الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (63) التوصية بـ”صدمة الدخول” للمستشفى، وضرورة التروى

من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (63) التوصية بـ”صدمة الدخول” للمستشفى، وضرورة التروى

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 23-12-2018

السنة الثانية عشرة

العدد:  4131

من حالات الإشراف على العلاج النفسى

مقدمة:

للتذكرة: هذه النشرة ننشرها من جديد لأنه لم تصلنا أيه تعليقات عليها نناقشها فى بريد الجمعة فلعل فى إعادة نشرها ما يحفز بعض الأصدقاء للمشاركة فهى الحالة (63) من هذه السلسلة عن الإشراف أى فى الكتاب الرابع (61 – 80) ، ونأمل بذلك أن نكمل ما ينقص هذه الحالات حتى لا تصدر بدون تعليق يسهم فى مزيد من التوضيح والإفادة كما تبين لنا فى الأربعين حالة فى الكتابين الأول والثانى.

الحالة: (63)

التوصية بـ”صدمة الدخول” للمستشفى، وضرورة التروى  (1)

د.محمد حسام: هى عيانة عندها 16 سنه طالبة، وهى الرابعة من أربعة حضرتك حولتهالى، من حوالى أربعه شهور، وهى كانت جايه والدتها كانت بتشتكى إن هى عصبية على طول، وإن فيه صعوبة فى التواصل معاها فى البيت، وإنها طول الوقت قاعده على الكمبيوتر مابتعملش حاجه خالص غير كده، ومالهاش صحاب خالص

د.يحيى: هى فى سنة كام؟ بتدرس إيه؟

د.محمد حسام: هى لما جت لى كانت لسه مخلصه ثانوية عامة

د.يحيى: 16 سنة ، ومخلصه ثانوية عامة ؟!

د.محمد حسام: آه كانت لسه مخلصه ثانوية عامة

د.يحيى: الثانوية الخوجاتى، قوام قوام.

د.محمد حسام: لأه هى مدرسه لغات، بس مصرية

د.يحيى: وجابت كام فى الماية

د.محمد حسام: كانت جايبه حاجه وثمانين %

د.يحيى: أدبى ولا علمى

د.محمد حسام: علمى، هى كانت عاوزه تدخل الجامعة الأمريكية، تدرس كمبيوتر، المشكلة غير إنها منعزلة وهيـّـا سمينة جدا فى السن دى،

د.يحيى: وزنها؟

د.محمد حسام: وزنها كان 104 هى حالياً 94

د.يحيى: نزلت كده فى قد إيه

د.محمد حسام: فى أربع شهور

د.يحيى: بناء على العلاج النفسى معاك، ولا إيه؟

د.محمد حسام: لأه دا بناءً عن إنها بدأت ترجّع، الترجيع مش مرتبط بالعلاج قوى، بصراحة، أنا ركنت مشكلة الوزن ديه شوية وبدأنا نتكلم فى مشكلة انعزالها وإن هى ماينفعش كده، وكمان هى طول الوقت بتشتكى من وجع فى جسمها، وساعات بدوخة، لدرجة إنها فى آخر جلسة كان زى ما يكون حايغمى عليها تقريبا أثناءها.

د.يحيى: ابوها بيشتغل ايه؟

د.محمد حسام: أبوها صاحب شركة صغيرة

د.يحيى: إنت قلت لنا على شكوى أمها ماقلتش البنت نفسها بتشتكى ولا لأه، وبتشكى من إيه أكتر، الوزن، ولا الترجيع، ولا إن مافيش تواصل

 د.محمد حسام: من كله

د.يحيى: بتقول بقالها معاك أربع شهور، مش كده؟

د.محمد حسام: آه

د.يحيى: طيب ما هى ماشية كويس أهه، كل أربع شهور تخس عشرة كيلو رضا

د.محمد حسام: لأه، ما أنا قلت لحضرتك إن المشكلة الأساسية مش الوزن، هى كمان ابتدت تشتكى من اضطرابات فى النوم وكده، وبعدين بقت مش قادرة تتواصل مع اللى حواليها خالص، الحكاية دى بقت واضحة بعد ما اتكلمنا فيها فى الجلسات.

د.يحيى: هى جاتلك وهى واخدة الثانوية العامة، فات أربع شهور، واحنا فى يناير مش تقول لنا وضعها الدراسى إيه دلوقتى؟

د.محمد حسام: آه هى دخلت الجامعة الالمانية الترم ده، وسابتها ماكانتش عايزه تكمل فيها عايزه تكمل فى الجامعة الامريكية، وقبلوها تانى فى الجامعة الامريكية بعد ما الترم بدأ، فهى حاتبتدى الترم اللى جاى ده فى خلال الشهر اللى جاى

د.يحيى: ماانت وشك عليها حلو أهه، مش هى دلوقتى بتذاكر وتمام التمام؟

د.محمد حسام: هى كانت بتتعلم انجليزى عشان تتحسن فيه توصل للمستوى اللى عايزاه الجامعة الأمريكية، وحاجات كده .

د.يحيى: طيب الحمد لله، وحصل، السؤال بقى؟

د.محمد حسام: السؤال انا قلقان عليها صحيا، جسمانيا هى بتعانى طول الوقت من الم فى الجسم، ومابتقدرش تتحرك ما بتقدرش تعمل حاجة فى البيت طول الوقت نايمة وفى اخر جلسه زى ما قلت، كانت زى ما يكون حايغمى عليها لدرجة إنى انا طلبت لها حاجه عشان تشربها

د.يحيى: أثناء الجلسة؟

د.محمد حسام: أثناء الجلسة، هى دلوقتى داخله فى حلقة مفرغة كده ما بين أن هى ماتاكلشى، وتيجى فى الآخر تتعب من كتر الصيام، يا تاكل كتير وترجّع، تزيد العصبية، تزيد الآلام، تزيد قلة حركتها، ماتتحركشى، وشكلها كده مش نافع.

د.يحيى: السؤال بقى؟

د.محمد حسام: السؤال هل دخول المستشفى ممكن يكسر الحلقة اللى هى فيها دى

د.يحيى: انت عرضت عليها دخول المستشفى؟

د.محمد حسام: عرضت

د.يحيى: قالت ايه؟

د.محمد حسام: هى رفضت فى الأول رفضت رفض قاطع، بس حاليا موافقه تدخل المستشفى بس انا مش عارف حاقدر اساعدها ازاى فى المستشفى أكتر من بره

د.يحيى: ايه الهدف من وجهة نظرك من دخول المستشفى ؟

د.محمد حسام: انا عايز اكسر الحلقة اللى هى فيها دى، تبطل ده

د.يحيى: تبطل تطرش؟ ولا تبطل تخس؟ ولا تبطل تتوجع؟ حلقة إيه؟ وتكسرها منين بالظبط؟

د.محمد حسام: تبطل ترجـّـع، وبرضه نكسر العزلة اللى هىّ فيها دى، هى مابتقدرش تعمل أى حاجه، مالهاش علاقة بأى حاجة أو أى حد إلا من خلال الكمبيوتر

د.يحيى: وأهلها رأيهم ايه فى دخول المستشفى

د.محمد حسام: الأم موافقه.. أصل البنت هى فعلا فى معاناه طول الوقت

د.يحيى: والأب ؟

د.محمد حسام: الاب مااعرفش موقفه قوى، أنا ما اتكلمتش مع الاب، هو الاب ماجانيش غير مرة واحدة بس

د.يحيى: هل فيه مشكلة بين الام والأب؟

د.محمد حسام: لأ مش باين، بس هم يعنى علاقتهم بعيدة يعنى هم مع بعض فى البيت بس علاقتهم بعاد عن بعض،

د.يحيى: مش فاهم

د.محمد حسام: ده اللى وصلنى، هى البنت نفسها قالت لى انا ممكن ادخل المستشفى، وموافقة على كل الشروط اللى انت تقولها لأن هى كانت كل برنامج انا باحطه، بتحاول تبدأ فى تنفيذه، إنما بتفشل بسرعة

 

د.يحيى: بصراحة يا محمد يبدو إنك عملت عمل كويس فى الأربع شهور دول، أولا نجحت إنها تيجى بانتظام، مع إنها زى ما انت بتقول عندها صعوبة فى عمل علاقة، والعلاج علاقة زى ما انت عارف، ثانيا: البنت خست عشرة كيلو، وده مش شوية، صحيح هو مش هدف فى ذاته، إنما وهى عندها 16 سنة، وتخس حتى بالترجيع، أهو شىء كويس برضه، ثالثا: إنت نجحت بعلاقاتك معاها ومع أمها إنك تطرح خطوة صعبة جدا، ولثقتهم فيك خليتها هى وأمها يقبلوها كل على حده، إنت عارف فى مصر يعنى إيه بنت تدخل المستشفى، سـُـمعة، وسوء فهم، ووصمة لما تيجى تتجوز، والمستشفى مستشفى مهما كان، تقول مجتمع علاجى، تقول كسر حلقة، الناس ما لهاش دعوة غير إنها بنت ودخلت مستشفى نفسانى، وقليل إن ما قالوا مستشفى عقلى، تقول مجتمع علاجى، علاج جماعى، فرصة نمو وكلام من ده، الناس ما بتفرقشى، وانت عارف كل ده، وعارف إن احنا من حيث المبدأ ما بندخلشى بنات فى السن دى فى المستوى الاجتماعى ده، إلا لما يكون ما فيش حل نهائى غير كده، أنا مش فاهم ازاى أنت نجحت تفهمها إن ده ممكن يكسر الحلقة المفرغة اللى بتقول عليها؟

د.محمد حسام: هى، البنت ذكيه جدا

د.يحيى: المسألة مش مسألة ذكاء، عموما إذا كنت واثق من عمق موافقتهم، مش مجرد زهق، وأمل فى حل سحرى، يبقى نحسبها واحدة واحدة، ومن أول ثانية نفكر فى الرسائل الإيجابية والسلبية اللى ممكن توصل لها من دخولها، من أول إنها تفاجأ بنوع المرضى اللى عندهم حاجات أخطر بكتير، لحد إنها تريح وتعتمد وتستغل دخولها ده لما تخرج تزود فى الانسحاب تحت زعم إنها مريضة بأمارة إنها دخلت المستشفى، أنا عموما مش متحمس، وفى نفس الوقت بافكر يمكن بصراحة فى السن دى، وبالشكل اللى انت حكيته كده، ممكن تكون صدمة جيدة، تفوقها لما تتعرف على إن الدنيا فيها ناس، وأمراض، ومجتمع، وإيقاع يومى، غير اللى هى عاشته ستاشر سنة يا أخى، محتمل يوصل لها رسالة وهى فى السن دى تفوقها وتفضل معاها بقية عمرها، ساعات أسمى ده “دخول الصدمة” Shock Admission ومرات نفعت معايا، حتى قبل المستشفى بتاعتنا دى بتاعه المجتمع العلاجى ده، وكان الدخول ساعات لمدة يوم واحد، أو اتنين، ويخرج العيان بعد ما تكون وصلته الخبطة والدهشة، ونكمل بشكل مختلف، بس بصراحة كان أغلبهم شباب مش بنات، الرسالة اللى بتوصل من الصدمة دى فى السن دى بتبقى مش مفهومة قوى، مش مباشرة، زى ما يكون الواحد منهم بينتبه إن فيه ناس تانية، حياة تانية، إن فيه احتمال وعى مختلف، إن المسأله ما هياش كده وبس، إن حياته ونموذج يومه، علاقاته ومواقفه، مش هىَّ القاعدة العامة، وبعدين يعيد النظر ويمكن يتأكد إن اللى ماشى فيه مش هوا النموذج الوحيد الصح، كل ده، وفى السن دى بالذات، يمكن يعطى فرصة للبنت إنها تلحق نفسها وتصحح مسارها، كل ده بيحصل بطريقة تحتية، إنما بنشوف نتائجها أكتر ما بنحدد معالمها مسبقا، ثم إنها يمكن بعد الدهشة وهى فى السن دى تمد ايدها تقول عايزة أجرّب حاجة تانية غير اللى أنا كنت فيه، بس ده مش مضمون، بس أهم حاجة إنك تفهمها كويس قوى إن مافيش من ناحيتنا وعود إنها تخف، إحنا مش بنسحر أو بنضمن أى حاجة محددة، تبقى عارفة كويس قوى إن احنا حانعمل اللى علينا مية فى المية، وإن النتيجة على الله، وهى وشطارتها، يبقى واضح إنها هى مش داخله تخف بالمعنى البلدى، تخف من إيه بالضبط؟ لأه بقى، وكمان خلى بالك، لازم الدخول ده، اللى انا مش متحمس له، مايعطلش الكورسات اللى بتاخدها فى الانجليزى أو غير الانجليزى، خلى بالك إن التحصيل الدراسى هنا فى السن دى، وعند البنت الشاطرة دى، ده ثروة، برغم إنها بتحققه على حساب انطلاقها واختلاطها والكلام اللى انت قلته ده كله

د. محمد حسام: ما هو باين هى ما عندهاش غير كده

د. يحيى: والظاهر هى منعتك تروح بعيد عن كده، يا أخى فى السن دى، مش ملاحظ إنك إنت ما جبتش سيرة للناحية العاطفية، وبصراحة ولا الجنسية، هى بتحصل على اعتراف بأنوثتها، وبجوعها العاطفى، منين ومن مين؟ هى حلوه ؟

د.محمد حسام: هى حلوه بس هى شايفه نفسها وحشه

د.يحيى: طيب يا أخى، حكاية شايفة نفسها وحشة، مش ضرورى تكون مرتبطة بالتخن من عدمه، إنت شايفها حلوة، وأظن أنا وصلنى من كلامك إنها حلوة، تبقى حلوة، مش لازم حد يوصل لها الحكاية دى، مش بس انت، ما ينفعشى، حاتبقى عامل زى أى أب أو أم لما يمدحوا جمال عيالهم بالحق والباطل، لازم تفكر فى احتياجاتها الطبيعية، خلقة ربنا، اللى هى ركنتها على جنب، ويمكن دخولها المستشفى ينبهها لده أو لغيره.

د.محمد حسام: بس النقله دى بدخولها المستشفى حاتبقى جامدة جدا، يعنى انا قلقان عليها من الفرق الفظيع الى حا تفاجأ بيه، يعنى من إن هى لوحدها طول الوقت بقالها عشر سنين ولا أكتر ولا أقل، هب نيجى نحطها فى وسط ناس كتير مختلفين مره واحده كده؟ يعنى انا قعدت معاها حوالى شهر كامل عشان بس ترفع رأسها من على الأرض، عشان نتكلم بس، فاأنا مش عارف إيه الصح برغم موافقتها، وحماسها، وبرضه برغم موافقة أمها

د.يحيى: ما هو عشان كده أنا قلت لك من الأول لازم نحسبها مرة واتنين وعشرة، عشان مانعملشى زيهم ونأمل فى اللى مش ممكن، ثم إن ماوصلنيش إيه اللى اضطرك فجأة إنك تفكر فى حكاية المستشفى وانت مابقالكشى معاها غير أربع تشهر، إوعى تكون لقيتها تقيلة عليك، قلت ياللا شيلوا معايا؟

د.محمد حسام: وفيها إيه؟ أنا فعلا مستصعبها، ونفسى إنها تتحرك بأى شكل.

د.يحيى: برضه ماتستعجلشى، وبعدين فيه عندك يا أخى المستشفى النهارى بتاع منى (الديوان)، ما هو ممكن يوصل لها اللى انت عايزه، من غير دخول وحبسة وبيات، ووشم، وكلام من ده، يعنى حا تروح الصبح وتروّح آخر النهار، كام يوم كده فى الأسبوع، ويبقى أجلنا خطوة المستشفى الداخلى على قد ما نقدر

د.محمد حسام: يا ريت، بس انا متأكد إنها إذا راحت المستشفى النهارى مرة أو اتنين، لا يمكن حاتكمل ما دام الأمر فى إيدها.

د.يحيى: برضه انا ما زلت خايف من خطوة المستشفى، ولو إنى مش معترض ميـَّـة فى الميـَّـة، إنت تخليك معاها كمان شويتين، لحد ما يظهر تهديد محدد فى مجالات مهمة، زى التوقف الدراسى، زى العزلة التامة، زى زيادة الوزن فجأة، أو نقصه بشكل متسارع، كل دى ترموترات نقيس بيها خطوة خطوة، واديحنا مع بعض.

د.محمد حسام: شكرا.

****

[1] –  سبق صدور هذه النشرة فى النشرة اليومية “الإنسان والتطور” بتاريخ:  17-11-2009   www.rakhawy.net

 

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *