الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / ملف الوجدان واضطرابات العواطف (17) عواطف الأطفال والحيوانات وتقمص التشكيليين: مفتاح نظريات التطور (1)

ملف الوجدان واضطرابات العواطف (17) عواطف الأطفال والحيوانات وتقمص التشكيليين: مفتاح نظريات التطور (1)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 31-8-2014

السنة السابعة

العدد: 2557

  الأساس فى الطب النفسى

الافتراضات الأساسية

الفصل الخامس:    

ملف الوجدان واضطرابات العواطف (17)

عواطف الأطفال والحيوانات وتقمص التشكيليين:

مفتاح نظريات التطور (1)

31-8-2014_1

لم أكن أتصور أن بحثى فى سبب اهتمام داروين بعواطف الحيوانات وتطورها، ثم عواطف الإنسان، مما دفعه إلى إصدار  كتابا لاحقا فى هذا الشأن لكتابه أصل الأنواع، أن يكون ذلك مفتاحا لوضع الفرض الخاص بمنهج عثور داروين على نظريته التى تبدو لأول وهلة بعيدة كل البعد عن موضوع العواطف أصلا، فظاهرها  أقرب إلى قوانين البقاء، وقواعد الوراثة، وظروف التكيف مع البيئة، وصراع الأنواع ، ومقاومة الانقراض، لكن يبدو أن حدس داروين الإبداعى، هو الذى  ساقه إلى نظريته عن أصل الأنواع، وبدرجة أكثر مغامرة : فإن حدس إرنست هيكل قد تجاوز مجرد سلسلة الأنواع إلى فرض (نظرية الاستعادة   Recapitulation Theory القانون الحيوىBiogenic Law: إن تاريخ تطور النوع هو تاريخ نمو الفرد.

استكمالا للفرض الذى طرحته سالفا (نشرة 3-8-2014: “تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى” (وليس من “ديله”)…إلخ.

يبدو أنه حين شعر بأن المسألة أكبر من إمكانية إثباتها بسلسلة من الأحياء موجودة حتى الآن، أو حتى منقرضة لكن يمكن التعرف على تاريخها من هياكلها وفروضه، فإنه سمح لنفسه – دون قصد محدد كما ذكرنا – أن يستلهم باستبصاره هذا التاريخ بداخلنا، الذى أيده إرنست هيكل فيما بعد – أيضا دون قصد ظاهر غالبا، (مما سنعود إليه لاحقا)، ثم إن داروين وقد شحذ حدسه هذا وجد ما يمكن أن يكون قد سمح له أن يتقمص الحيوانات التى التقاها، وتصور أنه برصده حركاتها وتعبيراتها قد وجد السبيل إلى معرفة عواطفها وكيف تطورت، ومن ثم ماذا يجرى فى الإنسان أثناء نموه.

المسألة ليست مسألة إسقاط عواطفنا على ما يصلنا من الحيوانات (أو الأطفال أو البدائيين)، إذ أنها تبدو تابعة لتنشيط مستويات الإدراك القادر على التناغم على نفس موجة الوعى الأسبق التى تميز وعى هذه الدرجات الأسبق (وليس بالضرورة الأدنى) من الحياة والأحياء، والتى هى هى موجودة عند كل منا، بمعنى إمكانية إحياء الأحياء داخلنا، بدءً بحركية الأحلام (غير التى نحكيها، عذرا عمنا فرويد)، حتى الاستعادة فى الإبداع، وأيضا الاستعادة المجهضة فى الجنون، إذن فالمقصود ليس مجرد الدعوة إلى احترام الحدس العلمى الإبداعى، وإنما هى محاولة الاستفادة من تعدد اهتمامات المبدعين أمثال داروين لتقريبنا من فروض أكثر واقعية واحتمال تطبيق فى الممارسة الآنية فى مجالات متعددة.

روعة التكنولوجيا الموسوعية الحديثة ومساحة الفُرصَ

دعونا نبحث فى اصل الفرض وما يرتبط به من خلال تجارب أتاحتها لنا التكنولوجيا الحديثة، وموسوعات التشكيل المتاحة لأى طالب معرفة (أو حتى طالب متعة أو تسلية)، وقد تصورت أنه لو أتيحت لهذا العظيم العبقرى داروين هذه الفرصة التى أمام أى شخص عادى منا الآن (علما بأن الإنسان العادى باحث بطبيعته) أن يشاهد ما يتحفنا به أى موقع موسوعى مثل “جوجل” من صور الحيوانات، والأطفال فى مختلف الأعمار، لو أتيحت مثل هذه الفرصة لداروين إذن لتوسّع فى فروضه الشجاعة بالنسبة للعواطف كما فعل بالنسبة للتطور

وأنا أتأمل تشكيلات فان جوخ للحيوانات، وصلنى أن المسألة تجاوزت الحدس وبراعة التشكيل، لا أحسب إلا أن فان خوخ بعبقريته وبالغ رهافته قد استطاع أن يتقمص الحيوانات خارجه، حتى تنشطت داخله، فأتحفنا بكل ما جادت به ريشته وألوانه، لقد وقفت أمام هذه الوجوه والأجساد والأوضاع والخلفيات التى شملتها كل صورة من تشكيل حيواناته، وأنا لا أكاد أصدق كيف وصله كل هذا لدرجة تكاد تكون خلقا على خلق.

قدرت إن أنا واصلت ما بدأته من دعوة لأصدقاء الموقع أن نشاهد معا  بعض المشاعر التى عرضتُها فى نشرات سابقة سواء نجحنا فى الاتفاق على تسميتها أم عجزنا عن ذلك، قدرت أن هذا وحده يمكن أن يهدينا إلى ما أريد توصيله من حركية الإدراك، وأصالة الوجدان، وطبقات الوعى، وتطور العواطف معا

وكما اشرت سابقا أننى لا أنوى، ولا أستطيع،  تقييم ما قد يصلنى تقييما كميا أو عدديا، لكننى أتصور أنه إذا وصلنى عدد كاف من المشاركة التلقائية، فقد يكون مادة لمواصلة المنهج بالمشاركة التلقائية، أو على الأقل بالائتناس المسامِح، وأحسب أن هذا دعم كاف قد يبرر لى كثيرا مما حضرنى من فروضٍ بدرجة أو باخرى

وهكذا:

رحت أجمع من “جوجل” بالذات صور عواطف الحيوانات بصفة عامة، ثم تشكيلات التشكيليين لهذه العواطف بصفة عامة أيضا، ثم صور وتشكيلات عواطف الأطفال بصفة عامة كذلك (بمعنى: لم أركز على عاطفة بذاتها، أو تقنية دون غيرها) فإذا بى وسط محيط من الصور والتشكيلات والعواطف، تؤكد أهمية المشاهدة المباشرة، وبالألوان المتاحة، فى تحريك هذه المساحة من وعى المتلقى، وفى نفس الوقت تحرك عندى أملٌ أن يكون فى ذلك ما يقربنا من آلية حدس داروين الإبداعى كما أتصورها

الذى أذهلنى أكثر بين كل هذه المجموعات كانت إسهامات العظيم النادر “فان جوخ” فى التقاطه كل هذا العمق والجمال فى تشكيلاته لمشاعر الحيوانات والطيور خاصة (وهى موضوعنا الأساسى هنا)، ولم أركز على الربط  بين جنون فان جوخ الرائع وبين هذه القدرة الخارقة التى أتاحت له هذا الغوص الغائر فى هذا الوجدان الفطرى الحاضر الذى استطاع بموهبته النادرة أن يعيد تشكيله بهذه الروعة المعجزة، ولا يتصور أحد أن جنونه هو هو موهبته، ذلك لأن  دورات جنونه كانت تتبادل مع زخم إبداعه بشكل متداخل ومتناوب لا يمكن وضع حد فاصل بين هذا وذاك لكنه يشير إلى فرض آخر أساسى لوحدة الأصل بين هذا وذاك، وإن كان يمكن تحديد تواريخ خروجه عن المألوف وطبعا تواريخ إنجازات خوارقه

لم أعثر على علاقة مباشرة بين داروين وفان جوخ، أشخاصا أو فكرا أو إبداعا، مع أن هناك بينهما فترة من التزامن (فان جوخ 1853-1890: 37 سنة &  وتشارلز داروين: 1809- 1882: 73 سنة) ولم يصلنى، كما لم أتصور، أن تشارلز داروين قد توقف عند إبداع فان جوخ، أو انتبه إلى دلالة حدسه الإبداعى، وقدرته الفائقة فى تجسيد هذه المشاعر على مدى كل هذا الطيف من الوجدان النابض فى مختلف الأحياء، بما فى ذلك، أو أهم ذلك، فى الحيوانات موضوعنا اليوم كما أنى لا  أعرف ماذا كان يمكن أن  يحدث لو تصادف أنه كانت لديه الفرصة لاختبار فروضه من خلال هذا الاحتمال!!!

الأرجح – بحسب استشارتى لصور جوجل حتى الآن – أننى لن أكتفى بتقديم تشكيلات “فان جوخ” فقط، وفى نفس الوقت لن أبحث طويلا عن مبدعين غيره للمقارنة أو التفضيل، فأنا لست ناقدا فنيا، ولا النقد الفنى هو غايتى فى هذه اللحظة بأى قدر من الأهمية. كل ما أرجوه هو أن أقدم عددا من الصور آملا فى أن تحرك ما أتصور انه يفى بالغرض.

فى نفس الوقت لن أطلب من الاصدقاء – كما فعلت فى النشرات السابقة (نشرة 4-8-2014 “وقفة وتذكرة: أهداف وتساؤلات!”(نشرة 10-8-2014 “صعوبة تسمية العواطف: الناحية الأخرى أيضا”)، أن يسموا العواطف التى سوف أعرضها بأسماء محددة ، ولكننى سأنتظر أكثر استجابات تلقائية لن أعد بدراستها كميا أو الربط بينها

إذن لماذا أعرض ما سوف أعرضه؟

أولا: لأعيد لفت النظر إلى صعوبة تسمية العواطف

ثانيا: أملا فى احترام تكافل مناهل المعرفة

ثالثا: دعوة للمشاركة بأية درجة، وبأية آلية

رابعا: ربما تمهيدا لتقديمي فروضى عن التطور

بالنسبة لأسماء العواطف، أرجو عدم التركيز عليها، فهى سوف تشتت اهتمامنا أكثر من أنها ستقوم بإضافة محددة فى سياق ما أريد، هذا بالرغم من أننى  عثرت على تجميعة لأسماء عدد من العواطف جمعها بلوتشيك فى عجلة دائرية بتغطى أكبر مساحة مما تصوره أنها العواطف (والصفات الوجدانية) البشرية، وبصراحة لم أقتنع، برغم الثراء والإحاطة بأن دائرة بلوتشيلك هذه قد شملت أغلب العواطف التى يمكن أن تخطر على بال المشاركين، وقد حاولت ترجمة ما جاء بها من أسماء لعواطف مألوفة، وغير مألوفة، باللغة العربية، إلا أن الترجمة ذاتها أبعدتنى أكثر عن ما يمكن أن يعنيه كل اسم لكل عاطفة (ولم أرجع إلى المعاجم طبعا).

فضلت أن أقدم هذه عجلة العواطف لأصدقائنا اليوم (بعد محاولة ترجمة متواضعة) ربما يحتاج بعضنا أن يستعير منها بعض الأسماء لتصف ما سوف نقدمه له من عواطف الحيوان والإنسان تشكيلا وتصويرا، لكننى فى النهاية ما زلت أفضل أن أترك المسألة مفتوحة للمشاركين الأفاضل للتعليق الحر، أو لتسميات جديدة غير واردة فى دائرة بلوتشيك، وأيضا لتسميات بالعامية – المصرية فى حدود ممارستى وثقافتى، أو للتعليق بدون تسميات، وذلك على كل مجموعة من المجموعات المتتالية  فى النشرات القادمة:

 (1)  Plutchik’s Wheel of Emotions 

 31-8-2014_2

أسئلة خاتمة وعينات “عامّية” محدودة:

عجلة بلوتشيك بكل ما تحويه من أسماء وصفات لا شك أنها هامة ودالة:

  • هل هى تعنى شيئا هاما بالنسبة للعواطف التى نقابلها فى ثقافتنا فى الصحة والمرض؟
  • طيب، وهل ينفعنا أن نبحث فى المعاجم العربية عن بعض ما أشارت إليه من عواطف؟
  • طيب، وهل نحن نعيش مشاعرنا باللغة الفصحى كما ورد فى الترجمة أم بالعامية التلقائية الأبلغ.
  • …إلخ (انتظر النشرات التالية!!)

ما رأيكم بالله عليكم فى الصفات التالية كعواطف مصرية محتملة:

ظريف،

 مش هوّه،

 هايف،

 أى كلام

غـِتِتْ،

رِخِمْ،

نِـتِنْ،

 منيّل بستين نيلة،

شربات،

عسلْ،

 مِيّهْ ميّة،

ميت فل واربعتاشر،

 سخيف،

 تقيل،

 يا باىْ

عشرة على عشرة

أهطل،

 مش هوّا،

 يلطش،

 مرعوش،

 مرعوب،

مهزوز،

مهزوم،

تمام التمام،

 مزاج،

رِوِشْ

نِغشة،

 سُكـَّـر،

أمـورة،

هوائى،

مشْ هنا

وبعد

هل يمكن أن نصف عواطف الحيوانات بهذه الصفات، أو تلك؟

أعتقد أن الجواب عندى بالنفى

ولم أبحث بعد عن تفسير لذلك

وقد أرجع إليه

أكتفى بهذا القدر لو سمحتم، وغدا نبدأ مع فان جوخ،

ثم يا ترى هل سوف تحتملون الرحلة مع التشكيليين الأخر

أو الصور

أو الرسموم حتى التخطيطية (كليب آرت) والكاريكاتيرية

أم أن كل هذا

“مش علينا”

والله يا عمّنا داروين لو كان فى متناولك كل هذه الثروة، إذن لعملتَ البدع أكثر مما عملت!!

 

 [1] – Emotion A Psychoevolutionary Synthesis, Edited by: Robert Plutchik, Copyright: 1980

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *