهه الي ان حتي الدليل قاصر بادواته
ونبهته الي حتم فتح آفاق الجهل وتلمس المعرفة قبل ومع وبعد العلم كي نصل الي اي علم .
ولم يقتنع .
فتداركت ان الموقف من الوجود او الattitude هو الآفة . وان كثيرا ممن يخشون المعرفة ، هم يخشون التعري او فتح آفاق الادراك من خلال الحدس والمشاهدة .
ولذلك نبهنا الله ان “” لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون “”.