الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (69) شرخ فى جدار الكبت، وتحريك الداخل!!

من حالات الإشراف على العلاج النفسى: الحالة: (69) شرخ فى جدار الكبت، وتحريك الداخل!!

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 22-12-2018

السنة الثانية عشرة

العدد:  4130

من حالات الإشراف على العلاج النفسى

مقدمة:

للتذكرة: هذه النشرة ننشرها من جديد لأنه لم تصلنا أيه تعليقات عليها نناقشها فى بريد الجمعة فلعل فى إعادة نشرها ما يحفز بعض الأصدقاء للمشاركة فهى الحالة (69) من هذه السلسلة عن الإشراف أى فى الكتاب الرابع (61 – 80) ، ونأمل بذلك أن نكمل ما ينقص هذه الحالات حتى لا تصدر بدون تعليق يسهم فى مزيد من التوضيح والإفادة كما تبين لنا فى الأربعين حالة فى الكتابين الأول والثانى.

الحالة: (69)

شرخ فى جدار الكبت، وتحريك الداخل!! (1)

أ.عاصم: هو عيان عنده 23 سنة مخلـّص معهد فنى متوسط، هو فى سنة تانية كلية، يعنى بيكمل بعد المعهد، وهو متوقف بقاله 3 سنين فى سنه تانية، دخل المستشفى هنا من سنتين، كان دخل بسبب ان فيه أفكار انتحارية، وإن فيه أصوات وهلاوس بيسمعها، وحاجات بيشوفها، قعد اسبوعين وخرج متحسن جزئيا، ولو إن خروجه كان بناء عن إلحاح والده، وضد النصيحة الطبية. لما خرج اختفى لمدة 6 شهور كده أو 7 شهور كان والده بيعالجه عن طريق الجن والحاجات دى

د.يحيى: طيب وإيه اللى جابه تانى؟

أ.عاصم: ما انفعشى، فرجع تانى وقال نكمل بس بلاش مستشفى، فأنا انتظمت معاه سنة ونص لحد دلوقتى.

د.يحيى: بتشوفه هنا فى المستشفى؟

أ.عاصم: بدأنا فى المستشفى، ومكمل فى العيادة متابعة لحد دلوقتى

د.يحيى: متابعه ولا علاج نفسى

أ.عاصم: لأ علاج نفسى، 50 دقيقة كل مرة، يبقى علاج نفسى

د.يحيى: انت بتقول مكمل متابعه! ليه ما قلتش مكمل علاج نفسى؟

أ.عاصم: قصدى يعنى…

د.يحيى: مابلاش قصدى دى، اتفضل كمّل..

أ.عاصم: هو مكمل بانتظام بقاله سنه ونص، هو فى تحسن باستمرار، يعنى هو رجع يكمل دراسته، وانتظم فى الكلية، ودخل الجيش، وهوه كان طول الوقت متهرب من الجيش، وفى نفس الوقت ملتزم بساعات محدده بيشتغل فيها

د.يحيى: يا خبر!! باسم الله ما شاء الله!! ما هو ميه ميه أهه، بييجى ليه بقى، وعايز تسأل عن إيه؟ هوه انا يخرج من إيدى أعمل كده زيك فى سنة ونص لواحد كان ييسمع أصوات!!

أ.عاصم: لأه، فيه حاجة مهمة عايز اسأل فيها

د.يحيى: يا راجل حاتلاقيك عارف الإجابة ما دام حققت ده كله

أ.عاصم: لأ مش عارف

د.يحيى: خير؟                 

أ.عاصم: الأصوات اللى هو بيسمعها كلها بتدور حوالين انه شاذ، مش راجل يعنى، فأنا بعد ما والده لمح لى إنه ممكن يجوّزه، زقيته فى سكة الجواز، هوه والده عارف إن الأصوات اللى بيسمعها بتقول له الحاجات دى، وهو والده متصور إن الجواز حايحل المشكلة دى، وهو فعلا حاول فى السنة اللى فاتت دى مرتين، بس اتفشكلت، فالمرة دى بياخد رأيى، هو عايز يجوزه عشان يثبت له ان هو يعنى مش كده، وبصراحة أنا وافقت، بس لقيت نفسى عايز اتراجع فى القرار ده، ان هو ما يتجوزش دلوقتى

د.يحيى: مش انت بتقول عنده 22 سنة؟

أ.عاصم: 23 سنة

د.يحيى: طيب، هوه عنده فلوس يتجوز بيها

أ.عاصم: والده عنده، مش كتير، ما هو عمدة يعنى كام فدان كده بيزرعوهم خضار، هى أرضهم جنب القاهرة، يعنى بيكسب.

د.يحيى: هوه عنده كام أخ وكام أخت؟

أ.عاصم: هو التامن من تسعه، وهو آخر العنقود تقريبا.

د.يحيى: التمانية اللى قبله اتجوزوا

أ.عاصم: أيوه، كلهم متجوزين

د.يحيى: كلهم؟

أ.عاصم: كلهم

د.يحيى: بنات وولاد؟

أ.عاصم: بنات وولاد

د.يحيى: اسم الله!! ولاد حضرة العمدة بقى!، كده معقول، هه وبعدين؟

أ.عاصم: هى الأعراض اللى عنده كلها بتدور حوالين المسألة الجنسية دى، مش بس الأصوات بتقول له كده وهو مش كده، لأه، دا هوه حكالى إنه هوه نفسه بيحس إنه عنده جنسية مثلية.

د.يحيى: ممكن تقولنا كلام عادى جنسية مثلية دى كلمتين على بعض، هوه بيقول لك جنسية مثلية، ولا بيقول الكلمة البلدى، يعنى الأصوات بتقول له إيه بالظبط؟ وهو بيقول إيه؟

أ.عاصم: آه، الاصوات بتقول يا “خـ…””، وهوه بيقول على نفسه إنه حاسس إنه مثلى، وساعات يقولها بالإنجليزى، Homosexual

د.يحيى: إحنا عشان نقرب من العيان، يبقى لازم نستعمل ألفاظه، سواء الألفاظ اللى هو بيتسعملها، أو الأصوات المرضية اللى بيسمعها، مش نقعد نترجمها للغة الفصحى، أو للغة الأعراض، مش كده ولا إيه؟

أ.عاصم: طبعا أحسن

د.يحيى: الأصوات اللى بيسمعها دى أصوات رجاله ولا ستات؟

أ.عاصم: أصوات رجاله

د.يحيى: مافيهاش ستات أبدا؟

أ.عاصم: لأه

د.يحيى: رجالة كبار ولا صغيرين؟

أ.عاصم: فى نفس سنه تقريبا

د.يحيى: وهو موقفه إيه منها، بيتفاعل لها ازاى

أ.عاصم: هى مش بتشتمه يعنى، هى بتوصفه، بتقول له إنت كذا

د.يحيى: وهوه بيعمل إيه؟

أ.عاصم: بيقول إن الشهوه بتاعته بتتحرك لما الأصوات بتيجى، وساعات بيمارس العاده السريه لما الأصوات تيجى

د.يحيى: طيب، ولو ابتدا يعمل العادة السرية من غير أصوات، بتييجى الأصوات بقى ولا إيه؟

أ.عاصم: مش متأكد، مش دايما.

د.يحيى: وهوه بيتخيل أثناء العادة قدام عنيه صور مثلا، ولا لذة وخلاص؟

أ.عاصم : هوه بيقول إن اللذة بتيجى من ورا

د.يحيى: إنت متأكد؟

أ.عاصم : غالبا يعنى هوه بيقول إن اللذة بتيجى من ورا، بس ساعت من ورا وقدام مع بعض

د.يحيى: طيب كل ده، إيه علاقته بدخوله المستشفى؟

أ.عاصم : البداية بتاعت الأعراض كلها من شهرين، بدأت مع وفاة أخوه فى حادثه، فبيقول ان الحاجه دى كانت جوايا، بس الحادثه هى اللى أظهرت الحاجات دى كلها، وقعد شهرين مخبيها، وبعدين لما زادت، وابتدا ماينامشى ويتهيج شوية كده، جابوه المستشفى.

د.يحيى: يعنى أخوه اتوفى، وبعدها بشهرين ظهرت الاصوات، وبعدين المستشفى، وبعدين هوه معاك من سنة ونص وعمل الحاجات العظيمة دى كلها مش كده؟

أ.عاصم: بالظبط

د.يحيى: قبل بقى السنتين دول يعنى لما كان عنده 20 أو 21 سنة، من سن 11 لحد ماعِيى كان إيه نشاطه الجنسى بالنسبة للعادة السرية مثلا

أ.عاصم: كان بيعملها وبيتخيل بنات، مافيش أى مشكله خالص، بس هوه قال لى إن ساعات يعنى كانت الحاجه دى جواه، بس ماكانتش بالضخامه وبالحجم ده كله

د.يحيى: طب اخواته اتجوزوا فى سن قد إيه؟

أ.عاصم: فى حوالى نفس سنُّه كده، ما سألتش بالتفصيل

د.يحيى: مين اللى اقترح فكرة الجواز؟ ابوه ولا هو؟ ولا أنت؟

أ.عاصم: هوا أبوه اللى اقترح، وانا وافقت تقريبا

د.يحيى: السؤال بقى إيه؟

أ.عاصم: أنا حسيت فى الأول زى أبوه، إن ده يمكن يثبت له ان هو مش شاذ، بس فكرت فيها لقيتها ما تنفعشى، فباسأل دلوقتى هوه ينفع ولا ما ينفعشى، وازاى أرجع فى كلامى؟ خصوصا وإن الخطوبتين اللى قبل كده على طول ما نفعوش.

د.يحيى: كانو ورا بعض؟ كانوا إمتى؟

أ.عاصم: فى أقل من شهر، من حوالى شهرين كده.

د.يحيى: بس زى ما يكون حسبتها لقيت أن ده مش حل أو مش وقته يبقى السؤال اللى فاضل هو هل ينفع ترجع فى كلامك ولا لأه، مش كده؟

أ.عاصم: آه، هوه ده

د.يحيى: ده سؤال جيد، إنت لاحظت إنى سألت بالتفصيل عن جواز اخواته، وفى أى سن، وشغلة ابوه، يا ترى ليه؟ عشان إحنا ما بناخدشى قرارات فى الهواء الطلق، ده قرار معين لشخص معين من ثقافة معينة، ده إذا سمحنا لنفسنا ناخد قرارات من أصله، يعنى عمده فى بلد قرب القاهرة، وبيزرع خضار، ومخلف ييجى عشرة، كلهم اتجوزوا، وعايشين حواليه، وكلام من ده، يبقى انت وانت قاعد مع العيان بتاعك، وانت بتفكر، تعمل حسابك تستفيد من كل حرف من الكلام ده، يبقى تشوف الأول العيان بتاعك بيشتغل ولا لأه، بيكسب ولا لأه، إمال حا يفتح بيت ازاى! حاتلاقى إن حضرة العمدة بيصرف على تلات اربع بيوت من بيوت عياله، هو عيانك ده بيشتغل؟

أ. عاصم: بيشتغل فى الأرض مع ابوه، وعاملين له حفظ وظيفة فى بنك لغاية اما يخلص الجيش بتاعه

د.يحيى: ماشي، تقوم تحسبها من الواقع ده قبل ما نخش فى مرض وأصوات وشذوذ وكلام من ده، يعنى هنا الثقافة الفرعية تتحط فى المقام الأول بالنسبة للقرار ده، يعنى العيان ده لو هوه قاعد فى الزمالك مثلا، إبن وكيل وزارة، وسنه 23 زى ما بتقول، أعتقد إن فكرة الجواز بالشكل ده مش حاتبقى مطروحة بالمرة، ولا حا تخطر على ذهنك لا انت ولا ابوه، مش كده ولا إيه؟

أ. عاصم : آه طبعا

د. يحيى: وبعدين فى الثقافة الفلاحى دى، وانت عارف علاقتى بيها، أنا متربى فى مدن، إنما كل الأجازات كنت باقضيها فى بلدنا، الفلاحين يقعدوا يهزروا مع اللى حايتجوز لدرجة قاسية وجارحة جدا أحيانا، لما يقولوله إوعى تكسفنا، وكلام من ده، وساعات الحكاية تحود برضه على شذوذ وما شذوذشى، كان فى بلدنا وانا صغير سمعتهم بيتريقوا على بعض أثناء جنى القطن، ويقولوا حاجة زى غنيوة ” إن كنت عايز تعرفنى، إسأل عليّا سليم شعبان” (هذا ليس اسمه طبعا)، وانا كنت صغير، وكنت استغرب كيف أن سليم شعبان ده هو مرجعهم فى معرفة الرجال وقدراتهم إياها، ومن هو سليم شعبان، و لمّا كبرت، واتعرفت على سليم شعبان ده بالصدفة، عرفت انه كان شاذ سلبيا، وفهمت مغزى الغنيوة، إن العريس ممكن يجرب نفسه، ويختبر رجولته وقدرته مع “سليم شعبان”، قبل الجواز، فطلعت الغنيوة، وكأن شهادة سليم شعبان ترد على تشكيكهم فى نجاح العريس، طبعا دى سخرية تدبح، إنما ساعات الفلاحين ما بيرحموش، المهم إن العيان بتاعك ده عيان، ودخل المستشفى، وكان على وش جواز حتى قبل ما يتحسن، وأبوه بيعرض الحل ده، والخلفية بتاعته من واقع ثقافتة تلاقى فيها كلام كتير من ده، جه بقى حصل حاجتين، إن أخوه مات فى حادثة، وأخوه ده شاب قريب من سنة، فكتم الحكاية شهر أو اتنين زى ما بتقول وبعدين اتحرك فيه الخوف من الموت، أو الموت نفسه هوّه اللى اتحرك بصراحة، ويمكن اتقمص أخوه الميت، وموضوع العجز الجنسى ده ساعات فى البيئة دى بيعادل أو يرادف الموت أحيانا، وأظن انت عارف التعبير الساخر اللى يقوله الراجل وهو بيخاطب رمز رجولته: “يجعل يومى قبل يومك”، وبرضه تعبير وصف العنة، إن العضو “زى الفار الميت”، وكلام من ده، فالمسألة هنا هى مش مسألة زعل على اخوه واكتئاب وخلاص، لأه دا يبدو أن فقد الأخ فى حادثة خلخلت القشرة اللى مغطية اللى جوه، راح الموت اللى جواه قافز وهدد، لحد ما مرض ودخل المستشفى عيان، عيا جامد وأصوات وكلام من ده.

أ.عاصم: طيب ما هو المشكلة هى هى سواء كان عيى ودخل مستشفى، ولا لأه، يعنى دلوقتى الجواز حا يساعده، ولا حا يفقسه، ولا إيه؟

د.يحيى: مين قال إن الحكاية هى هى؟ احتمال إن إللى اظهر الجانب الآخر للتركيب الجنسى اللى جوه العيان هو الحادث بتاع أخوه ده، وبعدين ظهر المرض ومن ضمنه الحاجات دى، ده غير إن واحد يمر بخبرة جنسية أثناء كبرانه تخليه يحوّد كده ولا كده، ويتعود ويعلق عليها، إنت لازم طول الوقت فى الحالة دى تفكر فى حاجتين: إن ده مريض، وإنه ما مارسشى الشذوذ أصلا، حتى لو بان إنه عايز يمارسه، ولو يجرب، أو حاجة زى كده، بس ما فيش أى حاجة حصلت زى ما انت قلت لنا، ويمكن ده كله من ضمن أعراض المرض. يبقى نعامل موضوع الجواز من خلال المعايير العادية الأول، وبعدين نحط المرض فى الاعتبار، وبعدين تظهر مسألة الشذوذ إللى ما ظهرتشى على السطح إلا لما عيى، مش كده ولا إيه؟!

أ.عاصم: طيب وهو ليه الشذوذ، أو يعنى الأعراض اللى فيها سيرة الشذوذ ظهرت مع المرض؟

د.يحيى: انت عارف يا ابنى إن المرض ده بالذات، بنعتبره نتيجة لشرخ جامد فى جدار الكبت، بمجرد ما الشرخ ده يحصل ساعات تلاقى العيان بسرعة كده يلجأ لنوع من القهر المرضى فى محاولة سد الشرخ ده، تبص تلاقى اللى جواه، سواء خوف، أو رغبة، أو الشكل التانى من تركيبنا الجنسى، تبص تلاقيه ظهر من غير ما يستأذن العقل الواعى، حاجة زى كده، فيبقى حاناخد مسألة الجواز على مستويين، المستوى العادى: هل فى الثقافة دى، فى المجتمع ده، ينفع يتجوز ولا لأه فى الوقت ده فى السن ده؟ والمستوى التانى هو طارئ المرض، وظروفه، ومعنى ظهور الأعراض دى فى الوقت ده وكلام من ده

أ.عاصم: طيب ماشى، يعنى اعمل إيه أنا دلوقتى؟

د.يحيى: على المستوى الأول، وحتى لو مجتمع العيان، وأبوه، وثقافته الفرعية موافقين على الجواز ومتحمسين له، فلازم تاخد بالك انت وتفهمهم إن ظروفه غير ظروف اخواته، لأن هنا الجواز مطروح فى سياق العلاج والمرض، وما تنساش إن أبوه خرّجه من المستشفى قبل الأوان عشان يعالجه بتطليع الجان وكلام من ده، فى الغالب هما متصورين إن الجواز حا يخففه، مش بس إن آن الأوان إنه يتجوز، وهنا بقى لازم إحنا نفهمهم إن المسألة ما عدتشى كده بعد ما ظهر المرض بالشكل ده وفى الوقت ده وبالمحتوى ده، خد بالك من قصدى إن ده هوه المستوى التانى إللى له حسبة تانية.

أ.عاصم: أنا فهمّت أبوه حاجة زى كده، يعنى إن الجواز مش علاج، أصل انا شفت الحكاية دى فى عيانين تانيين كتير، وأبّهات وأمهات كتير.

د.يحيى: عندك حق، دا المسألة بالنسبة لى كانت بتوصل إنى أشوف العيان فى الكشف عازب، يجينى فى الاستشارة متجوز، أنا طبعا بابالغ، بس باقول لك إن كتير من الأهل حتى ما بيستشيروش الدكتور من أصله، وأثناء العلاج الطويل ساعات تبص تلاقى العيان لا بيشتغل ولا بيكسب، ولا خف، ولا حاجة، وأبص ألاقيه طابب عليا متجوز، طبعا إحنا ما عندناش وسيلة نقدر نمنع بيها الحاجات دى بالقوة الجبرية، إحنا كل اللى نقدر نعمله إن احنا ننصح بشكل واضح مسئول وحازم جدا وفى الوقت المناسب وخلاص، ثم إحنا إذا كنا منتميين لمدرسة علاجية بتتكلم عن النمو والكلام ده، فالجواز عايز واحد وصل درجة من النضج والمسئولية بحيث يقدر يشيل مسئولية الخطوة دى ويعملها، عشان كده أنا مستغرب إنك وافقت فى الأول بالسهولة دى

أ.عاصم: مش بسهولة قوى يعنى، الظاهر إنى حسيت إن أبوه حايجوزه حايجوزه سواء أنا وافقت أو لأه

د.يحيى: يجوز فعلا، بس برضه تتعلم إن حسبتنا لازم تبقى أكثر موضوعية عشان تحد من اندفاع الأهل خصوصا فى مجتمع زى ده بالذات، إنت طبعا متتبع إحنا كام مرة اتكلمنا فى النشرات، والإشراف، والتدريب عن صعوبة العلاقات البشرية عموما، والعلاقات داخل المؤسسة الزواجية خصوصا،

 إحنا حكينا ولا مليون مرة عن صعوبة الجواز، وحقيقة الجواز وضرورة الجواز، ويمكن إحنا بنسميها المؤسسه الزواجيه عشان ما نلبخش ونخوف الناس من إنهم يتحملوا مسئولية الارتباط الرسمى المستمر بشكل جاد، ده عند الناس العاديين جدا، فما بالك بقى عند اللى اتكسر ودخل المستشفى

أ.عاصم: أنا برضه لسه محتار إيه اللى أظهر الميول دى مع المرض فى الجدع ده بالشكل ده؟

د.يحيى: هوه فى الغالب اللى حصل، إنه لما انكسر بعد موت أخوه، وتحريك الموت بداخله، زى ما قلنا اتحرك معه “داخل” كتير، ومن ضمنه الجانب الآخر من الهوية الجنسية، وده وارد فى صور مختلفة، وتشوفها كتير فى الفصاميين بالذات، وعموما فى الذهانيين، واللى بيتحرك مش بس الشذوذ، لا دا أى حاجة جوه كانت مكتومة، يعنى مثلا حالة دكتور شريبر المشهورة اللى فرويد حللها من خلال السيرة الذاتية اللى كتبها شريبر ده أثناء وبعد خروجه من مستشفى الأمراض العقلية.

 دى حالة مشهورة جدا، وبيعاملوها على إنها حالة بارانويا، أو فصام بارنوى، وخفت، وفرويد شخصيا ما شافهاش إنما حلل كتاب السيرة الذاتية ده اللى د. شريبر وصف فيه أطوار مرضه بالتفصيل، وكان دكتور شريبر (وعلى فكرة هو دكتور فى القانون مش طبيب) وصف إنه عنده خلل فى الهوية الجنسانية (2) مش شذوذ (3)، يعنى كان فى مرحلة فى عز مرضه معتقد إنه نفسيا ست مش راجل، ده ماشى مع التفسير اللى قلناه فى الحالة دى هنا شوية، هوه مش مطابق طبعا، لأن الشذوذ حاجة تانية، زى ما قلنا لما حصل للعيان بتاعك ده انه اتكسر جدار الكبت عنده، قام المرض طلع الجنسية المثلية وأسقطها بالصورة دى، وبرضه خلى بالك إن فى المجتمعات الريفية اللى زى مجتمعه، العيال بيتعلموا الجنس أثناء اللعب مع بعض، ومع الحيوانات ببساطة وسهولة جدا، فلو حصل ارتباط شرطى مع لذة من نوع معين، وبعدين حصل كبت لها، بتلاقى الحكاية جاهزة تنط من جوه مع أى شرخ فى جدار الكبت وبالذات مع ظهور الذهان.

أ.عاصم: هو هنا بيشتكى مش من ميوله، لأه دا بيشتكى إن من أصوات بتكرر عليه الحكاية دى

د.يحيى: ما هو ده مهم برضه، ما هو “الرغبة فى”، بتتقلب إلى “الخوف من”، وبعدين الميكانزمات تساعد بعضها، ويحصل إسقاط وكلام من ده، تتقلب الحكاية إلى أصوات وهلاوس، بدل ما هى رغبة وشعور بالذنب، أو الاتنين مع بعض زى ما انت شاورت من بعيد على حاجة زى كده فى العيان بتاعك.

أ.عاصم: طيب دلوقتى أنا أعمل إيه؟

د.يحيى: إنت مقدم الحالة وانت مقرر ترجع فى دعم قرار الجواز، مش كده؟ ما هو ده عين العقل، إنت عليك إنك تحافظ على العلاقة، وتطمئن بعد المشوار ده إن الزمن لصالحكم، لأنه بيكبر وراح الجيش واشتغل وبيدرُس، عايز إيه أكتر من كده

أ.عاصم: طب والشذوذ؟

د.يحيى: شذوذ إيه يا ابنى؟ هوه فين؟ دى ميول ظهرت فى ظروف معينة، والعيان بتاعك أمين وواضح مع نفسه فى المنطقة دى فبيحكى لك عن مشاعره ومخاوفه، ودى خطوه جيدة ناحية التكامل أثناء النمو، يعنى غير التشنج بتاع “إما …أو “، إما راجل أو ست، إما سلبى أو إيجابى، دا كلام ضد عملية جدل النمو البشرى، أنا باشتغل طول الوقت وباعلمكم على أساس إن خلقة ربنا هى خلقة ربنا، وإن رحلتنا فى الحياة إننا نحقق قوانينها طبعا واحنا بنحاول نعرفها، واحد ورا التانى، وانا شايف إن قبول التناقض والتوليف بين الحاجات اللى ضد بعضها دى، هوه من أهم قوانين “خلقة ربنا”، وارجع أفكرك إن التوليف غير “الحل الوسط”، (حتة من هنا على حتة من هنا)، لأه! التوليف إن الدنيا تمشى ناحية احتواء الأضداد فى كيان كلـّى جديد، وهكذا، وده بداية الطريق اللى يخلى المسائل تمشى أحسن فى أحسن نحو استيعاب الأضداد فى حركية الجدل النفسى النمائى إللى هوه فى نفس الوقت احتواء بيولوجى وتطور، قصدى إن المفروض مثلا إن كل راجل فينا يقبل الست اللى جواه، والقبول مش معناه إطلاقها على سجيتها، وإنما هو بداية الاعتراف بالجانب الآخر من الوجود، ونفس الحكاية بالنسبة للست تقبل الراجل اللى جواها، وكلام من ده، يا شيخ، دا حتى فرويد فى جواباته مع صديقه د. فلايس كان بيقول إن أما الراجل والست ينامو مع بعض (يقصد الجنس) بيبقى أربعة مش اثنين.

أ. عاصم: إزّاى يعنى؟

د. يحيى: يعنى كل واحد منهم بيطلع اللى جواه فى نفس الوقت، بس دا مش وقت تفصيل الحكاية دى.

أ.عاصم: بس دى حاجة تخوف، وساعات تكسف

د.يحيى: عليك نور، وصلك كلامى؟!! عشان كده تصور يا إبنى إن المعالج لازم يحط الافتراضات دى، بالدرجة اللى يقدر عليها مش أكتر، يحطها على إنها احتمالات فيه هو كمان، مش المعالج هوه بنى آدم برضه، له نفس التركيب: “خلقة ربنا”.

أ.عاصم: يا خبر!! يمكن انا كنت مستعجل على جواز الجدع ده عشان كده

د.يحيى: الله يفتح عليك، يمكن، ما هو الجواز اللى ما فيهوش حركة نمو، بيزود الست ستوتية بمعنى استقطاب، ويزود الراجل ذكورية بالمعنى الغبى يعنى استقطاب برضه، يعنى بيوسع المسافة، يريح الاتنين من الاعتراف بالجانب الآخر، ومع إن ده مريح ومسكن، إلا إنه مش ضرورى يكون هو غاية المراد من رب العباد اللى خلقنا بتركيبة قادرة على التوليف، مهما كانت المخاطرة.

أ.عاصم: يعنى انا حاستنى على الجدع ده لحد إمتى؟

د.يحيى: تستنى على إيه؟ على جوازه؟ هى المشكلة فى جوازه؟ هوه جاى لك عشان يتجوز؟ مش انت بتقول إنه بيشتغل، وواصل دراسته، ودخل الجيش، وبيجيلك للعلاج، تبقى مستعجل على إيه بقى؟ إنت تهدى اللعب، وتحافظ على العلاقة، وتضبط المسافة بينك وبينه، وتشتغل مع نفسك زى ما بتشتغل معاه، مش تفحر فى نفسك بالتفكير، لأ، سماح بس واحتمالات غامضة، على فكرة، هوه فيه تاريخ عائلى عنده لأى مرض نفسى أو عصبى أو حاجات من دى؟

أ.عاصم: هو عمه كان عنده صرع واتحسن جدا وخلاص

د.يحيى: انت عارف الصرع قد إيه أنا باحترمه، وباحطه فى الاعتبار بالنسبة للأمراض النفسية زى ما قلت ميت مرة، مع إن أغلب الدكاترة والعلماء بيفتكروا إنه مرض بعيد خالص عن النفسية

أ.عاصم: أظن أنا كده فهمت شوية من نواحى كتيرة

د.يحيى: كل اللى عايز اقوله إن مش كل رغبة ومشاعر الناحية التانية تبقى شذوذ، ومش كل أفكار وتجاوزات تبقى ميول مش هية، وإن المرض النفسى الشديد، الجنون يعنى، الذهان قصدى، بيقّلبنا من فوق لتحت، ويطلع الجوانب التانية اللى جوانا فى دائرة الوعى الخارجى عريانه كده، وساعات مبالغ فيها، واحنا بقى وشطارتنا، يا إما نحتويها، فيه، وفينا. وهى بتحرك اللى اتحركه فينا لصالحنا وصالح المريض يا إما.. بقى…

أ.عاصم: ياه!!

د.يحيى: اللى حصل بقى!

أ.عاصم: شكرا.

د.يحيى: العفو.

 

 [1] –  سبق صدور هذه النشرة فى النشرة اليومية “الإنسان والتطور” بتاريخ:  23-2-2010   www.rakhawy.net

[2]- Transsexualism

[3] –  Homosexuality 

النشرة السابقة 1النشرة التالية 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *