نقلة مع مولانا النفرى في: كتاب المخاطبات مقتطف من: (مخاطبة 9):
نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 12-5-2020
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4637
نقلة مع مولانا النفرى في:
كتاب المخاطبات
مقتطف من: (مخاطبة 9):
يا عبد لا تتبع الذنب بالذنب
أسلبك الغم عليه فتطمئن به، فآخذك به.
فقلت لمولانا:
فهى فرصة يا مولانا لمن لا يتبع الذنب بالذنب أن يعيش ما فعله فيغمره الغم، فينتبه، فيتعلم، فيتوب.
فإن توالت سلسلة الذنوب تباعا يموت قلبه ولا يميز الذنب من غيره، إذْ لا يغمره الغم، بل قد يغرق في بئر الإنكار أو مستنقع البلادة، فيدفع ثمن ما فعل دون فرصة استغفار أو توبة.
لكن يا مولانا انت قد سبق أن نبهتنا لما قاله لك عن الذنب في “المواقف”:
“لا ترجع لذكر الذنب فتذنب بذكر الرجوع”
ثم أيضا:
ذكر الذنب يستجرّك إلى الوجْد به،
والوجْد به يستجرّك إلى العود فيه
موقف الصفح الجميل (ص 57)
لكن يبدو يا مولانا أنه قد غاب عنى أن “ذكر الذنب” غير “الغم عليه” الذى هو ضد الاطمئنان له الذى يترتب عليه توالى الذنوب، كما تبين لى من مخاطبة اليوم أيضا أن “الغم” هو شعور مفيد ومختلف عن مجرد التشدق بذكر الذنب.
الغم هو أسف وأسى للخروج عن الصراط المستقيم، فهو موقظ لكل آليات العودة والاستغفار تغمر المخطىء غمراً، فلا يستطيع أن يخدع نفسه بالبراءة بمجرد ذكر الشعور بالذنب بالألفاظ أو بمظاهر الأسف،
هكذا صالحتنا يا مولانا على لفظ من عمق لغتنا: لفظ “الغم” الذى يقترن عادة “بالهم” وهو يصف حالة الآسى والألم الحقيقيين بدلا من اختزالهما في ألفاظ مستوردة مثل الاكتئاب وما شابه.
“الغم” هنا هو شعور مؤلم غائر يغمرنى حتى لا أعود إلى أسبابه فيعاودنى،
وحين أعيش هذا الشعور بصدق وألم حقيقيين فإنى استحق عفوه ورحمته، أما حين أتهرب منه بتلاحق الذنوب أو الحديث عنها، فأنا استحق أن يأخذنى بما فعلت لأننى خدعت نفسى وخيل إلىّ أننى أستطيع أن أمكر عليه “وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ”
2020-05-12